الآن وقد انتهى «عرس باريس»

حجم الخط
2

الآن وقد انتهى «عرس باريس»، والمقصود طبعا مؤتمر السلام الذي شهدته العاصمة الفرنسية يوم الاحد الماضي، لغرض تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بمشاركة70 دولة و5 منظمات دولية، وقد يكون آخر «اعراس السلام» مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتعيين صهره اليهودي الاورثوذكسي جاريد كوشنر موفده ومستشاره الخاص للسلام في الشرق الأوسط، السؤال الذي يطرح تفسه هو ماذا بعد؟
ما هي الخطوة الفلسطينية التالية أو بالأحرى هل هناك خطة فلسطينية بديلة في حال إخفاق الدول السبعين الموقعة على بيان باريس ومن قبلها الدول التي صوتت لصالح قرار مجلس الامن الدولي ضد الاستيطان؟ وهي حتما ستفشل مع التغيرات في ظل الأوضاع المتطورة.
استهلكنا معظم إن لم يكن كل الأوراق الدولية التي بين أيدينا.. وانتهى عام 2016 ولم تتحقق الدولة العتيدة، والمؤشرات أنها لن ترى النور في 2017.
الاعتماد على الدول العربية، أو الدول الإسلامية اللاهثة وراء التقارب مع تل أبيب وإرضاء الرئيس الامريكي الجديد، لن يسفر عن شيء، أبغض تلك التصريحات التي تصدر عن كثير من المسؤولين الفلسطينيين، يدعون فيها الدول العربية والإسلامية للوقوف أمام مسؤولياتها، وكأن قضية فلسطين هي صنيعة الأمس، ولم يمر عليها قرابة القرن، دون ان يتحمل معظم هذه الدول مسؤولياته، ودون أن تحرك غالبية هذه الدول ساكنا. فمثل هذه التصريحات والدعوات إما انها تعكس سوء فهم لما شهدته وتشهده المنطقة في غضون السنوات الست الماضية، أو انها لمواساة النفس باننا لسنا وحدنا، في مقارعة أعتى وآخر قوة احتلالية في العالم.
لن نقلل من الإنجازات التي تحققت في العام الاخير، ولن نجحف السلطة او بالاحرى الرئيس ابو مازن حقه في تلك الانجازات:
نعم.. كان قرار مجلس الامن الدولي رقم 2334 الذي يرفض الاستيطان ويدينه ويعتبره غير شرعي، رغم انه جاء تحت البند السادس، وليس البند السابع الملزم، من قانون الامم المتحدة وغياب الآليات القانونية الدولية لتطبيقه، هو إنجاز كبير لا احد ينكره.
نعم… كان مجرد انعقاد مؤتمر باريس في 15 يناير الحالي وصدور بيانه الختامي بمصادقة الدول المشاركة، 70 دولة، بما فيها الولايات المتحدة، واستثناء بريطانيا والمجر ولتوانيا لمبررات واهية، يعد إنجازا للسلطة.
نعم… كان قرار منظمة اليونيسكو التابعة للامم المتحدة اعتبار المسجد الأقصى والحائط الغربي (البراق) الذي تطلق عليه اسرائيل حائط المبكى، صرحا ووقفا إسلاميا فقط، لا حصة لاحد فيه، انجازا عظيما.
نعم.. كان افتتاح سفارة فلسطينية في الفاتيكان، بعد فتح سفارة رسمية في ستوكهولم عاصمة مملكة السويد، بعد اعترافها رسميا بدولة فلسطين، والحصول على وعود من دول أوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين، كما حال فرنسا، هو خطوة على الطريق الصحيح.
نعم… التحركات الدبلوماسية والسياسية، مهمة ومهمة جدا، إذا ما سارت جنبا إلى جنب مع تحركات اخرى لاسيما على الصعيد الداخلي.
نعم… التلويح بالتهديد بالشيء القادرين على تحقيقه، أمر مطلوب ودليل على أننا لم نفقد كل أوراقنا ولم «نكسر كل بيضنا».
نعم… كل ما تقدم هو جزء أساسي ومحوري في النضال الفلسطيني. ولكنه سيبقى وعودا وأحلاما وحبرا على ورق، ونصوصا تدخل أرشيف الدول الكبرى، ولن يرى النور. ولن يكون ذا قيمة ولا معنى اذا لم يترجم عمليا على أرض الواقع . ويجب الا تكون هذه «الانتصارات» على حساب الواقع الفلسطيني.. ويجب الا تنسينا ما هو حاصل على الساحة الفلسطينية، التي كانت وستبقى ويجب ان تظل ساحة الصراع الاساسية، وساحة المواجهة، وساحة الحسم، ولا بد ان يكون تركيز الجهود عليها لا تجاهلها ونسيانها. إنها الساحة التي تحتاج الى الرعاية والعناية والاهتمام والعمل الحقيقي. ولتذكير من اخذتهم نشوة او بالاحرى «سكرة» النصر بالواقع على الارض…
الاحتلال لا يزال قائما وكاتما على انفاس الناس، ويزداد شراسة يوما بعد يوم..
