بغداد ـ «القدس العربي»: نفى المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، تلقي الحكومة رسالة أمريكية تطالب بغداد بوقف العمليات العسكرية في تلعفر، فيما دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، أمس الأحد، شيوخ ووجهاء عشائر المدينة إلى توقيع «وثيقة عهد» لحماية العلاقة فيما بينهم من بعد طرد تنظيم «الدولة الإسلامية».
وكانت وكالة الانباء الإيرانية «أرنا»، نقلت عن مسؤول عراقي قوله أن السفارة الأمريكية في بغداد، طلبت من الحكومة إيقاف العمليات العسكرية في تلعفر تحت ذريعة أن القوات التركية، ربما تقوم بقصف القوات العراقية إذا دخلت المدينة.
وقال سعد الحديثي، المتحدث الإعلامي باسم مكتب رئيس الوزراء، إن»العمليات العسكرية أو إيقافها، هو قرار عراقي خالص ولا يوجد فيه عامل خارجي ضاغط بل يقوم على مشورة القادة الميدانيين في جبهات القتال الذين يناط لهم تقدير الوضع وآلية تمركز القوات الأمنية وتحركاتها».
وأوضح ان «الحكومة العراقية لا تسمح بوجود عوامل خارجية تؤثر على الوضع الداخلي في البلاد».
وأضاف: «الأنباء التي أفادت بتلقي الحكومة العراقية رسالة تحذيرية من واشنطن لإيقاف العمليات العسكرية في تلعفر غير صحيحة، والقرار السيادي عراقي خالص وخاضع لتوجهات الحكومة الاتحادية».
كذلك، أكدت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في بيان، «عدم صحة الخبر المنشور في الوكالة الإيرانية (ارنا) بخصوص خطة تحرير مدينة تلعفر جملة وتفصيلا، ولا وجود لأية رسالة أمريكية بخصوص تلعفر إلى الحكومة العراقية».
ونفت «وجود اتفاقية أمنية بين العراق والجانب الأمريكي»، مشيرة إلى أن «الأجواء العراقية تحت السيادة الوطنية العراقية بالكامل، وما يقدمه التحالف الدولي والدول الصديقة، هو التدريب والاستشارة وتوفير غطاء جوي لبعض قطعاتنا لحين استكمال تشكيلاتنا الجوية العسكرية وضمن السيادة العراقية واستقلالية القرار الوطني العراقي».
وأوضح المتحدث باسم «التحالف الدولي»، جون دوريان، أن دول الاخير بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، تقدم المساعدة للقوات العراقية وفق الأوامر التي تصدرها الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي».
وأضاف أن «جميع القرارات التي تتعلق بما تقوم به القوات المسلحة تتخذها الحكومة العراقية ونحن نقدم الدعم مباشرة لها».
وأوضح أن بلاده «تقدم الدعم لأي صنف من القوات العراقية طالما أنه ليس لديها ارتباط بالحكومة الإيرانية أو أنها تنتمي لإيران أو لديها انتهاكات بحق المدنيين على الأرض»، في اشارة واضحة إلى «الحشد الشعبي».
في السياق، دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، شيوخ ووجهاء عشائر قضاء تلعفر إلى توقيع «وثيقة عهد» قابلة للتنفيذ؛ تتضمن إجراءات لحماية العلاقة فيما بينهم من بعد تحرير القضاء من سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية».جاء ذلك في بيان مكتوب، عقب لقائه شيوخ ووجهاء عشائر قضاء تلعفر. وقال: «ندرك حساسية ما جرى في تلعفر، ونرى أن المبادرة منذ هذه اللحظة للّم الشمل والتفاهم بين العشائر، أصبحت ضرورة لازمة ومن المهم أن نمضي إلى صيغة تحفظ عيش المكونات في هذه المدينة التي تنعم بالتعدد».
وأضاف: «لقد لحق الأذى بجميع مكونات تلعفر، من داعش، الذي وزعته بالتساوي عليهم، ولم يميز بين مكون وآخر، أو طائفة وأخرى بل إنها ارتكبت جرائمها على كل أبناء هذه المدينة، وأصاب أهلها الضرر الكبير من جراء هذه الجماعة الإرهابية المجرمة».
وتابع أن «الحل في تلعفر ينقسم إلى قسمين: الأول عن طريق الحلول العشائرية والاجتماعية من خلال التفاهمات التي تقومون بها كزعماء للعشائر.
والقسم الثاني وهو ما استعصى من هذه المشاكل يحال إلى القضاء للبت فيه، وأعتقد أن هذا الحل سيوفر الأجواء الطيبة لعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل أحداث تنظيم الدولة».
وأوضح أن «الطريقين يتمان ضمن وثيقة عهد أخوية قابلة للتنفيذ توقع عليها جميع عشائر تلعفر، تتضمن إجراءات لحماية هذه العلاقة من الخرق والعبث». وسيطر «الدولة» على تلعفر ذات الغالبية التركمانية في الـ10 من يونيو/حزيران 2014، ما دفع الآلاف من سكان البلدة إلى النزوح في اتجاه المحافظات القريبة.
وتقع المدينة في غرب محافظة نينوى شمالي العراق، وتبعد عن مدينة الموصل نحو 65 كلم، وتعتبر من أهم مراكز التركمان في البلاد، وسكانها في غالبيتهم من المسلمين السنة والشيعة، ويبلغ سكان المدينة حوالي 300 ألف نسمة، بينما يبلغ عدد سكان القضاء نحو نصف مليون.
ويعتقد مراقبون في العاصمة العراقية أن معركة تلعفر، هي معركة سياسية بامتياز، نظراً لإصرار «الحشد الشعبي» على لعب الدور الرئيسي في السيطرة عليها، وبسبب موقعها الاستراتيجي على الطريق بين الموصل والاراضي السورية، حيث تسعى الميليشيات الشيعية وإيران، لجعل الطريق بين العراق وسوريا سالكا لمشاركة «الحشد» في معارك سوريا، إضافة إلى وجود خليط من التركمان السنة والشيعة في تلعفر، جعلها ساحة صراع اقليمي بين إيران وتركيا.
مصطفى العبيدي