السعودية مقبلة على علاقات مع إسرائيل، دبلوماسية وأمنية واقتصادية، رسمية وواضحة، في آجال أقرب مما نتوقع.
المجموعة الحاكمة في السعودية بقيادة وليّ العهد محمد بن سلمان، حسمت أمرها وقررت. لم تعد هذه المجموعة تكترث لأيٍّ من الأسباب التي كانت، في وقت ما، تمنع دولة عربية بحجم السعودية من إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، خصوصا الدول البعيدة جغرافيا وغير المعنية بالصراع بشكل مباشر.
اللغة المستعمَلة في وسائل الإعلام السعودية، حكومية وخاصة، متطرفة وحادَّة بشكل لا يترك هامشا للشك بأن الأمر قد حُسم إلى غير رجعة.
المملكة متجهة هذه الوجهة من دون حرجٍ كبير. المزاج العربي العام أن التطبيع مع إسرائيل لم يعد عراً أو شتيمة. والقناعة اليوم في الأوساط الحاكمة هناك والأجهزة الموالية لها، هي أن العرب تنازلوا عن القضية الفلسطينية فلم تعد قضيتهم الأولى، وأنهم منشغلون بمصائبهم العديدة والمتنوعة فلم يعد يهمهم ما يطرأ على هذا الملف من تطورات. وقبل «تخلي» العرب عن الفلسطينيين، سيدفع السعوديون المتحمسون بأن الفلسطينيين ذاتهم «باعوا» قضيتهم واستسلموا لقدرهم، بين مستعجل حلا و«مستقيل» ويائس وجبان وحتى خائن. كما أن «أصدقاء» القضية الفلسطينية، إقليميا ودوليا، وفقا للقناعة ذاتها، تقلصوا تدريجيا وتراجع حماسهم منذ سقوط الاتحاد السوفييتي وتهاوي الأيديولوجيا الاشتراكية والشيوعية.
ناهيك عن عامل ذاتي قوي، بل هو الأقوى، يتمثل في إدراك محمد بن سلمان أن تل أبيب هي الممر الآمن نحو واشنطن التي يحتاج إليها الرجل كغطاء لمغامراته الداخلية والخارجية. وها هو يحترم الأعراف ويدخل البيوت من أبوابها! التطبيع، إذًا، لم يعد «تابو» طالما أن حكومات عربية أخرى سبقت إليه ولا تخجل به، وطالما أن الفلسطينيين لن يعترضوا عليه، وطالما لم يعد هناك «صف عربي» يُخشى على وحدته.
كلام يحمل بعض الوجاهة مع الآخرين، لكن مع السعودية، يختلف الأمر إذ هناك فرق بحجم معضلة: الأردن «طبَّع» بمفرده. مصر كذلك، والمغرب وحتى موريتانيا والبحرين وتونس وقطر في وقت سابق. المعضلة مع السعودية أنها لا تتجه إلى إقامة علاقات مع إسرائيل من منطلق استراتيجي واضح، بل مدفوعة بهزائمها وخيباتها المتكررة إقليميا، ومدفوعة بعجزها عن مقارعة إيران في حروب الوكالة المشتعلة في أكثر من مكان من حولنا.
وإذا كان هذا الاندفاع، بسبب إيران، مفهوما أو مقبولا إلى حد ما، إلا أن الأخطر أنه يخفي في ثناياه مخاطر جمّة قد تنتهي إلى نتائج غير محمودة، ذلك أن السعودية تخوض هذه المغامرة وفي لاشعور من يقودونها في هذا الاتجاه أنهم أوتوا زعامة عالمين، عربي وإسلامي.
أخطر من التصرف بـ«اللاشعور»، مخاطرةُ أن يتعمّد المسؤولون السعوديون التطبيع لا كدولة منفردة، بل بصفتهم زعماء ناطقين باسم فضاء يضم مئات الملايين من العرب والمسلمين السُنَّة، ويستطيعون اقتيادهم إلى الزريبة بلا صعوبة.
