في مثل هذه الأيام، ولكن قبل 12 سنة، صوّت قرابة 19 مليون جزائري على مشروع «الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية»، الذي اقترحه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، ضمن مسعى لطيّ العقد الدامي الذي عاشته الجزائر بين 1992 و2003، وأسفر عن أكثر من 150 ألف قتيل وآلاف المفقودين (18 ألفاً، في إحصاء «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»). الـ»نعم» فازت بنسبة ساحقة، بلغت 97%، ولم تكن هذه النتيجة مفاجِئة لأحد؛ إذْ مَنْ كان ينتظر من الجزائريين أن يقولوا إنهم ضدّ السلم والمصالحة الوطنية؛ أو أنه ليس بعدُ «من الحيوي بالنسبة للجزائريين والجزائريات والأسر الجزائرية، ان يتساموا نهائياً فوق هذه المأساة»؛ أو أنّ الشعب الجزائري يأبى «أن يتجاوز الفتنة وعواقبها الوخيمة ويعود نهائياً إلى سابق عهده بالسلم والحرية»… كما جاء في «ديباجة» مشروع الميثاق؟
ومع ذلك، كانت تلك النسبة الساحقة لا تطمس ذلك الضيق الشعبي الواسع إزاء النقص الفادح الذي اتسم به المشروع، في ملفّين حاسمين وأساسيين: ملفّ المفقودين (إذ لم ينصّ الميثاق على أية صيغة إجرائية ملموسة تضمن الكشف عن مصائرهم)؛ وملفّ محاسبة الجنرالات والمافيات الأمنية، أو أية جهات حكومية سلطوية مارست الخطف والاعتقال التعسفي والتنكيل بالمواطنين، فضلاً عن ممارسة الفساد ونهب البلاد. (كان العكس هو الصحيح، في الواقع، لأنّ الميثاق قال، عملياً: عفا الله عمّا مضى!). وإذا جاز التذكير بأنّ أدوات التعبير العامّ، من وسائل إعلام وصحف مستقلة وأحزاب سياسية، لم تكن في حال مُرْضية تتيح للرافض أن يُبلغ عموم الناس بأسباب رفضه؛ جاز الافتراض، استطراداً، أنّ سلسلة المظانّ ضدّ المشروع لم تتبلور على نحو منظم، ولم تتجسد في الضمير الشعبي العريض.
وكما نعلم، بدت معارضة الميثاق عابرة للعقائد والخطوط الفكرية بين يسار ويمين، وقوى علمانية وأخرى إسلامية، وطنية وإثنية. وهكذا، انضوت في عداد الرفض قوى يسارية (مثل حسين آيت أحمد و»جبهة القوى الاشتراكية»)، وقوى إسلامية (مثل عباسي مدني و»الجبهة الإسلامية للإنقاذ»)؛ وفي المقابل، كان بعض قادة «الإنقاذ» (أمثال رابح كبير ومدني بزراف)، وبعض الإسلاميين (عبد الله جاب الله و»حركة الإصلاح الوطني») قد أيدوا الميثاق؛ مثلما أيده بعض اليسار (لويزة حنون و»حزب العمال»)، والشخصيات الوطنية من أمثال الرئيس الأسبق أحمد بن بلة. وإذ ناصره حزب «جبهة التحرير الوطني» بلسان عبد العزيز بلخادم، فقد اعترضت عليه شخصيات بارزة في الحزب مثل عبد الحميد مهري، وشخصيات قيادية في المجتمع المدني مثل علي يحيى عبد النور رئيس «الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان»….
غير أنّ ما حدث يوم 11 كانون الثاني (يناير) 1992 كان انقلاباً عسكرياً صريحاً نفّذه جنرالات الجيش ومؤسسات الحكم المدنية المتحالفة مع مختلف أجهزة السلطة. وباسم الدولة وحفاظاً عليها، بذرائع صيانة السلم الأهلي ودرء الأخطار المحدقة بالوطن، انقضّ الجيش على المؤسسات ابتداءً من رئيس الجمهورية آنذاك الشاذلي بن جديد، وانتهاء بأصغر مجلس بلدي. كما فرض قانون الطوارئ، وألغى نتائج الانتخابات التي حققت فيها «جبهة الإنقاذ» انتصاراً صريحاً، فانفتح الباب عريضاً على السيرورة (الطبيعية والمنطقية) للتحوّلات الكبرى في الحياة السياسية عموماً، وتصاعدت خيارات العنف ضمن تيارات الإسلاميين وأجهزة السلطة العسكرية والأمنية على حدّ سواء.
وبهذا المعنى، ولأنّ بوتفليقة ما يزال يتربع على هرم السلطة في ولاية رابعة، والغموض سيّد اللعبة في دهاليز صناعة القرار بين القصر الرئاسي وأجهزة الاستخبارات والجيش ورجال الأعمال ومافيات الفساد والنهب؛ فإنّ استعادة دروس ذلك الميثاق، ومتغيرات العقد الذي انصرم بعد إقراره، وسيلة مثلى، وقد تكون ضرورية أيضاً، لقراءة مشهد الجزائر الراهن، على أعتاب مجاهيل شتى كثيرة.
صبحي حديدي
سيدي الكريم
المهم في هذا كله أن الإقتتال الدموي إنتهى و تنفس الجزائريون الصعداء و أنقذوا دولتهم من الإنقراظ.
أما محاولة إثارة الجراح فهي لا يمكن إلا أن تؤجج االأحقاد التي يحاول الجزائريون تجاوزها. أما في ما يخص الرئيس بن جديد فهو من يتحمل المسؤولية الكبرى فيما آلت الأحداث بعد ذلك فهو من شجع على تنامي مافيا المال و السياسة و ممن سمح بإنشاء الأحزاب و والمنظمات المتطرفة الإسلاموية و العلمانية التي كانت أهم العوامل التي أدت إلى الإنحراف الدموي الذي تمنى كجزائريين تفادي مخلفاته
سبحان الله ياسيدي الكريم عادل الجزائر لم يبقى إلا أن تقولوا لنا ان قراءة القرأن الكريم هي إثارة للجراح ودعوة للإقتتال الدموي ويعلم الله من هو المستعد ( ومع من طبعاً) لفعل ذلك دائما!
للتصحيح مدني مزراق وليس بزراف
السلام عليكم . المهم نحن نعيش في امان واستقرار .
دائما يخرجون عليك أصحاب الممانعة اللدين زمروا و طبلو كما فعل مع السيسي و رغم أن واحد دولار يساوي 200 دينار لازال من يصفق و يطبل و يزمر للتوريث. ..و الله هؤلاء الجنرالات قادرين على إنتاج العشرية بسيناريو داعشي جديد لتركيع من يخرج على بيت الطاعة …و من لم يفهم فليتدكر المغزى من نشر برنامج. ..حتى لا ننسى. ..و بكره تشوفو…
من جراء العمالة إلى فرنسا التي يقوم إقتصادها على مقدرات الجزائر ضاعت الجزائر وشعبها. الجزائريون الأحرار واجبهم تحرير الجزائر من الإستعمار الفرنسي الذي أتى على الجزائر أكثر مما قام به قبل نوفمبر 1962. حيث عدو الجزائريين كان واضح. أما اليوم فأعداء الجزائر هم مندسون تحت مضلة الوطنية التي من خلالها مكنتهم فرنسا الإستيلاء على أموال الشعب الذي كممت أفواهه وتهدد بعشرية الإجرام التي لم تُحاسب عليها فرنسا قبل غيرها.
يا سيدي أودّ ان اطرح لك سؤال: هل كان للجزائر خيار أخر للخروج من الأزمة التي كادت ان تقضي على البلاد. وليتك تذكرني من ساند الجزائريين آنذاك. الان تفهمون ما معنى الاٍرهاب ولكن عندما كانت الجزائر تتخبط لوحدها قليل هم البلدان التي وقفت معنا سواءا عرب أو غيرهم والعكس في اغلب الأحيان كانت بعض الأطراف تؤجج الفتن تماما مثل مقالكم. وهذا لن ننساه أبدا.
