التقارب مع إسرائيل يهدد النظام بمزيد من العزلة… وإعلام الزمن الرديء ينافس المواطن في لقمة عيشه

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : حينما يكون أبرز منجزات أمين الجامعة العربية الجديد إنه تعهد يوما ما حينما كان وزيراً للخارجية بقطع رجل أي فلسطيني حال تجاوزه معبر رفح، فمن حق نتنياهو وأعضاء حكومته الاسترخاء للأبد.. كان هذا عام 2008 في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تشن حربها على غزة،ما أثار غضب الشارع العربي كله.
وقد عاد المسؤول المقرب من الديكتاتور المخلوع مبارك لإطلاق قنابله المفخخة بالهجوم على ثورة 25 يناير/كانون الثاني وشقيقاتها العربيات، لهذا ووفقاً لمراقبين وكتاب ليس بوسعنا أن نستبشر خيراً بمستقبل الجامعة، وأغلب الظن أنها ستستمر مجرد مقبرة لوأد القضية، الأهم والأكثر شرفاً في تاريخ العرب. ومؤخراً هاجم أبو الغيط ثورات الربيع العربي التي حركت المياه الآسنة في الجغرافيا العربية، وأطاحت بحكام مستبدين عن عروش، وأعادت رياح الأمل والحق في الحلم عند جماهير ظل التغيير بالنسبة لها هدفاً مستحيلاً، وعلى الرغم من الهجوم الذي يتعرض له رئيس الجامعة العربية في بعض الصحف المصرية، إلا أن نفوذه القوي وصل لحد منع نشر بعض المقالات التي تهاجمه كما سنرى..
أمس الأول أيضاً حذر الرئيس السيسي من الفتنة التي تهدد المصريين بسبب ما اعتبره دعاوى مغرضة تصنعها «قلة»، داعياً للوحدة، غير أن قوى المعارضة ترى أن مصدر الفتنة يتمثل في تكميم الأفواه وإغلاق الأبواب أمام الحرية، ومن المدهش أن من بين من انتقد الرئيس بضراوة أمس الجمعة 22 يناير/تموز قس بارز من أشد داعمي السيسي وإلى التفاصيل.

هدفنا دولة القانون

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر تسعى لترسيخ دولة القانون، التي تساوي بين الجميع، مشددا على أن كل من يخطئ سيعاقب بموجب القانون، بدءا من الرئيس إلى أي مواطن من عامة الشعب، ووفقاً لـ«الأهرام» طالب بضرورة منح الثقة في دولة القانون وألا ينتابنا أي شعور بالقلق. وشدد، خلال كلمته التي ألقاها في الكلية الحربية، خلال الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات والمعاهد العسكرية، على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية، وحذّر من محاولات الوقيعة بين المصريين، مؤكدا ألا فرق بين مسلم ومسيحي في مصر، وأن الجميع مصريون متساوون في الحقوق والواجبات ولا زيادة لأحد على الآخر. وقد وجه الرئيس السيسى كلمة إلى الأمة بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لثورة يوليو/تموز المجيدة، أوضح فيها أن تلك الثورة مثلت نقطة تحول رئيسية في تاريخ مصر المعاصر، وجاءت تعبيرا عن آمال وطموحات المصريين في الاستقلال والحرية والسيادة الوطنية، وأضاف أن الثورة حمل رايتها رجال أوفياء، سطروا أسماءهم بحروف من نور في سجل تاريخ مصر، وسنظل أوفياء لهم.
كان الرئيس السيسي قد شهد حفل تخرج الدفعة 110 من الكلية الحربية والدفعة 53 من الكلية الفنية العسكرية، والدفعة 45 من المعهد الفني والدفعة 19 من المعهد الفني للتمريض التابعين للقوات المسلحة، بحضور المشير محمد حسين طنطاوي، والفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة».

