الإعلام العربي يتجاهل نكبة القدس وينشغل بأزمات أخرى

حجم الخط
1

لندن – «القدس العربي»: غابت قضية القدس عن غالبية الصفحات الأولى للصحف العربية خلال الأسبوع الماضي، كما لم تتصدر اهتمام الفضائيات العربية مثلما كان الحال في السابق، وذلك رغم أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت قراراً بإغلاق المسجد الأقصى بشكل كامل أمام المصلين ليتعطل بذلك الحرم القدسي لأول مرة في تاريخه، فضلاً عن اشتباكات واسعة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال شهدتها المدينة المقدسة بالتزامن مع ذلك.
واندلعت مواجهات ساخنة خلال الأيام الماضية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في القدس المحتلة كما تداولت شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر المسجد الأقصى فارغا تماماً من المصلين بعد أن تم منعهم من الوصول اليه، فضلاً عن الأخبار التي تداولها نشطاء عبر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ومفادها أن حريقاً شب في المسجد الأقصى ليكون الأول من نوعه منذ أكثر من 45 عاماً، وليعيد إلى الأذهان جريمة إحراق المسجد الأقصى التي نفذها متطرف إسرائيلي في العام 1969.
وبدا لافتاً أن أحداث المسجد الأقصى والاعتداءات الإسرائيلية في القدس لم تعد تتصدر اهتمامات وسائل الإعلام العربية التي انشغلت بالعديد من القضايا الأخرى، بعد أن كانت القضية الفلسطينية طوال العقود الماضية هي الشغل الشاغل والقاسم المشترك الأكبر بينها إذ لا تتوحد إلا على قضية فلسطين، وخاصة ما يتعلق منها بالقدس.
وفي الوقت الذي غابت فيه وسائل الإعلام العربية عن الأحداث في القدس فإن الأنظمة العربية كانت غائبة هي الأخرى باستثناء بعض البيانات والتحركات الخجولة من بعض الدول وليس كلها، فضلاً عن أن جامعة الدول العربية غابت هي الأخرى عن الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف المدينة المقدسة.
وقال الصحافي الفلسطيني المقيم في بيروت عز الدين أحمد إن التغطيات في القنوات التلفزيونية العربية والصحف المختلفة كانت في غاية التواضع حيال الاعتداءات التي تتعرض لها المدينة المقدسة، مشيراً إلى أن غالبية وسائل الإعلام انشغلت بقضايا محلية، أو بعض الصراعات العربية مثل توسع «داعش» في سوريا، والصراع المتنامي في اليمن، والأحداث في مصر، وغير ذلك.
ويلفت إلى أن الاهتمام بالقضية الفلسطينية تراجع مؤخراً لصالح بعض القضايا المحلية، مضيفاً: «نرصد تراجعاً واضحاً في الاهتمام بالملف الفلسطيني، لكن تراجع الاهتمام لا يتوقف على الإعلام وإنما ينسحب على الأنظمة العربية والشارع العربي أيضاً»، مرجعاً هذا إلى «كثرة النكبات والأزمات» التي تشغل الأمة من المحيط إلى الخليج.
ويلقي عز الدين أحمد جانباً من اللوم على السلطة الفلسطينية والقوى والفصائل التي لا تبذل ما يكفي من جهود للحفاظ على الاهتمام والتركيز بشأن ما يجري في القدس المحتلة، مشيراً إلى أن «على السفارات الفلسطينية في الخارج والجاليات الفلسطينية والفصائل أن تركز نشاطها من أجل إحياء الاهتمام بقضية القدس وعدم تغييبها».
ويخشى الكثير من المراقبين في العالم، بمن فيهم الفلسطينيون، أن تكون الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في القدس المحتلة، بما في ذلك الاستيطان بمثابة بالون الاختبار الإسرائيلي الذي تريد منه سلطات الاحتلال تغيير الواقع على الأرض تدريجياً مع رصد ردود الفعل الفلسطينية والعربية تجاه هذه التغييرات.
وقال الكاتب الأردني محمد أبورمان إن ما تقوم به إسرائيل في القدس المحتلة ليس سوى «استراتيجية ترويض» تقوم على التقدم عشر خطوات ثم التراجع خطوتين فقط من أجل «اختبار وقياس ردود الفعل والتداعيات».
ويتفق الصحافي عز الدين أحمد مع أبو رمان في أن إسرائيل تمارس «سياسة الخطوة خطوة» على حد تعبيره، معتبراً أن مرور هذه الاعتداءات بسلام سوف يشـجع على ارتكاب المزيد منها في المستقبل، كما يؤكد بأن إسرائيل بدأت استغلال الظروف العربية الراهنة، خاصة في ظل ما يجري في مصر وسوريا ولبنان من أجل تغيير الوقائع على الأرض، وفرض ما تريده على الفلسطينيين، بما في ذلك تهويد المدينة المقدسة، والتهام أراضي الضفة الغربية لصالح المستوطنين القادمين من الخارج.
يشار إلى أن مدينة القدس المحتلة تشهد موجات تهويد واسعة النطاق منذ عدة شهور، أحدثها عملية الاستحواذ على 25 منزلا فلسطينيا في بلدة سلوان القريبة من القدس، وهي المنازل التي تقول مصادر فلسطينية إنه تم بيعها من فلسطينيين لإسرائيليين عبر وسيط استخدم حيلة مخادعة من أجل اقناع الأهالي ببيع عقاراتهم.
وتمارس السلطات الإسرائيلية سياسة تضييق ممنهج على الفلسطينيين في المدينة المقدسة من أجل دفعهم إلى مغادرتها، حيث تفرض ضرائب باهظة عليهم، وقيوداً على حركتهم، وتمنح المستوطنين حماية خلال الاعتداءات التي يستهدفون بها الفلسطينيين من سكان المدينة.

محمد عايش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    الإعلام العربي كل هم أربابه المال. حثو المال من خلال الإرساليات القصيرة واستغلال الضعفاء من الجهلة الذين يطمعون في الحصول على ما تدعي وسائل إعلام أنها مسابقات للتنافس. فكيف لهكذا إعلام أن يخصص حيزا للأقصى أو لفلسطين؟ الإعلام العربي عليه أن يعلم أن حريته هي من حرية فلسطين لأنه لا يختلف عنها في الإحتلال بحيث تسيطر عليه الصهيونية بطريقة أو بأخرى وفقا لما ورد في بروتوكولات الصهاينة والتي من ضمنها توجيه الإعلام وفق مصالحهم.

إشترك في قائمتنا البريدية