التهويد في القدس قائم ومتواصل.
اقتحامات الاقصى تتواصل وتزداد شراسة.. ولم تعد تحظى حتى بالاهتمام الاعلامي، أو ردود الافعال المحلية او الاقليمية او الدولية.. فلم نعد نسمع التحذيرات السابقة التي كانت السلطة والاردن صاحبة الوصاية على الاقصى، والدول الاسلامية، تطلقها بين الحين والاخر. سحب الإقامات والهويات من أهالي القدس وترحيلهم عن المدينة لضرب الوجود الفلسطيني في المدينة وضواحيها، على أشده.. سرقة البيوت متواصلة، لاسيما في حي سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى.
اعمال الهدم تتزايد، خاصة في أحياء القدس المحتلة اخرها إخطارات بهدم 81 منزلا في حي المكبر الذي يخضع لعقوبات جماعية منذ عملية الدهس التي قتل فيها اربعة جنود احتلاليين.
المستوطنات تتوسع دون اكتراث بالقرارات الدولية.. وتزداد معها مصادرة الاراضي. فقبل ايام صادرت سلطات الاحتلال في منطقة قلقيلية شمال غرب الضفة الغربية اراضي تصل الى مئات الدونمات، واقتلعت منها حوالي الفي شجرة زيتون معمرة، لصالح فتح شارع التفافي للمستوطنين. بالمناسبة فان هذه الاشجار ينقلها الإسرائيليون بجذورها ويعيدون زرعها داخل الخط الأخضر. وقبل المصادرات في قلقيلية بإسبوع صودرت اربعة الاف دونم في جنوب محافظة نابلس والتبرير لمنع أي أعمال ارهابية.
الاحتلال يعزز ويشدد قبضته على مناطق «ج»… تلك المناطق التي تمثل 60% من الضفة الغربية، والحديث يدور حول سن قانون بضم هذه المناطق أو معظمها إلى اسرائيل. ويعد حزبا الليكود والبيت اليهودي في الائتلاف الحكومي مشروع قانون لدفعه للتصويت مباشرة بعد تنصيب ترامب الذي تم أمس، وقد يجري الدفع بمشروع القانون غدا.
وسيطرح غدا ايضا على الكنيست مشروع قانون لضم مستوطنة «معاليه ادوميم» التي تقع شرق القدس المحتلة، واذا ما ضم اليها ما يعرف بمنطقة «ئي 1» المتاخمة فهذا عمليا يعني فصل جنوب الضفة عن شمالها، أي أنه لن يكون هناك تواصل جغرافي بين شقي الضفة، ما يعني ايضا القضاء على حلم دولة مترابطة جغرافيا.
أعمال الترهيب مستمرة.. جيش الاحتلال يقتحم منازل المواطنين في منتصف الليل والغرض هو زرع الخوف في نفوس الاطفال وارهابهم. تترافق مع عمليات اعدام يومية.. حملات التحريض الاسرائيلي الرسمي تزداد يوما بعد يوم حدة ضد المقدسيين عموماً وسكان الحي جبل المكبر الذي انطلق منه منفذ عملية دهس الجنود، والقائمة تطول.
واختتم بالعودة الى التهديدات التي يلوح بها المسؤولون الفلسطينيون على ضوء وعود الرئيس الامريكي الجديد بنقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس، فقد صدرت عن عدد من المسؤولين تهديدات بسحب اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية باسرائيل الذي قدم مجانا قبل حتى التوقيع على اتفاق اوسلو.. وهذه ليست المرة الاولى التي يصدر فيها مثل هذا التهديد، فقد اطلقه صائب عريقات امين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة بعد خطاب الرئيس ابو مازن في الامم المتحدة في سبتمبر 2015، الذي اعلن فيه عدم الالتزام بأي من بنود اتفاق اوسلو التي لا يلتزم بها الطرف الاخر، وهو في الحقيقة لا يلتزم باي بند من بنوده.. وها نحن ندخل عام2017 واسرائيل لم تلتزم وانتم لم تنفذوا.
وسؤالي هو لماذا التهديد، ونحن نعرف وانتم تعرفون انكم عاجزون عن تنفيذ أي تهديد، وأن الأمر ليس اكثر من «تهويش» يضاف الى سلسلة «التهويشات» الأخرى التي لا يأخذها أحد على محمل الجد. فقد سبق وهددتم بوقف التنسيق الامني واتخذتم قرارا على مستوى المجلس المركزي لمنظمة التحرير قبل نحو عامين.. ولم تنفذوا تهديداتكم. وهددتم بإلغاء اتفاقات باريس الاقتصادية.. ولم يتحقق ذلك. وهددتم بحل السلطة وها هي السلطة لا تزال قائمة.
واقول ما قلته في مقال سابق «اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب» والذهب كما تعلمون أكبر قيمة.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»