صديق إسرائيل رئيساً للعرب

نتحول لمقال منع من النشر في جريدة «الشروق» التي يعتبرها فهمي هويدي منصة لإطلاق صواريخه ضد النظام، فإذا بصحف أخرى من بينها «الشعب» تتلقف المقال لتنشره. ويهاجم من خلاله هويدي أمين الجامعة العربية الجديد: «لم يفاجئنا السيد أحمد أبو الغيط حين وصف الربيع العربي باعتباره «مؤامرة»، ولم ير فيه إلا ما حل ببعض الأقطار من خراب وفوضى، ذلك أن مسؤولا بمواصفاته وتاريخه لا يستغرب منه مثل ذلك الكلام، إذ من المفهوم أن يرى وزير خارجية مبارك لمدة سبع سنوات أن ثورة 25 يناير/كانون الثاني جزءا من مؤامرة، وحين يكون الرجل صديقا للإسرائيليين ومعاديا للفلسطينيين وفخورا بإفشاله دعوة انعقاد القمة العربية لوقف العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة، فإن خصومته للربيع العربي تصبح مبررة، لكن المشكلة أن يصدر هذا الكلام عن الأمين العام لجامعة الدول العربية. وهذه صفة كانت تفرض عليه أن يكون أكثر حذرا واحتشاما في الحديث عن رياح التغيير التي هبت على العالم العربي في عام 2011 معبرة عن شوق العرب إلى الحرية والعدل.
صحيح أن الجامعة العربية تمثل الأنظمة وليس الشعوب العربية، وهي الآن في أضعف وأتعس حالاتها، وأن الرجل يجسد تلك الحالة، الأمر الذي يجعله الرجل المناسب في الظرف المناسب، إلا أن ثمة حدودا للوهن والسقوط. إدانة انتفاضة الشعوب العربية لا يهين المشاعر العربية فحسب، ولكنه يهين المنصب الذي يشغله باعتباره أمينا للجامعة، حتى إذا كان الرجل مناسبا لمرحلة الانكسار وانهيار النظام العربي، فليس مفهوما أن يبالغ في ذلك وأن يصل به إلى القاع، بحيث يخاطبنا من منتهاه، ولئن عمت البلوى وصار السقوط واقعا يتعين علينا أن نعترف به ونتعامل معه حتى إشعار آخر، فما تمنينا أن يكون خطابه من قاع وأصبح رمزا للسقوط الذي صرنا إليه».

نهايتك صعبة يا سيسي

شن القمص مرقس عزيز، كاهن الكنيسة المعلقة سابقا، الذي يرعى الآن إحدى الكنائس القبطية في أمريكا، هجوما حادا على الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال مقطع فيديو بثته «المصريون» وقال خلاله «الكيل طفح واللي ما بيشوفشي من الغربال يبقى أعمى اللى بيحصل للأقباط مهزلة.. في يوم من الأيام انتخبنا السيسي وقولنا ده الواد اللي مجبتوش ولادة». وتابع: «السيسي أسوأ رئيس جمهورية.. اتخدعنا فيه.. دخل بالخداع واحنا يا أقباط ناس مسالمين وطيبين وصدقناه، وقفنا معاه في 30 يونيو/حزيران.. شايف فيه الخيانة.. شايف إيد الأقباط اللي اتمدتله واللي تسببت إنه يقعد على كرسي مصر إنسان بهذا المستوى»، حسب قوله. وأضاف القمص مرقس: «دلوقتي أنت سايب الأقباط يدبحوا وانت قاعد بتضحك.. برهامي اللي قال علينا كفره ومجرمين وحل دمنا.. متحكمش ليه يا سيسي.. عشان برهامي سيدك اللي بيديك أوامر يا سلفي»، نفسي ألاقيلك كلمة مسموعة. وطالب عزيز الأقباط بأن يزيلوا صور الرئيس من بيوتهم قائلا: «يا ريت الناس اللي حاطة في بيوتها صور السيسي وهو في الكنيسة يشيلوها.. أنا مش مقتنع بأن أنت الرئيس بتاعي.. الرئيس بتاعى يحافظ عليّ يحميني ويحفظني». وأوضح: «عملت قناة السويس مش عشان أن أنت تعمّر وكنت بتجري عشان تخلص بدري قبل ما مدتك تنتهي.. اطمن ملكش مدة ثانية محدش هينتخبك الناس عرفوك.. شحّت البلد»، وقال إن :«الرئيس السادات عادى الأقباط وكانت نهايته كما تعرفون، وقلت لمبارك نهايتك سودة وقد كان.. عايز أقول للسيسي.. نهايتك يا سيسي لن تختلف عن أي حد وقف ضد الكنيسة أبواب الجحيم لن تقوى على نهايتك.. بقولك ياريتك ما دخلت الكنسية.. دفعنا تمن زيارتك للكنيسة غالي.. خدعتنا وضحكت علينا».

