الجزائر – «القدس العربي»: تراجع الأطباء المقيمون في الجزائر خطوة إلى الوراء، تحسباً لإعادة فتح الحوار مع وزارة الصحة، بحثاً عن حل للأزمة القائمة وتوقيف الإضراب الذي شرع فيه الأطباء منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، وذلك بالتأكيد على أنهم لم يطالبوا بإلغاء الخدمة المدنية، وأن الهدف من الحركة الاحتجاجية التي خاضوها هو تحسين الخدمة الصحية خدمة للمريض.
وكانت التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين الجزائريين قد أكدت أمس الثلاثاء أنها لم تطالب بإلغاء الخدمة المدنية، وذلك منذ انطلاق هذه الحركة الاحتجاجية شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وأن كل المطالب التي تم رفعها طوال الأشهر الماضية تذهب كلها في اتجاه تحسين الخدمة الصحية، والتكفل بالمرضى في أفضل الظروف.
وتحدثت التنسيقية عن وجود حملة إعلامية ضد الأطباء المقيمين تعمل على تشويه المطالب المرفوعة وإخراجها عن سياقها، من خلال الترويج لمطلب إلغاء الخدمة المدنية، في حين أن ذلك غير صحيح، وأن الأطباء لم يطالبوا في أي مرحلة من مراحل حركتهم الاحتجاجية إلغاء الخدمة المدنية، وكانوا يؤكدون على ذلك في معظم تصريحاتهم وبياناتهم.
وأكد المصدر ذاته حرص الأطباء المقيمين على توفير خدمة صحية نوعية عبر كامل التراب الوطني، من خلال توفير الظروف والإمكانيات اللازمة، التي تمكن الأطباء الأخصائيين من أداء مهامهم خلال فترة الخدمة المدنية على أفضل وجه.
ويأتي بيان التنسيقية عقب تصريح وزير الصحة مختار حسبلاوي الذي أكد مجدداً أن الحكومة غير مستعدة للتنازل عن الخدمة المدنية بالنسبة للأطباء، لأنها الضامن الوحيد لتقديم خدمات صحية للمواطنين عبر كل التراب الوطني، لكنها ستعمل على تحسين ظروف الخدمة المدنية حتى يقضي الأطباء المتخصصون تلك الفترة في أحسن الظروف. وجاء تصريح الوزير تعليقاً على الخطوة التي اتخذها الأطباء بالإعلان عن استعدادهم استئناف المناوبات بداية من شهر يونيو/ حزيران المقبل، شرط الجلوس مع الوزارة على طاولة الحوار مجدداً قبل ذلك، وإعادة فتح حوار جدي بخصوص مطالب الأطباء.
ويظهر من خلال بيان تنسيقية الأطباء المقيمين أن هناك نية للخضوع إلى الأمر الواقع، فالإضراب القائم منذ سبعة أشهر استنزف قوة وعزم الكثيرين ممن خاضوه، والذين كانوا يتوقعون أن إطالة عمر الإضراب والعمل على شل المستشفيات نسبيا والتهديد بالاستقالة الجماعية سيجعلان السلطات تتراجع وتخضع لمطالب الأطباء، وفي مقدمها إلغاء إجبارية الخدمة المدنية، لكن نفس الحكومة كان أطول، وتوظيفها كل الأوراق، بما في ذلك وقف رواتب الأطباء، مكنها من حشرهم في الزاوية، وجعلهم المبادرين والباحثين عن حل، في حين أن من المفروض أن الوزارة هي التي تبحث عن حل، لكن هذه الأخيرة حاولت في وقت أول، ولما رأت أن الأطباء مصرين على مطلب إلغاء الخدمة المدنية أوقفت المفاوضات واتهمتهم بإيقافها، وحتى لما قرر الأطباء وقف المناوبات الليلية وخلال عطل نهاية الأسبوع لم تكترث كثيراً.
البيان الأخير الصادر عن التنسيقية يتحدث عن عدم مطالبة الأطباء بإلغاء الخدمة المدنية، لكنه لا يؤكد أن الأطباء يطالبون بإلغاء إجبارية الخدمة المدنية، فالأمران سيان تقريبا، لأنه لما تصبح الخدمة المدنية غير إلزامية، سيعزف عنها الكثيرون، إلا إذا اقترحت المستشفيات الموجودة في الجنوب والمناطق النائية رواتب مغرية وتحفيزات للأطباء من أجل الالتحاق بها، وهذا هو الأمر الذي يبحث عنه الأطباء، في حين ترفض السلطات ذلك، بسبب الأزمة المالية التي تمر بها، وعدم قدرتها على ضخ المزيد من الأموال في الرواتب، وعدم التأكيد على إلغاء إجبارية الخدمة المدنية في البيان يوحي بأن الأطباء في طريقهم إلى التنازل عن المطلب ومن ثم إيجاد حل يوقف الإضراب.