بغداد ـ «القدس العربي»: تصاعد اهتمام الحكومة العراقية مؤخرا في إحياء الصناعة العسكرية العراقية من الأسلحة والمعدات والذخيرة، لسد احتياجات القوات المسلحة وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، بالاستفادة من تراكم الخبرات الوطنية وتجربة الحرب على تنظيم «الدولة».
وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، اهتمام حكومته بتطوير قدرات القوات المسلحة، داعيا إلى وضع استراتيجية لإعادة الصناعة الحربية في العراق.
وأشار العبادي خلال اجتماع لهيئة الصناعات الحربية، إلى ضرورة دعم التسليح والصناعة المحلية، مركزا على أن تكون ضمن المواصفات العالمية، والعمل على إنتاج خطوط سلاح خفيف ومتوسط وهاونات، إضافة إلى صناعة الطائرات المسيَّرة. وتم التأكيد خلال الاجتماع على أهمية تكامل الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص، والحاجة إلى الخبرة الخارجية من أجل أن يكون الإنتاج بأفضل المواصفات، بما يسد الاحتياج الفعلي للمؤسسة الأمنية والعسكرية.
وفي معرض الصناعات العراقية المقام حاليا على أرض معرض بغداد الدولي، اهتمت وسائل الإعلام والزائرون بجناح الأسلحة والأعتدة المصنعة عراقيا. وقد أكد مدير العلاقات والإعلام في جناح مديرية الإنتاج الحربي ميثم نجم عبد لـ»القدس العربي» توجه الدولة بعد الانتهاء من تنظيم «داعش» نحو بناء صناعة عسكرية متطورة والسعي إلى الاكتفاء الذاتي في مجال تصنيع بعض الأعتدة.
وقال عبد ان «شركة الصناعات الحربية العامة التابعة لوزارة الصناعة، نهضت في السنوات الأخيرة وبجهود ذاتية بعد التدمير والسرقة المنظمة التي تعرضت لها معامل الأسلحة ومكائنها عقب الاحتلال الأمريكي عام 2003 وان الشركة تضم حاليا 16 مصنعا لصناعة أنواع الأسلحة والمعدات والعتاد أبرزها القنابل الجوية التي تلقيها الطائرات باوزان (100 – 200) كلغم من المتفجرات، والتي كنا نستوردها من الخارج بمبالغ باهضة». مبينا ان لدى الشركة الآن خط متكامل لإنتاج القنابل الجوية بمواصفات دولية عالية. وأضاف ان أبرز الأسلحة التي تنتجها الشركة أيضا، هي صواريخ اليقين (أرض – أرض) بعدة حمولات من المتفجرات تتجاوز الألف كلغم وبمدى 35 كلم وتمت صناعتها وفق احتياجات القوات المسلحة في الحرب على «داعش» وكلفة الصاروخ لا تتجاوز 55 ألف دولار وهو أقل بكثير من سعر المستورد، كما يتم إنتاج صاروخ 107 كاتيوشا المطور، وقنابل الهاون بعيارات متعددة، إضافة إلى تصنيع آلاف قطع الغيار للأسلحة المدمرة والمعطلة جراء المعارك.
وكشف عبد عن المساعي الرامية لإنشاء خطوط إنتاج عتاد جديدة بالاستعانة بالشركات العالمية المتخصصة، حيث استلمت وزارة الصناعة العراقية مؤخرا، عروضا من 36 شركة أجنبية لإنشاء خطوط إنتاج متطورة للعتاد بإدارة الخبرات العراقية التي أثبتت كفاءة عالية في هذا المجال، مؤكدا ان العراق يستورد أسلحة وعتادا بمبلغ 13 مليار دولار سنويا، وان التصنيع المحلي للأسلحة والعتاد يقلل من هذا الرقم كثيرا، إضافة إلى تجنب الضغوط السياسية الدولية على العراق مقابل تزويده بالأسلحة.
وفي السياق نفسه، عقدت وزارة الصناعة والمعادن مؤتمرها الثاني للصناعات الحربية بمشاركة شركة الصناعات الحربية العامة وبالتعاون مع اتحاد الصناعات العراقي، ليكون «انطلاقة وخطوة حقيقية نحو توحيد الرؤى والتوجهات لدعم وتطوير الصناعات العسكرية في العراق». وحضرت المؤتمر قيادات وزارات الصناعة والداخلية والدفاع وجمع من القادة الأمنيين ورجال الأعمال والمستثمرين والمعنيين في هذا المجال.
