رام الله – «القدس العربي»: كان من المقرر أن تتزامن الاحتفالات بفتح معبر رفح في قطاع غزة، بمسؤولية كاملة من قبل السلطة الفلسطينية لأول مرة منذ عشر سنوات، مع احتفالات إحياء الذكرى السنوية الـ 29 لإعلان الاستقلال الفلسطيني في الجزائر.
وحسب التقديرات فإنه لن يتم فتح المعبر حتى منتصف الاسبوع المقبل على الأقل، بسبب الخلافات بين السلطة وحماس حول مسألة الترتيبات الأمنية في القطاع، وعلى المعابر خاصة. وقال الناطق بلسان وزارة الشؤون المدنية في السلطة محمد مقادمة لصحيفة «هآرتس» انه لم يصدر أمر من القيادة السياسية بتفعيل المعبر.
وكان الجانبان قد اتفقا في القاهرة على تسلم السلطة للمعابر في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي. وفي مطلع الشهر وصل ممثلو السلطة الى المعابر وتسلموا المسؤولية الكاملة عنها، ولكنهم قالوا إنهم يحتاجون لأسبوعين آخرين من أجل إنهاء كل المسائل المتعلقة بإدارة المعابر.
وفي الأسبوع الماضي طرح رئيس الحكومة رامي الحمد الله مسألة التمكين الأمني. وقال إنه من دون حل هذه المسألة في أنحاء القطاع لا يمكن مواصلة عمل الحكومة هناك، خاصة إدارة المعابر. واتهمت حركة حماس حركة فتح بالتهرب. وقالت إنه حسب التفاهمات، يتم نقل المسؤولية عن المعابر للسلطة ولكن يجب دمج رجال حماس الذين عملوا على المعابر في الأجهزة الأمنية.
ويسود التقدير في غزة وفي رام الله أنه لن يطرأ أي تغيير خلال الأيام القريبة، وسيتم تحويل مسألة إدارة المعابر، خاصة رفح، الى الاجتماع الذي ستعقده الفصائل في القاهرة في الأسبوع المقبل، كخطوة لمواصلة تنفيذ المصالحة. وفي هذه الأثناء ليس من الواضح ما إذا كانت مصر ستتدخل لدفع فتح المعبر. لكن الغضب يتزايد في صفوف الفلسطينيين في غزة الذين ينتظرون فتح المعبر بفارغ الصبر، ولا يشاهدون حاليا أي تقدم يقود الى التسهيل عليهم.
وقالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى «إن الأوضاع في قطاع غزة باتجاه التأزم مجددا إذا لم يتم حسم عدد من الملفات أبرزها السيطرة الأمنية، كما ان ملفات أخرى بحاجة للحسم مثل ملف الرواتب والموظفين وعلاقات حماس مع جهات إقليمية مثل إيران وتركيا»، وفق ما نقلت «شبكة فلسطين الإخبارية».
وأشارت المصادر الى ان أبرز هذه الملفات الآن هو معبر رفح الذي كان مقررا بدء العمل به أمس الأربعاء ولن يفتح أبوابه أمام المسافرين لأسباب عدة. وذهب المصدر إلى القول إن «معبر رفح الحدودي لن يفتح أبوابه اليوم ولا في القريب العاجل دون إيجاد حل للملف والسيطرة الأمنية فيه لضمان عدم وقوع أي حوادث أمنية تؤدي لنتائج سلبية».
الوجود الأوروبي مرتبط بالملف الأمني
وأبلغ الاتحاد الأوروبي السلطة الفلسطينية ومصر وجهات دولية أخرى أنه لن يكون بإمكان الاتحاد الأوروبي إرسال مراقبيه وضباطه الى معبر رفح دون حل الملف الأمني، وهو الأمر الذي قد يؤدي الى تعريض حياة المراقبين الأوروبيين للخطر في أي لحظة.
وأكد في رسائله للسلطة ولمصر والجهات الدولية انه ليس بالإمكان العودة لاتفاق عام 2005 الخاص بتشغيل المعبر لأن الظروف كانت في حينه مختلفة، وان ما جرى من انقسام وسيطرة لحماس على مدار سنوات أدى لتغييرات كثيرة، كما ان السيطرة الأمنية لم تحسم بعد في المصالحة الفلسطينية وبالتالي فإنه سيكون من المستحيل إرسال المراقبين الأوروبيين للمعبر لتشغيله في هذه اللحظة.
وعبر الاتحاد الأوروبي عن أمله أن تنهي لقاءات القاهرة للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية الملف الأمني والسيطرة الكاملة في قطاع غزة. كما يأمل من مصر راعية المصالحة وضع رؤية وخطة أمنية تضمن استمرار نجاح جهود المصالحة بما يعيد الاستقرار ويضمن عودة المراقبين الأوروبيين للمعبر وفق رؤية وخطة جديدة وواضحة.
أما الأزمة الثانية التي تلوح في الأفق التي تعطل انفراج الأوضاع بشكل أكبر فهي قضية الرواتب. وكانت إسرائيل قد لوحت باقتطاع قيمة رواتب موظفي غزة من العائدات الضريبية إذا ما قررت السلطة الفلسطينية دمج المدنيين والعسكريين في قوائم الموظفين، وهو ما ينذر بأزمة مالية جديدة لدى الجانب الفلسطيني، وبالتالي المزيد من التصعيد وحتى الانفجار في قطاع غزة.
حماس وإيران وتركيا
أما الملف الثالث فهو الحراك الكبير الذي يقوم به قادة المكتب السياسي الجديد لحركة حماس، خاصة اتجاه إيران وتركيا، وهي الدول التي لها خلافات شديدة من مصر راعية المصالحة. وأدت هذه الزيارات الى إحراج الوسيط المصري كون مصر كانت ترى في قبول حماس وتجاوبها مع الدور المصري خطوة في اتجاه الاحتضان المصري للحركة، لكن زياراتها الأخيرة خصوصا لطهران وما صدر من تصريحات أحرج المصريين، ما دفعهم لتأجيل فتح المعبر وربما اتخاذ خطوات لاحقة تجاه حماس . وطالب المصريون بتوضيحات من حركة حماس عن هذه الزيارات، خاصة أن القاهرة هي صاحبة القرار الفصل بفتح المعبر من عدمه كونه معبرا مشتركا مع أراضيها التي تشهد توتراً كبيراً خاصة في سيناء.
وفي ظل هذه التطورات قررت اللجنة المركزية لحركة فتح وبتوجيهات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئيس الحركة، وانطلاقاً من الحرص على التطور الإيجابي المستمر في مجال العمل لاستعادة الوحدة الوطنية وإنجاز المصالحة، دون أي سوء فهم أو عقبات، اقتصار التصريحات في موضوع المصالحة خلال المرحلة المقبلة، على أعضاء اللجنة المكلفة بالحوار من قبل اللجنة المركزية التي عبرت في بيان لها عن أملها في نجاح اجتماع الفصائل المقبل في القاهرة بما يبني على نجاح الاجتماع الأول بين حركة فتح وحركة حماس الذي تم في القاهرة.
فادي أبو سعدى: