وأنا أواصل قراءة الكتاب الرائع الصادر نهاية سبتمبر/أيلول 2017 لمؤلفه لوتشيانو فلوريدي، وترجمة لؤي عبد المجيد السيد عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، والذي يحمل عنوان «الثورة الرابعة: كيف يعيد الغلاف المعلوماتي تشكيل الواقع الإنساني؟»، وجدتني، بين الفينة والأخرى، أتساءل: هل يقرأ العرب؟ لماذا لا يقرأون؟ وحتى إذا ما قرأوا لا يستفيدون من قراءاتهم.
لطالما طرحت إشكالية القراءة عندنا، وسنظل نطرحها بدون أن نعثر لها على جواب، لأننا ببساطة لا نطرحها لنجيب عنها، ونفكر في الحلول الملائمة، ولكننا نطرحها فقط لأنها طرحت علينا كسؤال في معرض للكتاب. وبتقديمنا الجواب المرتجل على الشاشة نرى أننا حللناها إلى أن تطرح علينا من جديد في سؤال آخر، في معرض مختلف، فيكون الجواب نفسه، وهلم جرا.
لا نرى متابعات ولا مناقشات للكتب التي تشخص الحاضر، في ضوء الماضي، وتستكشف المستقبل. وجاءت الوسائط الاجتماعية لنتلهى فيها بالأضاحيك، وتعمل صحفنا المطبوعة على إعادة نشرها، إلى جانب الصفحات الرياضية التي تملأ ثلث الجريدة، ومعها متابعات دقيقة لأخبار المجرد، وهم يلبسونه السوار الإلكتروني، أو يخلعونه عنه، وهذا يدعي، وذاك يكذب، فيا للتفاهة؟ أنى لنا أن نقرأ الكتب التي تؤسس للفكر، والتي تصدر يوميا في العالم المحيط بنا، ونحن الذين سبقنا الآخرين إلى عصر المعلومات، وبدأنا ننعى الكتاب ونتهمه بأنه دخل المتحف؟ أنى لقنواتنا وصحفنا ومدارسنا أن تهتم بجواهر الأمور التي تهم مستقبل البشرية، ونحن منغمرون في قضايا لا علاقة لها بالعصر الذي نعيش فيه؟ رغم قلة الترجمة لدينا وضعفها تظهر بين الفينة والأخرى كتب مهمة، فلا تقرأ، ولا تناقش، ولا تكون أرضية للتفكير والعمل.
عودتنا سلسلة عالم المعرفة، وغيرها على تقديم كتب رائدة، ورغم ثمنها الزهيد لا تشترى، وإذا ابتيعت وضعت على الرف. وكتاب «الثورة الرابعة» ليس سوى غيض من فيض ما ينشر عن عصر المعلومات، والغلاف المعلوماتي. لقد اعتبر الباحث العصر الذي نعيش فيه عصر ثورة رابعة (المعلوماتية) جاءت بعد الثورة الكوبرنيكية، والداروينية، والفرويدية التي أزاحت كل منها مركزية خاصة: الأرض، الإنسان، العقل، وعوضتها برؤية أخرى للكون، والبيولوجيا، وعلوم الأعصاب. وها هي الثورة الرابعة تأتي لتؤكد أننا «صرنا نفهم أنفسنا على أننا كائنات تعيش مع مثيلاتها من الكائنات الحية المعلوماتية». تحققت هذه الثورات الأربع في سياق تحول تاريخي يختزله الباحث في ثلاث مراحل كبرى، من خلال ربطها بتكنولوجيا المعلومات والتواصل: مرحلة «ما قبل التاريخ»، حيث لم يكن وجود لهذه التكنولوجيا. أما في «مرحلة التاريخ»، فإن رفاهية الأفراد والمجتمعات صارت ذات صلة بالتكنولوجيا، ثم أخيرا مرحلة التاريخ «المُفرط» (ترجمة غير موفقة لما نسميه: التاريخ المترابط)، وهي المرحلة التي أصبح فيها تطور المجتمعات ورفاهيتها يعتمد بشكل أساسي على هذه التكنولوجيا الجديدة التي تقوم على ركيزة إنتاج المعرفة واقتصادها.