وأكد وزير الصناعة والمعادن محمد شياع السوداني، في كلمته التي ألقاها في المؤتمر، أنه بعد الانتصار الساحق الذي تحقق على تنظيم «داعش» فان الجهود الحكومية تتجه صوب التحديات الأخرى والتي تأتي في مقدمتها التحدي الاقتصادي والخدمي والسعي لتطوير قطاعات الدولة وتنويع موارد الموازنة غير النفطية، مشيرا إلى ان دعوات إعادة تأهيل وتنشيط الصناعات الحربية تهدف إلى التقليل من استنزاف مبالغ طائلة من موارد البلد لتأمين الأعتدة الضرورية لديمومة زخم المعركة على الإرهاب.
التحرر من الضغوط السياسية
وشدد السوداني، على أن العراق يسعى إلى التحرر من الضغوط السياسية على صعيد التسليح من خلال البدء قريباً بإنتاج أنواع مختلفة من الأسلحة بمشاركة شركات عالمية متخصصة، مبينا ان العراق كان يعتمد في تسليح قواته المسلحة وأجهزته الأمنية على الاستيراد بالنسبة إلى الأعتدة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، التي تكلف الدولة نحو مليار و700 مليون دولار كل سنة. ودعا إلى خلق شراكة استراتيجية بين القطاعين الحكومي والخاص لإحداث نقلة نوعية في الصناعات العسكرية وفق رؤية شاملة تحددها الحكومة لتحقيق أهداف محددة، كاشفا عن توجيه دعوات إلى 36 شركة عربية وعالمية من الشركات الرصينة والمتخصصة للمساهمة في هذا المجال.
وأشار رئيس اتحاد الصناعات العراقي إلى اعداد خطة عمل تنسجم مع الاستراتيجية الحكومية لتنظيم آلية شراكة طويلة بين القطاعين العام والخاص، مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة وجود استعداد حقيقي لتسويق وشراء المنتجات الحربية من قبل وزارتي الدفاع والداخلية والمؤسسات الأمنية الأخرى.
وتناول المؤتمر استعراض الامكانيات والقدرات التصنيعية التي تتمتع بها شركة الصناعات الحربية العامة والمنتجات والخبرات التي تمتلكها مصانعها ومعاملها. وقد أقر المؤتمرون عددا من التوصيات منها تخصيص نسبة (10 إلى 15 في المئة) من ايرادات وزارتي الدفاع والداخلية والمؤسسات الأمنية المخصصة للذخائر والأسلحة الخفيفة والمتوسطة لغرض التعاقد مع شركة الصناعات الحربية.
وسبق أن أعلنت وزارة الصناعة والمعادن، عام 2016 عن قيام مصانعها بإنتاج صواريخ كاتيوشا وقنابل هاون عيار 107 ملم. وفيما بينت أن كلفة الصاروخ الواحد تبلغ 1200 دولار، وهو أقل بكثير من أسعار المستورد منها، إلا انها حذرت من المشاكل التي يخلقها المتضررون من عملية الإنتاج، في إشارة إلى سماسرة صفقات السلاح الأجنبي.
وكان مجلس الوزراء العراقي قرر في 5/8/2015 تشكيل هيئة الصناعات الحربية باشراف القائد العام للقوات المسلحة، حيث كانت البنية الأساسية لتشكيل هذه الهيئة هي معامل شركة الصناعات الحربية العامة التي تكونت في حينها بعد دمج 16 شركة تابعة لوزارتي الصناعة والدفاع.
إنتاج أنواع مختلفة من الصواريخ
وخلال زيارة «القدس العربي» إلى معرض الأسلحة في بغداد عام 2017 اطلعت على العديد من الأسلحة والمعدات التي تنتجها الصناعات العسكرية العراقية، أبرزها صواريخ (أرض – أرض) أنواع اليقين والبتار والقاصم بقدرات متنوعة، إضافة إلى إنتاج أنواع مختلفة من صواريخ الكاتيوشا وقنابل المدفعية وقنابل الهاون بمختلف الأحجام والأعتدة الخفيفة وقنابل جوية خفيفة، كما عرضت شركات حكومية أخرى منتجاتها من الطائرات المسيرة ووسائل الاتصالات والزوارق السريعة للاستخدام العسكري وغيرها من المعدات العسكرية. وشمل المعرض العديد من المعدات التي تقوم الكوادر العراقية بإجراء تعديلات عليها أو اصلاح أعطالها مثل الدبابات والمدافع والمدرعات والعربات.