لا يلتئم ما جرح اللسان

«هناك أصحاب أقلام يشبهون ملاك الشقق المفروشة التي يعرضونها للإيجار لمن يدفع أكثر، بصرف النظر عن سلوك وخلق من يستأجر تلك الشقق. فهم كما يشير السعيد الخميسي في «إخوان أون لاين» على دين ملوكهم وأرباب نعمتهم وأصحاب الفضل في ومواقعهم التي اغتصبوها، من دون وجه حق. أصحاب تلك الأقلام لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ولا يراعون حرمة لدين أو وطن أو أخلاق. ها هم أولاء، وعلى شاكلتهم الكثير، رفعوا راية التنوير والتثقيف بإلقاء أطنان القمامة المتراكمة في أم رؤوسهم منذ عشرات السنين على صفحات جرائدهم، ليتجرأوا بها على ثوابت الدين، وأمن سلامة المجتمع، وتتدلى من أفواههم وأقلامهم السموم الناقعات. فينشرون الرذائل، ويخفون الفضائل. ووصل بهم حد التطاول إلى منتهاه، في زمن كنا نتمنى ألا نكون قد رأيناه أو عشناه. يطالبون بحرية زواج المثليين، وحرية الجهر بالإفطار في نهار رمضان، وحرية تراخيص بيوت الدعارة، وحرية العري في الأماكن العامة، وحرية تشبه الرجال بالنساء والعكس، وحرية تراخيص ملاهي الميسر والخمور والسفور والرقص وتبادل الزوجات حتى مطلع الفجر. أرأيتم كيف؟ والبعض منهم يحمل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية! لقد قال البلغاء الحكماء عن القلم ودوره المجيد: «هو أصم لكنه يشعر ويسمع بألم البشر. هو أخرس، غير إنه يفصح بالشكوى. هو جماد، لكنه يعلم الفحوى والمغزى. إن عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم. وتعظيما لمقامه الرفيع وكان أهل الهجاء قديما يفضلون هجاء القلم على رمي السيف لأن جراحات الطعان لها التئام، ولا يلتئم ما جرح اللسان».

ملتح لكنه دنجوان

المعارك لازالت على أشدها ضد نادر بكار الناطق بلسان حزب النور لأنه التقى ليفني وزيرة خارجية إسرائيل سابقا، وها هو حلمي قاعود ينتصر على بكار بالقاضية في «الشعب»: «حين أذيع أن شابا ملتحيا طلب اللقاء مع اليهودية الإرهابية تسيبي ليفني؛ ضحكت، وقلت في نفسي: لماذا الآن؟ أما كان من الأولى أن يكون هذا الشخص وحزبه من الصراحة والوضوح بحيث يعلنان منذ زمن بعيد أن المسألة مصالح خاصة وحزبية، ولا علاقة لها بالدعوة أو الإسلام؟ حزنت لأن بعضهم ضرب توفيق عكاشة بالحذاء في برلمان الكنيسة والعسكر، على مرأى ومسمع من العالم، لأنه استضاف السفير اليهودي الإرهابي في بيته، وعزم على زيارة فلسطين المحتلة من أجل مصلحة مصر، كما ادعى. ويتساءل الكاتب ألم يذهب وزير خارجية الانقلاب إلى القدس المحتلة مؤخرا، ويركع أمام الإرهابي اليهودي الأول بنيامين نتنياهو ركوعا تاريخيا مهينا لا علاقة له بالصورة التي قيل إنها مركبة (فوتوشوب)، مع أن المضيف كان عائدا لتوه من رحلة منتصرة تحكم من خلالها في منابع النيل وتعطيش مصر (تحيا مصر!)، وأعلن عن مشاركة كيانه في الاتحاد الأفريقي وفُتحت أبواب أربع وخمسين دولة أفريقية أمامه بترحاب بالغ؟ عكاشة تم فصله من مجلس الكنيسة والعسكر، وقيل إن السبب الأصلي لفصله يعود لتعامله مع الجنرال ندا لند ورأسا برأس، أما الضارب فقد أسبغت عليه ملامح البطولة والوطنية والنضال (لم نسمع حتى الآن صوته ورأيه وحذاءه في زيارة وزير الانقلاب للقدس الأسيرة وحفاوة مغتصبيها به) كان معروفا أن عكاشة لا يتحرك من تلقاء نفسه».