هذه المخاطرة واردة بقوة، والمسؤولون السعوديون أصحاب سوابق، أعلنوا ميلاد «النيتو الإسلامي» في 2015 وضموا إليه دولا لم يكلفوا أنفسهم عناء استشارة حكوماتها أو إبلاغها حتى علمت بالأمر من شاشات التلفزيون.
وكذلك تنظيمهم قمة العالم الإسلامي ـ دونالد ترامب في الرياض الربيع الماضي من دون استشارات كافية، بل استدعاء قادة دول إليها وصلوا الرياض وهم لا يعلمون شيئا عن جدول الأعمال.
عندما يتصرف الحكام السعوديون بهذا الغرور، فهم ينطلقون من تراث متراكم لدى مسلمي الأرض انتهى بهم مستسلمين لقناعة أن السعودية هي البوصلة بحكم أنها الأرض التي نزل فيها الإسلام والتي تضم الحرمين.
ستكون المعالم الأولى لهذه «الزعامة» قد رأت النور إذا صدقت التسريبات عن أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس دُعي إلى الرياض، الأسبوع قبل الماضي، ليسمع صيغة جديدة حول وجوب الموافقة على «خطة» ترامب لتسوية النزاع مع الإسرائيليين من دون نقاش. في هذه الظروف، يستحق عباس التعاطف لأنه لا يستطيع قول «لا» وموافقته لن تجد فسحة على الأرض.
لا يمكن لهذا التوجه إلا أن يريح الإسرائيليين، حتى وهم يدركون بطرقهم الخاصة وعملهم الدؤوب، أن السعودية لا تتزعم العالم العربي والإسلامي في المطلق لأنها غير مؤهلة للقيادة، ولن تضمن ولاءه بسهولة ولن تجر الناس فيه كالنعاج لأنها عاجزة عن كسب ثقتهم (مصر «طبّعت» منذ 40 سنة، لكن فوقيا فقط والرفض الشعبي لإسرائيل لم يتغير. وكذلك حال الأردن بعد ربع قرن من التطبيع). لكن الأهم لدى الإسرائيليين هو العامل النفسي الذي، عندما يتعلق الأمر بالسعودية، مختلف حقا ولا يقدّر بثمن. أما في ذروة التصنيف الطائفي اللعين الذي تشهده المنطقة، فسيكون تطبيع السعودية مع إسرائيل «باسم المسلمين السُنّة» (لا يمكن إبعاده عن هذا) تكريسا لثنائية السُنة العملاء والمفرِّطين في فلسطين، مقابل الشيعة الصامدين المضحِّين لأجل مقدساتها. تلكم أثمن هدية لإيران ولغلاة المذهب الشيعي، وكفٌّ أخرى على وجه السياسة الخارجية السعودية الخرقاء.
٭ كاتب صحافي جزائري
توفيق رباحي
هذه العلاقات بدأت منذ إخراج جيش صدام من الكويت سنة 1991
فقد كانت صواريخ صدام تقصف آل سعود وآل صهيون بنفس الوقت !
