الأوصياء والمجتمعات القاصرة

حجم الخط
11

يتكاثر الأوصياء حولنا، أوصياء السياسة، وأوصياء الدين، وأوصياء الأخلاق، وأوصياء المجتمع بعاداته وتقاليده، وأوصياء المعرفة، وأوصياء الثقافة والفنون، في حين تغيب الفردانية الإنسانية العربية يوما بعد يوم، ويقل المختلفون، وتتكاثر المجتمعات القاصرة التي تحتاج للوصاية الأبوية من إحدى تلك الجهات أو كلها. وتظل علاقة الإنسان العادي البسيط بالوعي والمساءلة غائبة أو مقيدة بحتمية المراقبة من كل ما حوله كالأسرة والشارع والمدرسة والمجتمع، دون أن يمنح أبسط حقوق الاختلاف والمغايرة، فيتربى الضمير العربي تربية النقص والقصور، فالجميع قاصر وناقص ويحتاج للرعاية والتدخلات الأبوية المتعددة لتحديد مساراته نحو الوجهة الصحيحة، وضبط سلوكه الفردي كي لا يحيد عن بوصلة الجمع.
مجتمعاتنا التي تهب الجميع من الخارج صورة مثالية عن كل شيء، عن أخلاقها، ووعيها وحريتها وثقافتها وقوانينها ومؤسساتها عبر إعلام مسيّس، وحقائق مخفية، وما أن يرفع البعض صوته جهرا لنقص ما، أو سبابته اعتراضا في اتجاه خلل أو قصور ما، حتى يحاصر ويوضع في قفص التربية الشاملة، التربية الجبرية (الأمنية أو الجمعية) التي تعيده لجادة الطريق، وتقبض على صوته ويده حتى لا يعاود الكرة مرة أخرى، وحتى يكون عبرة لمن يعتبر.
ينطبق الأمر على الإنسان العادي البسيط الذي يحاول الخروج على حصار الذات والمكان والضيق باختراع مساحات خاصة له ليمارس فيها حريته الفردانية، ببساطة وخفة، تماما كما ينطبق على  المثقف وعلاقة الارتياب المزمن منه، ووضعه أبدا في موضع المراقبة والمساءلة والتربّص، والمحاسبة الصارمة إن لزم الأمر، حتى يعود للنسق الجمعي (المقدّس أو القطيعي)، في التعاطي والتفكير والتمجيد، أو يصمت للأبد عن مناطق التابوهات المحرّمة في أعراف مجتمعات تتكاثر تابوهاتها بتكاثر أخطائها، في تجاهل لدور النقد في بناء المجتمعات وتقويمها، وصناعة الإنسان وتربيته، وفي غفلة أو تغافل عن أهمية حرية الفرد في التعبير عن ذاته، ودورها في تحقيق السلام الداخلي والتعايش الطبيعي مع الآخر والمكان، وأن ذلك يمثل أبسط ضرورات الحياة كالتنفس تماما، وأن ما يكتبه ويفعله الإنسان في حيواته الخاصة أو على مساحات الضوء التي باتت المتنفس الوحيد في عتمة الصمت وكثرة الحواجز والممنوعات. هو حرية شخصية وحالة ذاتية تماما بدءا وخاتمة، يحتاجها الإنسان ليستمر في هذه الحياة، كي لا ينهيها بخيار وجودي أصعب إذا كثر القهر واشتدت القبضة، ولعل الجميع يدرك تماما أن الموتى أكثر من الأحياء في مجتمعاتنا القطيعية هذه، وأن الموت البطيء هو أكثر وربما أجمل أشكال الحياة التي يعيشها أغلبنا.
إن الاختلاف هو بداية صحة الوعي، وسلامة العقول، وعلى الجميع إدراك أن أي رأي ليس مقياسا لفكرة ما، كما أن رأي أحدنا مهما كانت مصادره وصدقه وقوته، ليس مسوغا لنفي الآخر، أو حتى تبرير اعتقاله، مهما اختلفنا معه. فالحرية حق شرعي مكفول بالقانون الذي يضبط علاقة المواطنة خارج كل وصاية للسياسة أو الدين أو المجتمع، وبالتالي فالدفاع ينبغي أن يكون عن الفكرة وليس عن الأشخاص، فما ينبغي الدفاع عنه دائما هو حرية الرأي الذي يمكن أن نختلف معه أو نتفق، ولكن يجب أن نقوله، وأن نضمن للآخر حق قوله، لنضمن التعددية الفكرية. فالمجتمع الحقيقي هو من يدرك أن حرية التعبير حق أصيل لكل إنسان فيه، شأن كل الحقوق المدنية، وليس هبة، تُمنح أحيانا وتُمنع أحيانا أخرى، أو تعطى بدرجات متفاوتة حسب الظروف والحالات، ومع كل ذلك يجب الشكر عليها والاعتراف بفضل مانحها.