بكار يدافع عن نفسه

أما نادر بكار، الذي تعرض إضافة لهجمة قاعود لهجمات شرسة لازالت مستمرة، فقد قرر الرد عبر «الشروق»: «كنت أعلم أن الرد على الآلة الإعلامية في مصر على اختلاف ميولها يستنزف طاقة آثرت أن أدخرها لهدف أكبر.. قدّرت أني سأرد يوما لكن في التوقيت. قرار أيقنت أن له تكلفته، سيجعلني أشاهد بنفسي حملة التشويه والاغتيال المعنوي تجري على قدم وساق، البعض تخطى ذلك ليرسل بنفسه إلى الجامعة ليثنيها عن قرار قبولي، ردي كان عمليا بعد عام التخرج من برنامج الدراسة بتفوق والتكريم بين مئات الطلبة من مختلف الجنسيات. الطريف أن صورة (السيلفي) بروب التخرج و(هارفارد) تكرمني قد أزعج أعدادا أكبر من التي نقمت عليّ ابتداء.
كنت مدركا منذ لحظة ظهوري الإعلامي الأول قبل خمس سنوات من الآن، أن ثمة صورة سلبية يصر البعض على تصديرها للمشاهد العادي عن (الإسلاميين) بشكل عام و(السلفيين) منهم بالأخص. والحقيقة أن كثيرا من ممارسات من يوصفون (بالإسلاميين) كانت مشجعة على هذا (التعميم) المُجحف سواء قصدوا ذلك أم لا.. (الإخوان) على سبيل المثال ظنوا أن باستطاعتهم الاستفادة من وجود (الآراء الشاذة) وغياب (اللياقة الذهنية) وأحيانا كثيرة (الذكاء الاجتماعي) عند بعض أفراد الفصائل الإسلامية الأخرى؛ للتدليل على أنهم هم ــ أي الإخوان ــ الطرف الأعقل والأجدر بتمثيل أي فكرة إسلامية وإلا كان البديل تعصبا وتزمتا وجمودا انقلب السحر على الساحر في مناسبات عديدة ليس هنا مكان ذكره.
الاتجاهات الأخرى التي كانت تصر على تصدير صورة (السيلفي) محاطة بأوصاف تُنفر أي عاقل من متابعتها؛ كانت لها في ذلك أهداف كثيرة.. بعضهم كان متأثرا بالفعل (بفتوى) من هنا و(رأي شاذ) من هناك، وتملكه خوف حقيقي على بلاده وأمته لو سيطرت عليها عقلية كهذه التي رسم صورتها في ذهنه.. وبعضهم كانت المسألة في صميمها تتعلق بمصلحته الشخصية صرت مقتنعا أن أطرافا كثيرة ترتبط مصالحها ببقاء كثير من مشكلاتنا من دون حل.. كثيرون سيضرهم بشدة وجود تيار سلفي (عقلاني).. كثيرون ستكسد بضاعتهم لو اختفت الفتن الطائفية».