عبر قراءة فلسفية وتحليل إبستيمولوجي للتطور وللعصر، عمل الباحث على الكشف عن مميزاته وشروطه الخاصة. ومن خلال الوقوف على تجليات واقعية، قدّم تشخيصا عميقا يقوم على فهم موسوعي وتخصصي دقيق، مميزا في ذلك بين بعض المجتمعات التي ما تزال تعيش في التاريخ، والأخرى التي دخلت مرحلة التاريخ المترابط، وهي التي تقود هذا العصر وتتحكم فيه على المستويات المختلفة معرفيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
لم نعرف، في تاريخنا العربي الحديث، أيا من هذه الثورات الأربع التي عرفها الغرب. قد نردد آثار بعض هذه الثورات ببلاهة ببغائية، أو ننكرها على أنها أفكار غربية، ولا علاقة لها بتراثنا وتاريخنا، لذلك فنحن نعيش في عصر آخر غير هذا العصر، ونفكر في إنجاز «ثورات» من نوع آخر لا يصب في اتجاه تطور الإنسانية، بل إننا نفكر في «ثورات مضادة» نستغل فيها هذه التكنولوجيا الجديدة ضد المستقبل العربي.
إننا بصدد التفكير في، والعمل على إنجاز ثورات تتصل بما قبل التاريخ، وفي أحسن الأحوال نعمل على إعادة التاريخ إلى الوراء: فمن جهة أولى يعمل البعض على استرجاع الخلافة. ومن جهة ثانية يتم استحضار الفتنة الكبرى، والتفكير في أخذ الثأر من قتلة الحسين. ومن جهة ثالثة يحرص آخرون على إحياء النعرات الطائفية والعرقية التي تنتمي إلى عصر ما قبل التاريخ. وكل واحد من هؤلاء يحلم بوطن خاص به، ولا وجود فيه لغيره. وطن تتحقق فيه الذات السامية والأصيلة والنقية، ويكون فيه الاعتزاز بهويات لا نظير لها في تاريخ البشرية. فمن أين لمن يتشبث بهذه الأطروحات ما قبل التاريخية، أن يقرأ ما يتصل بالتاريخ أو بالتاريخ المترابط أو بالفكر الذي يؤسس لعلاقات جديدة بين الإنسان والكائنات المعلوماتية، وهو على تناقض معها؟
إننا لا نقرأ، وهذا موقف ثابت، لأنه إذا كانت الغاية من القراءة تطوير الفكر، فإن ما نقرأ يتعارض مع ما ندعو إليه، ولذلك فنحن نطمئن إلى جاهز «المعرفة اليومية» التي نتشبث بها ضد «المعرفة العلمية»، لذلك لا عجب أن نظل خارج التاريخ، وتكون كل «ثوراتنا» لاتاريخية.
٭ كاتب مغربي
سعيد يقطين
استاذ سعيد يقطين اسمح لي هذه المرة ان أقول لك بأن مقالك ( مصيب في جوهره) وخلافه في مظهره، فكنت اعتقد من العنوان والاسطر الاولى انك ستحدثنا عن كتاب الثورة الرابعة وتفند بنوده، فإذا بك تكرر ما قلته في مقالات سابقة حول سوء استخدام العرب للثورة الرابعة، إن مشكلة القراء والقراء عند العرب قديمة قدم الزمن فمتى كانوا يقرأون حتى في عهد المأمون, ثم الثورات الاعلامية بدأت بالثورة الاولى في اختراع الحرف في سورية منذ ثلاثة الاف سنة التي ساهمت في الكتابة الابجدية التي عمت العالم بأسره اليوم، ثم الثورة الثانية جاءت باختراع مطبعة غوتنبرغ في النصف الثاني من القرن الخامس عشر وساهمت بانتشار المعرفة عبر طبع الاف النسخ من الكتب وساهمت في ولادة الصحافة، ثم جاءت الثورة الثالثة في اختراع الاقمار الاصطناعية وربطها بالمعلوماتي التي جعلت العالم قرية صغيرة أما الثورة الرابعة فهي ثورة الانترنيت التي انشأت ما يعرف اليوم بالاعلام الافقي اي وسائل التواصل الاجتماعي وهذه الوسائل اليوم التي يبدع فيها العرب في الهجاء والمديح والبذاءة .. أليس اكثر من ثمانين بالمئة من الشعر العربي مديح وهجاء
اللغة العربية في معظم الإعداديات والمعاهد الثانوية مُهانهة من قبل أساتذة تقرأ النص ولا يُؤتى على ما هو مهم لصقل عقل المتعلم.
أما عن الأسئلة في الكتاب المدرسي فإنه لا تقع الإجابة على محتوى النصوص العربية ولا شرح للكلمات أو لإعراب بحيث النصوص العربية في الكتب المدرسية مادة لمن ألفوها لقبض المال وزينة لمُطلع من خارج البلد حين يرى تلك الكتب فيقول في خاطري أنها أعمال قيمة وتفيد الناشئة ولكن العكس هو الصحيح حين ترى من يجتاز إمتحانا في اللغة العربية لا يجيب عن الأسئلة المتعلقة بنص الإمتحان تتأكد أنه لم يتدرب على الإجابة أو طرح للسؤال حتى يُجيب من هم مثله على سؤال جاء في المقال أعلاه.
المقررات في البلاد العربية هي على مقاس ما تقرره المؤسسات المالية الدولية الي تتحكم في قوت العرب أغنياء كانوا أم فقراء ولا فقير غير فقير العلم والأدب
المناهج المتبعة في تدريس اللغة العربية لا تُرغب في القراءة. فكيف باللغات الأخرى التي هي نوافذ على ما كَتب ويكتب الآخر. المقررات ممنهجة بطريقة ترسخ النفور من القراءة رغم توفر وسائل الإتصال الحديثة التي قربت الكِتاب لمن أراد الإستفادة.
من البديهي أن عمق التطورات الآنية و الآفاق المستقبلية تدفع بالحضارة الانسانية الى تحولات عميقة و شاملة تتمثل في الانهيار التدريجي ل”مجتمع الانتاج” و التحول إلى “مجتمع الاعلام و المعلومات”، أو “الثورة الرابعة”، و الذي برزت بوادره منذ عقود و أصبحنا نلمسها بشكل جلي في الوقت الراهن. و من شأن هذه التوجهات أن تخلق إكراهات عميقة و شاملة تستدعي اعتماد نظرة جديدة لمقاربة الأشياء و تقييم الواقع الجديد الذي نواجهه، مع التركيز على الحالة الراهنة و الآفاق المستقبلية. و لذلك نجد أنفسنا مجبرين على تنوير الرأي العام حول هذه التحولات و حول الأفاق المستقبلية بالنسبة لدولنا مع التركيز على الاستعمال العقلاني للوسائل و الآليات المتوفرة لدينا للاستفادة القصوى من الامكانات المرتبطة بمجتمع الاعلام و المعلومات، من البديهي أن عمق التطورات الآنية و الآفاق المستقبلية تدفع بالحضارة الانسانية الى تحولات عميقة و شاملة تتمثل في الانهيار التدريجي ل”مجتمع الانتاج” و التحول إلى “مجتمع الاعلام و المعلومات”، أو “الثورة الرابعة”، و الذي برزت بوادره منذ عقود و أصبحنا نلمسها بشكل جلي في الوقت الراهن. و من شأن هذه التوجهات أن تخلق إكراهات عميقة و شاملة ترغمنا على تغيير طريقة تفكيرنا و نمط مقارباتنا للأشياء بشكل أبعد و أوسع و أعمق، بعيدا عن لغو السياسيين و حساباتهم الضيقة و قصر نظرتهم التي ما فتأت تجعلنا ننسى أن المستقبل هو الزمن الوحيد الذي يمكننا ان نتحكم فيه و نصنعه ونحتاط من تداعياته.
و لكي نتمكن من تنوير الرأي العام و خصوصا الشباب و حثهم على الاهتمام بالقضايا الكبرى، قمنا بمبادرة، في هذا الصدد، بشراكة مع جمعيات و فعاليات مدنية بمدينة طنجة خلال سنتي 2016 و 2017 بقراءة كتاب في الشهر خصصت لكتب و مؤلفات و إصدارات للبروفسور المهدي المنجرة، رحمه الله، تحت شعار “من أجل مجتمع قارئ”. و قد عرفت هذه المبادرة القيمة نجاحا كبيرا تجلى من خلال الدعوات التي توصلنا بها من أجل تعميمها على باقي المدن المغربية.