 إن حرية التعبير هي برهان المجتمعات المتقدمة، والحكومات العادلة. وأن ما يحدث من قمع لحرية التعبير، باستدعاء كل من يختلف مع السلطة أو مع المجتمع «القاصر» من وجهة نظرها، والذي تجب حمايته كي لا يفسده كل من يكتب تغريده على مواقع التواصل الاجتماعي، وإيداعهم السجون لأي فكرة جديدة يكتبونها، وتجييش العامة عليهم، من باب أنهم حملة الفكر التخريبي، وهدّام الأمن القومي، وغيرها من الأطروحات الساذجة التي تلجأ إليها لإثبات فوقيتها الأبوية، وقصور المجتمع، وتشويه صورة المثقف، وتقديم دروس مجانية لكل من تسول له نفسه طرح فكرة مختلفة نوعا ما، أو تقديم نقد لظاهرة  فكرية أو سياسية أو دينية بأنهم له بالمرصاد؛ فما كل هذا إلا تجهيل للشعوب بشكل آخر، وحجز مستويات وعيها في الخوف والتردد، لأنها بذلك تصنع مجتمعات قاصرة تبحث عن الحماية الأبوية من ظل كلمة أو جدل بسيط، ليقف أفراد هذه المجتمعات بشراسة في مواجهة الحرية التي هم أولى بالدفاع عنها، مدعين بذلك التحرّز من الفتن، أو حماية الوطن.
إن المجتمعات الحقيقية تدافع بضراوة واستحقاق عن كل ذي مظلومية، وعن كل إنسان اعتُقل بسبب فكرة ما، ليخرجوه من هناك أولا، ثم يرفعوا سباباتهم في وجهه، ويحاكموه هم، ليناقشهم ويوضّح فكرته بحرية، ليؤكدوا على حقه في الاختلاف، وحقهم في النقد والمساءلة. فهذا قانون الوعي، فمن الطبيعي جدا أن نختلف، وأن يرفض كل منا رأي الآخر، ولكن على المجتمع بالضرورة أن يمنحه الحق التام في القول، دون محاربته بأساليب رخيصة، بل الدفاع عنه بقوة وحزم. هذا لكي لا نتحول إلى مجتمعات مريضة بالكلية والاطلاق الجمعي، تفصّل البشر على مقاسات محددة، وتخلق نسخا ببغاوية تردد  كل شيء بلسان (آمين)، مجتمعات تخاف من الكلمة، ويرعبها الرأي، وتنتظر (حراس القيم) حتى يوفروا لهم الحماية.
فها نحن في القرن الحادي والعشرين وما زلنا بعيدين جدا عن طريق الحرية الحقيقي، والتفكير الناضج، والوعي الإنساني العميق بمسلماته البدهية، كمحاورة المختلف وتقبل الرأي الآخر، وأبعد ما نكون عن المجتمعات الصحيّة بتباين مكوناتها الفكرية والدينية والسياسية القائمة على الجدل والمماحكة والنقاش، فمازلنا نحتاج إلى الوصاية والحماية من فكرة أو أخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ذلك لا يختلف ـ للأسف الكبير ـ العوام عن أشباه المثقفين. ولذا فلا عجب أننا مازلنا نراوح مكاننا في كل شيء، لأننا لم نمنح حق المقارعة والمماحكة في شيء يوما ما، فكل شيء يأتينا جاهزا، وكأننا أصغر وأقل من الاختــيار أو التمــحيص والجدل. فلم نتعلم يوما محاورة البعيد والغريب من الأفكار، ولم يمتحن إنساننا ومجتمعاتنا قدرتها على الحوار بوعي ومسئولية واحترام!
فكيف لنا أن ننضج، ونتجاوز النقص والقصور لنناقش فكرة المواطنة وقيمة الاختلاف!