«الفساد عايز راجل»

ومن الحرب على السلفيين للحرب على الفاسدين الذين يملأون البلاد فقراً وجوراً وتعقبهم في صحف أمس الجمعة عدو ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني والإخوان محمود الكردوسي في «الوطن»: «فتحت الدولة ملف «الفساد»، وتحدث الرئيس أكثر من مرة عن حتمية مواجهته: «لا تستر على فاسد أياً كان موقعه». لكن الطريقة لا تعجبني، إذ تبدو كمن يعالج سرطاناً سرح في كل أنحاء الجسم بقرص أسبرين. الدولة في ما يبدو لا تدرك أن «الفساد» بيئة حاضنة لـ«الإرهاب» ولكل نعرات الفوضى والتخريب، لذا تتعامل مع هذا الملف بـ«ذوق» وحذر «يفقعان» المرارة! لا أعرف ماذا فعلت الدولة في قضايا الفساد التي أعلنت عنها؟ إلام انتهت؟ يبدو أنها تاهت أو ربما «فطست» في أضابير المحاكم.. حتى لم يبق منها سوى «خبر» في صحيفة عن تأجيل «جلسة» وصورة لـ«فاسد صغير» في قفص؟ الفساد يا سيادة الرئيس يحتاج إلى «محاكم عسكرية»، فهو أشد خطراً على البلد من «الإرهاب». صدقني: اقطع رأس فاسد واحد.. وسترى».
ذريعة ريجيني

تطورات قضية القتيل الايطالي ريجيني لازالت تتفاعل وها هو وجدي زين الدين رئيس التحرير التنفيذي لـ«الوفد» يكشف بعضاً منها: «الأزمة المفتعلة في قضية ريجيني وراءها أسباب أخرى ليس بسبب ضعف التعاون المصري في عملية التحقيقات، بل أن مصر قامت ولا تزال بدور مهم في التعاون مع الجانب الإيطالي والحقيقة أن هناك مخططاً خطيراً مدبراً ضد إرادة المصريين المتمثلة في ثورة 30 يونيو/حزيران، التي صفعت الغرب والولايات المتحدة صفعة قوية، غيرت موازين المخططات المرسومة لمنطقة الشرق الأوسط خاصة مصر. ورغم اعتراف الدنيا كلها بثورة 30 يونيو وأنها إرادة شعبية عظيمة حماها الجيش الوطني المصري، إلا أن سياسة الاحتكاك لاتزال موجودة بل وتنشط، والملاحظ مثلاً في مسألة ريجيني إنه كلما تهدأ هذه القضية، نجد دولاً غربية تزيدها اشتعالاً لأسباب واهية لا تستحق كل هذه الضجة، ولا أعني أبداً أنني أبرر قتل الباحث ريجيني، لأن الباحث في هذه القضية يكتشف أموراً أخرى وراء مصرعه، ويعنيني الآن في هذا المقام شيء واحد هو أن عملية القتل كانت بتدبير، سواء كان هذا التدبير بدافع إجرامي بحت أو بدافع سياسي. ويؤكد الكاتب ضرورة تفويت الفرصة على كل الذين يريدون إشعال الموقف بهدف إحداث فوضى في البلاد، وليعلم الجميع أن مصرع ريجيني يستغله الغرب الآن، باعتباره المسمار الأول في المجتمع المصري لإلهابه ومحاولة تعطيل مسيرة الدولة الجديدة».