الآن وقد انتهى «عرس باريس»

علي الصالح

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غاندي حنا ناصر -كوريا الجنوبيه -سول:

    أستاذ علي طاب يومكم وكل التحيه والتقدير لقلمكم والجهودكم ولكن ذكر إن نفعت الذكرى أنت تعلم والكل يعلم أخي علي أين بيت الداء والدواء ولكن لو أسمعت لناديت حيآ ولكن لاحياه لمن تنادي , من يتحمل المسؤليه كامله هو القياده الفاعله والتي تدير المصالح العليا لشعب الفلسطيني مجتمعه بيسارها ويمينها وحماسها وفتحها ,وجهادها وكل المطبلين والمزمرين ,وأصحاب الأجندات : قيادات إستمرأت الحال وربطات العنق الأنيقه وبدلات من بيوت أزياء عالميه وماركات مميزه وسيارات فارهه وباتت تسن القوانين والشرائع من أجل البقاء في
    الحياه العامه لحمايه كراسيهم ومناصبهم ومصالحهم وإستثماراتهم لأنهم باتوا لايتقنون شيء سوى التصفيق والرقص على أنغام أغنيه ( علي الكوفيه على ولولح فيها ) ماذا تتوقع ؟؟لاشيء !! فالشعب سكران وغرقان في ديون البنوك وقروض التمويل الشخصيه وهذا هو السلام الأقتصادي الذي بشر فيه القس سلام فياض , وجيش من الموظفين مايقارب 140,000الف موظف .. نهايه الشهر إذ لم يقبض راتبه سوف يغني على على دلعونا ؟! والباقي عندك ؟! أصبحت مدينه رام الله محج للفنانين العرب صدمت بالأمس بفنان بحجم هاني شاكر في خبرعلى هامش إحتفال دوله فلسطين بذكرى إنطلاقه الثوره ؟! أولى الرصاص!؟ أين الثوره والثوار ؟؟!! ستبدلت البنادق والخنادق بالرقص والزمر والفنادق .. ونحن مثل يلي كذب الكذبه وصدقها وفي النهايه سوف يدفع الثمن المواطن الفقير .. ونحن في الشتات موتوا في شتاتكم ولي بعيد عن العين بعيد عن القلب .. القياده الفلسطينيه لازالت تراهن على العرب والعربان وأولى القبلتين تدنس من باعه الحمام وأبناء زُنات الليل ولم تعد القدس أولى القبلتين !؟ بعد أن تحولت عين العرب كوباني إلى قبله العرب الأولى ؟؟!! وأما مؤتمر باريس المزعوم فهو مثل الزوج المستحل؟؟ لخلق مناخ ملائم للعوده إلى مفاوضات إستكشافيه أخرى ولا تستعجل الأمرفهناك من المستشارين والخبراء لتسميه المولود القادم وأنتم تعرفون أن الكلام ليس عليه ضريبه؟! كمان عشرين سنه مفاوضات ماذا سوف يحصل لا شيء !! وفي النهايه عندما تتكلم صوره المشهد تسقط لغه الكلام والأقلام…..وقتها لن ينفع البكاء كما بكى أبي عبدالله الصغير أخر ملوك الأندلس على خرائبها واطلالها.. فما أحوجنا اليوم إلى عائشه الحره أخرى لتعطينا درسآ في التاريخ وإن غدآ لناظره لقريب..؟؟؟!!!

    العائد إلى يافا
    لاجىء فلسطيني

  2. يقول محمد حسنات:

    الأساس ،بناء التراكم الداخلي للدولة،على أرض الوطن،
    وفريق مختص،غير مرتبط بألاحزاب، لمتابعة توظيف القرار
    2334،على سبيل المثال .

إشترك في قائمتنا البريدية