الإعلام المصري: غزل متزايد بإيران وانتقادات متواصلة للسعودية

حجم الخط
3

لندن ـ «القدس العربي»: تحول انتقاد السعودية والغزل بإيران إلى ظاهرة في وسائل الإعلام المصرية، وازدادت وتيرة الانتقادات والقدح بالتلميح ضد السعودية، في الوقت الذي ازداد فيه مديح إيران بالتزامن مع توصلها لاتفاقها النووي مع الدول الغربية وقرب انتهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بما أعطى انطباعاً بانتعاش اقتصادي وشيك في إيران.
وانشغلت العديد من القنوات التلفزيونية الخاصة في مصر، وبرامج التوك شو، وكتاب المقالات بانتقادات تفاوتت بين المباشرة والمبطنة للسعودية، في الوقت الذي بدا واضحاً فيه الترحيب المصري بالاتفاق النووي، والمديح الذي يكال للإيرانيين الذين يعتبرون الخصم للسعودية التي تحارب حلفاءهم بشكل مباشر في اليمن.
وبدأت موجة انتقاد السعودية والغزل بإيران بالتصريحات المفاجئة التي جاءت على لسان الصحافي والكاتب المعروف محمد حسنين هيكل، المعروف أنه مقرب من دوائر صنع القرار في مصر، والتي قال فيها إن النظام في السعودية غير قابل للبقاء، متنبئاً بانهياره قريباً. واعتبر أن المنطقة تضم ثلاث دول فقط هي: مصر وإيران وتركيا، أما بقية الدول فهي مجرد فسيفساء على هامش هذه الدول، في محاولة للتقليل من شأن السعودية ودول الخليج.
ورغم أن هيكل ليس ناطقا باسم النظام في مصر، إلا أن الصحافي السعودي جمال خاشقجي اضطر للقول إنه «حتى لو اعتبرنا تصريحات هيكل لا تمثل النظام في مصر، فان أياً من المسؤولين في القاهرة لم ينتقدها أو يتبرأ منها أو يوضح بأنها لا تمثل النظام وإنما تمثل من تحدث بها، حيث سكت كل الناطقين الحكوميين المصريين رغم الضجة التي ثارت بسبب تصريحات هيكل.

الأهرام تهاجم السعودية

ولم يتوقف الهجوم على المملكة والغزل بإيران عند تصريحات هيكل، لكن رئيس تحرير جريدة «الأهرام» أطل برأسه عبر مقال افتتاحي يمثل موقف أهم صحيفة قومية في مصر، موجهاً انتقادات حادة للسعودية بسبب استقبال الملك سلمان لقيادة حركة حماس في الرياض في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك. وقال رئيس تحرير «الأهرام» محمد عبد الهادي علام في مقاله معلقاً على استقبال السعودية للقيادي الإخواني اليمني عبد المجيد الزنداني، واستقبال السعودية لقيادة حركة حماس إن ما فعلته الرياض إنما هو «من قبيل الجهل وقصر النظر والاستعباط السياسي، ولو اعتقد البعض أن مثل تلك السياسات سوف تحميه فهو واهم، فمثل تلك السياسة عمرها قصير في حماية الأنظمة ولا تخدم حماية الأمن القومي لدول المنطقة».
وتابع علام قائلاً: «إن عملية إعادة حركة حماس، واستقبال قادتها في عواصم عربية لن يخدم الدول التي فتحت لهم أبوابها لأن الحركة اعتادت الانقلاب وخدمة أهدافها وليس أهداف القضية الفلسطينية التي تمثل حماس خنجراً في ظهرها اليوم ولا يمكن الوثوق في توجهاتها».
ويتغزل رئيس تحرير جريدة الأهرام بالإمارات وموقفها المخالف تماماً للموقف السعودي، حيث يقول إن «دولة الإمارات تقف صلبة وقوية في موقفها المبدئي الرافض لتلك الرؤية المتقلبة في التعامل مع جماعة الاخوان وتساند الموقف الرسمي والشعبي المصري بلا تردد أو خشية من أحد».
وينتهي علام إلى التساؤل: «ما الذي حدث حتى تعود تلك الدول (يقصد السعودية) إلى سيرتها الأولى؟ وهل هناك ضغوط من الولايات المتحدة من أجل إعادة الجماعة (يقصد الإخوان) إلى الواجهة؟ وما الذي يدفعها إلى تبني سياسات تخالف ما جرى في العامين الماضيين؟».

إبراهيم عيسى: هجوم متواصل

وشن الإعلامي المصري المعروف ابراهيم عيسى هجوماً متواصلاً على السعودية في أكثر من مرة ومناسبة خلال الأسبوع الماضي، حيث قال خلال برنامجه على قناة «أون تي في» إن السعودية هي التي تمول تنظيم «داعش» الذي يحارب النظام المصري في سيناء.
واتهم عيسى السعودية بأنها تقوم بــ»تخريب مصر»، متهماً إياها بأنها ومعها دول النفط «تمول السلفية والوهابية التي أنتجت تنظيم داعش الإرهابي»، مشيراً إلى أن هؤلاء السلفيين الممولين من السعودية يقومون بــ»تخريب العقل المصري وتلويثه ويحولون مصر إلى صحراء فكرية، وإلى بداوة فقهية». ودعا ابراهيم عيسى في حلقة نارية انتقد فيها السعودية إلى «نفض الغبار من أجل استعادة مصر بعقلها ومفكريها الكبار العظام»، في اشارة إلى رفض الأفكار السلفية والوهابية التي تصدرها السعودية للمصريين.
ومن المعروف أن ابراهيم عيسى ورد اسمه في التسجيلات التي تسربت عن مكتب السيسي، ضمن قائمة من الإعلاميين كان مدير مكتب السيسي عباس كامل يملي عليهم الأوامر منذ ما قبل وصوله إلى سدة الحكم في مصر.
ويعلق عيسى غاضباً في حلقة أخرى على وثيقة تسربت عبر «ويكيليكس» ويتبين منها أن شيخ الأزهر يستأذن السعودية قبل أن يوافق على استقبال ضيوف إيرانيين، ويقول عيسى: «ما علاقة ملك السعودية أن يُسأل ـ ولا أقول يُستأذن- عما إذا كان يقابل ضيوفا إيرانيين أم لا؟».
ويتابع عيسى: «أين الأزهر الذي يقول عن نفسه مستقلاً؟».
وكان من بين وثائق «ويكيليكس» التي تسربت مؤخراً رسالة من وزير الخارجية السابق سعود الفيصل إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز، يطلب فيها التنسيق من أجل أن يقوم شيخ الأزهر باستقبال ضيوف إيرانيين.

الحسيني: إيران قادمة

وقال الإعلامي يوسف الحسيني المحسوب أيضاً على الإعلاميين المقربين من النظام المصري، وكان اسمه قد ورد في التسريبات ضمن من يتلقون الارشادات من مكتب السيسي، قال إن «إيران لديها فراهدة السياسة»، مشيراً إلى أن الاتفاق النووي شكل انتصاراً كبيراً للإيرانيين.
وأضاف: «إيران قوة اقتصادية قوية جداً وضاربة في المنطقة، وبعد رفع العقوبات عنها سترون ماذا ستفعل لأن لديها قاعدة صناعية ضخمة جداً، واحتياطات بترول كبيرة جداً، فإيران آتية آتية، فمن الذي يستطيع أن يكون الند والقامة والهامة أمام إيران؟.. القاهرة فقط».
وفي حلقة أخرى تناول فيها الحسيني الحدث السوري تساءل ملمحاً إلى السعودية: «إلى متى سنظل خاضعين لتصورات ورؤى مجموعة موجودة حولنا ولا يهمها مطلقاً مستقبل سوريا، ولا يهمهم مطلقاً مستقبل الشعب السوري، ولا يهمهم على الاطلاق وحدة الدولة السورية، وكل ما يهمهم هو إسقاط نظام بشار الأسد فقط».
ويتابع: «أن تدفع سوريا الثمن ليس مهماً، وأن تبلغ تكلفة إعادة إعمار سوريا 750 مليار دولار لا يهمهم ولن يدفعوا هذه الأموال، ما يهمهم هو إسقاط نظام الأسد، وهذا كل ما يفكر به البعض للأسف».
يشار إلى أن العديد من المراقبين يرصدون توتراً في العلاقات بين الرياض والقاهرة منذ التغييرات التي شهدتها البلاد في أعقاب وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز مطلع العام الحالي، فيما رصد المراقبون الكثير من الإشارات على التوتر، من بينها عدم تقديم أي مساعدات مالية سعودية إلى النظام في مصر منذ صعود الملك سلمان إلى الحكم في المملكة.
كما يشير بعض المراقبين إلى أن المعسكر السعودي الداعم للنظام في مصر قد أطيح به من الحكم في الرياض، وهو المعسكر الذي يسود الاعتقاد أن رئيس الديوان الملكي الأسبق خالد التويجري هو الذي كان يترأسه، إضافة إلى رئيس الاستخبارات السابق والرجل الذي كان قوياً في المملكة الأمير بندر بن سلطان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    لم يتغير شيئ بالعلاقات المصرية السعودية
    ولكن شر الحوثيين قد عظم ولذلك سايست السعودية الاخوان المسلمين
    ولكن بعد أن يتمكن الرئيس هادي من دحر الحوثيين فسيرجع الوضع كسابقه

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول الحرحشي -منشية بني حسن( الهنود الحمر في الاردن)-المفرق:

    السيسي اراد ويريد ابتزاز السعوديين والناس صحيت في الامس عدالله واليوم سلمان.

  3. يقول Koekange:

    مافيش فايده!!! أين البنيان المرصوص؟؟؟؟ ومتي يشد بعضه؟؟؟

إشترك في قائمتنا البريدية