الاعتداء على الكنيستين والتقصير الأمني في مصر!

حجم الخط
25

تعرّض الشعب المصري أمس لهزّة جديدة كبيرة تمثّلت في اعتداءين دمويين على كنيستي مار جرجس في طنطا والكرازة المرقسية في الاسكندرية وخلّف الحادثان عشرات القتلى والجرحى من المدنيين ورجال الأمن.
الاعتداءان يعتبران نموذجا للإرهاب، الذي يتعمد الضرب بدور العبادة بقصد قتل أكبر عدد من الضحايا المدنيين. ويحمل الاعتداءان دلالة رمزيّة كبيرة فقد تم تنفيذهما في عيد «أحد السعف» (الشعانين) وهو اليوم الذي يبدأ ما يسمى في اللاهوت المسيحي بـ«أسبوع الآلام» ويرافق ذكرى دخول المسيح إلى مدينة القدس التي استقبله أهلها بالسعف والزيتون، وفي هذا العيد الذي يعتبر في بلاد الشام مناسبة عائلية يحضر الأطفال الكنيسة مع فروع من أشجار الزيتون والنخيل.
وكما هي العادة في الهجمات الدموية التي يتعرّض لها الأقباط فقد ساد شعور شعبيّ كبير بالتقصير الأمني، فإضافة إلى أن مهاجم كنيسة طنطا استطاع اجتياز الحواجز والإجراءات المفترضة وقام بزرع عبوة داخل الكنيسة، فإن هذا التقصير لم يحفز إجراءات أمنية سريعة لحماية الكنائس الأخرى، وخصوصاً الكنيسة المرقسية التي كان يقدّم عظتها بابا الكنيسة القبطية تواضروس الثاني شخصيا.
استهتار السلطات المصرية بحياة شعبها، لا الأقباط منهم فحسب، أمر مفروغ منه وهو لا يحلّ، للأسف، بإجراءات أمنية فحسب ويستدعي قراءة سياسية للسياق المعاصر للوضع المصري.
على الصعيد الداخليّ لا يمكن فصل ما يجري حاليّاً في كل أنحاء البلاد عن الاستعصاء الذي أدخل الجيش المصري البلاد فيه بانقلابه على أول حكم مدنيّ مصري قائم على الانتخابات، وقد ساهمت هذه الأزمة السياسية الكبرى في شحن الأزمات المصرية المزمنة الأخرى، اقتصادية واجتماعية بحيث يغدو التدهور الأمني تحصيل حاصل ما يعني فشل التعاطي معه بأسلوب أمني يؤجّج المسألة بتجاهل أسبابها الحقيقية.
أحد المعارضين الأقباط وضع أصبعه على هذه المسألة في تصريح لـ«القدس العربي» ينشر اليوم قال فيه إن «لعنة الدم تطارد الجميع من أول نقطة سالت في ميدان التحرير حتى مذبحة رابعة مرورا بأحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء. آلاف الأبرياء سقطوا دون ذنب سوى إيمانهم بالحرية».
دار الإفتاء المصرية لمست، ولكن بطريقة مقلوبة، علاقة ما يحصل بالخارج، فاعتبرت التفجيرات رداً على «النتائج الإيجابية لزيارات السيسي الخارجية»، والمقصود طبعاً زيارة الرئيس المصري للولايات المتحدة الأمريكية والتي اعتبر أنها أعطت حكم السيسي غطاء شرعيّا من الدولة العظمى، وقد فهمت إدارة السيسي أن الزيارة تدعم توجهاتها الداخليّة والإقليمية وتطلق يدها في «مكافحة الإرهاب» وكذلك في «مقاولة» تسويق الحلّ الإسرائيلي للقضية الفلسطينية، وقد رأينا محاولات في هذا الاتجاه في القمة العربية الأخيرة في البحر الميت.
ردود الفعل الشعبية السريعة على الاعتداءات الإرهابية والانتقادات الجذرية لكل النظام السياسي المصري وترديد هتافات الغضب والاحتجاج المريرة ضد السلطات كشفت خواء شرعيّة النظام وانعدام أهليته للتعاطي الحقيقي مع الأزمات الطاحنة لأنه، في حقيقته، هو سبب هذه الأزمات التي يعتبر التدهور الأمني تفصيلاً من تفاصيلها.
الرئيس المصري، من جهته، دعا مجلس الأمن الوطني للانعقاد بشكل عاجل «لبحث الأوضاع الأمنية التي تشهدها مصر»، وقال المتحدث باسمه إن السيسي «يدين ببالغ الشدة حادث التفجير الغاشم»، كما لو أنه الأمين العام للأمم المتحدة المسؤول الكونيّ عن تصريحات الإدانة والشعور بالقلق وليس الرئيس الذي يُفترض أن يعتذر من شعبه على الكارثة التي أوصله إليها والتي لا يمكن، طالما كان على رأس السلطة، أن يحلّها، لأنه هو أسّ المصيبة ورمزها الأكبر.

الاعتداء على الكنيستين والتقصير الأمني في مصر!

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الأردن:

    *بحيادية؛- ليس مطلوبا من الحكومة المصرية حماية كل (كنيسة) وكل (مسجد).
    *حتى امريكا واوروبا لا تستطيع ذلك.
    * هاي دور (عبادة ) لله رب العالمين والمفروض تحييدها عن أي صراعات سواء
    (داخلية او خارجية) وكل من يفجر دور العبادة
    ساقط ومجرم وارهابي (قاتله) الله.
    سلام

  2. يقول خليل ابورزق:

    الشعب المصري عموما شعب مؤمن و ان غطاء القوة العظمى لشرعية السيسي لا يوازي ابدا الغطاء الشرعي او الديني لدى عامة الناس. يعني لا اهمية لدى الجمهور المصري لرأي امريكا او غيرها انما هي قناعته الدينية و العاطفية.
    اما عن مأساة المسيحيين في مصر فان احد اسبابها الرئيسية اضطلاع الكنيسة بدور سياسي ضد ثورة 25 يناير و مع الانقلاب على اساس الندية مع الاسلام السياسي و هو خطأ كبير لان الكنيسة ليست حزبا. و ان تجنيد الشعب المسيحي بطريقة تعصبية ضد الاسلام مهما كان البديل او هكذا يبدو قد اعطى المبرر للارهابيين و القوى التكفيرية المتشددة بمثل هذا الاعمال من قبيل الانتقام.

  3. يقول محمد علي من تونس:

    سؤال : تنظيم إجرامي أقوى من كل جيوش وشرطة البلاد العربية، كيف ؟ مَن يقف وراء هؤلاء المجرمين ؟؟ مَن يدعمهم ووو ؟ هناك طرف يغذّيهم لأن له مصلحة في إذكاء الفتنة في العالم العربي والإسلامي …

  4. يقول محمد حاج:

    الدول العربية التي استنكرت الحادثين ، هل حزنا على قتلى الكنيستين أم خوفا على حكم السيسي ؟ وأين استنكارهم لمجازر السيسي بحق متظاهري رابعة والنهضة ؟ ومع تبني داعش للعمليتين فان الاعلام المصري يوجه أصابع الاتهام للاخوان !

  5. يقول عربي حر:

    تحية للقدس العربي
    أولا نعزي أهلنا الذين قضوا في التفجيرين الإرهابيين ونسأل الله أن يتقبلهم شهداء عنده والعزاء لأهاليهم والشفاء العاجل للجرحى ويستدعي هذا الحادث الأليم طرح بعض الأسئلة
    هل نجح السيسي في محاربة الإرهاب وهو الذي حصل على تفويض مطلق لمحاربة الإرهاب المحتمل ؟
    ألا يشكل تدخل الكنيسة القبطية في الأزمة السياسية ـ مشهد ٣٠ يونيو وحشد الأقباط لإستقبال السيسي ـ دخرا مهما للإرهابيين ؟
    لماذا لم يعلن لحد الآن عن مدبر حادث كنيسة القدسيين ؟؟؟
    لماذا تستبعد فرضية تورط نظام السيسي في حادث الكنيسين وخصوصا أنه المستفيد الوحيد كما أنه لم يتورع عن قتل الأقباط بدم بارد أمام ماسبيروو فيما عرف عن مدبحة محمد محمود ؟
    ألا يلجأ نظام السيسي لتصفية المصريين في الشوارع والبيوت وهو إرهاب لا يتحدث عنه أحد فبالأحرى أن يحاربوه

  6. يقول حسام محمد:

    ما هذا المنطق الأعوج؟ اذا كان التقصير الأمني هو السبب في الاٍرهاب وليس الأيديولوجية ، فالسويد وفرنسا وبريطانيا وأمريكا وبلجيكا وروسيا كلهم مقصرين أمنيا.

  7. يقول نبيل العربي:

    أولا تعازينا لاهالي قتلى تفجيري الكنيستين في مصر
    لست أدري لماذا لا أثق في السيسي وكلامه والمحيطين به من مخابرات وعسكريين وذلك لعدة أسباب
    لقد تصادف تفجير الكنيستين في مصر فشل زيارة السيسي الى أمريكا ووضع الاخوان في قائمة الارهاب الامريكية ومن ثم الضجة الاعلامية التي سببتها صورة السيسي واقفا بينما ترامب جالسا ثم جاء تفجير الكنيستين لتشغل المصريين وتتشتت تفكيرهم بخصوص فشل الزيارة ويجعلهم يركزون في موضوع الارهاب
    لا أثق في السيسي لانه ذو خلفية مخابراتية ومستعد ان يفعل اي شيئ حتى قتل الابرياء ليبقى في السلطة من خلال اثارة حروب وهمية واذا كان السيسي المسلم قتل المسلمين في رابعة والنهضة ببرودة فلماذا لايقتل المسيحيين ليحقق اهدافه. هذا إذا سلمنا بنظرية المؤامرة وما يدفعنا لقول ذلك أن الكثير من هذه التنظيمات الاسلامية المتشددة التي تحارب النظام المصري مخترقة من طرف جواسيس فكلنا نعرف كيف تم اعتقال الشيخ عمر عبد الرحمن في امريكا من خلال غرس جاسوس امريكي مسلم يعمل للمخابرات الامريكية. ما أود قوله انه إذا لم يكن هناك تدخل مباشر مصري في العملية فربما يكون بطريقة غير مباشرة من خلال علم المخابرات المصرية بذلك وسمحت له بالحركة لتحقيق مكاسب أمنية وسياسية. اما إذا لم يكن للسيسي يد في القضية وهو احتمال وارد فهو دليل على فشل أمني كبير. وما دام السيسي في السلطة فاخشى أن يتواصل قتل المصريين مسلمين ومسيحيين وان تتحول مصر الى خرابة فكل وعود السيسي لم تتحقق وعليه الرحيل ليعيش الشعب المصري في امان وسلام

  8. يقول غادة الشاويش -المنفى:

    *لا اعتقد ابدا ان تفجير الكنيستين عمل تنظيمي ايديولجي متشدد اعتقد ان من يقف وراء الامر دولة او نظام ما والهدف اثارة فتنة طاءفية وشيطنة تيارات الاسلام السياسي المعتدل بجريرة داعش (راقبو لهجة الاعلام المصري وبعض الاعلام (العالمي ) الذي اعتبر الاخوان !! سببا !!..مصر تسير الى مصير عسير ان لم يتنح الذي لبس اهلها شيعا وعلا على الدماء المسلمة والمسيحية ! واعتقد ببساطة ان ما حدث برنامج ممنهج لحرب اهلية او تهجير متعمد للاقباط تمهيدا لالحاق مصر ببعض المنظومات الاقليمية ..!

  9. يقول Passer-by:

    في بدايات الثورة السورية المباركة صرح رأس النظام الأسدي المجرم بكل صفاقة بتصريحات لم يعرها أحد أي أهتمام واعتُبرت في حينها تهويلا وتهديداً أجوف وتتلخص هذه التهديدات في أنه إذا حصل لنظامه أي مكروه فسوف يُشعل المنطقة بأسرها، الآن بدأنا نفهم معنى هذا الكلام بعد انتشار ما يسمى تنظيم الدولة و عيثه في الأرض فساداً وإجراماً. كما لا يجب أن يفوتنا أن ما هدد به واحد من رجالات النظام الأسدي الخلص الا وهو مفتي النظام الأسدي حسون من أنه سيرسل الجهاديين للضرب في قلب أوروبا وقد كان فعلاً. إذا القاسم المشترك في كل ما يحدث من إرهاب في بعض البلدان العربية المعنية وفي بعض البلدان الأوروبية هو في الواقع النظام الأسدي الذي وبالتعاون مع النظام الإيراني شكلا ما يسمى بتنظيم الدولة ليعيث في الأرض فساداً وتقتيلاً وكل هذا كي يتم ترهيب الشعوب وإشغال الحكومات بمسألة الإرهاب التي ودوماً تتصدر أي بند للمفاوضات يرغب النظام الأسدي بإجرائها للحفاظ على بقائه ووجوده. النظام المصري إما أنه استلهم هذا المنطق من النظام الأسدي أو أنه لم يعد يسيطر على مجريات الأمور في مصر وفي كلا الحالين هو المسؤول الأول والأخير عن دماء مواطنيه مسيحيين ومسلمين. سوف لن يسفر التحقيق عن أي شيء وسوف يتستر النظام المصري على الحادث وينساه تماماً كما حصل في مسألة تفجير الطائرة الروسية والمصرية وتفجيرات الكنائس من قبل، ومع كل تهديد لهذا النظام سوف نشهد للأسف المزيد من التفجيرات في الخاصرة الرخوة للمجتمع أي الأقليات وخصوصاً المسيحية لأنها الموضوع الأدسم الذي يهم الغرب.

    1. يقول غادة الشاويش -المنفى:

      تعليق راااءع اخي باسر باي افصح عما اعجمته وبين لي ان ثمة من هو يقرء بدقة وذكاء شكرا لقلمك الذي فصل وبين واوضح حتى فضح وافصح وبالحق الدقيق صدح !

  10. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    عمل ارهابي بشع يدل على بشاعة منفذية و بشاعة الأيديولوجية الإجرامية التى يتبنونها …و هذا العمل يؤكد مرى اخرى الهزيمة الأخلاقية لمشروعهم الظلامى و الظلالى التعيس الذي كله حقد و دم و إجرام ووحشية حتى الوحوش تستحى من وحشيتهم …كل الرحمة على الضحايا الأبرياء لهذه الجريمة البشعة مهما كانت جنسيتهم او ديانتهم او معتقداتهم و هذا الاجرام لن يزيد الإنسانية اﻻ صلابة و قوة و تلاحم لانهاءهم و هزم مشروعهم ….تحيا تونس تحيا الجمهورية

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية