الثورة السورية: إذا الموءودة سئلت!

حجم الخط
24

تكمل الثورة السورية اليوم عامها السادس وحال أهالي المناطق الثائرة يوجع القلب والروح، فقد تُركوا وحدهم ليعانوا أشكال التجويع والحصار والإفقار والتهجير والإبادة الموصوفة بأشكال خارقة من القتل بالبراميل المتفجرة والصواريخ العنقودية والفراغية وأحياناً بالأسلحة الكيميائية، وانقطعت عنهم أشكال الإمداد المادي والمعنوي والتسليحي بحيث صار الخيار الوحيد لهم هو «مصالحات النظام» التي تُخلي الأرض من بشرها، وتفرغ المناطق الثائرة من محاربيها وحاضنتهم الاجتماعية، وتمهّد الطريق، في أحيان كثيرة، لتغيير ديمغرافي وطائفيّ فتستوطن حشود شيعية من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان الأمكنة المهجورة، ويتلازم ذلك أحياناً مع طقوس تشفّ وغطرسة وقهر علنيّ، كأن يذهب رئيس البلاد المفدّى مع وزير دفاعه ومفتيه وأزلامه ليصلّي في مدينة هجّر سكّانها وحوّل بناياتها أنقاضا وأبدل عزّها ذلاً.
وخلال السنوات الماضية كانت أنواع الدعم البشريّ والعسكري للنظام تزداد، فبعد رشاوى بعض دول الخليج مع انطلاق الثورة، والتي لم تغيّر أنملة من سلوك إدارة بشار الأسد، ومع اتساع الثورة واشتداد قوتها وتراجع النظام شهدنا إناخة روسيا بظلّها الجوّي على الكيان السوري ومحاصرتها سواحل البلاد بمدمراتها وبوارجها وبناءها قواعدها العسكرية والجوّية في طرطوس وحميميم وإعلانها تحرير مدن كتدمر ثم تسليمها للنظام، بل واحتفالها بانتصاراتها، بصفتها الدولة المتحضرة في الشرق المتخلف، باستحضار فرق أوبرا وغناء، فيما تتشارك اقتسام البلد المهيض الجناح مع إيران، حليفها الجغرافيّ وشريكها صاحب الشوكة والهيلمان في الإقليم، الجمهورية الإسلامية التي انتهى أمر ثورتها ضد المستكبرين لتزجّ بقوافل المهمّشين الشيعة في أفغانستان وباكستان ولبنان والعراق لقتال إخوتهم العرب السنّة الثائرين، تحت رايات الدفاع عن المقدّسات الشيعية وثأر الحسين لتغطّي على أهدافها الحقيقية العديدة وبينها استخدام أوراقها هذه للتفاوض مع «الشيطان الأكبر» (على حد وصف الإمام الخميني لأمريكا) وتوطيد نفوذها الإقليمي والحفاظ على طاغية أصبح عمليّاً والياً من ولاتها.
مع اشتداد بطش النظام ونجاته من «الخطوط الحمراء» التي رسمها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وممارسة هذه الإدارة ضغوطاً على بعض الأنظمة الداعمة للثوار لصدّهم كلّما اقتربت إمكانيات إسقاط النظام، انسدّت الآفاق واسودّت، وتفاعلت مظالم إيران ونظامها التابع في بغداد الوحشية ضد المكوّن السنّي مع التداخلات الاستخباراتية لتعطي دفعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو مخطط، كان في أذهان استراتيجيي نظامي بغداد ودمشق، هو طوق النجاة من الثورات، وباب طائفيّ لتدمير مدن وحواضر الحواضن الشعبية لهذه الثورات بحيث لا تقوم لها بعدها قائمة.
كان يمكن لهذه المخطّطات الخطيرة التي رسمت في طهران وبغداد ودمشق أن تصطدم بحركة التاريخ الجبارة وبإرادة الشعوب العظيمة لولا تكاثر السكاكين في ظهور هذه الثورات وتعاضد خصومها المصممين على كسرها مع «أصدقائها» المتلاعبين والمشتغلين على الغدر بها وإنهاكها وإيصالها إلى المسار الذي وصلت إليه، لقد توازت شراسة روسيا وإيران مع مخاوف الإدارة الأمريكية من الإسلاميين وإخلائها الفراغ لنهوض النظام وحلفائه، ودخلت بعض الأنظمة العربية على خط هذا التآمر المباشر مع صعود مدّ الثورات المضادة في مصر واليمن وتونس وليبيا، فشهدنا محاولات متكرّرة لتصنيع حركات مشابهة لحركة حفتر في ليبيا، ودحلان في فلسطين، وارتفع الخصام الأيديولوجي مع «الإسلام السياسي» مرتبة على الصراع مع إيران ومخططاتها، وهو ما أدّى لكوارث جيوستراتيجية.
لقد تشارك العالم على وأد الثورة السورية وها هو الآن يدفع ثمن ذلك.

