الناصرة – «القدس العربي»: تؤكد مجموعة من الأكاديميين في إسرائيل وخارجها، أن جامعاتها وبخلاف مزاعمها هي جزء أساسي من منظومة الاحتلال والاستيطان والقمع، فيما يطالب النواب العرب في الكنيست بوقف التمييز العنصري في هذه الجامعات التي تبلغ نسبة الطلاب العرب في بعضها 30% بينما تبقى نسبة المحاضرين العرب أقل من 3%.
وكشف المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية «مدار» في تقرير جديد أن مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين تأسست أخيرا تحت اسم «أكاديميا من أجل المساواة» تعكف على إعداد وإنشاء «بنك معلومات» يشمل معطيات عن انتهاكات الجامعات الإسرائيلية.
وتطلق المجموعة المبادرة على بنك المعلومات اسم «أكاديميا مجنَّدَة» ويشمل مواد وتقارير إخبارية، من وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية، ووثائق وتقارير رسمية صادرة عن الجامعات الإسرائيلية. ويرمي أساساً إلى كشف زيف الادعاء الإسرائيلي بأنها « جسم مستقل، متنور وتقدمي» ، وهو الادعاء المركزي المستخدَم عادة، في مقاومة مبادرات المقاطعة التي تنضم إليها جامعات مختلفة في أنحاء العالم ضد الجامعات الإسرائيلية ، وذلك من خلال كشف وتأكيد الدور العميق الذي تلعبه الجامعات الإسرائيلية في تكريس الاحتلال في المناطق الفلسطينية، من خلال تعاونها الوثيق مع المستوطنات والمشروع الاستيطاني، مع الجيش والصناعات الحربية ومع «الجهد الإعلامي» الإسرائيلي ضد حركة المقاطعة الدولية.
الصورة مزورة
وتقول نتالي روتمان، أستاذة التاريخ في جامعة تورنتو وإحدى المبادرات إلى تأسيس مجموعة «أكاديميا من أجل المساواة»، إن الفكرة الأساسية من وراء مشروع «بنك المعلومات» هي الرغبة في الكشف عن الممارسات المختلفة التي تلجأ إليها الجامعات الإسرائيلية في قمع الآراء والمواقف المعارضة، في التمييز المنهجي والمؤسس ضد الطلاب والمحاضرين الفلسطينيين من مواطني إسرائيل، إلى جانب الدور العميق الذي تؤديه في خدمة الاستيطان والاحتلال. وتؤكد روتمان أن بنك المعلومات سيزود الأكاديميين في إسرائيل وفي العالم بالأدوات اللازمة والملائمة لفهم كيفية تعاون الجامعات الإسرائيلية، تعاونا تاما، مع الاحتلال، على عكس الصورة المرتسمة لها دولياً وكأنها تشكل جبهة معارضة ومقاومة للسلطة اليمينية».
وتوضح أيضا ان «الأكاديميا الإسرائيلية، من مجلس التعليم العالي (المسؤول عن الجامعات) وحتى التنظيمات الطلابية المختلفة، تتعاون تعاونا وثيقا مع الاحتلال، بطرق شتى. وتضيف «لذلك، كان من المهم جدا بالنسبة لنا توثيق هذا التعاون وكشف خيوطه ومجالاته سعياً إلى البحث عن طرق جديدة مناسبة لمواجهته والتصدي له».
التعاون مع الاحتلال
ولا يقتصر الهدف من وراء إنشاء «بنك المعلومات»، حسب روتمان، على تنفيد ودحض المفاهيم المغلوطة عن الأكاديميا الإسرائيلية فقط، بل يتعداه إلى «وضع علاقاتها مع الحكومة والاحتلال في دائرة الضوء وكشف طابعها الحقيقي». وتتابع «صحيح أن ثمة مجموعة صغيرة من المعارضين السياسيين في الأكاديميا الإسرائيلية، بيد أن هذه المؤسسات تقيم منظومة من التعاون الوثيق مع النظام، على أساس يومي. ولهذا، ثمة فرصة أمامنا الآن لكشف حقيقة هذا التعاون». ويشير «مدار» في تقريره إلى أن مجموعة «أكاديميا من أجل المساواة» شرعت بعملها على إنشاء «بنك المعلومات» في مطلع 2017، وكانت نقطة انطلاقها من مجموعة مقالات جمعها الباحث الاقتصادي حيفر شاي وهي تكشف وتوضح مجالات التعاون الاقتصادي ما بين الجامعات، من جهة، والمستوطنات والجيش والصناعات الحربية من جهة أخرى. ثم انتقلت المجموعة، لاحقا، إلى جمع مقالات ووثائق حول قمع الأكاديميين الفلسطينيين في إسرائيل وفي الضفة الغربية. وتتوزع المواد في «بنك المعلومات»، وجميعها مواد علنية منشورة، على أربعة أبواب: الأكاديميا العالمية، التمويل الدولي، الأكاديميا الإسرائيلية والأكاديميا الفلسطينية.
