من المسلم به في نظريات القراءة ونقد استجابة القارئ أن النقد عملية قرائية إنجازية تقوم على معادلة جدلية بين ناقد أدبي وخطاب مقروء ومتلق قارئ. والقراءة الفاعلة هي التي تتواءم فيها هذه الأطراف الثلاثة تواؤما ذاتيا وموضوعيا ضمن آليات قرائية ذات مسارات مقننة تضمن للناقد أداء وظيفته المتمثلة في إفادة القارئ الذي هو دوما بحاجة إلى ناقد يكشف له خفايا النصوص ناهضا بالتأويل وباحثا عن المجهول من دون إسراف ولا مبالغة وبلا تشاؤم أو غلو.
وهذا ما يتم وسمه بـالاستراتيجية التي انتقلت في أصلها الإغريقي من المعنى العسكري إلى معاني الإدارة والقيادة ثم صارت تعني علم التخطيط وهي في النقد نظرية معرفية لها صلة بنظريات القراءة ونقد استجابة القارئ. ويغدو وجود الاستراتيجية بمثابة شروع عملي محدد نظريا وممنتج منهجيا وموظف ذاتيا، يسير عليه الناقد مبتغيا تحقيق أغراضه الفنية والموضوعية عبر قراءات نقدية فاعلة تتوفر فيها سمات النجاعة الوظائفية كما تمتاز بقوة بنياتها الإنتاجية.
وللاستراتيجية القرائية مواضعات وتمفصلات بعيدة عن التداعي أو التصور العشوائي، ولقد مال جوناثان كولر إلى تصور أن “الناقد لن يكتب ما لم يفكر بشيء جديد يقوله حول نص ما، ومع ذلك يفترض أن قراءته ليست ظاهرة عشوائية”. ولذلك توصف الاستراتيجية القرائية عادة بأنها فاعلية ذات طرائق وإجراءات تتم على مستوى الفعل القرائي، وهي سلسلة من أفعال إجرائية تتجسد في الذهن تخطيطا وتتشكل في الواقع خطة لها أهداف مقصودة.
وتكشف الطبيعة الدينامية للاستراتيجية القرائية سواء أكانت تأويلية أم تفسيرية بأن فاعليتها متوزعة بالتساوي بين النقد بوصفه مثيرا ومحفزا، وفعل القراءة بوصفه استجابة واعية ولا وجود لاستراتيجية منجزة في القراءة النقدية من دون مقومات في مقدمتها الفهم، وهذا ما يتجلى في الاستراتيجيات التأويلية التي هي معتمدة على انجاز فعل القراءة، وعادة ما تركز هذه الاستراتيجية التأويلية على الكفاية الأدبية التي هي من أعراف القراءة بمفهومي ستانلي فش وجوناثان كولر.
وتأتي المقصدية مقوما مهما من مقومات أية استراتيجية بوصفها مفهوما إجرائيا هو بمثابة المحرك الديناميكي الذي يحمل الناقد على وضع خطة لنتاجه الكتابي وبما يضمن له التأثير في المتلقين، وعلى هذا الأساس فإن المقصدية هي المحور في أية استراتيجية والحلقة الموصلة بين الناقد ومتلقيه.
وهي أيضا الإطار الذي به يدشن الناقد إنتاجيته النقدية مبرهنا على ضلوعه النقدي، ومؤكدا تمرسه الكتابي وقاطعا الطريق أمام أي تلكؤ يسمح باختراق المقصدية وخرقها بالانتقائية الإنشائية أو بتدخل الحدسية والتأثرية.
وبسبب ميكانيكية عملية القصد بوصفها هي اللب في كل استراتيجية قرائية، لذلك تتوقف عليها عملية التوصيل وبدونها لن تتم المطابقة كما لن يحصل التلاقي ما بين مقصديتي المتلقي والناقد.