كاتبة عُمانية

الأوصياء والمجتمعات القاصرة

فاطمة الشيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ” إن حرية التعبير هي برهان المجتمعات المتقدمة، والحكومات العادلة. وأن ما يحدث من قمع لحرية التعبير، باستدعاء كل من يختلف مع السلطة أو مع المجتمع «القاصر» من وجهة نظرها، والذي تجب حمايته كي لا يفسده كل من يكتب تغريده على مواقع التواصل الاجتماعي، وإيداعهم السجون لأي فكرة جديدة يكتبونها، وتجييش العامة عليهم، من باب أنهم حملة الفكر التخريبي، وهدّام الأمن القومي، ” أهـ
    والله كلام من ذهب – الله يحفظك ويحميك يا أستاذة فاطمة
    الحرية للصحفيين إبراهيم المعمري ويوسف الحاج وزاهر العبري،
    الحرية لعشرات الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسلطنة عمان
    الحرية لعشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين بسبب آرائهم بالوطن العربي
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول هشام. ع:

      إن حرية التعبير هي برهان المجتمعات المتقدمة، والحكومات العادلة. وأن ما يحدث من قمع لحرية التعبير، باستدعاء كل من يختلف مع السلطة أو مع المجتمع «القاصر» من وجهة نظرها، والذي تجب حمايته كي لا يفسده كل من يكتب تغريده على مواقع التواصل الاجتماعي، وإيداعهم السجون لأي فكرة جديدة يكتبونها، وتجييش العامة عليهم، من باب أنهم حملة الفكر التخريبي، وهدّام الأمن القومي، ” أهـ
      أه..

  2. يقول عفيف/امريكا:

    انا معك تماما ست فاطمه،،،،في العالم العربي كثير من القيود الاجتماعية و السياسيه و الدينيه لا يمكن تجاوزها ولو بفكره صغيره ،،،كثيره هي مقدسات مجتمعنا العربي ،،ولا اعرف بالضبط من وضع هذه القيم المحرم علينا نقدها
    الفكر العربي مقيد بالمجتمع الذ هو ايضا مقيد بافكار رجعيه متهالكه و غير قابله للنقاش ،،ولا احد يعرف لماذا
    ولكننا ولدنا ووجدناها امامنا و يجب ان نحترمها مهما تكن
    من الفرد الى العائله و العشيره ثم المجتمع ،،الجميع مقيد بقوى خفية على الجميع
    سنبقى هكذا للامد المنظور ،،مع كل الاسف
    تحياتي لك ،،،،شكرا

    1. يقول هشام. ع:

      حقيقة كلما تحدثنا عن حرية المعتقد يصبح الموضوع شائكا جدا وذو حساسية بالغة يا أخ عفيف, الأمة ارتضت مجموعة من القيم والعقائد المنبثقة من الدين, فإن سلمنا بذلك لزمنا أن نحترم أهل التخصص وأصبح الخوض في مسائل علوم الدين : الفقه والأصول والحديث … دون امتلاك رصيد من العلم للتحليل والمقارنة واسنتباط الأحكام نوع من العبث, فلو تكلم الشاعر في دقائق علوم الطب لعاب عليه الناس ذلك, وإن تطرق رجل القانون في حيثيات الهندسة الإلكترونية استغرب الكثيرون جرأته وقس على ذلك, ينبغي احترام التخصصات وأهل العلم كل في ميدانه, وعلوم الدين كغيرها من العلوم تترك لأهل التخصص ولايجوز تحت ذريعة حرية التعبير أن تصبح مرتعا لكل من هب ودب. أما وإن لم نسلم بقبول الوازع الديني كعماد لمجتمعاتنا العربية يصبح موضوع حرية التعبير والمعتقد إشكالية يصعب البث فيها, فماذا – على سبيل المثال- لو ظهر فينا من يرفض صيام الشهر الفضيل ويشهر إفطاره في وضح النهار علانية في الساحات العامة أو من جاهر بشذوده الجنسي في وسائل الإعلام بحجة القناعات الفردية والحريات الشخصية ؟ كيف ينبغي أن تتعاطى شعوبنا بشكل حضاري مع تلك النماذج من السلوكات الغريبة عن هويتنا ؟

  3. يقول سامح // الاردن:

    * انا مع حرية التعبير والرأي والنقد البناء
    وشكرا للاخت الكاتبة ع المقال القيم.
    سلام

  4. يقول سلطان السديري- سلطنة عمان:

    تميز مغاير دائما فاطمة

  5. يقول د. سامي عبد الستار الشيخلي سويسرا:

    مقالك يدور حول أمراض المجتمع المحيط بك وفي العالم العربي المعاصر وهو خلاصة إنتاج عصور مرَّتْ عليه فطبعته بذلك.؛ ولكن قياسا عما سبق قبل قرن يوجد تقدم نوعي وكمي في المجتمع العربي المعاصر على أغلب الاصعدة. فنحن العرب لم نستطع الوصول الان لدرجة الاستقلال التأملي والتَّفَكُرُي المستقل بذاه المعتمد على أرضية عقلية ونفسية وسلوكية بأهداف ثابتة الاركان في المنطق والشعور والسلوك الذاتي الجمعي في كل مجال حتى لقيادة النفس تفكريا واجتماعيا لمستوى المسؤولية الاجتماعية بعلم الاختصاص للعمل به مع نقاء الضمير والسلوك خاصا وعامة في اي موقع يكون ذلك الانسان العربي. فأغلب الذين التقِ بهم ينبثق حوار بيننا أستنتج منه انطباعات خاصة به يدور حولها وتدور فيه من المهد حتى اللحد. فإذا تناقشنا علميا أو غيره فبعد فترة قصيرة ينحرف النقاش العلمي الصرف الى نقد شخصي سلبي وتقييم بطابع معيَّن في نفسه. فالاتهام ينطلق بين الشفاه وبين الخفاء والانتشار بسوء الظن. فشخصيتنا العربية المعاصرة لم تنصهر في بودقة واضحة محددة الاركان النافعة اجتماعيا لتقدمه كما هو الحال في اليابان وبعض دول اوروبا. فكل فرد يتعلم في تدرج تعلمه في المدرسة والعمل الالتزام بالاخلاص لعمله بمستواه الخاص به, وهذا لا نجهده في مجتمعنا العربي المعاصر إلا قليلا لندرة مستوى قيمة الوعي الحق بعدل الذات وسطوع نقدها ذاتيا بلا نفاق ذاتي لغطاء حماية او خوف مُبطَّن في نفسه كتربية من المجتمع المُسيطر عليه بأبعاد عديدة تؤثر عليه لحد كبير. والموضوع ذو شجون بعيون وتصورات ديناصوريات تسبح في كل مكان

  6. يقول محمد حسنات:

    السيدة فاطمة،كالعادة متألقة وعالية ،تطل من عل ،على مجتمعات وحكومات ،تعيش تحت هواجس
    الخوف من الحريات بأنواعها ،والوعي بمستوياته ،لتبرر لنفسها حق الوصاية والرقابة للأفراد والجماعات،نقابية،حزبية ،منظمات حقوقية ،جمعيات مدنية ،نسائية …الخ
    وهكذا ،نصنع بأيدينا مؤشرات هزائمنا ،فلا تنمية للوعي ،ولا نقد ،ولا مساءلة ولا محاسبة !.
    فنحن العرب، مجتمعات وحكومات ،فرض القيود ،والجمود ،وقوائم الممنوعات ،والمسموحات !.
    نعم، سيدتي ،كما أصبت بقولك،يريدون قطيع يردد كالببغاوات بلسان واحد، آمين !.
    المطلوب، تكرار ترديد الأغنيات ،كبديل عن حق التمتع بممارسة الحقوق والحريات .

  7. يقول سمير عادل العراقي- المانيا:

    لا يوجد عندنا اناس تؤمن بحرية التعبير سواء السلطة او المعارضة السياسية او رجال الدين او شيوخ العشيرة اومدراء الدوائر الحكومية وغيرهم والسبب الرئيسي يبدا من العائلة فنحن نتربى من الصغر لعدم ابداء راي يعارض الاب او الام او الاخ الاكبر والاخت الكبرى.ثم نقوم نحن بالدور نفسه .لقد قامت السلطات باعتقال الكثير من الكتاب والمثقفين وقدموا للمحاكمة بسبب اراءهم وكذلك يفعل من يعتبرون انفسهم اوصياء على الدين فيتم اغتيال او تقديم للمحاكمة لاي شخص يعتبرونه اساء للدين.لقد اغتيل اليوم الكاتب ناهض حتر بسبب رسم كاركاتير مع العلم ان غيره قد قام بنفس الشيء ولم يتم اغتياله

  8. يقول Ali IbrHIM:

    السيدة فاطمة نعم تحليلك في غاية الاهمية ولكن الامر يحتاج منكم معشر الكتاب والصحفيين ورجال الاعلام إنتشال مجتمعاتنا مما فيه تعاني من تخلف وفوضى ذات ابعاد مختلفة .اكرر شكري لك .

  9. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

    بصراحة مقال من العيار الذهبي يا أختي فاطمة! وكم أتمنى ان يصل كلامك إلي كل إنسان في مجتمعنا العربي لأنني لم أقرأ يوما مقالا بهذا الوضوح والتعبير الدقيق والموفق تماما في وصف محتمعنا العربي بشكل خاص بشكل خاص أو بالأحرى مسألة الحرية الفكرية والفردانية الإنسانية للإنسان العربي. والحقيقة ليس فقط أننا لم نتعلم يوما محاورة البعيد والغريب من الأفكار بل هو تم تحريمه عيلنا ومازال يريد تحريمه علينا أوصياء السياسة والدين والأخلاق والمجتمع والمعرفة والثقافة والفنون، حتى أن الفردانية الإنسانية العربية يتم قمعها من كل صوب واتجاه وما صرخات الربيع العربي إلا الدليل الواضح على نهضة اجتماعية قادمة رغم ظلام القمع السياسي والديني والاجتماعي والثقافي.

إشترك في قائمتنا البريدية