الثورة السورية: إذا الموءودة سئلت!

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    أكبر عدو للثورة السورية هي داعش الشمطاء المدعية الإسلام زوراً وبهتانا
    داعش كانت تستولي على المناطق التي يحررها الثوار وأولها مدينة الرقة التي حررها الجيش الحر
    داعش كانت تغتال الثوار السوريين وكانت تتعامل مع الصفويين والنظام العلوي على حد سواء وفي أمور عديدة ضد الثورة
    داعش لم تفجر بإيران عدوة الشعوب العربية وكأن داعش أعجمية ! لن تسمح إيران بتدمير فزاعتها بالمنطقة داعش !! قاتلهم الله جميعا
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عفيف/امريكا:

    السادة القدس العربي
    لو كان تفسر الصراع السوري هو صراع سني _شيعي لكان الامر سهل
    ولكنه ليس كذلك,,,و الدليل
    1- جميع الوزراء و رؤساء الهيئات و المدراء العامون بما فيهم وزير الدفاع هم من السنه
    2-هناك دول عربية سنيه خالصة تدعم نظام بشار الاسد , مثل الاردن و مصر و الجزائر
    3-المقاومه لا تريد بشار ليس لانه شيعي , بل هم يريدون التغيير لانهم ملوا من بقائه في السلطه خلفا لابيه الذي ايضا بقى 30 سنه , و هذا يفسر ثورات الربيع العربي التي قامت ضد رؤساء سنه
    4-لماذا روسيا دعمت نظام بشار ؟ هل روسيا شيعيه ؟ و الان امريكا و اسرائيل ايضا يريدونه وهم ليسوا شيعه ايضا
    5-اعتقد لو بقيت الثورة السوريه سلميه لما وصل بنا الحال الى هذه الماسي ,,بل كانت ستزيل نظام بشار كما ازال المصريون بثورتهم السلميه نظام مبارك و مرسي
    شكرا لكم

    1. يقول أحمد - لندن:

      الى الأخ عفيف أميركا

      و هل يستطيع الشعب المصري العظيم ان يزيل نظام السيسي بشكل سلمي الان ؟ و هل كانت اعتصامات رابعة و الاتحادية غير سلمية؟ و هل اعتقال رئيس منتخب و الانقلاب على الشرعية هو تصرف سلمي؟ و هل الدكتور البرادعي كان ارهابيا حتى ينجو بحياته هربا من النظام المصري؟

      الاجرام و القوة و البطش و التجويع هو الذي يحصل الان في مصر، حتى حلفاء الانقلاب لم يسلمو منه على سبيل المثال البرادعي و الأقباط الخ…

      الشعب المصري انضحك عليه للأسف و مش قادر يتكلم … يداك او كتا و فوك نفخ!

      استغرب تفكير الكثير من الإخوة من مصر.