واستراتيجية القصد تفاعلية خطابية ذات طابع تداولي يتطلب تفاعلا آنيا لحظة القراءة، سواء أكانت القراءة آخذة خطا سطحيا يتمرأى ظاهرا أو متبعة منظورا شاقوليا يمتد في العمق من الخطاب النقدي. ويظل التأويل هو النتيجة الحتمية لهذه المقصدية كإنتاجية معرفية لم تكن لتبنى إلا على فهم منجز أو انجازي، هو عبارة عن تداولية استراتيجية تضبط هذا التأويل من ناحية وتوجهه الوجهة المنسجمة والواحدية من ناحية أخرى.
وهي تضمن للاستراتيجية الثبوت والتمظهر إلا إذا اقترنت بداخلها قرائن خارجية ونصية وهذا ما يجعل المقصدية المنتجة أما معلنة فيحاول المتلقي أن يفهمها او مضمرة فيسعى المتلقي إلى أن يتبنى منظورا تأويليا ما ولكن مهمته حينئذ ستكون عسيرة جدا
وكان ميشيل فوكو قد ذهب إلى أهمية التفكير في التشريط المزدوج لاستراتيجية ما واستعملها كسلطة محايثة للإرادة المعرفية تارة ولاستراتيجية بالجنسانية تارة ثانية ورآها تارة ثالثة شبكة من المفاهيم التي تحدد المقاصد والوسائل.
ومن المقومات الأخرى التي لها أهميتها في بناء الاستراتيجية القرائية التعضيدية في الأدب، وأعني بها توافر التوافق ما بين “سترجة” رؤيا العالم عند الناقد وطبيعة الخطاب المقروء. وبهذا التوافق تتعضد الصلة وينتفي وجود أي نوع من التنافر ما بين أجزاء الفاعلية القرائية، كما يختفي وجود أي تضاد ما بين هذه الأجزاء من منطلق تراتيبة الشكل وتوافقيته في التعاطي مع الموضوع، وذلك بناء على ما يقتضيه توزيع محطات القراءة ما بين هذه الأجزاء مع التثبت في تبني الآراء والدفاع عنها.
ويحتل التخطيط المسبق مكانا رئيسا في الاستراتيجية القرائية، وهو القاعدة النظرية التي ستشيد القراءة عليه قالبها. وإذا كان هذا عاما وإجماليا في أي فعل قرائي سواء أكان أدبيا أم نقديا، فان التخطيط القرائي بعد ذلك كله لن يغدو استراتيجية، إلا إذا كان له مكان مهم وظاهر في القراءة بناء على ما يمتاز به فعل التخطيط من عمليات التماثل والانسجام والتحويل والإنتاج كمبادئ تضبط شبكة العلاقات وتدعم سلسلة المستويات التي تتضمنها الاستراتيجية لتنعكس بدورها في القراءة شكليا ومضمونيا.
وبوجود التخطيط تضمن الاستراتيجية القرائية لنفسها الإنجاز وتحقيق الاتمام الإجرائي والفعلي، وحينذاك ستغدو موصوفة بأنها ميكانيزمية تخطيطية وتداولية فعلية قوامها الاستنباط والاستدلال، ولولا ذلك لما لمسنا كقراء في أي خطاب نقدي علائقية المبنى والمعطى ولعدمنا الظفر بجاهزية الترابط المركزي بين كلية المقروء وتفريعاته الجزئية.
وتعد الهوية الناقدة سمة مهمة لا قيام لأي استراتيجية من دونها، وكانت مدرسة علم نفس الذات التي ظهرت في نيويورك قد اهتمت بالقارئ وهويته الذاتية وانضم إليها مجموعة من النقاد. وإذا كانت الاستراتيجية هي التنظيم الانتاجي في التخطيط لفاعلية القراءة التي تعطي للنقد صورته الإنجازية، بوصفها التنظيم القصدي المتقن الذي يضمن للنقد أن يكون إنتاجية قابلة للقراءة وإعادة القراءة فإن الهوية الذاتية في القراءة هي هذه التخطيطية القرائية التي تجعل الناقد يستنهض طاقة النص المقروء ليكتشف عديد طبقاته ومكونات سياقاته ومستويات تشكله ممارسا سيطرة تفسيرية وتحليلية وربما تأويلية على النص الادبي.
والاستجابة للنص المقروء مقوم آخر مهم تتوقف على إجرائية التعاطي معه فاعلية الاستراتيجية القرائية وحيوية إنجازيتها. ويعد الانسجام أهم ملامح الاستجابة الجمالية، وكان ولفغانغ ايزر قد جعل الاستجابة تالية لعملية التحديد بناء على تساؤل مفاده: كيف يمكننا أن نصف العلاقة بين النص والقارئ؟
وإذا كان معنى «سترجة» التشخيص القرائي مضاهيا لمعنى الإنجازية القرائية، فإن دلالاته ستتمظهر في هيئة المتلقي/القارئ، الذي به ندرك مدى تحقق صورية القراءة النقدية ظاهريا وتمام بنياتها المضمرة داخليا.
وبهذه المقومات تتخذ الاستراتيجية القرائية طابعها العملي في كونها سلسلة من أفعال إنجازية يتم عبرها نقد المقروء وملء فراغاته، عبر التناسب والتبادل والتفاعل بين مزدوجتين نفسيتين هما الوحدة/الهوية والنص/الذات، لتجتمع الأنانوية بالموضوعية وتلتقي الحقيقة مع الافتراض ويرافق التلغيز الوضوح وتتعامد الكتابة مع القراءة.
وعادة ما تستقطب الفراغات داخل النص المقروء الناقدَ الشكلاني والبنائي ومن بعدهما السيميائي والتفكيكي ومن تلاهما من نقاد الاسطورة والنسوية والنقاد الثقافيين أو من قبع وراءهما من نقاد التلقي ونقد استجابة القارئ.
فإذا كان النص المقروء قصا طويلا أو قصيرا فعند ذاك ستكون الاستجابة النقدية له كأساليب ومناهج بمثابة توكيد للهوية المتفردة والمميزة والذاتية. والسبب أن الاستراتيجية القرائية للرواية والقصة هي استجابة منهجية من نوع خاص وبأساليب متعددة تتعامل مع الإجناسية القصصية كوحدات حية عضوية تتطلب توحدا وتناسقية، وهكذا تكون كل قراءة نقدية هي عبارة عن وحدة حية مؤلفة من وحدات أصغر ذاتية أو موضوعية.
* أكاديمية عراقية
نادية هناوي
الصفه الاولى المشار اليها للمتقين هي الايمان بالغيب .. ولكن .. ما هو معنى الغيب هنا؟؟.. عن اي غيب يتكلم الله هنا؟؟.. بما ان كلام الله هنا متعلق ب (كتاب الكون) والكون فيه غيب وشهاده .. فيكون غيب الكون من ضمن المقصود بالمعنى .. وغيب الكون هو سلسلة اسرار وخفايا السموات والارض اللامتناهيه من (اشياء ومواد و برمجيات) ..
هذا هو الايمان الاول للمتقين والذي يبني لديهم (قراءه) لانطلاق الفعل الخلاق باقامة الصلاة مع هذا الغيب .. اي ان معنى اقامة الصلاة هنا هو دوام الصله والتواصل مع سلسلة اسرار (اشياء ومواد وبرمجيات) هذا الكون اللامتناهيه .. وهذه الصلاه (الصله والتواصل) حتما ستؤدي الى انتاج رزق اي الى انتاج (معرفه وتطبيقات) فيها مردود مادي ومعرفي ..
اما الصفه الثانيه المشار اليها للمتقين فهي الايمان بما انزل الله الى محمد عليه السلام وبما انزل الله الى من كانوا قبل محمد عليهم جميعا السلام .. فالمقصود هنا بالعموم .. الايمان بالمصحف والانجيل والتوراة وبما فيهم من شرائع (وفق .. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) ومشاعر (صلاة سجود او ركوع او صيام او حج …الخ) .. هذا هو الايمان الثاني للمتقين والذي يبني لدى المتقين (قراءه) لانطلاق تأطر وتعريف الفعل الخلاق الصالح للاعمار الايجابي المادي والنفسي ضمن تعدديه شرائعيه وشورى تكمل بعضها بعضا ..