عمان- «القدس العربي»: ليس صعباً على الإطلاق توقع ان يكون الحديث الرسمي الأردني المفاجئ عن تقديم بعض أعضاء مجلس النواب لإفادات خلال استجوابهم في هوامش قضية «فساد التبغ» مقدمة طبيعية للإعلان عن تورط بعض أعضاء البرلمان البارزين في شبكة النفوذ المرتبطة باسم ملـيونير السـجائر الـهارب عـوني مـطيع.
وليس صعباً توقع ظهور الجنرال المتقاعد محمد العلاف وبصفته رئيساً لأهم هيئة حكومية معنية بمكافحة الفساد وهو «يبق البحصة» متحدثاً علناً وبصورة إيذان غير مباشر بأن بقية الأجهزة والأذرع في الدولة تقرر ان تتحرك بتناغم مع حكومة الدكتور عمر الرزاز المكلفة ملكياً الآن بـ «كـسر ظـهر الفسـاد».
فيما صمت الرزاز نفسه وترك المسألة برمتها للجهات المختصة موفراً الغطاء السياسي بعدما توفر له الغطاء الملكي كان العلاف وهو رجل بخلفية عسكرية ودبلوماسية في آن واحد أول وأبرز المتحدثين الذين يعلنون ضمنياً بأن أجهزة الدولة لحـقت بالتـوجيه الملـكي.
قبل العلاف كانت محطة تلفزيون «المملكة» الجديدة تفتح ملف الاستثمار والفساد وبطريقة غير مألوفة تغرد فنياً ومهنياً خارج السرب. وعبر الشاشة نفسها ظهر العلاف مسجلاً لمفاجأتين مقصودتين من العيار الثقيل: رجل التبغ الشهير الفار من وجه العدالة الأردنية عوني مطيع تمكن من مغادرة البلاد بصورة غير مشروعة وحظي بـ «مساعدة داخلية» والهيئة استمعت لإفادات بعض نواب البرلمان خلال تحقيقاتها.
لا يقدم مسؤول بمستوى وعمق العلاف على مثل هذه الإفصاحات بدون توجيهات وسلسلة عريضة من الاضواء الخضراء تبدأ أولاً من مكتب الرئيس الرزاز وقبل ذلك من القصر الملكي. وليس سراً ان شاشة منضبطة إداريا من وزن «المملكة» لا تبدأ موسمها بهذه الاثارة لولا الاضواء الخضراء نفسها غير المتاحة لتلفزيون الحكومة الرسمي.
في كل الاحوال يمكن القول ان إفصاحات العلاف وبعدها التقدم بطلب رسمي لملاحقة المتهم الرئيسي في قضية التبغ عبر الانتربول خطوات منهجية يمكن ببساطة ملاحظة انها أعقبت زيارة مهمة وخطيرة قام بها لمقر رئاسة الوزراء الاحد الماضي الملك عبدالله الثاني وتضمنت توجيهاً شهيراً ونادراً بعنوان.. «إكسروا ظهر الفساد».
بمعنى آخر مسلسل كسر ظهر الفساد وعلى اساس الدفاع عن هيبة وسمعة الدولة والقانون أولاً في الخارج وإرضاء الشارع الذي يغلي جراء الإحـتقان بدأ بالعـرض.
العرض خصوصاً إذا ما انضم نواب وشخصيات عامة او وظيفية سيمتلئ بالتشويق من الطراز الذي يرضي الشارع الشعبي. وعناصر الإثارة والتشويق ستزداد تأثيراً وعمقاً عندما يصل التحقيق إلى ما كشفه العلاف عندما صرح بان رجل الاعمال الهارب غادر المطار بمساعدة داخلية.
وهي نقطة تمس عملياً الدائرة الأمنية وتؤشر على وجود شبكة نفوذ يمكنها تجاوز القانون ولو كانت السلطة تخطط لتجاهلها او الاحتفاظ بها على الأقل لما طرحها العلاف بكل هذه العلنية.
الرأي العام طبعاً مفعم بنسج الحكايات عن شخصيات نافذة وزارية وبرلمانية واقتصادية على علاقة بشبكة التبغ إياها التي أثارت كل هذا الضجيج في الأردن وعنه. لكن لا توجد ولا رواية واحدة صلبة أو تتميز بالمصداقية حول اي إسم لشخصية مهمة، الأمر الذي يمكن إدراجه تحت البند المرافق للتوجيه الملكي الخاص بكسر ظهر الفساد حيث «فيتو» كبير على اغتيال الشخصيات وكلام ملكي مبـاشر بعـنـوان «لن نســمح به».
ومقابل حيثيات الوقائع والحقائق في الملفات الخاضعة للتحقيق فعلاً سواء تعلقت بالتبغ أو بغيره ثمة «سوق موازية» مليئة بالإستهداف والشائعات والتسريبات والاتهامات من الصعب ضبطها بالعموم وفقاً لمسطرة القانون ومن المرجح انها تشكل عنصر الضغط الأهم على العصب الحيوي في الـدولة.
وهي نفسها السوق التي يمكن ان تعيق العمل المنهجي الفعلي في مكافحة الفساد لأنها ببساطة يمكن ان تستغل وتستثمر من قبل مراكز قوى متعددة لا مصلحة لها بنجاح ولو تحقيق واحد يخص اي ملف فساد كبير وعلى اساس ان النجاح في الملف الأول سيفتح شهية الشارع للضغط أكثر وبصورة تؤدي لفتح العديد من الملفات وفي متوالية هندسية سياسية يرى كثيرون بأن الدولة تستطيع الاستغناء عنها الآن. والدولة في التوصيف الأخير لا تشمل رئيس الوزراء الدكتور الرزاز الذي وصف نفسه مسبقاً بـ «الانتحاري» في معركة الفساد.
لكنها تشمل ما يسميه وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر بـ «قوى الواقع» والتي تحذر من وقوع العديد من الاشكالات في حال فتح الباب لشهية الشارع حتى يتحكم في الملفات. ومن هنا حصرياً قد تولد التجاذبات.
لكن الأهم ان الدولة اليوم تفتقد للخيار المتعدد فالعودة للهجة الماضي في محاربة الفساد بدون مواجهته فعلاً لم تعد خياراً مقبولاً او ممكناً.
وكلفة الاسترسال في معركة بمواصفات «إنتحارية» الرزاز وعلى اساس توجيه ضربات كاسرة فعلا لظهر الفساد قد تؤدي لولادة صراع اجندات وتجاذبات حادة جداً بين نخبة من علية المجتمع واللعبة وحيتان الخارطة المتحشدين أصلاً في منطقة ضيقة داخل لعبة الحيز السياسي والتشريعي.
والاسترسال نفسه قد يكشف عن كلف من الصعب احتمالها لحجم الخراب الذي تسبب أصلاً بتسرب كل هذا الفساد اذا كان القياس ولو شعبياً سيعتمد ما كشفته من مفاجآت قضية التبغ منفردة.
الخيارات معقدة جداً في الحالة الأردنية عندما يتعلق الأمر بعرض الاثارة المتوقع باسم «كسر ظهر الفساد». والصمود باستراتيجية قطعية ونهائية يحتاج لفترة أطول وتقييم خبير ودقيق.
هل من المعقول ان كل الضجة الاعلامية وتدخل الامن الامريكي والسفارة في عمان بسبب مصنع سجائر، الامر اكبر بكثير من صناعة دخان، والاعلام يعلم علم اليقيين ويطبطب على الموضوع ويسير مع تعليمات الدولة، الموضوع هو صناعة الحبوب المخدرة وتسويقها داخل الاردن وتصديرها الى الدول الاخرى،، .
حقيقة لا يختلف فيها اثنان وهي ان استشراء الفساد هو السوس الذي ينخر في دعائم النظام والدولة ، ويهدد الأمن والأمان ، والتوجه لكسر ظهر الفساد هي التغطية الملكية الفاعلة التي تاق اليها المواطنون. والألف ميل تبدأ بخطوه.
*ما يهم المواطن هو إستمرار
حملة محاربة (الفساد) للنهاية.
حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
سلام
لن يكون هناك اي مكافحة للفساد الا باصلاح سياسي حقيقي كما كان لحد ضحك على الذقون وهذا يحمي الفساد ورموزة خصوصا المتنفذين. كل ما تقوم به الحكومة هي كسب للوقت وتمييع للهدف .
كسر ظهر الفساد الي بدري بدري ولي ما يدري يقول كف عدس..