الناصرة ـ القدس العربي»: عاد الكاتب والأديب الفلسطيني توفيق فياض إلى موطنه فلسطين بعد إبعاده عنه قسراً قبل ما يزيد عن 41 عاماً. واستقبله أهالي بلدته المقيبلة في مرج بن عامر داخل أراضي 48 بأغصان الزيتون والورود والأهازيج في استقبال شعبي حاشد.
وبعدما التقط فياض أنفاسه وكفكف دمعه قال لـ «القدس العربي» بهدوء إنه مهما كبر الكلام وبلغ من البلاغة فهو يصغر أمام كلمة فلسطين. وتابع وشارات الانفعال ما زالت بارزة على ملامح وجهه «فما بالك حينما أحرم من فلسطين 41، عاما وماذا أقول أمام هذا الحب الذي يغمرني في المقيبلة وقد عدت لها وجيل كامل قد ولد وترعرع ولا يعرفني».
ويبدو أن فضوله دفعه للتعرف على كل من صافحه من أهالي بلدته وقد عرف بعضهم استنادا لملامح الوجه فسارع لاستذكار بعض ذكريات الماضي ومراتع الطفولة بين حقول مرج بن عامر ومدينة جنين المجاورة.
وربما تعبيرا عن شعور مختلط وغصة خالجته بجانب فرحه بالعودة قال ردا على سؤال «همس مرج بن عامر بأذني في طريقي لمسقط الرأس بأن سجن شطة ما زال موجودا والسجان لم يرحل بعد» مذكرا بأن «ميزان العدل ما زال مائلا والتحرير ينتظرنا مع كل الاحترام لعودة الفرد.. مثلما أن بيسان سألتني فور دخولي فلسطين عن أصحاب الدار ممن لم يستعيدوا حقهم بالعودة بعد».
ونفى فياض أيضا أن تكون عودته «المنقوصة» قد تمت بشروط. وأشاد بمهنية ومثابرة محاميه الذي لاحق السلطات الإسرائيلية بالقانون. كما نفى وجود أي دور للسلطة الفلسطينية، مكتفيا بالقول إنها كانت وعدت قبل 15 عاما بمتابعة ملف بعض فلسطينيي الداخل الممنوعين من العودة للوطن.
وكان المحاميان محمد دحلة وسهاد حمود (دحلة) قد بدآ النضال القانوني من أجل إعادة الأديب توفيق فياض منذ ما يزيد على حوإلى 15 عاما. وبعد مراسلات ومداولات على مدى سنين طويلة مع وزارة الداخلية الإسرائيلية ومع قسم الالتماسات للمحكمة العليا الإسرائيلية في مكتب النيابة العامة نجحا في انتزاع موافقة بإعادته إلى ارض الوطن. وكان المحامي دحلة توجه إلى عمان للالتقاء بالكاتب فياض القادم من تونس حيث أقام منذ أكثر من30 عاماً وذلك من أجل إتمام المعاملات المتعلقة بعودته لدى السفارة الإسرائيلية. وبالفعل استخرج المحامي دحلة وثيقة سفر مؤقتة تتيح للكاتب الكبير فياض العودة إلى البلاد على ان يحصل على جواز سفر ومواطنة كاملة عند وصوله.
يذكر ان الكاتب منع من الدخول إلى البلاد منذ إبعاده منها قبل 41 سنة. وقالت المحامية سهاد حمود دحلة إنها والمحامي محمد دحلة يشعران بطعم ومذاق مميز لهذا الانجاز الوطني والمهني يختلف عن كل الإنجازات التي حققاها على مدى 24 سنة كمحاميين. واوضحت لـ القدس العربي» شعورنا بالفخر والفرح وتحقيق حلم العودة لكاتبنا الكبير لا يوصف». وتابعت «الكاتب الكبير كان قد طلب منا ان نعيده للوطن فوق التراب او تحته. وقال ان هذه وصيتي لكما. وقد اقسمنا ان نفعل قصارى جهدنا كي يعود فوق تراب الوطن ويتنفس هواءه ويستنشق مناظره الخلابة واليوم تغمرنا السعادة بأننا قد اوفينا بوعدنا «.
يشار إلى أن فياض حكم بالسجن ثماني سنوات قضى منها نصفها وأطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل ومصر بعد حرب 1973. وقبل ذلك أدين بمساعدة المخابرات المصرية خلال عمله في ميناء حيفا موظفا في قسم الجمارك. ومن مصر انتقل بعد شهور إلى لبنان حيث استشهدت زوجته خلال الاجتياح ومن هناك انتقل إلى تونس وحرمته إسرائيل من العودة لموطنه رغم انه ولد فيها ويحمل جنسيتها.
ولد توفيق فياض في حيفا عام 1939 وفيها نشأ وبدأ دراسته الابتدائية وبعد النكبة عاد مع أسرته لقرية والده المقيبلة ومنها اضطر للرحيل مجددا لقرية عجة قضاء نابلس بعد احتلالها.
وهناك عمل مع أخويه غازي وفيصل في أعمال شاقة لمساعدة والدهما بإعالة أسرتهما. وبعد معركة جنين في حزيران/ يونيو 1948 التي استعاد فيها الجيش العراقي قرية المقيبلة عاد فياض وأسرته للبلدة لكن الأردن ومن خلال اتفاقية رودوس أعادها بعد شهور للسيادة الإسرائيلية. واستكمل توفيق فياض دراسته الثانوية في مدرسة الثانوية البلدية في مدينة الناصرة التي كان يصلها يوميا سيرا على الأقدام صيفا شتاء كما يؤكد زميله على مقعد الدراسة قاسم حماد لـ «القدس العربي».
ويستذكر حماد أن توفيق فياض أبدى اهتماما بالأدب في مرحلة مبكرة مثلما أنه انخرط بالعمل السياسي الوطني خلال دراسته الثانوية يوم كان يكتب في مجلة « الأرض» ويشارك في توزيعها وفي حلقات توعية. وصدرت لفياض أعمال أدبية كثيرة استوحى الكثير منها من التراث الفلسطيني أولها مسرحية «بيت الجنون» و»الشارع الأصفر» وهي مجموعة قصص قصيرة. وفي الشتات ألف قصة «مجموعة 778» و « حبيبتي مليشيا « ومجموعة قصص الأطفال منها « حيفا والنورس «. ولضيق الحال حرم توفيق فياض من الالتحاق بالجامعة فعمل في تل أبيب قبل أن ينتقل للعمل في مصلحة الجمارك في حيفا واستغل صلاحياته لمساعدة المخابرات المصرية ضد إسرائيل.
وبعد خروجه من السجن الإسرائيلي استقر في بيروت ملتحقا بمنظمة التحرير الفلسطينية وهناك تزوج من لينا المالح ورزق منها بطفل دعاه قتيبة. في بيروت أنشأ دار النورس لقصص الأطفال وقد ثكل زوجته خلال اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 فقرر أن يغادر لتونس وعمل في الثقافة والإعلام وهناك تزوج من هناء زميلته السورية وأنجبا ريم وأسامة.
وديع عواودة
التناول مــؤثر الى الحد الذي يجعل من اي تعليق محض عبث ! الف تحية للعائد النبيل والكاتب الاصيل ! عبدالحميد الدكاكنـي
اتمنى من القدس العربي القاء الضوء على البلدات الفلسطينيه التي عادت للسياده الاسرئليله نتيجه اتفاقات ردوس.