زيارة خطأ في المكان الخطأ

زيارة سامح شكري وزير الخارجية لإسرائيل لازالت تثير المزيد من الانتقادات.. حسن نافعة في «المصريون» كان أحد الغاضبين: «هي زيارة تمت في المكان الخطأ، أي في مدينة القدس التي تحتل إسرائيل شطرها الشرقي وتتمسك بها «عاصمة أبدية موحدة للدولة اليهودية»، وفي التوقيت الخطأ، أي عقب تعديل وزاري أسفر عن تعيين ليبرمان، الذي طالب يوما ما بضرب السد العالي، وزيرا للدفاع في الحكومة التي ذهب شكري ليتفاوض مع رئيسها. ولأن منظمة الأمم المتحدة، وكذلك أغلب دول العالم، لا تعترف بالوضع الحالي غير القانوني لمدينة القدس، يخشى أن يساء استغلال هذه الزيارة، وأن يجري تسويقها كدليل على اعتراف مصر بالأمر الواقع، وأن تتخذ كذريعة لتبرير إقدام دول أخرى على زيارات مماثلة قد تؤدي إلى تشجع إسرائيل على التمادي في غيها. وأحيطت بأجواء أريد لها أن تبدو «حميمية» على نحو مبالغ فيه. فلم يكتف المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإسرائيلية بإصدار تصريح يشير فيه إلى أن نتنياهو «استضاف وزير خارجية مصر في منزله في القدس، وتناول العشاء معه هناك، ثم شاهدا معا مباراة نهائي أمم أوربا»، لكنه حرص في الوقت نفسه على تدعيم ما جاء في تصريحه بصور نشرها على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، مثيرا بذلك موجة عارمة من الاستياء لدى ملايين المصريين والعرب. تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الزيارة، التي ذكر بيان صدر عن وزارة الخارجية في مصر أنها استهدفت «توجيه دفعة لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية»، جرت بعد أقل من شهرين من إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي «مبادرة» وصفت بأنها تستهدف تحويل السلام البارد بين مصر وإسرائيل إلى سلام دافئ».

دعم الخبز أولى أم دعم الصحف؟

الدعم الذي تحصل عليه الصحف القومية والتلفزيون الرسمي أصبح يثير الغضب في صفوف الكثيرين، وها هو عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» يكشف وجه المأساة: «أصبحت الصحف تحصل على دعم يومي من الدولة، على حساب دعم رغيف الخبز، على حساب الزيت والسكر. التلفزيون القومي أيضاً، المعروف بتلفزيون ماسبيرو، هو كفيل وحدَهُ بنهب خزينة الدولة كاملة، لذا حق لنا أن نطلق على الإعلام الرسمي ككل إنه إعلام الزمن الرديء.
إذا علمنا أن المؤسسات الصحافية حصلت من الدولة، خلال العامين الماضيين، على دعم مالي يزيد على مليار وستمئة مليون جنيه فنحن أمام كارثة. إذا علمنا أن مؤسسة صحافية واحدة حصلت على أكثر من سبعمئة مليون جنيه فنحن أمام كارثة. إذا علمنا أن هذه المؤسسات مدينة للضرائب بنحو عشرة مليارات جنيه فنحن أمام كارثة. إذا علمنا أن التلفزيون الرسمي يحصل على دعم سنوي يصل إلى ثلاثة مليارات جنيه، بمعدل 250 مليون جنيه شهرياً، فنحن أمام كارثة. إذا علمنا أن ديونه للدولة تصل إلى 42 مليار جنيه فنحن أمام أُم الكوارث. الحقيقة الأكثر دهشة كما يشير الكاتب هي السبب في ذلك، وهي أن الأداء المهني لكل هذه المؤسسات الصحافية أصبح في حالة من التدهور والتدني غير مسبوقة على مر تاريخ الصحافة الورقية في مصر، الأخطاء اليومية لا يمكن تجاوزها في حالة ما إذا كانت هناك دولة مؤسسات محترمة».