وأكد المهندس في وزارة الصناعة عماد اللامي لـ»القدس العربي» ان العراق لديه خبرات كبيرة في التصنيع العسكري تكونت خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988) وتعتمد هذه الخبرات على الكادر البشري والبنية التحتية المتوفرة في المصانع العراقية المختلفة.
وأشار إلى هجمة منظمة تعرضت لها الصناعة العسكرية عقب الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 حيث قامت عصابات منظمة بتفكيك المكائن والمعدات من المصانع العسكرية وجرى نقل خطوط إنتاج كاملة إلى دول مجاورة بعلم واطلاع من قوات الاحتلال ضمن خطتها لإنهاء مقومات التصنيع العسكري في العراق.
وكشف اللامي ان جهات سياسية متنفذة في الحكومة بعد 2003 تعمدت إعاقة أي محاولة لإحياء التصنيع العسكري في العراق وقامت بتشتيت الكوادر العاملة في التصنيع أو إبعادها عن الوظائف بمختلف الحجج والمبررات، وذلك بهدف استمرار البلد في الاعتماد على الاستيراد من الخارج للحصول على رشاوى كبيرة من عقد صفقات الأسلحة مع الشركات الأجنبية الموردة، مؤكدا ان الضائقة المالية الحالية للحكومة وضخامة كلفة استيراد الأسلحة والعتاد من الخارج لمواجهة الإرهاب، أجبرت الحكومة العراقية على التفكير في احياء التصنيع الحربي خاصة مع توفر البنى التحتية من كادر وخطوط إنتاج وامكانية تطويرها بالاستفادة من الخبرات الأجنبية.
ونوه إلى سبب آخر لتسريع الحكومة من وتيرة التصنيع الحربي، وهو تلكؤ دول أجنبية في عملية توريد السلاح والعتاد للعراق خلال الحرب مع تنظيم «داعش» التي استمرت فترة طويلة، وهو ما ترك أثرا في القرارات الحكومية تجاه القضايا الوطنية. مبينا ان التصنيع العسكري العراقي، يمكن ان يدعم الاقتصاد العراقي ليس بتقليل كلفة استيراد السلاح والعتاد من الخارج فقط، بل وفي تصدير بعض أنواع السلاح والعتاد الحربي الفائض إلى الدول الأخرى في حال توفير خطوط الإنتاج الحديثة في المصانع العراقية، مشيرا إلى ان العديد من المصانع العراقية المدنية مثل معامل صناعة السيارات والسفن والمعدات الثقيلة وغيرها، يمكن تحويل أجزاء منها إلى التصنيع العسكري.
ومن جهة أخرى، يذكر متابعون للشأن العسكري العراقي في بغداد، ان بعض الفصائل والميليشيات العراقية تقوم منذ سنوات، وبجهود ذاتية، بانشاء مصانع لإنتاج بعض أنواع الصواريخ والراجمات والمعدات العسكرية مستعينة بدعم وخبرات إيرانية. وقد زاد هذا الدعم بعد تشكيل الحشد الشعبي بموجب فتوى المرجع الأعلى الشيعي علي السيستاني عام 2014 عقب ظهور تنظيم «داعش» في العراق، مبينين انه لا توجد إشارات من الحكومة أو تلك الفصائل عن مصير معامل الحشد الشعبي لتصنيع الأسلحة، فيما إذا كانت ستنضم إلى مؤسسة التصنيع العسكري الحكومية بعد انتهاء صفحة «داعش» خاصة وان رئيس الوزراء حيدر العبادي دعا مرارا إلى سعي حكومته لحصر السلاح بيد الدولة.
وكانت العديد من القوى السياسية والعسكرية والدينية ومنها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، قد دعوا الحكومة العراقية مرارا، إلى إعادة إحياء الصناعة العسكرية العراقية السابقة، وخاصة خلال المواجهة مع تنظيم «داعش» لمواجهة متطلبات المعركة ولتقليل كلفة استيراد الأسلحة والعتاد من الخارج.
مصطفى العبيدي
لا أعتقد أن هذه الحكومة الطائفية التي جاءت على ظهر دبابة أمريكية قادرة على أن تفلت من سطوة السيد الأمريكي وتتوقف عن شراء الخردة الأمريكية، لأن أمريكا ستعيدهم إلى المنفى وتجردهم من السلطة التي منحها إياهم بول بريمر، وقد نصبتهم الأمريكا خصيصا لنقل ريع النفط إلى شركات السلاح الأمريكية بأمانة ودون أدنى محاولة تمرد، لكن لا بأس أن يفتحوا مصانع لتركيب السلاح الأمريكي فهذا مرحب به من طرف صناع السلاح الأمريكي …..