من البديهي أن عمق التطورات الآنية و الآفاق المستقبلية تدفع بالحضارة الانسانية الى تحولات عميقة و شاملة تتمثل في الانهيار التدريجي ل”مجتمع الانتاج” و التحول إلى “مجتمع الاعلام و المعلومات”، أو “الثورة الرابعة”، و الذي برزت بوادره منذ عقود و أصبحنا نلمسها بشكل جلي في الوقت الراهن. و من شأن هذه التوجهات أن تخلق إكراهات عميقة و شاملة تستدعي اعتماد نظرة جديدة لمقاربة الأشياء و تقييم الواقع الجديد الذي نواجهه، مع التركيز على الحالة الراهنة و الآفاق المستقبلية. و لذلك نجد أنفسنا مجبرين على تنوير الرأي العام حول هذه التحولات و حول الأفاق المستقبلية بالنسبة لدولنا مع التركيز على الاستعمال العقلاني للوسائل و الآليات المتوفرة لدينا للاستفادة القصوى من الامكانات المرتبطة بمجتمع الاعلام و المعلومات، من البديهي أن عمق التطورات الآنية و الآفاق المستقبلية تدفع بالحضارة الانسانية الى تحولات عميقة و شاملة تتمثل في الانهيار التدريجي ل”مجتمع الانتاج” و التحول إلى “مجتمع الاعلام و المعلومات”، أو “الثورة الرابعة”، و الذي برزت بوادره منذ عقود و أصبحنا نلمسها بشكل جلي في الوقت الراهن. و من شأن هذه التوجهات أن تخلق إكراهات عميقة و شاملة ترغمنا على تغيير طريقة تفكيرنا و نمط مقارباتنا للأشياء بشكل أبعد و أوسع و أعمق، بعيدا عن لغو السياسيين و حساباتهم الضيقة و قصر نظرتهم التي ما فتأت تجعلنا ننسى أن المستقبل هو الزمن الوحيد الذي يمكننا ان نتحكم فيه و نصنعه ونحتاط من تداعياته.
و لكي نتمكن من تنوير الرأي العام و خصوصا الشباب و حثهم على الاهتمام بالقضايا الكبرى من جهة، و العمل على تطوير و تكريس الرغبة في القراءة لدى الجميع خصوصا الشباب، قمنا في هذا الصدد بشراكة مع جمعيات و فعاليات مدنية بمدينة طنجة خلال سنتي 2016 و 2017 بمبادرة “قراءة كتاب في كل شهر” استهليناها بقراءات شهرية كتب و مؤلفات و إصدارات البروفسور المهدي المنجرة، رحمه الله، تحت شعار “من أجل مجتمع قارئ”. و قد عرفت هذه المبادرة القيمة نجاحا كبيرا تجلى من خلال الدعوات التي توصلنا بها من أجل تعميمها على باقي المدن المغربية.
في رايي، ان كل الثورات التلاثة السابقة هي في الاصل ثورات معلوماتية، و هذا طبيعي عند الانسان، حيث يكون هناك
قفزة في المعلومات، تكون هناك قفزة في طريقة عيشه. مثلا، كانت هناك معلومات كيف نصنع المحراث، ادى الا ثورة فلاحية،
و كانت هناك معلومات و تقنيات تخص تركيب اجزاء بعضها البعض، فكانت هناك ثورة صناعية.
.
فماذا يميز اذا هذه الثورة الرابعة كي نسميها ثورة معلوماتية، هل سنتغذى و نشرب المعلومات؟ لا طبعا، لا بد من انتاج فلاحي و صناعي. و المعلومات ستكون جزءا مهما في سلسلة الانتاج هذه. لكن هذا كذلك ليس بالجديد، فالمعلومات كانت دائما جزء من سلسلة الانتاج منذ التاريخ.
.
فاين الجديد اذا؟ حسب رايي، هناك الانبهار بسرعة تدفق المعلومات في عصرنا هذا و ربط القرى في العالم ببعضها البعض كي تتواصل بينها بالمعلومات هو البارز في دهننا، و نربط هذا بمصطلح الثورة المعلوماتية. لكن تدفق المعلومات لا يصنع حضارة كما في المقال، قد يكون مضيعة للوقت كما هو حال الهجاء و المديح في شعر الانترنيت الجاهلي حسب الاخ السوري و هو محق.
.
السؤال مرة اخرى، ماذا يميز اذا هذه الثورة عن باقي الثورات؟ فلما صنع التلفون، كان هناك من ينتقد كذلك مضيعة الوقت في الحديث عن مسائل جانبية و اخبار لا تسمن و لا تغني من جوع كما تفعل امي معي في التلفون. اين هو اذا الجديد، لماذا نسمع من يقول ان المعلومة هي المادة الخام لهذا القرن. هذه اسئلة لا يتناولها المفكرين لانها تحتاج الى تدقيق و معرفة اولية بمستوى التطور الحالي في تعامل الانسان مع المعلومة، او كيف يستغل الانسان او كيف يحب الانسان ان يستغل المعلومة.
.
ساحاول الاجابة و لو بشكل وجيز، حسب رايي المتواضع، بما انني من اهل الدار في هذا الميدان. ربما لي هنا اريحية بعض الشيى لا اجدها في مواضيع اخرى.
.
الدول تتحدث عن ثورة وجب اللحاق بها، قبل فوت الاوان، اذا هناك قوة لهذه الثورة وجب الانقضاض عليها. و من انقض عليها لاحقا ربما لن ينفع هذا كثيرا. اذا عامل الزمن حاسم في هذه الثورة، و هناك سباق للسبق، السبق الى ماذ؟ السبق الى المعلومة طبعا، فمن يمتلك المعلومة، يمتلك المستقبل اذا. هل هذا صحيح؟ نعم، خصوصا اذا كانت المعلومة تنبآة دقيقة. و هذا هو بيت القصيد، و القوة و كل القوة التي تخبأها لنا هذه الثورة الرابعة. التنبأ. و هنا اترحم على العالم المهدي المنجرة. رحمك الله.
.
يتبع من فضلكم.
تتمة،
.
ساحاول هنا التركيز على كلمة تنبأ، لانني اغتم كل فرصة لتشجيع من له القدرة ان يهتم بالامر، فانا ارى فيه فرصة العمر قد لا تتكر لعالمنا العربي للحاق بالتقدم، كما ساوضح لاحقا.
.
ان اراد شخص ان يعزم عشرة اشخاص لاكلة الكسكسي، وجب عليه معرفة مقادير كل شيئ يحتاجه من جزر و كوسة …
و هكذا يمكننا ان نقول ان ما قام به هو تنبأ بما يحتاجه العزوم. لكن ان كان هناك شخص اكول جدا، اسود وجه المظيف، راحت عليه الزلمي :) لانه لم يتنبأ جيدا. اذا التنبأ يكون عادة غير دقيق، و قوته في دقته.
.
لندع الكسكسي جانبا، و ناخذ مثلا شركة تريد ان تسوق بضاعة ما في الانترنيت، وجب عليها التنبأ اي من قراء الاعلان هو زبون مهم سيشتري لا محالة هذه البضاعة، لان ثمن الاعلان غالي، و ليس ذي جدوى ان تقدم اعلان لقفاز الملاكمة لسيدة عجوز، او حفاظات الاطفال الى شباب ليس لهم ابناء. لكن كيف نعرف، و من اين لنا بالمعلومة؟ المعلومة موجودة. هي كل ما يخلفه المبحر في الانترنيت من آثار، اي الصفحات، كم ثانية لكل صفحة، لماذا هناك صفحات يغيرها بسرعة، الطريق التي تسلكها الفأرة على الشاشة، عمره الشخص، جنسه …. الخ. لكن هذه المعلومات في متناول الجميع، من يدفع اقصد، و تشترى من شركات مثل غوغل. فهل الكل سيبيع كل شيئ للكل. لا طبعا، هنا ياتي العامل الحاسم، الا و هو الانسان و مقدرته على استخراج المعلومة الحاسمة من المعلومات المتوفرة. لنسجل هنا، استخراج المعلومة من المعلومات. هذا مهم سارجع له لاحقا.
.
نرى بالمثال اعلاه، ان التنبأ ليس دقيقا، و قوته في دقته التي تعتمد على على استخراج المعلومة الحاسمة من المعلومات المتوفرة و ما اكثرها حد الثخمة. لنسجل هنا، كلمة الثخمة. لذلك نقرأ مصطلحات مثل big data و data mining …
.
لناخذ مصطلح data mining, فهو معبر جدا و يلخص الموضوع. mining !!!! ما علاقة المعلومة بالمناجم. لان كمية المعلومات المتوفرة هي فعلا مناجم غنية جدا، يمكننا ان نستخرج منا معادن نفيسة، الفارق الحاسم هو كيف. نفهم الآن بوضوح مقولة ان المعلومة هي المادة الخام لهذا القرن. و كيف، كيف …؟ هنا انا ارى و بكل ثقة، فرصة العمر للعرب. لان المسالة لا تحتاج الى اموال و لا الى استثمار، بل تحتاج الى عقول، و ما اكثرها عند العرب، و ما اثقلها :) و هكذا قد تصير دول الى مصدرة ل “كيف”.
.
يتبع من فضلكم، انا اعرف انني ابالغ، معذرة.
تتمة،
.
ساختصر هنا بعد الامثلة اعلاه و هي في الحقيقة بسيطة بالمقارنة مع ما قد ينتج عن التنبأ باستعمال مناجم المعلومات
التي هي متواجدة و سوف تزيد كبرا. المسالة خطيرة الى درجة ان البيت الابيض الامريكي خلق منصب جديد ملحق بالرئيس مباشرة في البيت الابيض خصيصا لهذا الميدان nation’s first chief data scientist. و هو السيد DJ Patil و هو هندي الاصل.
.
تخيلوا معي مواضيع مثل الصحة، او مسائل اقتصادية او جيو استراتيجية … هنا تتجلى الثورة المعلوماتية و السباق المحموم.
.
لمن يهتم يمكنه البحث عن dj patil white house في غوغل.