الرجل الذي استيقظ متأخراً

ومن معارك أمس الجمعة تلك التي شنتها «الشعب» في افتتاحيتها ضد أحد أبرز أنصار النظام وألد خصوم قوى المعارضة الإسلامية في فلسطين: «يجب الإيمان بمبادئ الديمقراطية»، كلمة حق أريد بها باطل، نطق بها النائب سمير غطاس، الذي أعلن، دعمه الكامل للانقلاب العسكري، منذ أن اختارت الإرادة الشعبية الرئيس مرسي، لكنه يحاول في الفترات الأخيرة، التملص من ذلك الدعم الذي سيظل وسم عار على جبينه: خرج غطاس، على غير عادته مهاجما إعلام الانقلاب الذي كان أحد ضيوفه الدائمين إبان الانقلاب العسكرى على يد السيسي، بسبب تناولهم الذي وصفه بالرديء وغير المهنء، للأحداث في تركيا، يوم أمس الجمعة، بعد تعرضها لمحاولة انقلاب فاشلة. وقال غطاس إن ما فعله الإعلام المصري هو فضيحة بكل المقاييس، تكشف مدى حبهم للانقلابات العسكرية، مشيرا أيضا إلى ما تسمى النخب المصرية التي خرجت تشجع بعض أفراد الجيش التركي على فعلتهم الغبية تلك، وأضاف أن الأمر طال بعض نواب مجلس الشعب، متابعا، أن كل هؤلاء أفصحوا عن مشاعرهم وأمانيهم الحقيقية بشكل غريب. وتابع غطاس، أن المشهد التركي كشف أيضا حالة تعاطف مع الديكتاتورية ومخالفة لأبسط قواعد وأسس الديمقراطية التي تحرم تماما التعاطف مع الانقلابات العسكرية، ليس في تركيا وحدها وإنما في أي منطقة أو دولة في العالم، مشيرا إلى إنه بعد انكشاف الموقف النهائي وفشل محاولة الانقلاب، برعت النخبة في تفصيل الأحداث وفقا لـ«المؤامرة». واستطرد موجها حديثه لمعسكر 30 يونيو/حزيران أن المؤامرة تسيطر على عقولنا إلى حد الهوس، فالكثير يعتقدون أن أردوغان تآمر على نفسه، وهو ما يوحي بمستوي جديد من سوء معالجة الأحداث».

أردوغان ينعش الربيع العربي

ردود الأفعال في العالم العربي على ما جرى في تركيا كان أقرب لاستطلاع رأي عملي وجاد: «غالبية كاسحة من الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، كما يشير جمال سلطان في «المصريون» تضامنت مع أردوغان وحزبه ضد الانقلاب العسكري، وشعرت بالعرفان لمعارضيه أيضا لموقفهم المبدأي النبيل، مقابل نخبة صغيرة ومهمشة في بعض أجهزة الإعلام العربية التي ترعاها دولة الإمارات، وأصوات طائفية في العراق ولبنان، وأصوات أخرى ضعيفة مفهومة دوافعها في دمشق والقاهرة. نجاح تركيا وديمقراطيتها بقيادات مدنية ناضجة ومنفتحة، واستعصاء الدولة ومؤسساتها على الانقلابات العسكرية، سيكون له تأثير حتمي على مجريات الأمور في المنطقة، وبدون أدنى شك فإن ما حدث مثّل دعما معنويا وأخلاقيا وسياسيا كبيرا للثورة السورية، بقدر ما مثّل إحباطا وهلعا في أوساط الديكتاتور بشار الأسد وأنصار العسكرة، كما أن التطورات الإيجابية في تركيا ستدعم كثيرا ثورة الشعب الليبي وتمسكه بمكتسبات وأشواق التحرر التي أتت بها ثورة 17 فبراير/شباط ضد الطاغية معمر القذافي، والتمسك بدولة المؤسسات والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، كما ستقلل كثيرا من فرص الجنرال الدموي المخرب خليفة حفتر، فالزمان لم يعد زمانه. أيضا ستعزز الحالة التركية من قوة الدولة التونسية الجديدة وأحزابها المدنية وتعزز الثقة بالديمقراطية كخيار بديل، وتعمق إيمان التونسيين بأنهم اختاروا الطريق الصحيح، وإن كان الأصعب، أيضا ستضعف التطورات التركية من الثقة بالمستقبل لدى الانقلابيين في اليمن، وستدعم إحياء روح الربيع العربي في الحالة المصرية. لا تخطئ عين المراقب تحولات واضحة لدى النخبة المصرية، سواء التي آمنت بثورة يناير/كانون الثاني أم لم تؤمن، هناك رفض حاسم للانقلاب العسكري في تركيا».

