غزة – «القدس العربي»: لا تزال التقارير التي تتحدث عن الآثار الكارثية للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ تسع سنوات تتوالى، وفي هذا السياق أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أن هذا الحصار، إضافة إلى الحروب والصراعات المتكررة، رفعت من مستويات الضغط النفسي والاجتماعي.
وقال بو شاك مدير عمليات «الأونروا» في تصريح صحافي خلال تفقده لمركز صحي شمال مدينة غزة، خلال إطلاق مشروع «الأونروا» التجريبي لدمج الدعم النفسي الاجتماعي ضمن خدمات الرعاية الأولية، «إن الحصار المفروض على قطاع غزة الذي يدخل عامه التاسع، وجولات العنف المسلح والصراعات المتكررة، لا يؤثران فقط على النواحي البدنية والاقتصادية والاجتماعية للسكان في غزة، ولكن يعرضانهما أيضاً إلى مستويات عالية من الضغط النفسي والاجتماعي».
وأطلقت «الأونروا» كجزء من جهودها المستمرة لتخفيف الجوانب القاسية من الحياة في غزة ولتحسين خدماتها، في 31 يناير/ كانون الثاني الماضي مشروعاً تجريبياً في مركز صحي شمال مدينة غزة، من أجل دمج الرعاية الصحية النفسية والدعم النفسي الاجتماعي ضمن خدمات الرعاية الصحية.
وقال بو شاك خلال افتتاح المشروع الجديد الذي حضره ممثلون عن المجتمع وممثلون عن منظمة الصحة العالمية إلى جانب كبار موظفي «الأونروا»، إن دمج خدمات الصحة النفسية ضمن الرعاية الصحية الأولية «تعتبر نقطة تحول لدى الأونروا، وهي تعني أنها تسعى إلى تقديم خدمات أكثر شمولية للاجئين الفلسطينيين، خصوصاً للأطفال وعائلاتهم الذين يزورون مراكزنا الصحية».
وأشار إلى أن المشروع التجريبي يرتكز على «برنامج عمل رأب الفجوة في الصحة النفسية لدى منظمة الصحة العالمية التي تهدف إلى تقديم الرعاية المناسبة والفورية للأشخاص الذين مروا في تجارب نفسية صحية، ونفسية اجتماعية، واضطرابات عصبية».
وأوضح بو شاك أن المشروع التجريبي يقر أن رفاهية الناس «مرتبطة بصحتهم البدنية والنفسية»، مضيفا «عليه فإن نهج رعاية شاملا ومتوافقا مع نموذج فريق صحة العائلة لدى الأونروا يعتبر مطلباً».
ونقل التصريح الذي وزعته «الاونروا» عن الدكتورة غادة الجدبة رئيسة برنامج الصحة في «الأونروا» في إيجازها للوضع أن حوالى ثلث اللاجئين الفلسطينيين في غزة، البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة من الذين يحصلون على خدمات الرعاية الصحية عبر 21 مركزا صحيا تابعا لـ «الأونروا» في مختلف أنحاء قطاع غزة قد ظهرت لديهم أعراض «اضطرابات نفسية واجتماعية».
يشار إلى أنه وقبيل إطلاق المشروع التجريبي، بدأ برنامج الصحة في «الأونروا» وبالتعاون مع برنامج الصحة النفسية المجتمعية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بمشروع تدريبي لموظفي المركز الصحي من أجل إمدادهم بمهارات محددة تمكنهم من معالجة أعراض الضغط النفسي الاجتماعي للمرضى أثناء عملهم في تقديم الرعاية الصحية للاجئين الفلسطينيين.
وأكدت المنظمة الدولية أن الدروس المستفادة من المشروع التجريبي ستؤدي إلى مزيد من الإنجاز، كما تخطط «الأونروا» لتنفيذ مشروع دمج خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي ضمن الرعاية الصحية الأولية في جميع مراكزها الصحية الـ21 المنتشرة في قطاع غزة.
يشار إلى أن تقريرا صدر قبل أيام عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، كشف عن «تداعيات كارثية» خلفها الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عشرة أعوام، وأكد أن 80 % من السكان يعتمدون على المساعدات الخارجية، في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وأن 40 % من سكان غزة البالغ عددهم 1.95 مليون نسمة يقعون تحت خط الفقر، فيما يتلقى 80 % منهم مساعدات إغاثية، وتواجه 73% من العائلات ارتفاعاً في حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأوضح الأورومتوسطي أن أكثر من 50% من الأطفال الفلسطينيين «بحاجة لدعم نفسي»، فيما يعاني 55% من سكان قطاع غزة من الاكتئاب.
وكانت إسرائيل قد فرضت حصارا محكما على قطاع غزة منذ أن فازت حركة حماس في الانتخابات البرلمانية في عام 2006، وزاد الحصار وشدد بشكل أكبر بعد سيطرة الحركة على القطاع صيف عام 2007.
وفي إطار الحديث عن آثار الحصار المفروض على غزة من قبل الاحتلال، أكد النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع دخول نحو 400 صنف معظمها من المواد الخام اللازمة للصناعة، إلى قطاع غزة بوضعها ضمن ما تصفها بـ»قائمة الممنوعات».
وأكد الخضري أن الاحتلال يختار هذه القائمة بعناية «بما يضمن توقف العجلة الاقتصادية وتعطيل آلاف العمال والمهندسين والقطاعات الصناعية والإنشائية وكل المصانع التي تعتمد على هذه المواد التي تدخل في صناعات مهمة تستطيع منافسة سلع واردة للقطاع وتمثل ركيزة للاقتصاد الفلسطيني».
وأشار إلى أن هذه الإجراءات تشكل»استهدافاً مستمراً للقطاع الاقتصادي والتجاري، ما فاقم المعاناة وتسبب بإغلاق 80% من المصانع بشكل كلي أو جزئي».
وشدد الخضري على أن إسرائيل زادت في الآونة الأخيرة من إضافة أصناف وسلع ضمن قائمة السلع المحظورة بحجة (الاستخدام المزدوج) وهي حجج واهية، لكنها تستخدمها كوسيلة لتقويض عجلة الاقتصاد دون حسيب أو رقيب. وأكد أن هذه الإجراءات «مخالفة لكل الاتفاقات الدولية التي تلزم قوة الاحتلال بعدم إعاقة حركة البضائع والأفراد»، لافتا إلى ما تفعله إسرائيل يوميا في ظل ممارستها لحصار خطير يعتبر عقوبة جماعية، بموجبها يجب أن يتم محاسبة الاحتلال على هذه الجريمة.
وأوضح الخضري أن الفقر والبطالة وصلتا نسبا مرتفعة جداً، في حين وصل معدل دخل الفرد اليومي 2 دولار، ونحو مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإغاثية.
وشدد الخضري على ضرورة فتح كافة المعابر مع قطاع غزة والسماح بحرية الحركة والسفر والاستيراد والتصدير وإلغاء قوائم السلع الممنوعة وتمكين القطاع الصناعي من ممارسة نشاطه دون إعاقة والسماح بالتصدير دون قيود، مطالباً المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للقيام بذلك.
أشرف الهور