غزة ـ «القدس العربي»: لم ينتظر الأسير الفلسطيني حسن سلامة، أحد أشهر أسرى حركة حماس في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سوى ساعات ليرسل من داخل الزنزانة التي يقبع بها منذ نحو عشرين عاما رسالة لام فيها السلطات المصرية بعنوان «شكرا مصر»، وذلك ردا على حكم بالإعدام صادر عن محكمة جنايات القاهرة ضده وعدد آخر من نشطاء حماس بينهم شهداء سقطوا في الحروب على غزة. وتزامن هذا الحكم مع حكم آخر اصدرته ذات المحكمة ضد عدد من قيادة الإخوان المسلمين على رأسهم الرئيس السابق محمد مرسي.
وفور سماعه خبر إحالة أوراقة للإعدام رد سلامة عبر رسالة هربها من سجنه كتب في مطلعها «شكرا لمصر الحبيبة على هذا الكرم، فقد كنتم أرحم بإعدامكم هذا من هذا العدو (يقصد إسرائيل) الذي يوم أن أصدر حكمه علي قبل عشرين عام رفض إعدامي. وكانت التوصية المقدمة للقضاء العسكري أن أمثال هذا الشخص لا يجب أن يموت فالموت هو ما يطلبوه وفي راحة لهم ولكن يجب أن يترك أمثال هؤلاء في السجون ليموتوا كل يوم ليعذبوا حتى يتمنوا الموت فلا يجدونه. فكان حكمهم علي بثمانية وأربعين مؤبدا وثلاثين عاما».
وأمضى هذا الأسير الفلسطيني الشهير الذي كان من النشطاء البارزين في الجناح المسلح لحركة حماس كتائب القسام وأشرف على هجمات أدت إلى مقتل عشرات الإسرائيليين نحو عشرين عاما في السجون الإسرائيلية وأمضى الجزء الأكبر منها في العزل الإنفرادي.
ولم توافق إسرائيل على إطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة التي أبرمت برعاية مصرية في نوفمبر / تشرين الثاني عام 2011 وعائلته تقطن في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وقضت إحدى المحاكم المصرية على الأسير سلامة هو وعدد آخر من نشطاء حماس بينهم شهداء وأشهرهم رائد العطار الذي كان مسؤولا عن الجناح المسلح لحماس في مدينة رفح وإستشهد في غارة إسرائيلية في حرب الصيف الماضي بتهمة المشاركة في أحداث السجون المصرية فترة ثورة كانون الأول / يناير التي أطاحت الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
وكتب سلامة في رسالته أيضا إلى السلطات المصرية وهو يعبر عن استغرابه مما صدر بحقه في ظل إعتقاله لدى إسرائيل: «جاء حكمكم يا أهل مصر ليرأف بحالي ويعجل موتي وموت إخواني فكنتم بذلك خير سند وخير جار».
وأضاف: «والله الذي لا إله إلا هو ما الموت يخيفنا ولا السجن يرهبنا والأمل بالله كبير وثقتنا بإخواننا في كتائب القسام الذين مرغوا أنف هذا المحتل وقتلوا وخطفوا جنوده لأكبر من أحكامكم ولا نقول إلا ما نقوله: رسولنا الكريم حسبنا الله ونعم الوكيل».
وأشار سلامة إلى أنه كان قد قرر عدم الكتابة هذا العام في ذكرى اعتقاله بعدما قال انه إكتفى «بما فتح الله به على المقاومة من نصر عظيم» قبل أن يفاجأ بسماع الخبر بإعدامه من قبل مصر.
وكانت المحكمة المصرية قد قضت أول من أمس بإعدام حسن سلامة والشهيد العطار وأحد نشطاء حماس الذين استشهدوا العام 2009 أي قبل ثورة يناير وأحداث الهروب من سجن النطرون بالإضافة إلى الرئيس السابق مرسي وعدد من قادة الإخوان المسلمين.
وقد ووجهت القرارات بحملة انتقادات شديدة في قطاع غزة عبر عنها ممثلو الفصائل كون الأحكام قضت على شهداء وأسرى لم يكونوا في مصر خلال الثورة.
ومن شأن الأحكام الجديدة أن تؤجج الخلاف القائم منذ إطاحة الرئيس مرسي بين السلطات المصرية وحركة حماس الذي هدأ قليلا بعدما تم إسقاط حكم قضائي سابق باعتبار الحركة «تنظيما إرهابيا».