رقابة صارمة على النشاط السياسي
ويتيح «بنك المعلومات» للمتصفحين، أيضا، متابعة ورصد حالات انتهاك الحريات الأكاديمية في الجامعات الإسرائيلية، مثل محاولات رئيسة «جامعة بن غوريون» في بئر السبع، ريفكا كرمي، فرض قيود ورقابة مشددة على النشاط السياسي في الحرم الجامعي. كما يتيح «البنك» للجمهور الواسع، أيضا، متابعة ورصد الوجهات المركزية في الأكاديميا الإسرائيلية في الوقت الراهن، مثل العدد المتزايد من البرامج الرامية إلى «مقاومة محاولات نزع الشرعية عن إسرائيل في العالم». كذلك الكشف عن العنصرية الممأسسة ضد الطلاب الفلسطينيين في الجامعات والكليات الإسرائيلية، بدءا من شروط القبول، مرورا بمنع استخدام اللغة العربية وانتهاء بالرقابة المفروضة عليهم وتضييق حريتهم في التنظيم والنشاط السياسي. كما يعمل على فضح ازدهار «البرامج والمساقات الخاصة» التي توفرها الجامعات الإسرائيلية المختلفة لجنود الجيش الإسرائيلي ورجال الأجهزة الأمنية الأخرى «من خلال خفض جدي للمعايير والمتطلبات الأكاديمية، في كثير من الأحيان» علاوة على التعاون الزاحف مع مؤسسات التعليم العالي داخل المستوطنات والتعاون مع مؤسسات رسمية في مشاريع عسكرتارية، مثل المشاركة في تسويق المصنوعات العسكرية الإسرائيلية. ويشمل باب «الأكاديميا الفلسطينية» توثيقا واسعا جدا للاقتحامات العسكرية الإسرائيلية للجامعات ومؤسسات التعليم الفلسطينية في الضفة الغربية، بما يتخللها من اعتقالات للطلاب وأعضاء السلك التعليمي، إلى جانب القيود المشددة على حرية الحركة والتنقل المفروضة على الطلاب في قطاع غزة، مع التأكيد ـ من خلال مقالات، وثائق وتقارير عديدة ـ على صمت رؤساء وكبار الأكاديميا الإسرائيلية المطبق حيال القمع الذي يعاني منه زملاؤهم الفلسطينيون.
وتقول روتمان إن بنك المعلومات «أكاديميا مجنَّدة»، الذي يشارف العمل في بنائه على الانتهاء على أمل إطلاقه رسميا (على موقع «أكاديميا من أجل المساواة») خلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيشكل ما يمكن وصفها بـ «مكتبة للأكاديميين في الخارج» يستطيع كل منهم التعرف من خلالها على العلاقة بين المؤسسة الأكاديمية التي يعمل أو يدرس فيها وبين مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل. موضحة أنه معدّ أيضا لخدمة الأكاديميين الإسرائيليين والفلسطينيين، أيضا»، إذ «من الضروري أن يكون هذا الكم من المعلومات متاحا لهم أيضا».
ولهذا فإن جميع المواد في «بنك المعلومات» ستكون متوفرة باللغتين العبرية والعربية أيضا.
يشار، في هذا السياق، إلى أن مندوب «مجلس التعليم العالي» كان قد كشف في جلسة للجنة التعليم التابعة للكنيست في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، أن هذا المجلس يؤيد فرض القانون الإسرائيلي على المؤسسات الأكاديمية داخل الضفة الغربية المحتلة. وفي سياق متصل شهدت الكنيست جلسة خاصة في لجنة التربية البرلمانية، بادر لها النائب الدكتور يوسف جبارين، حول استيعاب المحاضرين العرب في مؤسسات التعليم العالي في البلاد، حيث أوصت اللجنة البرلمانية في ختام جلستها بوضع خطة خماسية مع أهداف واضحة لزيادة استيعاب المحاضرين العرب في مؤسسات التعليم العالي. جاء ذلك بمبادرة من جبارين بعد الكشف عن الهوة الكبيرة بين نسبة الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية التي تتجاوز أحيانا الـ 30% كما في جامعة حيفا، وبين نسبة المحاضرين العرب التي تقل عن 3%.
وديع عواودة: