الأردني «الغاضب» هل خرج إلى الشارع من أجل رغيف الخبز فعلاً، أم خوفاً على «هُويته الوطنية»؟

عمان- «القدس العربي»: يعلن نشطاء في مدينة السلط «تنويعاً مستحدثاً» في حركتهم الاحتجاجية على رفع الأسعار حيث تنظيم «مسيرة» هذه المرة وليس «وقفة» وفي مكان وزمان مختلفين داخل المدينة التي تشهد نشاًطا شعبيا مضادا لنهج الحكومة الاقتصادي.
قبل ذلك دخل نشطاء من قبيلة بني حسن على الخط واحتشد نحو 2000 منهم في ساحة الشهيد راشد الزيود، مع هتاف انفعالي يقول «الموت ولا المذلة». وجه التحشد الأخير رسالة بمنتهى الخشونة لرئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي ..» يا ملقي صبرك صبرك ..قرب ينتهي أمرك». في الأثناء يعلن الناشط والمعارض المختفي عن الأضواء منذ سنوات الدكتور أحمد عويدي العبادي ومباشرة بعد تعيين سميه وقريبه وزيراً للشؤون القانونية انه يدعو شباب بني عباد للتجمع الاحتجاجي على منطقة «الدوار الثامن» وسط غرب عمان حيث الواجهات العشائرية للقبيلة.
احتجاج الأسعار متواصل ولو بالقطعة، وبدأ يتخذ شكلاً مناطقياً وقبلياً في بعض الأحيان..هذا ما تقوله عملياً مسارات الأحداث في الساحة الأردنية بعد عبور أكثر من شهرين على رفع الأسعار، ونحو أسبوعين على تعديل وزاري مثير للجدل انتهى بمشروع «محاصصة حقائب» يحاول إرضاء أهالي مدينتي السلط والكرك تحديدا قبل ان يتحدث بعض أبناء بني حسن القبيلة الأكثر عددا في الأردن عن إقصائهم من المواقع الوزارية.
العويدي وجّه نداءً للأحرار الأردنيين في الكرك وفي كل مكان وبوضوح امتنع عن مخاطبة العاصمة عمان مكتفياً بدعوة «أحرار حي الطفايلة» فقط، للمساندة بهدف إسقاط الحكومة والنهج الاقتصادي. وبكل الأحوال يصر نشطاء هنا وهناك على «إدامة الفعاليات الاحتجاجية السلمية» و»تنويع» الأساليب فيما تقرأ غرفة القرار الحكومية المشهد بطريقة تتجاهل فيها المعطيات وعلى أساس أن خطوات الاحتجاج تم تفريغها.

خطوة مباغتة

«لا يتعلق الأمر بالأسعار فقط».. هذا ما يتصوره الناشط السياسي الإسلامي مروان الفاعوري وهو يحاول قراءة المشهد وتحليله مع «القدس العربي» مشيرا إلى أن تجاهل صوت المهمشين وإنكار التساؤلات قد لا يكون السلوك الحكومي المقنع او المفيد. هنا تحديداً وفي المنطقة التي يؤشر عليها الفاعوري يمكن قراءة الخطوة المباغتة التي حظيت بوضوح برعاية مخضرم ومحنك من وزن الغائب أيضاً عن الأضواء عبد الهادي المجالي، عندما قاد اجتماعًا لممثلي 33 حزباً علـى جـدول أعماله مـسألة يتيمة هي «تشكيل لجنة تمثل الطـيف الحـزبي الأعـرض للبحـث في الإصـلاح السياسـي».
كاد المراقب الأردني أن ينسى تماما حكاية «الإصلاح السياسي» ..فجأة وفي حمأة ضجيج الأسعار يستذكر المجالي هذا الملف علماً أنه سبق ان تحدث لـ»القدس العربي» عن تلك العلاقة بين الغطاء السياسي وثقافة المجتمع عندما يتعلق الأمر بمنهجية الإصلاح والمواطنة. طبعاً لا يمكن تفكيك الطريقة التي يفكر فيها المجالي، وهو رجل دولة رفيع المستوى في كل الأحوال، بعد غيابه سنوات عدة عن الأضواء ليعود على رافعة حزبية عملاقة تريد العودة للحديث عن الإصلاح السـياسي. لذلك يشدد الفاعوري ..» الأردني خائف على البلد» الـيوم بـسبب التـداعيات الحسـاسة في المنطـقة والإقلـيم.
في المقابل يدخل التيار الإسلامي في حالة «صمت» غريبة تماماً عندما يتعلق الأمر بالأسعار والنهج الاقتصادي متخندقا فقط وراء محاولة كتلة الإصلاح البرلمانية بعنوان إضعاف حكومة الرئيس هاني الملقي وطرح الثقة فيها وهي محاولة نجحت سياسياً وشعبياً وإن أخفقت رقمياً وبرلمانياً. ويطرح أحد أبرز نشطاء الفيسبوك علناً الاستفسار التالي: بجدية ..أريد أن أفهم لِمَ لا يشارك «غرب الأردنيين» ويقصد شرائح الأصل الفلسطيني في الاحتجاج على الواقع المعيشي؟
يحصل الرجل علناً أيضاً على نظريات متعددة، لكن لا أحد له مصلحة في الغرق في محاولة الإجابة المستحيلة عن سؤال معقد… كل تلك إشارات ومعطيات بدأت تلاحق وتطارد حركة الشارع بعنوان الأسعار والمعيشة بعيدًا حتى عن الأطر السياسية ومجمل ملف «الإصلاح السياسي» الذي لم يعد أصلاً يثير شهوة المتابعة والطرح واستبدل في الحديث عن محاولة إنعاش التنمية الاقتصادية ومشروع العبور في البلاد من تلاطم الموج الإقليمي.

ليس بسبب الأسعار

يصر بعض الخبراء عند بروز أي محاولة للتفسير والحفر والتعمق على أن الأردني الذي يغادر للشارع اليوم محتجاً ومنفعلاً لا يفعل من أجل الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة فقط، بل من أجل الخوف من المقبل، والهواجس التي تثيرها مشروعات وأجندات إضعاف الأردن اقتصادياً خصوصاً في البعد السياسي. وما لا تريد أن تسمعه غرف القرار البيروقراطي والرسمي حتى اللحظة، هو أن دافع الهواجس عند المواطن الأردني على دولته وهُويته، هو المحفز الأكبر للتصعيد الشعبي في مسألة الأسعار، بدليل ان الناس يخرجون للشارع ويهتفون لإسقاط الحكومة والبرلمان لكنهم لا يتحدثون عن رغيف الخبز.
بدليل أن الكثير من الهتافات والخطابات تتحدث عن الفساد وإدارة الدولة ونهج اقتصادي وآلية تشكيل الحكومات واختيار الكفاءات أكثر بكثير من التحدث عن الهموم الاقتصادية والمعيشية في حد ذاتها. وأيضًا بدليل أن رفع سقف الخطاب والرسائل في الكرك والسلط تحديداً ومؤخراً وبطريقة غير معهودة وتدشين عودة التحدث عن رموز محددة يعتبرها المنفعلون مسؤولة بصفة مباشرة عن الأزمة الوطنية الحالية.
محصلة القراءة، حتى عند بعض مستويات صناعة القرار، بأن الأردني لا يتحرك في الشارع فقط اليوم، من أجل رفع سعر رغيف الخبز، حتى وهو يقول ذلك، فالخوف أكبر على ضياع هُويته واستضعافه وإخراجه من اللعبة، وهو سبب مرجح لظهور انتهازية عند بعض السياسيين المعارضين، ولإطلاق بالونات تحذير عميقة وحكيمة من طراز تلك التي انطوت عليها مقاربة المجالي.

الأردني «الغاضب» هل خرج إلى الشارع من أجل رغيف الخبز فعلاً، أم خوفاً على «هُويته الوطنية»؟
عودة أسماء ابتعدت من سنوات وحراكات العشائر والمناطق «تتراسل»
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    لا أتصور بأن حكومة لا تقدر على الفساد ؟
    الحرب على الفساد تبدأ بعزل القضاة الفاسدين أولاً لضمان العدالة لجميع الأطراف
    فلو كان هناك قضاء عادل لتم القضاء على الفساد بسهولة لأن الأحكام القضائية سيتم تنفيذها على الجميع بلا أي محسوبية
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول hghv:

    انا بشوف حل مشاكل الاردن الاقتصادية تم عن طريق وضع الفلسطنية واولهم بسام بدارين في قلابات ورميهم على حدود لو في عنا حكومة وطنية اردنية كان ماطلع لامثال سيىء ذكر صوت لاحظو كيف بحاول دائما يضخم الاحداث بلاردن لاحظو السموم الي في مقلاتو الفتنة اشد من قتل لعنة اللة كل من يدعو لزعزعة الامن بلاردن او بدول العربية

    1. يقول طه مصطفى - النمسا:

      وأنا أرى أن يتم التحري عن أصلك لنعرف من أنت
      معظمكم كان خارج حدود الدولة الاردنية عند تأسيسها
      بينما كان الفلسطينيون يدفعون الضرائب للدولة ويخدمون في جيشها
      امثالكم هم أخطر من الصهاينة على الاردن ويجب رميهم في مكب النفايات !