دروس من دفتر الانقلاب

لكن هل ثمة دروس نتعلمها من فشل الانقلاب التركي؟ مصطفى النجار لديه ما يقوله في هذا الشأن في «الشروق»: «الدرس الأهم هو النتاج الإيجابي لتراكم الخبرات الشعبية التي خلفتها مرارات الفشل الذي صنعته الانقلابات العسكرية والخروج عن المسار الديمقراطي. كثيرون الآن يدركون أن كل معضلة اقتصادية وراءها فشل سياسي، يجب علاجه لكي يتحسن الاقتصاد ويستعيد عافيته. الدرس الثاني هو أن المواطن في أي بلد إذا شعر بأنه يمتلك منجزات حقيقية يخشى فقدها فإنه على استعداد للوقوف أمام الدبابات لحماية هذه المنجزات، أيا كان خلافه مع الحاكم. وهذا ما رأيناه من جموع المعارضين لأردوغان الذين لم يتصدوا للانقلاب حبا في أردوغان، بل خوفا على تركيا وحفاظا على المكتسبات التي صنعها النظام الذي يعارضونه ويتمنون تغييره لكن بصندوق الانتخابات، وليس قوة السلاح وفوهة الدبابات. الدرس الثالث أن أي خروج عن المسار الديمقراطي يحتاج لغطاء سياسي وشعبي وهذا ما لم يتوفر للانقلابيين الأتراك، الذين صدمهم رد فعل الشعب ونخبته السياسية من أقصى اليمين لأقصى اليسار، فصاروا معزولين ومرفوضين من الجميع مما عجل بانتهاء مغامرتهم المجنونة. الدرس الرابع هو أهمية صناعة الوعي وتغليب مصلحة الوطن على الصراعات الشخصية والحزبية والأيديولوجية، هذا الوعي الجمعي مثير للإعجاب وباعث على التقدير. الدرس الأخير هو أهمية وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي التي باتت عاملا مؤثرا في الأحداث».

ضحايا لا يشعر بهم أحد

بعد الانتهاء من رفع المعاشات بنسبة 10٪ فقط، انتهى أحد فصول الملف الأصعب في مصر، والقضية لم تغلق، وتستحق المزيد من النقاش كي يحصل أصحاب المعاشات على بعض حقوقهم. وهناك زوايا للنظر إلى هذه القضية، أولها كما يشير أكرم القصاص في «اليوم السابع»: «أن النسبة غير مناسبة، وإذا نظرنا إلى نسبة الـ10٪ قد تبدو ضئيلة، لكن الحكومة بدأت بـ5 ٪ فقط، تم رفعها مرتين، ومع هذا تظل صغيرة في سياق التشوهات والانخفاض الحاد في نسبة المعاش مقارنة بالأجر، الحكومة بدورها تتعامل باعتبارات الموازنة والعجز فيها، لكن المناقشات تشير إلى استغلال الحكومات السابقة أموال التأمينات بأقل من 5٪ فائدة، وتأتي قضية أصحاب المعاشات لتمثل إحدى نقاط التوازن السياسي مع قطاع يعاني الظلم عقودا طويلة، ويمثل إنصاف هؤلاء إحدى خطوات السياسة الاجتماعية المطلوبة. واللافت للنظر أن قضية المعاشات لا تحظى بدعم التيارات، التي تتحدث كثيرا عن العدالة والإصلاح الاجتماعي، بل تبدو قضية بلا شعبية، على الرغم من أنها تخص ما يقرب من ربع السكان، بل ربما النصف بحساب الأسر وليس فقط الأفراد، وبالتالي تخص أغلبية، لكنها لا تشغل مساحات اهتمام تناسبها. ربما يكون ملف المعاشات وهو أحد أكثر الملفات صعوبة في الملفات الاجتماعية، لكنه ليس الأصعب، فهناك ملفات الصحة والتعليم. واللافت أن هذه القضايا لا تشغل مساحات واسعة من النقاش العام، ولا تحظى باهتمام رواد مواقع التواصل، والأحزاب السياسية. ربما لأنها لا تحظى بالكثير من الإعجاب، وتبدو قضايا مملة على الرغم من كونها تتعلق بحياة الناس، ويفترض أن تكون ضمن النقاش العام سياسيا واجتماعيا».

التقارب مع إسرائيل يهدد النظام بمزيد من العزلة… وإعلام الزمن الرديء ينافس المواطن في لقمة عيشه

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية