مدريد ـ «القدس العربي»: لا يخفي خوسي لويس ربوردينوس عشقه للشاشة الفضية تماما مثل كاهن بوذي اكتشف لتوه سر محراب القاعات المظلمة، فولهه بعالم الصورة والصوت قاده قبل أربع سنوات إلى تولي إدارة أحد أكبرالمهرجانات على المستوى الدولي، بعد أن راكم تجربة في مكتبه التنفيذي وإشرافه السابق على وحدة السينما في سان سيباستيان الثقافية ومهرجان حقوق الإنسان وسينما الخيال والرعب .
لكن توليه الإدارة، رفقة فريق يجمع بين المخضرمين والشباب، لم يكن سهلا إذ تسلمها في عز أزمة اقتصادية عانت منها إسبانيا وتركت أيضا أثرها على ميزانية المهرجان، ما دفعه إلى البحث الدؤوب عن ممولين ومساهمين جدد في رحلة ما تنتهي حتى تبدأ أخرى.
ولد خوسي لويس في مدينة الرينتيرية سنة 1961 شمال إقليم الباسك، حاصل على الإجازة في علوم التربية. ويعد ربوردينوس من الدعامات الأساسية، للسينما الإسبانية. لفت الانتباه إلى وجود سينمائيين شباب جدد يشكلون نسمة من الهواء النقي المنعش لأفلامنا… كما يدافع عن استقلالية المهرجان واختياراته، من دون الحاجة للوصاية، لأن لجنة الاختيار تحاول عند برمجتها للأفلام أن تتميز بجودة سينمائية وألا تكون حزبية أو أحادية الاتجاه
ولا يخفي ربوردينوس اعتقاده في السينما في أمريكا اللاتينية ككل، لأنها تشكل أكثر الأماكن على وجه الأرض امتلاكا للقدرات الإبداعية .
في هذا الحوار أيضا يوجه خوسي لويس دعوة للسينمائيين العرب للمشاركة بأفلامهم لأنهم شهود على كل ما يجري في البلدان العربية وبمثابة العين التي من خلالها يتعرف المشاهد الغربي على ما يجري في بلدانهم، وليس عبر التلفزيون والأفلام الأجنبية….
■ بداية ما هو جديد الدورة
□ ليس هناك جديد، نكررفقرات السنوات السابقة، لأنها ناجحة بشكل جيد. بمعنى أن بنية الأقسام التي لدينا الآن مع إدراج قسمي سينما الطبخ والسينما المتوحشة، في السنوات الأخيرة تعمل بشكل جيد جدا. وأيضا منتدى الإنتاج المشترك بين أوروبا وأمريكا اللاتينية الذي أطلقناه منذ ثلاث سنوات. ونحن نرى ألا حاجة للمهرجان في هذا الوقت إلى تغييرات هيكلية كبيرة.
■ ما هي مواصفاتكم في اختيار الأفلام التي تشارك في المسابقة الرسمية؟
□ أولا أن تنال إعجابنا وأن تكون مثيرة للاهتمام، ثم نحاول أن تكون المسابقة متنوعة. ولذلك، نحن نحاول أن نبرمج أفلام السرد الكلاسيكي مع غيرها من الأفلام التي تتميز بالبحث عن سبل جديدة للرواية الفيلمية؛ نبحث عن مختلف الأنواع، بما في ذلك الأفلام الكوميدية، الدراما، قصص الإثارة، وما إلى ذلك، كما نحرص أن تمثل مجموعة كبيرة من مختلف البلدان…
■ ماذا يمكن أن يقوله خوسي لويس أمام غياب الممثل عمر الشريف عن عالمنا؟
□ بوفاة عمر الشريف فقدنا ممثلا كبيرا وجزأ مهما من تاريخ السينما.
■ ما الذي تعنيه السينما بالنسبة لخوسي لويس؟
□ إنها شكل للتعبير الفني وأداة فعالة للتواصل… وبإذن الشاعر: «سلاح مشحون للمستقبل».
■ الفيلم الذي يحتل مكانة مهمة جدا في ذاكرة خوسيه لويس؟
□ هناك العديد من الأفلام مثل: «غيرترود» لكارل تيودور دراير. و»سيفن سيل» الختم السابع لإنغمار بيرغمان. «بيردوغو» (الجلاد) للويس غارسيا بيرلانغا. مي نيربود طوطور وجارتي طوتورو لهاياو ميازاكي وغيرها.
■ في هذا العالم المليء بالمجازر والإرهاب في فلسطين، العراق، سوريا ومصر… هل يمكننا متابعة الإنتاج السينمائي؟
□ نعم، السينما ليست فقط فرجة كبيرة، وشكلا من أشكال الترفيه، بل أيضا يمكن أن تساعد في إثارة النقاش وشجب المواقف. كما يمكن أن تكون وسيلة للتقريب بين المواطنين والشعوب. وفي الوقت الحاضر هناك مشاريع جميلة جدا، حيث يعمل جنبا إلى جنب صناع السينما الإسرائيلية والفلسطينية.
■ أكد الممثل ويلي طوليدو على أن الفيديو الذي يظهر إطلاق النار على الشرطة من طرف الإرهابي في باريس هو تركيب سيء. كيف يرى خوسي لويس ذلك؟
□ ليس لدي أي فكرة. ولا أعرف على أي أساس ويلي طوليدو متيقن من أن تلك الصور مركبة.
■ ما رأيك في السينما الاسبانية الحالية؟
□ تمر بلحظة رائعة، سواء من حيث الجودة أو التنوع.
■ هناك أصوات تعتقد أن ظاهرة «أوتشو أبييدوس باسكوس» أي ثمانية أسماء عائلية باسكية تشكل أزمة على المستوى الموضوعي والفني في السينما الاسبانية؟
□ لا أوافق هذا الرأي. أعتقد انه منتوج ذكي جدا ومصمم بشكل جيد مع حملة ترويج ممتازة وحصل بالضبط على ما أراد: اكتساح شباك التذاكر. إنه لأمر جيد أن يكون لدينا العديد من شاكلة «أوتشو أبييدوس باسكوس» إلى جانب أفلام مثل «لا إيسلا مينيما» الجزيرة الدنيا، «ماجيكل غيرل» فتاة سحرية ،»إيرويس ديل مال» أبطال الشر و»إيكسيليادوس رومانتكوس» «المنفيون الرومانسيون» .
■ هل هو تعبير وانعكاس للأزمة الثقافية والاجتماعية عند الشعب الإسباني؟
□ أنا لا أعتقد أن الشعب الإسباني يمر بأزمة ثقافية أو على الأقل ليس أكثر من أي بلد آخر في أوروبا. ربما نعم إنه يمر بأزمة اجتماعية واقتصادية …
■ أثناء عرض أفلام «أشيرو أنا»و»لاساي وثبلا» كانت هناك أصوات مثيرة للجدل تتهم المهرجان بدعم الانفصاليين؟
□ نعم، وأعتقد أن النقاش أمر جيد. بعد اختيار «أشيرو أنا»علقت بعض وسائل الإعلام أن منظمة «إيتا» تسللت الى المهرجان. وأعتقد أن هذا الفيلم مثير جدا للاهتمام، جدلي، حيث تتم مقارنة وجهات نظر عضو سابق في «إيتا» مع آخرين يختلفون تماما معه. وقبل ذلك بعام، اتهمتنا قطاعات أخرى من المجتمع الباسكي بالرقابة على عرض فيلم «برورا بيغيراتسيكو لييواك «، أي نوافذ نحو الداخل، لأسباب معاكسة للاتهامات الأولى. فلجنة اختيار المهرجان تتخذ قراراتها بحرية وتدمج أشخاصا لهم أساليب مختلفة في فهم الحياة والسياسة. نحاول عند اختيار الأفلام أن تتميز بجودة سينمائية وألا تكون حزبية أو أحادية الاتجاه. وفي أي حال، أحيانا نصيب كما نخطئ في قراراتنا.
■ يعاني المهرجان في بعض الأحيان من حركة الإضرابات في المطارات كيف تعملون لحل هذه المشكلة؟
□ عندما تكون لدينا مشكلة من هذا النوع، نحاول تقليل الضرر ونبحث عن رحلات جوية خاصة أو وسائل بديلة للنقل.
■ هل ما زال خوسيه لويس معتقدا بمستقبل السينما في أمريكا اللاتينية؟
□ نعم، ما زلت أعتقد في السينما في أمريكا اللاتينية وفي أمريكا اللاتينية. أعتقد أنها الآن تشكل أكثر الأماكن على وجه الأرض امتلاكا للقدرات الإبداعية.
■ تسجل إسبانيا أعلى معدل للضريبة على القيمة المضافة على السينما ووفقا للممثل كارلوس بارديم فالحكومة تريد قتل الثقافة وتعمل على دعم الرياضة، بصفتك مديرا لمهرجان سينمائي هل هذا المعدل معقول في هذا الوقت؟
□ أعتقد أن الثقافة ضرورة أساسية للبشر. لذلك، أعتقد أنه يجب أن يكون معدل ضريبة القيمة المضافة منخفضا. ضريبة 21% تشكل ضربة قاسية للسينما والثقافة بشكل عام.
■ ما هي مشاريع المهرجان للاحتفال بدونوستيا – سان سيباستيان التي تم اختيارها عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2016؟
□ مبدئيا نحن نعمل على مجموعة مهمة من الأفلام كما نهيئ كتابا عن ذلك مع سان سيباستيان 2016 . وسيتم الإعلان عن مضمونه في وقت لاحق.
■ كلمة لصناع السينما في العالم العربي
□ أود أن أقول لصناع السينما العرب أننا محتاجون لأفلامهم. من جهة، لأننا نريد أن نتعرف على القصص التي يريدون حكيها. ومن ناحية أخرى، لأنهم أصبحوا شهودا على كل ما يجري في البلدان العربية. يجب عليهم أن يكونوا العين التي من خلالها يتعرف المشاهد الغربي على ما يجري في بلدانهم، وليس عبر التلفزيون أو الأفلام الأجنبية.
خالد الكطابي