إسطنبول ـ «القدس العربي»: تقترب المواجهة بين تركيا وحلفائها من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» من جهة أخرى في مدينة جرابلس السورية على الحدود مع تركيا، في معركة تحمل أبعاد سياسية وأمنية إستراتيجية للجانبين ستجعل منها أشبه بـ»حرب فاصلة» بين التنظيم وأنقرة التي باتت أكبر المتضررين منه وتخشى نقل المعركة إلى داخل أراضيها.
مدينة جرابلس تعتبر أهم المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة» على الحدود التركية، الأمر الذي يعني في حال سقوطها قطع آخر نقاط الاتصال بين التنظيم والعالم الخارجي، والحد بشكل شبه كامل من إمكانية وصول المقاتلين الأجانب إلى مناطق سيطرته في سوريا.
في المقابل، تسعى أنقرة التي تتوالى ضربات التنظيم على أراضيها إلى طرد «الدولة» من الشريط الحدودي مع سوريا ومحاصرته في الداخل للحد من خطر الهجمات المتتالية على أراضيها، والتي كان آخرها تفجير غازي عنتاب الذي أوقع 54 قتيلاً وعشرات الجرحى، بالإضافة إلى تدمير طموحات التنظيم بالسيطرة على جزء من الأراضي التركية الحدودية وضمها إلى مناطق سيطرته في سوريا لتشكيل أولى «ولاياته» على أراضيها. وتستعد فصائل المعارضة السورية المسلحة، لشنّ عملية واسعة بهدف تحرير مدينة «جرابلس» المتاخمة للحدود التركية بريف حلب الشمالي، من قبضة تنظيم «الدولة»، وذلك انطلاقاً من الأراضي التركية وبدعم لوجيستي من قبل أنقرة التي عملت على تسريع العملية في مسعى لقطع الطريق على قوات سوريا الديمقراطية التي سيطرت على منبج وتهدف إلى التمدد أكثر غرب الفرات وصولاً لجرابلس والباب المتاخمتين للحدود التركية، بالإضافة إلى تضييق الخناق على تنظيم «الدولة» في محاولة للحد من هجماته المتصاعدة داخل أراضيها.
وعلى الرغم من عدم تبني التنظيم المعروف عنه عدم تبنيه لهجماته السابقة داخل الأراضي التركية لتفجير غازي عنتاب الأخير، إلا أن كبار المسؤولين الأتراك أجمعوا على أن التنظيم هو المنفذ المرجح للهجوم الأكثر دموية هذا العام بعد ارتفعت حصيلته من 51 إلى 54 قتيلاً.
الهجوم الأخير الذي حمل دلالات مختلفة عن الهجمات السابقة من حيث التوقيت والمكان والمستهدفين، فتح الباب واسعاً أمام العديد من التحليلات كان أبرزها أن التنظيم ربما هدف إلى توجيه ضربة تؤدي إلى أكبر قدر من الفوضى والمشاكل الداخلية في جنوب تركيا، التي تعتبر بمثابة المرحلة الفعلية الأولى في مساعيه لبسط سيطرته على جزء من الأراضي التركية المقابلة لمناطق سيطرته في الجانب السوري من الحدود.
وفي ظل صعوبة حصول هذا السيناريو عملياً إلا أن السلطات التركية تأخذ على ما يبدو هذه التهديدات والسيناريوهات على محمل الجد، لا سيما وأن التنظيم الذي يقاتل إلى جانبه عدة آلاف من الأتراك داخل الأراضي السورية شكل كما كبيرا من «الخلايا النائمة» داخل الأراضي التركية خاصة في المناطق الجنوبية، ولا شك أنه أدخل كميات من الأسلحة والمتفجرات إلى هذه المدن من خلال الحدود الممتدة على طول 900 كيلو متر، حيث سيكون التنظيم أكبر من المستفيدين من الفوضى والمشاكل الداخلية التي ربما تنتجها هجمات مثل تفجير غازي عنتاب الأخير.
وتزداد الخشية في تركيا من استغلال العديد من الجهات المعادية للدولة الأوضاع التي تم بها البلاد منذ محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف الشهر الماضي، من أجل زعزعة الاستقرار وخلق حالة من الفوضى، لا سيما في ظل تواصل حملة التطهير داخل الجيش التركي والتي من المتوقع أن تضعف من فعاليته في مواجهة التحديات.
وتبرز التخوفات من أن تولد هذه الهجمات صدامات أوسع بين الأكراد والسلطات الحكومية، بالإضافة إلى صدامات أخرى بين المواطنين الأتراك والأكراد تفضي جميعها إلى الفوضى، حيث اضطرت قوات الشرطة إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق مواطنين غاضبين في مكان الانفجار، والاثنين أيضاً هاجم عشرات الغاضبين أحد مراكز الشرطة بالزجاجات الحارقة وهتفوا ضد أردوغان لفشله في توفير الحماية لهم، على حد تعبيرهم.
وفي مقاله بصحيفة «حرييت» قال الكاتب التركي «عبد القادر سيلفي»: «يحتمل أن يكون الانتحاري وصل من سوريا لكن تنظيم الدولة الإسلامية زرع أيضا خلايا في تركيا لا سيما غازي عنتاب واسطنبول»، مضيفاً: «قوات الأمن التركية تعتقد أن الهجوم نفذه الجهاديون ردا على هجمات القوات الكردية والمعارضة السورية المدعومة من أنقرة ضد تنظيم الدولة في سوريا.. هناك حرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكننا ندفع الثمن».
وفي أول تصريح من نوعه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «إن تنظيم داعش يحاول إيجاد موقع له في غازي عنتاب»، وهي المدينة التي تبعد 60 كيلو متر عن الحدود السورية وتضم مئات آلاف اللاجئين السوريين الفارين من الحرب المتواصلة في بلادهم منذ 5 سنوات.
وفي أيار/ مايو الماضي كشف والي غازي عنتاب التركية، لي يرلي قايا، عن أن مسؤول تنظيم «الدولة» في البلاد، يونس دورماز، فجر نفسه أثناء محاولة قوات الأمن إلقاء القبض عليه، وعرض أسلحة وذخائر ضبطتها قوات الأمن التركية في عملياتها ضد عناصر التنظيم في المدينة، موضحاً أن القوات الأمنية كشفت مخططاً للتنظيم يقضي بتنفيذ هجمات تُثير ضجة، من خلال استهداف المؤسسات الحكومية، والقوات الأمنية، وأشخاص ذوي مواقع اجتماعية بارزة، والأماكن الاقتصادية.
وفي تقرير صدر العام الماضي، قدرت الاستخبارات التركية عدد المواطنين المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية بقرابة 3000 شخص داخل الأراضي التركية، موضحة أن جزءا منهم «خلايا نائمة تفعل في أي وقت»، بينما رجحت مصادر أخرى التحاق 700 تركي للتنظيم داخل الأراضي السورية محذرة من أنهم سيتحولون إلى قنابل موقوتة حال عودتهم للبلاد.
والاثنين، أكّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنّ بلاده «كانت وما زالت الهدف الأول في لائحة المُستهدفين من قِبل تنظيم داعش، بسبب إعاقتها وصول المقاتلين الأجانب إلى صفوفه والأضرار التي ألحقتها به»، معتبراً أن «سبب الاستهداف الأخير لتركيا هو تصريحات اردوغان حيال عدم إمكانية أن يكون التنظيم ممثلاً للإسلام».
ورداً على سؤال حول آخر التطورات الميدانية في محافظة حلب السورية، أكّد جاويش أوغلو أنّ أنقرة ساهمت بشكل فعال في محاربة تنظيم داعش، وأنها ستواصل دعم كافة الأطراف المشاركة في مكافحة هذا التنظيم وعلى رأسهم المعارضة السورية المعتدلة.
وقال الوزير التركي: «تركيا كانت وما زالت الهدف الأول بالنسبة لداعش، لأن تركيا عملت على تجفيف كافة المصادر التي تزوّد التنظيم بالمقاتلين الأجانب، والأصح أعاقت وصول المقاتلين الأجانب إلى صفوفه، فقد قمنا بفرض حظر دخول على 55 ألف شخص إلى الأراضي التركية، وأبعدنا قرابة 4 آلاف شخص إلى خارج البلاد، وهناك أعداد من عناصر داعش موقوفين حاليا لدينا».
وجدد التنظيم قبل أيام إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على الأراضي التركية، بعد فترة من الهدوء أعقبت إطلاق التنظيم مئات القذائف على مدينة كليس الحدودية، فيما ردت المدفعية التركية المتمركزة على الحدودية بضرب مواقع وقواعد صواريخ تابعة للتنظيم داخل الأراضي السورية.
إسماعيل جمال
التدخل التركي بالشأن السوري تأخر كثيرا ! ولكن أن تتدخل الآن خير من أن تنتقل المعارك لتركيا نفسها
يجب على تركيا مساعدة المعارضة السورية بالأسلحة النوعية حتى تكون عازلاً على الحدود التركية السورية
ولا حول ولا قوة الا بالله
كلس فيها مساجد تأريخية نادرة ويسكُنُها شعبٌ مسالمٌ مانقصه شيئ , تركيا ستفشل المسرحية الطروادية الأمريكية الببكية لسطوة الشعب التركي وتحزّمه للأسوأ وذلك لدهاءه, وتواصله الذاتي مع ثوابته ومعرفته بها وماتجلّى صموده بوجه الأنقلاب الجبان إلّا لينبّه الجميع بأن يده طويلة.