ولهذا تم تطبيق المثل العربي المعروف والذي يقول : عدو عدوي, صديقي
ولا حول ولا قوة الا بالله
التخلي عن القضية الفلسطينية هو التخلي عن ثالث الحرمين الشريفين من قبل خادم الحرمين الشريفين، والتحالف مع اسرائيل ضد ايران سيفهم بأنه تحالف يهودي-اسلامي سني ضد الشيعي. وأول من يقود هذه الحملة هو الشاطر حسن، وولاية الفقيه، وستتأجج الحرب في كل مكان لأن الشيعة سيشعرون بأنهم مستهدفون من قبل عدو تاريخي ( السنة ) وعدو طاريء ( اسرائيل )، وفي الذهنية الشيعية ” المظلومية” هي المحرك الاساسي في دفعهم الى القتال والشهادة، وهذه السياسة السعودية التي يقودها محمد طاش بن سلمان هي أفضل ما يقدمه لإيران لتحمل راية الإسلام والتشيع في العالم وستكسب الجولة لأن الكثير من المسلمين السنة سيتشيعون نكاية بالسعودية ” حامية الاسلام” ورغبة في استمرار الصراع مع اسرائيل ونصر فلسطين, هذه الرؤية القصيرة والآنية المفعول ستنقلب على آل سعود عاجلا أم آجلا ولا استبعد انقلابا عسكريا على محمد طاش بعد كل سياسات الانبطاح أمام نتن ياهو، وأبو إيفانكا، وزوج الست كوتشنر
لايجب التعميم ,والقول ان التطبيع لم يعد عند العرب والمسلمين عار او شتيمة ,لان الشعوب الاسلامية في شمال افريقيا ,تعتبر ذالك خيانة وانحرافا خطير عن القيم الداعمة لحق الشعب الفلسطيني على ارضه ,رغم انف ال سعود وائمتهم واسيادهم من ال صهيون .فتصرفات ال سعود منذ انشاء مملكتهم لم تاتي بجديد للعرب والمسلمين ,لاكن مضرتهم للامة الاسلامية والعربية استفحلت منذ التفاقية اوسلوا بشكل لافت للانتباه .وما تبديه السعودية واخواتها من ضغوط على الفلسطنين وعبر مبادراتها على الجامعة العربية والمنظمات العالمية الاسلامية لبلوغ هذا الهدف القاضي بقبول الكيان الصهيوني في جغرافيتنا وشريكا لنا في حياتنا المستقبلية ,لن يتحقق لاسرائيل ولا للسعودية واخواتها.لان الكيان هو مشروع احتلال وظلم ,ولايستقر اساس لما بني على الظلم والاحتلال رغم انف اسرائيل وعملائها وعلى راسهم السعودية واخواتها من العربان . فاذا كانت شعلة فلسطين لا تزال مشتعلت تحت الرماد ,فان نارها ستثور وتشتعل وستحرق الصهاينة ومن يخدمهم طال الزمان ام قصر .
التطبيع السعودي سيكون نهاية للمكانة السعودية “الباقية” و دورها القيادي في العالم الاسلامي، و هذا ما حدث بالضبط لمصر عند “التطبيع” او “الاستسلام” بالمعنى الحقيقي. و الحقيقة انه ما يحدث ايضا للاردن مع ان الاردن لم يكن له دور قيادي اصلا و لكن نفقاته الدفاعية زادت اضعافا منذ التطبيع لان ذلك ضد التوجه الشعبي ولانه البلد كله يقف في مهب الريح.
التطبيع معناه التراجع عن المبادئ و التنازل عن الشرف و الانحياز الى صف المجرمين المغتصبين بحجة الواقعية و المصلحة السريعة. و لكن النتائج التي رايناها في مصر بالذات تدحض ذلك. فكيف سيكون للدولة التي تقوم بالتطبيع اي مكانة محترمة. و كيف سيستقر النظام اذا لم يكن متوافقا مع الحق و العدل و الشرف و هي ما تحكم الضمير الجمعي للامة؟؟
قديما، جنت “براقش” على أهلها براءة. و اليوم، تجني السّعوديّة على نفسها، مع سبق الإصرار و التّرصّد ! و ستحسد “براقش” على حظّها ! و هذا ما لا يتمنّاه أيّ مسلم، فكيف بالمسلم العربي ! و لكن للأسف، كيف أنكر ما أراه منتصبا أمام كلتا عينيّ ؟ و لا ييأس من رحمة الرحمان إلا الكافرون. فهل ما بقى فيكم يا أحفاد فيصلنا را شدون (الملك فيصل، جدّنا و جدّكم أيّام كان و كان العزّ و الموقف). سلام