الانترنت والتكنولوجيا.. التهديد الأكبر للوجود البشري في المستقبل

حجم الخط
2

لندن – «القدس العربي»: تحول الانترنت إلى شريان الحياة للكثير من المستخدمين في مختلف أنحاء العالم، إذ صار واحدا من الحاجات الأساسية التي لا يستطيع الكثيرون الآن الاستغناء عنه، حاله حال الغذاء والدواء والمياه، إلا أن الجديد واللافت هو التحذير الذي انتهت إليه دراسة جديدة وهو أن الانترنت سيمثل التهديد الأكبر للوجود البشري خلال السنوات المقبلة.
ورغم أن الانترنت تسبب في طفرة في عالم الاتصالات وسرعة هائلة في نقل وتداول المعلومات، إضافة إلى التسهيل على البشر في الكثير من شؤونهم الحياتية، إلا أن فريقاً بحثياً متخصصاً في جامعة «كامبريدج» البريطانية انتهى إلى أن الانترنت سيكون التهديد الأكبر للوجود البشري خلال السنوات المقبلة.
وقالت جريدة «دايلي ميل» البريطانية إن الباحثين يكشفون عن «الجانب المظلم» لتكنولوجيا الانترنت، حيث أن الانترنت أشاع الجريمة التي كانت باطنة في المجتمعات وروج لثقافة الفوضى» كما تقول الدراسة.
وبحسب الباحثين البريطانيين فان التهديدات الناتجة عن التطورات التكنولوجية تمثل تهديداً جدياً للوجود البشري، فيما يواصل الفريق البحثي التابع لمركز دراسات التهديدات الوجودية أعماله البحثية من أجل تحديد المشاكل التي يمكن أن تواجه البشر بسبب الانترنت.
ويقوم الباحثون حالياً بدراسة التهديدات التي تواجه البشرية بسبب التقدم التكنولوجي، والذكاء الصناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا النانو، والتغير المناخي الذي يشهده العالم.
وقال البروفيسور هاو برايس الذي يقود الفريق البحثي، والمتخصص في دراسة التهديدات الوجودية، إن العلم الحديث بدأ يدرس باهتمام كبير فكرة المخاطر الطبيعية، مثل ارتطام الكواكب، أو الأحداث البركانية الكبرى، أو غير ذلك من الأحداث التي يمكن أن تشكل تهديداً للجنس البشري. وأضاف: «إنها فكرة واردة أن نكون نحن أنفسنا نمثل تهديداً لجنسنا البشري، وذلك كنتيجة للتطورات التكنولوجية والعلمية التي نقوم بتحقيقها بشكل مستمر».
ويشرح الباحثون أن التطور التكنولوجي، وظهور الانترنت وضعا الكثير من التحكم في أيدي بشرية قليلة ومحدودة وخطرة، مشيرين إلى أن الانترنت هو الذي تسبب في العام 2011 في اندلاع الثورة المصرية، حيث كان غالبية الناس يقومون بالترتيب للاحتجاجات ويناقشون كيفية اسقاط النظام من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وتحديداً «فيسبوك» و»تويتر».
ويقول الباحثون إن غالبية الذين ينزلون إلى الشوارع من أجل الاحتجاج في العالم يتم تجنيدهم وإغراؤهم عبر الانترنت، كما حدث في مصر وغيرها، وفي أكثر من مناسبة، بما في ذلك عندما تم إسقاط الرئيس مبارك ثم الرئيس مرسي.
كما أشاروا إلى أن الهجمات الالكترونية وأعمال القرصنة تمثل أيضاً تهديداً للبنية التحتية في العالم، وأن تكاليف الهجمات الالكترونية والقرصنة على الانترنت والخسائر الناتجة عنها تزداد بصورة مضطردة، بما يعني أن هذه الهجمات أصبحت مدمرة بشكل أكبر، وأصبحت البشرية تدمر نفسها ذاتياً عبر هذه الوسائل.
ويرى الباحثون أن الهجمات الالكترونية يمكن أن تؤدي إلى انعكاسات سلبية كبيرة على الاقتصاد العالمي، وإمدادات الغذاء، وشركات الطاقة، كما يمكن أن توسع من رقعة الفقر في العالم، وتزيد من نقص الغذاء، وتزيد من تدني الخدمات الصحية، إضافة إلى أنها تساهم في رفع مستويات الجريمة.
وقال الخبير المتخصص في مكافحة الهجمات الالكترونية جو هانكوك إن «هذه الهجمات يتوقع أن تشهد ارتفاعاً مدمراً، كما شاهدنا في الهجوم الأخير الذي استهدف شركة سوني انترتاينمنت».
وأضاف إن «هذا الاتجاه الصاعد يتوقع أن يستمر في المستقبل»، مشيراً إلى أن «التوقعات تشير إلى أن العام 2015 سيشهد فشلاً لكثير من الأعمال والشركات بسبب التكاليف الباهظة للهجمات الالكترونية».
ويشكل توسيع المجتمع الالكتروني الآمن مصدراً للقلق، حيث ان الهجمات على الأماكن المؤمنة الكترونياً يمكن أن تؤدي إلى انعكاسات مباشرة على الحياة العامة الفعلية للبشر، مثل القطاع الصحي والقطاع المالي والعديد من المجالات والقطاعات.

مجالات الخطر

ويورد الباحثون في جامعة «كامبريدج» قائمة بالمجالات التي تواجه خطراً بسبب التقدم التكنولوجي والانترنت، حيث وضعوا في مقدمة هذه المجالات: العنف السياسي، حيث يمثل الانترنت ساحة واسعة للاستقطابات السياسية، وكذلك للحشد الجماهيري من أجل تنظيم الاحتجاجات في الشارع والواقع الحقيقي، وصولاً إلى تهديد بوقوع اشتباكات وتوترات أمنية وسياسية.
أما المجال الثاني الذي يهدده التطور التكنولوجي وانتشار الانترنت، فهو الهجمات الالكترونية التي أصبحت تطال قطاعات حيوية بالغة الأهمية، وتتسبب بتكاليف بالغة، ويتوقع ان تكبد الشركات وقطاعات الأعمال خلال الفترة المقبلة المزيد من الخسائر الكبيرة.
أما المجال الثالث للخطورة فهو السيطرة والدعاية الإعلامية، حيث بات الانترنت يستخدم من أجل الهيمنة على الناس، سواء من خلال تقييد حركة المعلومات، أو استخدام الانترنت في أعمال الدعاية السياسية، وهو أداة في هذه الحالة بأيدي الحكومات والمنظمات السياسية وفي أيدي المجرمين أيضاً الذين يستخدمونه من أجل الترويج لأشياء بذاتها مثل العنف والمخدرات.
المجال الرابع هو «الانترنت المظلم» والحديث يدور عن أن الإرهابيين والمجرمين، يمكنهم استخدام ثورة تكنولوجيا المعلومات من أجل القيام بحروب كونية مدمرة، ونشر الإرهاب، واستقطاب الشباب إلى صفوف التنظيمات الإرهابية، كما يفعل نشطاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على سبيل المثال، حيث ينشرون الكثير من أفكارهم ويعملون على تجنيد عناصر جديدة عبر وسائل الإتصال المتوفرة على الانترنت، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي.
المجال الخامس والأخير، هو «الذكاء الصناعي» الذي قال عنه ستيفن هوكينغ إن «النجاح فيه قد يمثل أهم تطور في التاريخ الإنساني الحديث» إلا أنه يمكن أن يتحول إلى أداة لتدمير البشرية بدلاً من تعميرها إذا لم يتم التعامل معه بالشكل الصحيح.
ويتحدث الكثير من الباحثين عن مخاطر كبيرة قد تنشأ عن الاعتماد الكبير على الانترنت كما هو الحال في الوقت الراهن، حيث تزداد تكاليف وخسائر الهجمات الالكترونية بصورة متزايدة مقارنة بما كانت عليه في السابق.