    2. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

      أخي عفيف/امريكا من وجهة نظر الشعب السوري الصراع ليس طائفياً لكن الطائفية هي جزءاً من الصراع مع السلطة الطائفية (ومن يعرف كيف يتم السيطرة على المراكز الحساسة ومراكز القوى في السلطة يعرف ذلك جيداً) أما من وجهة نظر حزب الله إيران فهو صراع طائفي بالدرجة الأولى وهذا لم تخفيه إيران ولا مليشياتها الشيعية التي تقاتل في سوريا ولا حتى حزب الله وإن كان يحاول تغطيته ذلك بفلسفات المقاومة الخادعة ولا شك في المقابل أن السعودية أيضاً تلعب على وتر الطائفية وإن كانت تحاول إخفاء ذلك بتصريحات واهية. في النهاية الصراع بالدرجة الأولى ليس طائفية لكن طائفية النظام جرت الأمور نحو الطائفية وخاصة بعد تدخل حزب الله و إيران المباشر وتدخل السعودية ولو بشكل غير مباشر عن طريق دعمها المستتر لبعض الجماعات المسلحة.

  3. يقول yelmaz guney romania:

    حسبوا أن العالم الحر سيثور على الظلم والعدوان ، وما دار بخلدهم أن الضمير العالمي قد مات. –

  4. يقول Ammirare:

    الاخ داود داعش من صنع نظام الاسد

  5. يقول سامح //الاردن:

    *كان الله في عون الشعب السوري الأبي
    وجميع الشعوب العربية المظلومة.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل حاكم
    ظالم فاسد.
    سلام

  6. يقول سوري:

    في هذا الشهر المبارك لانتفاضة الشعب السوري ضد نظام العمالة والإجرام، نظام بشار الكيماوي ابن ابيه أبو المسالخ البشرية الذي حول سورية ألى غرفة تعذيب كما قال الأمير زيد بن رعد – والشعب السوري يشكره على تقريره الأممي،- وأرض سورية إلى أرض مستباحة من قبل المجوس والروس وحزب الله وكل الميليشيات الطائفية الهمجية التي تذكر بهمجية المغول والتتار، هذا الشعب العظيم سيلقن هؤلاء وكل من لف لفيفهم درسا في النضال ضد الظلم والإجرام، هذا الشعب العنيد المتطلع إلى حريته تتآمر عليه دول كثيرة، وتتفرج عليه وهو يذبح معظم دول العالم، مازال مستمرا في ثورته سنوات ست ويكفيه فخرا أنه لم يركع لكل هؤلاء المجرمين وهاهي السنة السابعة من الثورة تهل وشعبنا صامد، رغم أنف الشبيحة، والطابور الخامس، وداعش، وحالش ،وقسد، وعصائب الضلال، والفاطميون، والزينبيون، والروس، والمجوس, وكل المتأمرين مع النظام السوري ويريدون وأد هذه الثورة العظيمة

    1. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

      ورغم أنف الصهاينة والأمريكان أصدقاء بشارون يا أخي سوري! حقيقة لولا أن أوباما أراد لبشارون حامي جبهة الجولان عن أبيه! أن يبقى في السلطة خوفا على أو لضمان أمن إسرائيل بالدرجة الأولى لما وصلت المأساة إلى هذا الحد بكل تأكيد ولنا الله ومالنا غيرك يالله

    2. يقول غادة الشاويش -المنفى:

      اخي الحر اسامة كل عام وانتم منتصرون وتدقون مساميركم في نعش الدكتاتور وفي نعش الميليشات الارهابية الطاءفية التي استلهمت حقدها السلفي فاتت تقاتل الشعب الحر الذي اواها في عقر داره تهجره وتسرق طابوات الارض تماما كما فعل الصهاينة الحاقدون معنا وعلى خلفية عنصرية دينية طاءفية .. ميليشيات حماية الطاغية عدو الله والمستضعفين ..تحاصر تصادر سندات الاراضي مقابل اطعام الناس الجياع في ابشع مجازر القرن يذكرنا هذا بان من حالف الدكتاتور يصبح مثله في حرب المخيمات حوصرنا كفلسطينيين بقرار من الطاغية الاب وسلخ الناس الملاب والقطط ورفع شعار طاءفي بشع واليوم يعيد التاريخ نفسه فيحاصرون ويجوعون ويرفعون ذات الشعارات الطاءفية ..يغيرون ديمغرافيا يهجرون ويعلنونها حربا صريحة وتصاريح مقاتليهم الطاءفية البشعة تملا المواقع .. سننتصر نحن وانتم يا اخي اسامة بصبرنا وعظمة جهادنا وبراءتنا من الانحياز للمجرمين وسنحتفل معا بزوال الاحتلال الصفوي الارهابي السلفي الحاقد على امته في ابشع تدرن للقلوب ووالنفوس يمكن ان تمارسه اقلية عنصرية حاقدة ومدعومة بارهاب دولة الملالي الحاقدة .. وسننتصر على العدو الصهيوني لاننا لم يفلح القوم في ان يجوعونا فصنعنا صواريخنا وحاربنا بفضل الله بلا منة من احد وقلنا الكلمة الفصل طريق فلسطين لا تمر من حلب وفي هذه الطريق لن تطبع قدم لظالم ارهابي قاتل فمن يبيد اطفال غزة في فلسطين يتطابق مع من يبيد اطفال سوريا ويدعم اقذر دكتاتور عرفه العالم منذ الحرب العالمية الثانية كل عام وجراح صمودنا اخي اسامة بصبر ومثابرة كل عام واقدامنا على طريق التضحية اثبت كل عام وقبر الدكتاتوريات وجمهوريات الحقد الطاءفي الايراني والعنصري الصهيوني يحفر بعرق الاحرار ودعاء المظلومين ومقاومة الشرفاء الذين ابو ان يكونو قطيعا قاتلا معبءا بالكراهية وسنرفع العلمين السوري والفلسطيني بعد ان ننعي للعالم زوال اقذر دولتين ارهابيتين صبغتا المنطقة بالدم دولة الملالي الحاقدة في طهران ام جزار سوريا واليمن ودولة العدو العنصرية .. ولو اراد الله بهم خيرا ما اخذ باقدامهم الى هذا الوحل الدموي ولا ملا صفحاتهم واثقل صحاءفهم بالدم الحرام .. يتجمع دعاء المظلومين ودماء الشهداء في يد المنتقم ووالله لو حاربناهم حتى اخر رجل فينا لعلمنا اننا على الحق وهم على الباطل ويا الله ما النا غيرك يا الله

    3. يقول أسامة كليّة سىريا/ألمانيا:

      إن شاء الله أختي غادة

  7. يقول محمد جبرؤوتي - ألمانيا:

    حياكم الله.. مقال رائع.

  8. يقول عبد الله محمد- فلسطين:

    أنا معك أخي الكروي داود أنَّ داعش فزاعة، ولكنها مع ارتباطها المعروف والمشبوه بإيران فإنها للمفارقة ترتبط بالفكر الوهابي والدعم من دول المنطقة المرتبطة بأمريكا، كانت الدول في الشرق الأوسط ومنها تركيا وإسرائيل تسهِّل لهوامش السلفية الجهادية الانتقال لسوريا ليجدوا المأوى والسلاح والنكاح مقابل أن يكونوا جزءا من كذبة “الدولة الإسلامية” وهي دولة مصطنعة ذات مهمة وظيفية، وليس لها من الإسلام نصيب.. وجبهة النصرة لا تختلف عن داعش في شيء إلا في الاسم والطراز وجدول المهمام المكلفة بها، لو جئنا لأي حركة سياسية أو جماعة عنفية حقيقية سنجد لها ولادة معروفة لاهل زمانها ومكانها أما تلك الفصائل فسلوكها يدل على زيفها

  9. يقول فؤاد \\ فلسطين:

    ما يحدث في سوريا هو تكالب الاكلة على قصعتها
    نفهم تكالب روسيا والغرب وعملائهم لكن تكالب ايران يجعلها في خندقهم فهي مثلهم في عداء العرب والمسلمين

  10. يقول الصوفي الجزائر:

    اول من طعن الثورة السورية في الظهر هم ابنائها الذين تنازعوا على الفتات وتركوا الاهم
    ثانيا الغرب واسرائيل الذين رؤا في بشار خير حام للحدود
    داعش اعتبرها جاءت في المرحلة الاخيرة لكن لتصفية مابقى من الثورة السورية
    ومن يشك في ان داعش صناعة امريكية خالصة لضرب كل مايرمز للاسلام لاحظوا حتى بعض المعلقيين صار يضرب لنا الامثال بداعش كلما تعلق الامر بالاسلام

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية