غزة ـ «القدس العربي»: لم تمض سوى ثلاثة أيام على تثبيت التهدئة في قطاع غزة، حتى عاد التوتر العسكري من جديد، بتبادل الطرفين، المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، القصف وإطلاق الصواريخ، على نحو ينذر بإمكانية تدهور الأوضاع وعدم ضبطها مستقبلا. في الوقت ذاته استشهد شاب فلسطيني متأثرا بجروح أصيب بها أثناء المشاركة في فعاليات «مسيرة العودة» قبل أسبوعين.
وفجر أمس شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات جوية على مواقع للمقاومة الفلسطينية في كافة مناطق قطاع غزة، ما أدى إلى إحداث حالة من الهلع خاصة في صفوف الأطفال، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات.
وقصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية موقع «عين جالوت» غرب مدينة خانيونس جنوب القطاع بأربعة صواريخ، قبل أن تقصف موقعا آخر في مدينة رفح.
وعادت الطائرات الحربية الإسرائيلية وقصفت بصاروخين موقع «اليرموك» الواقع إلى الشرق من مدينة غزة، وكذلك موقعا آخر للمقاومة يقع وسط القطاع، وأسفر القصف عن اشتعال النيران في الموقع.
ونفذت الطائرات المغيرة أيضا هجوما على موقع «البحرية»، الواقع غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. وقال ناطق عسكري إسرائيلي إن سلاح الجو قصف 15 هدفا تابعا لحركة حماس في القطاع، من بينها ورشتان لإنتاج الوسائل القتالية وتخزينها حسب زعم الاحتلال، وأشار إلى أن القصف جاء ردا على اطلاق القذائف الصاروخية، وأعمال أخرى وقعت قرب السياج الأمني الفاصل عن غزة.
وقال أيضا إن النشطاء الفلسطينيين أطلقوا قنبلة وعبوات ناسفة وحاولوا الحاق أضرار بالبنى التحتية الأمنية، فضلا عن الحرائق التي شبت في أراض داخل إسرائيل من جراء الطائرات الورقية الحارقة وبالونات تحتوي على مواد مشتعلة، محملا حماس مسؤولية ما يجري في القطاع.
وحسب البيان العسكري الإسرائيلي فإن منظومة «القبة الحديدية»، اعترضت عددا من الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة، حيث دوت على الفور صفارات الإنذار في عدة بلدات إسرائيلية تقع في منطقة «غلاف غزة»، دون أن يتسبب القصف بوقوع أي إصابات.
يشار إلى أنه خلال القصف الإسرائيلي أطلق من القطاع عدد من الصواريخ، في رسالة تحد جديدة لإسرائيل. ودفع ذلك إسرائيل لتحذير حماس انه في حال تواصلت هذه الهجمات، ستتزايد ردودها العسكرية تجاه قطاع غزة.
وتلى عمليات القصف المتبادل للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، إعلان الجيش الإسرائيلي عن بدء قواته مناورات عسكرية في منطقة الجنوب القريبة من حدود غزة.
وأشار جيش الاحتلال إلى أن المناورات التي ستنتهي بعد غد الاربعاء، جرى التخطيط لها مسبقا، وأن السكان القاطنين في الجنوب سيشعرون بحركة كبيرة لقوات الجيش والطائرات المروحية والاستطلاعية، وأن هدفها الحفاظ على «التأهب والاستعداد» للقوات.
وفي إسرائيل أيضا وبسبب عودة تبادل القصف، بعد ثلاثة أيام فقط من وساطة مصرية تدخلت لإعادة الهدوء بين الطرفين، والالتزام باتفاق التهدئة الأخير الذي أوقف حرب صيف عام 2014، الذي ينص على وقف الهجمات المتبادلة، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية الكثير من التعليقات والتحليلات، التي تساءلت في مجملها خلال تحليلها لما يحصل، إن كان العد التنازلي لحرب مقبلة على غزة قد بدأ. وتخلل التحليلات التطرق إلى أوضاع غزة الصعبة، وعدم مبادرة إسرائيل حتى اللحظة للقيام بأي خطوات جدية لتحسين الأوضاع، أو الوصول إلى «هدنة طويلة» مع حركة حماس.
أما في غزة فتسود حالة من الخوف من احتمال قيام إسرائيل بشن هجوم واسع النطاق، على غرار الحرب الأخيرة، اعتقادا بأن إسرائيل تلجأ دوما لمعالجة مشاكلها الداخلية بحروب وهجمات ضد القطاع على وجه التحديد.
يشار إلى أن مصر نجحت فجر يوم الأربعاء الماضي في إرساء التهدئة في غزة، بعد موجة من القصف المتبادل هي الأعنف بين المقاومة وإسرائيل، منذ انتهاء حرب 2014، وكادت أن تصل الى حد اندلاع «حرب رابعة».
إلى ذلك ذكرت مصادر إسرائيلية أن الجيش أعلن عن فشل تجاربه التي حاول خلالها اعتراض «الطائرات الورقية الحارقة»، التي يطلقها نشطاء المقاومة السلمية من قطاع غزة، تجاه الأحراش الإسرائيلية القريبة من الحدود، وذلك بسبب فشل محاولات اعتراضها أو تمزيقها.
جاء ذلك مع استمرار الحرائق التي تسببها هذه الطائرات، في مناطق أحراش «غلاف غزة»، حيث نشب حريق كبير أول من أمس السبت، أدى إلى حرق أكثر من 3000 دونم من الأراضي. ولجأ الغزيون لاستخدام هذا السلاح الجديد، منذ انطلاق فعاليات «مسيرة العودة» يون 30 مارس/ آذار الماضي، وهو ما كبد إسرائيل خسائر مالية كبيرة.
إلى ذلك أعلنت وزارة الصحة في القطاع، عن استشهاد شاب متأثراً بجروح حرجة أصيب بها قبل أسبوعين عندما أطلق جيش الاحتلال النار على المشاركين في إحدى فعاليات «مسيرة العودة». وقال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، إن محمد نعيم حمادة (30 عاما) قضى متأثرا بجروحه التي أصيب بها في «مليونية العودة» يوم 14 من الشهر الماضي شرق غزة.
يشار إلى أن هناك العشرات ممن أصيبوا في أحداث «مسيرات العودة» لا تزال حالاتهم حرجة، من بينهم من يرقد في غرف العناية المركزة في حالة «موت سريري».
ومنذ انطلاق فعاليات «مسيرة العودة» سقط نحو 125 شهيدا، بينهم أطفال، والمسعفة رزان النجار، التي قضت خلال عملها في إسعاف المصابين يوم الجمعة الماضي، علاوة على إصابة أكثر من 13 ألفا آخرين بجراح.