محمد عايش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احلام ،،،عربية مكبوتة:

    الخطورة الأكبر برأيي انها حرمت الأولاد بعمر الزهور من اللعب الحقيقي ، الان اولادنا يقضون ساعات طويلة امام الأجهزة ، أتمنى من كل قلبي ان تتوقف مهزلة انتاج الالعاب ، ماهذا انه تدمير لقدرات الطفل و تدمير بنيته الجسمية و نظره و قوته و و ماذا اقوول يا الهي ارحمنا برحمتك يااارب

  2. يقول S.S.Abdullah:

    التقارير البريطانية بالرغم من طابعها العلمي ولكنها مع الأسف لم تكن علمية بنفس درجة كونها أمنية لخدمة النخب الحاكمة بالدرجة الأولى وليس العلم والازدهار العلمي مع الأسف الذي يمنع الإفلاس، ولذلك هذه مأساة بالنسبة للدول التي تعيش على جباية الضرائب من أرباح الشركات العاملة في البلد، حيث أنَّ العولمة والاستثمار في التقنية من أجل الريادة العلمية من جهة، وتخفيض تكاليف انتاج المنتجات من أجل أن يستطيع شرائها أكبر عدد من البشر، دفعت الكثير من عمالقة الشركات إلى الاستثمار في تقنية الغيوم بشكل كبير منذ بداية القرن الحالي، ولكن هذه التقنية يتم تدمير الركن الأساسي لنجاحها واستعادة قيمة الاستثمارات والارباح الناتجة من ذلك لدفع الضرائب، من قبل المسؤولين الأمنيين في الحكومة الأمريكية أولا ومن بعدها مسؤولي الأمن في الناتو وروسيا وغيرها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بحجة شماعة بعبع محاربة الإرهاب أو مقاومة الظلم والتغوّل الأمني للنخب الحاكمة.

    فالعولمة زادت من أهمية المواطن بشكل عام وأصبح ينافس مكان وحضوة المؤسسة العسكرية والأمنية في مجال الأرباح الناتجة من التعاقد معها، كما كان الحال قبل عصر العولمة، ناهيك أن تكاليف التقنيات الحديثة مرتفعة، ولذلك أصبحت المشاريع العسكرية ذات الطابع الاحتكاري والمحدود لا يمكن أن تغطي مصاريفها، كما كان الحال قبل عصر العولمة، هذه المنافسة وحُب السيطرة من جهة، وإيجاد ذريعة أو شماعة لوضع اسباب فشل المؤسسة الأمنية والعسكرية في السيطرة على ما أصبح المواطن يُطالب به من حقوق، والتي تم التقصير في توفيرها، لتغطية مصاريف المؤسسة العسكرية والأمنية.

    فأكثر التقارير العلمية مصداقيّة تؤكد أنَّ ما حصل لشركة سوني، كان بواسطة جهات أمنية حكوميّة، والحجة للضغط على الكونغرس لتمرير قوانين تعطي لهم امكانية التمكين الكامل من هذه التقنية، وبالتالي يعني ضياع كل الاستثمارات على مدى الخمس عشرة سنة الماضية في تقنية الغيوم، وهذا سيؤدي بالتالي إلى زيادة كبيرة في قيمة الأجهزة المستقبلية، إن لم يكن افلاس الكثير من العمالقة ممن لن يستطيع تعويض امكانية الاستغناء عن استخدام تقنية الغيوم، حيث الحرب الاقتصادية العلمية ما بين القطاع الخاص والقطاع العام مدعوم من قبل المؤسسة العسكرية التي لم تعد أفضل زبون يطمح القطاع الخاص للتعامل معه في عصر العولمة.

    هذا الموضوع إن لم يتم الانتباه إلى أهمية كيفية التعامل معه وضرورة الانتباه إلى مسألة مراعاة ضرورة أن لا يتم حرمان عمالقة المستثمرين من عدم تدمير ما زرعوه، فسيؤدي إلى إفلاس النظام الديمقراطي لنظام الأمم المتحدة، كما أفلس نظام الديون المصرفية/البنكية عام 2008 من أجل راحة المقصرين في عملهم من المؤسسات الأمنية والعسكرية في توفير غطاء وشماعة يضعوا عليها حججهم.

    ما رأيكم دام فضلكم؟

إشترك في قائمتنا البريدية