الخرطوم – «القدس العربي»: أنجز اختراعين ونال تسع جوائز قيّمة وأصبح محمد عثمان البلولة مهندس المعدات الطبية والمعيد في كلية الهندسة في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، نجما يشار إليه بالبنان في الإمارات، وصنّف ضمن أقوى 500 شخصية عربية تأثيرا في العالم لعامين متتالين، وحظي بتكريم نوعي من عشر جهات رسمية وشعبية.
ورغم تفوقه المتواصل منذ المراحل الإبتدائية شعر بالملل والإحباط ويفسر ذلك بقوله «كنت مهموما بأحلام كبيرة وكنت أشعر أن النظام المدرسي يؤخر وصولي إلى أحلامي، كنت أرغب بشدة في مستقبل أفضل في وطننا العربي».
وفاة والدته متـأثرة بمرض السكري وإحتلال دولة الإمارات المرتبة الثانية عالميا في نسبة إنتشار مرض السكري مثّلا نقطة تحول في حياته.
يقول بلولة في حديثه لـ»القدس العربي»: بدأت أبحاثي في عام 2008وقمت بإختراع نظام المراقبة والتحكم لمرضى السكري والأمراض المزمنة عن بعد باستخدام شبكة الهاتف المحمول الذي لاقى انتشارا كبيرا عالميا» وهو نظام يعمل في شبكة بين المرضى والمشرفين والأطباء.
ويقيس الجهاز المؤشرات الحيوية في جسم الإنسان بالإضافة إلى العديد من الوظائف، وفي حال سجل ارتفاعا في أي منها مثل ضغط الدم أو نسبة السكري في الدم، فإن الجهاز يتصل أوتوماتيكياً بأحد أقرباء المريض والمستشفى أو الطبيب مباشرة لإخطارهم بالوضع. كما يقوم بإرسال هذه البيانات كل أربع ساعات إلى المستشفى بطريقة تلقائية، ويكون التطبيق الأمثل لإستخدام هذا الجهاز في الحالات المزمنة التي تتطلب متابعة خارج نطاق المستشفى».
لم يكتف بإختراع هذا الجهاز الذي يتناسب مع تخصصه، فاخترع جهازا آخر عبارة عن لوحات للتحذير من الضباب تعمل بتغريدات التويتر ووسائل التواصل الاجتماعي مثل «الأنستغرام» و»الفيسبوك» ويقول إن السبب الرئيسي لهذا الإختراع هو الحوادث المرورية التي تحدث بسبب الضباب ويروح ضحيتها الكثيرون. وآلية عمل النظام تتم عبر إرسال تغريدات بطريقة معينة مع كتابة رمز المنطقة التي شوهد فيها الضباب، حيث تحتوي كل لوحة تحذيرية على رقم تعريفي للمنطقة، وعند تلقّي هذه التغريدات يتم تفعيل الإشارات التحذيرية من الشرطة في حال تأكيد تنبؤات المركز الوطني للأرصاد الجوي والزلازل، بالإضافة للمعلومات الموجودة في اللوحات التحذيرية، ويتم تفعيل النظام مباشرة بتقارير دوريات الشرطة أو المراقبين.
ومنذ سنوات بدأ الشاب محمد عثمان في حصد الجوائز وكان أبرزها في العام الحالي حيث نال جائزة المجلس الطبي العالمي- جائزة التميز لريادة الأعمال- وحصل على جائزة «الإنجازات القياسية لمهندس معدات طبية شاب».
كما حصل على جائزة أقوى 500 شخصية تأثيرا في العالم العربي لعامي 2012 و 2013، إضافة الى جائزة «اربيان بيزنيس» للعلوم والإبتكارات عام 2011 وجوائز تقديرية كثيرة أخرى لإنجازاته العلمية والتكنولوجية.
يقول بلولة إنّ أجمل تكريم في حياته هو رؤية الفرحة في عيون أهله السودانيين الذين يعتبرهم من أهم أسباب نجاحه. ويضيف:»دعوات الناس النابعة من قلوبهم الصافية ورؤية الفرحة في عيونهم شجعتني للعمل أكثر لأن هذه الفرحة لا تقدر بثمن ويجب عليّ المحافظة عليها».
يعتبر هذا الشاب السوداني الذي ولد في أبوظبي ودرس كل مراحل تعليمه في دولة الإمارات، نموذجا لقصة نجاح حقيقية من واقعنا نبعت من دولتين هما الإمارات والسودان ويقول:»استطعت أن أمثّل السودان خير تمثيل في مختلف المحافل المحلية والدولية، وأثبت أن أبناء السودان لم تشغلهم الغربة عن تمثيل بلدهم ورفع شأنه».
ويرى محمد عثمان بلولة أن نجاحه أثّر في عدد كبير من الطلاب السودانيين وكان بمثابة بريق أمل لنجاحات وإنجازات في زماننا الذي أصبح مليئا بالمحبطين والعوائق. ويقول إن الشباب أصبحوا مقتنعين بعدم وجود اختراعات أو أفكار جديدة يمكن تحقيقها وسط التطور العالمي الكبير في التكنولوجيا.
وهو يرى أن لقمة العيش وتوفير أساسيات الحياة أصبحت الهم الأكبر للناس ويقول:» من واجبنا أن نجتهد لنضمن مستقبلنا ومستقبل الأجيال المقبلة، فمجتمعاتنا لا تحتاج الى نسخ متشابهة من الخريجين وإنما الى مبدعين يسهمون في رقي وتطوير مجتمعنا والمحافظة على بيئتنا».
صلاح الدين مصطفى