الميثاق من اجل السلم والمصالحة حق اريد به باطل فاين هو السلم في الجزائر او باقي بلاد العرب؟ واين هي المصالحة بالمفهوم العلمي والصحيح للكلمة بين الشعب الجزائري ونظامه وبقية الشعوب العربية وانظمتها الفاسدة؟ الا تسارع هده الانظمة ابان الظروف السياسية الصعبة لايهام الشعوب بالتغيير والاصلاح لامتصاص الغضب ودر الرماد على العيون ليس الا؟ الم نسمع الكثير من الوعود الكادبة قبيل الحرب العدوانية على العراق في تسعينيات القرن الماضي؟ الم تتبخر تلك الوعود لتصبح في خبر كان بمجرد انتهاء الحرب؟ الم تعد الانظمة العربية الى سابق عهدها القمعي في تعاملها مع الشعوب؟ كيف تريدون الا يتضمن الميثاق عبارة – عفا الله عما مضى – ومن اصدروا الميثاق هم جزء من منظومة الفساد التي تعبث بالجزائر؟ الم يتم الحكم ببراءة مبارك من الفساد ومن قتل المتظاهرين وهو الدي حكم مصر لمدة 30 سنة تقهقرت خلالها الى عهود الظلام وفاق فيها الفساد والافساد كل الحدود؟ الم يقل رئيس الحكومة المغربية السابق عبدالاله بنكيران – عفا الله عما سبق ومن يعد ينتقم الله منه – في ضوء اخضر منه لاستمرار النهب والسرقة؟ الم يصوت البرلمان التونسي على مشروع قانون العفو عن الفاسدين في عهد النظام البائد؟ مادا ينتظر المرء العربي من انظمة دابت على الفساد وجعلت منه سياسة معتمدة وممنهجة؟ الم يكن في وسع الجزائر ان تكون الدولة الاقوى صناعيا واقتصاديا في المنطقة بفعل الخيرات الوافرة التي وهبها الله اياها لولا غول الفساد التي اتى على الاخضر واليابس؟ ما الفائدة من استعادة دروس دلك الميثاق لو لم تتوفر الشروط والاسباب لانجاحه؟ الا تعتبر المنطقة العربية الرائدة عالميا في مجال الفساد؟ الا يعتبر الفساد بشتى انواعه سببا رئيسيا في عدم استقرار البلدان العربية؟ كيف سنبني انسانا عربيا سويا وهو يعاني من شتى انواع الظلم والفاقة والبطالة والتهميش والاحتقار واللامبالاة والياس وغيرها من السلبيات القاتلة؟ هلا استفادت الجزائر من العشرية الدموية وصوبت البوصلة قبل فوات الاوان؟
يامحمد بلحرمة
والله ،،نعمة السلم والأمن لاتعوضه كنوز الدنيا .. والشعب الجزائرقداختارهذا الطريق طواعية منه،، بعد أن ذاق وجرب أبشع أنواع الرعب والخوف الذي عايشه طوال عشرية كاملة ،، أما باقي الظروف الحياتية الصعبة التي يواجهها اليوم أغلب الشعب الجزائري فهو أيضا له دور كبيرفيما وصل إليه ،، وذلك لعدم مواجهة الأزمات بكل جدية وحزم وطالب لنفسه بالعيش على الريع والميل إلى الإتكالية والتواكلية ،، والمصيبة الكبرى أن ذلك أصاب الفئات المثقفة أكثر من غيرها من باقي الطبقات الأخرى.
ثمانية مقالات في عدد اليوم من الجريدة كلها حول الجزائر الشقيقة؛
يبدو أنك غير متابع لصحيفة القدس العربي
الجريدة تفرد مقالات واخبار حول بلد ما او حدث ما ؛اذا كان ذا أهمية آنية كل أحد تقريبا
هذا يدخل ضمن سياسة الجريدة.
تحية حارة لك يا أخت منى. حبذا لو نشر تعليقي كاملا لتوضيح رأيي بكافة أفكاره.
الجزائر عاشت قبل الجميع كارثة الإسلام السياسي و دفعت ثمنه غاليا …من أرواح أكثر من 150 ألف قتيل…و بشاعة لا مثيل لها …الشعب الجزئرى خرج طلبا للكرامة و الحرية و كالعادة انقضوا على هذا الشعب و حولوا وجهته من مطالب اجتماعية الى الى دعوة لتاسيس دولة اسلامية فى الجزائر و لكم ان تعودوا الى خطابات على بالحاج و سوف ترون اى كارثة كان يحضرها هؤلاء للجزائريين ….و هذه الكارثة تجسدت فى السنين الأخيرة و اثبت هؤلاء بكل تفريعاتهم بما لا مجال للشك فيه وهو ان السياسة و الدين يساوى الخراب بعينه….على الجزائريين العمل على تأسيس دولة مدنية علمانية ديمقراطية و عادلة …و ليس مهم ان تاخذ هذه الفترة عشرات السنين الأخرى لكى يعيش فيها الجميع مهما كانت معتقداتهم بكل حرية ….الطريق طويلة …لكن أمن المنطقة يمر من هناك لانه لم يعد مسموح به ان يعشش الخراب مرة أخرى فى هذه المنطقة …..تحيا تونس تحيا الجمهورية