واعتبرت حركة حماس، على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري، الحكم المصري باتهام مجموعة من قادتها في قضية سجن وادي النطرون «صادم ومؤسف». وقال ان المعلومات التي اعتمد عليها القرار «معلومات مغلوطة»، مشيرا إلى أن بعض المتهمين شهداء قبل الثورة المصرية كالشهيد تيسير أبو سنيمة وحسام الصانع، وبعضهم أسرى في سجون الاحتلال كالأسير حسن سلامة المعتقل في سجون الاحتلال منذ 20عاماً.
وشملت قائمة الاتهام بهذه القضية إلى جانب قادة الإخوان في مصر وتضم قائمة المتهمين 73 فلسطينيا بينهم ستة فارقوا الحياة وأسيرا. وسبق أن أكدت وزارة الداخلية في غزة أن من بينهم أشخاص لم يغادروا غزة مطلقا وبينهم كذلك أسماء وهمية لا أصل لها في السجل السكاني.
ومنذ إطاحة الرئيس السابق مرسي تتعرض حركة حماس لهجمات وإنتقادات كبيرة من قبل الإعلام المصري. وتواجه الحركة منذ ذلك الوقت إتهامات من قبل القضاء في ظل توتر علاقاتها مع السلطات الجديدة.
ومرارا كانت الحركة تتهم بمساندة جماعة الإخوان المسلمين والمشاركة في هجمات ضد مصر في سيناء. لكن الحركة نفت أكثر من مرة على لسان قادتها أن يكون لها أي علاقة بحوادث إخلال الأمن في مصر وتؤكد على عمق العلاقة والحفاظ على أمن مصر.
وأوقفت مصر، التي ترعى العديد من الملفات الفلسطينية خاصة ملفات المصالحة والتهدئة، رعايتها لهذه الملفات ولم تستضف، كما كان متوقعا، باقي مفاوضات التهدئة. كما لم تعد تهتم باستضافة جلسات الحوار الداخلي للمصالحة بين فتح وحماس.
وقد رفضت حركة الجهاد الإسلامي على لسان القيادي خالد البطش الأحكام بحق أسرى وشهداء فلسطينيين وأكد على عدم تدخل الفلسطينيين في الشأن المصري الداخلي,
وقال في تصريح صحافي ان ما يهم الفلسطينيون هو «الاستقرار في مصر وحقن الدماء في كل الأقطار العربية والإسلامية الشقيقة».
وأضاف أن الفلسطينيين «بمن فيهم حركة حماس حرصوا على سلامة الأراضي والسيادة المصرية» لافتا إلى أنه بالرغم من ذلك يصدر القضاء المصري وفي ذكرى النكبة الـ67 «أحكام مرفوضة وطنياً وليس من حماس فقط».
ودعا القضاء المصري المشهود له بالخبرة بـ»إعادة النظر في الأحكام مجدداً إنصافا للحقيقة والعدالة في فلسطين ومصر معا وعدم ظلم الآخرين إذا كانوا معنيين بالحقيقة والحقيقة فقط».
ورأى أن الأحكام «تبدو ذات بعد سياسي» خاصة وأنها قضت على الشهيد رائد العطار وأسرى كحسن سلامة الذي يقضي حكما بالمؤبد في سجون الاحتلال.
وطالب بضرورة «فتح حوار جدي مع الأشقاء في مصر لإزالة جميع الملابسات والعقبات على أرضية العلاقات الأخوية التاريخية وسيل الدماء المشترك الذي جسدته الملاحم التاريخية بين الشعبين ضد التتار وضد المستعمر الغربي».
كما دعا القيادي البطش السلطة والرئيس محمود عباس والدبلوماسية الفلسطينية للتدخل لدى الأشقاء في مصر لصون المصالح المشتركة بين الشعبين.
وكان رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية قد وصف قرار المحكمة المصرية ضد شهداء وأسرى بأنه «شيء معيب» وطالب الحكومة المصرية بتصويب الخلل.
وقال في تصريحات صحافية: «نحن من حيث المبدأ لا نتدخل في الشأن المصري وبشكل خاص القضاء. لكن أن تصدر أحكاماً بالإعدام على الشهيد رائد العطار الذي إغتاله الإحتلال صيف العام الماضي وكأنها تبرر لهم جريمتها وكذلك أن تحكم بالإعدام على المناضل حسن سلامة المعتقل في سجون الاحتلال منذ حوالي عشرين عاماً فهذا شيء غريب وعجيب».
أشرف الهور