  3. يقول ASMAR SAMOOR USA:

    يصر الجميع على ابقاء الشعب الاردن بجميع اطيافه يركض وراء معيشة اطفاله حتى لا يتفضى للامور الاخرى. شعب هذه الارض يختلف عن باقي شعوب المنطقه من عزة نفس وشهامه وعدم التنازل عن حقوق الأمة. لكن يبدوا انهم يريدون لهذا الشعب ان يلتهي بخبزه مع العلم ان قد يكون من اغنى الشعوب اذا انتهى الفساد وسرقة البلاد

  4. يقول سامح //الأردن:

    *ما دام تحولت المسألة (محاصصة)
    بسيطة ؛-
    *أقترح ع الديوان الملكي أن يعين
    وزير عن كل مدينة
    نائب وزير عن كل بلدة
    مدير عام عن كل قرية
    *هيك المحاصصة ولا بلاش..؟!!!
    هزلت ورب الكعبة.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

  5. يقول الدجاني:

    الغربيين لا يتحركون (نكتة 2018) عمو الي ما اله ظهر بنضرب على بطنه

  6. يقول الحرحشي:

    @hghv يمكن ان اتخيل من تكون من رجالات الاجهزة الامنية. انضمام اخواننا في الوطن مسألة وقت فنحن واياهم في مركب واحد. الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد وصمام الامان لانهاء هذا الوضع المزري الذي وضعتنا فيه تلك الجوقة.

  7. يقول عبد الرزاق مغربي مقيم بألمانيا:

    كل العربية غنية بثرواتها والحمدلله، لكن المشكل.
    هناك مسؤولين يتقاضون أجر خيالية، بل معضمهم
    غائب عن العمل.
    والغريب في الأمر أن الحكومة تعرف كل هذه الأمور
    وتتكلم عن مشكل محاربة الفساد.
    يا سبحان الله .

  8. يقول سيف:

    أنا أردني من اصل فلسطيني. أسكن في عمان من عام 1963 ورقم رحمة والدي في الجيش العربي كان أقل من 1000 مما يعني أن والدي كان من أوائل الضباط في الجيش العربي. وعندما كان رحمة والدي يكافح الجراد في صحراء خو عام 1953 لم يكن معظم (الأردنيين من جميع المنابت والأصول) قد ولدوا بعد ولم أعرف في حياتي غير الجنسية الأردنية ولا يستطيع أي شخص أن يزاود علي في إنتمائي للأردن وسأبقى ما حييت احمل هم الاردن والأردنيين كما أحمل هم فلسطين والفلسطينيين. وضعت عبارة الأردنيين من جميع المنابت والأصول بين قوسين وهي أبغض كلمة على قلبي ولا يعقل أن أدعي بأني مسلم وعربي واقسم ابناء الوطن الواحد حسب بلدة الأصل. لو قررت في يوم من الأيام الخروج للتظاهر في الشارع لكان ضد تفتيت الأردنيين حسب بلدة الأصل لأنه أصل الفساد وسياج الفاسدين والمفسدين. فمن الوحدة الوطنية تبدأ مكافحة الفساد وهي نقطة البداية لمشروع وطني للنهوض بالأردن. التظاهر لتغيير الملقي برئيس وزارء آخر لن يحل مشاكل الأردن وهو كمن يحرث البحر. التغيير بحاجة لمشروع وطني واضح وجامع وبحاجة لأناس يضعون مصلحة الوطن فوق مصلحة القبيلة والمدينة والجهة.

  9. يقول الكروي داود:

    الأردن كان يعتبر قبل سايكس بيكو صحراء الشام أو شرق نهر الأردن ولهذا تم إطلاق هذا الإسم عليه
    أما عشائر الأردن فهي عبارة عن بدو رحل من الجزيرة العربية والعراق والشام يبحثون عن المراعي لحيواناتهم
    الكروي داود أساسه بدوي!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول عامر كرم علي الاردن:

      السيد كروي الداود المحترم
      حقيقة انت تجهل الأردن في الحقيقة 80% من سكان الاردن الاصلين فلاحين ويتركزون في الريف الشمالي الغربي للاردن ريف اربد 500 قرية قديمة وكثيفة وملتصقة واسمايها ارامية ونحنا الفلاحين في الاردن من قبل الاسلام ومستقرين في بيوت وجدودنا سكنو في بيوت ونحنا الشعب الاصلي ومقام جدي في قريتي في ريف اربدعمرة الف سنة
      البدو يسكنون في الصحراء الكبيرة ولكن عددهم قليل
      محافظة اربد الخزان البشري الحقيقي للاردن ريف اربد 500 قرية عدد سكانها مليون ونصف وهم اردنيين اصليين فلاحين سك والمدينة نصف مليون اكتر من نصفها من مهاجرين من القرى المجاورة
      اربد جرش عجلون الرمثا محافظات البقاء جبال عمان الغربية وحتى سهل مادبا ليست صحراء ومساحتها واكبر من لبنان
      ولكن نحنا الفلاحين دورنا قليل في المناصب لا اعرف السبب
      البدو يسكنون صحراء كبيرة وقليلة السكان
      البدو والفلسطينية
      حديثين عهد في الاردن
      وهاد الصحيح

  10. يقول متفرج:

    متحملين القرف وماكلين هوا وساكتين من خوفنا ع البلد .. بس خايفين بالاخر نقرف البلد

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية