بداءة لا بد من التنبيه إلى أن الخطاب الصوفي، بوصفه خطابا تخييليا بامتياز، قد نهض على فكرة تذويب الحدود بين الظاهر والباطن. بين الواقع والخيال، بالمراهنة على الحقيقة القلبية كخلفية لإنتاج المعرفة؛ سبيلها في ذلك، طاقة الخيال الخلاقة، بدل العقل. فليس علم الحقيقة الصوفية من نصيب العقل الجاحد، وإنما من نصيب « أصحاب المشاهدات القلبية، والبصائر النيرة المفتوحة».
أ- الخطاب الصوفي: استبطان رمزي
يقول الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي:
إنما الكون خيال
وهو حق في الحقيقة
من خلال هذا البيت الشعري الذي يختزل فلسفة الصوفية، يتبين كيف أن هذا الخطاب يمنح الأسبقية الإبستمولوجية للخيالي في استنباط واكتناه الموجودات، بهدف صوغ تصور معرفي قادر على فرك الآني العيني- المعيش، والتشوف إلى المستقبل، بغاية إبداعه واختراعه. فلنتأمل هذا النص الرائع لجلال الدين الرومي، وكيف أن للخيال عنده، على غير ما كان شائعا ورائجا، طاقة وفعالية مهمتين وضروريتين لتأسيس الوجود العيني بكل تمظهراته، يقول «إن الخيال في الروح مثل العدم، (ومع هذا) فلننظر إلى هذا العالم كيف أنه يدور على الخيال، فعلى الخيال يقوم ما بين الناس من صلح أو صراع، ومن الخيال ما يعده الناس فخرا وما يجدونه عارا، ولكن هذه الخيالات التي هي حبائل للأولياء، ليست إلا صورة للحسان في بستان الله». إن كل من يطلع على الفكر الصوفي الإسلامي يكتشف بالفعل أهمية الخيال كقوة عظمى خلقها الله للكشف عن بعض الجوانب الغامضة في هذا الوجود، على حد تعبير الشيخ الأكبر (ابن عربي) القائل بصريح العبارة: «فليس للقدرة الإلهية في ما أوجدته أعظم وجودا من الخيال، وبه ظهرت القدرة الإلهية والاقتدار الإلهي، فهو أعظم شعائر الله على الله». إن الشاعر الحقيقي في نظر المتصوفة، هو الذي يستطيع بالقوة التخييلية وحدها، السفر في تخوم المعرفة. وإن هذا الاحترام والتقدير لطاقة الخيال، لن نجده سوى في «رحاب الشعر الصوفي، الذي ينبع من الذات، فهو إما في حالة كشف وفيض، أو في حالة توتر ووجد مشوق إلى هذا الكشف والفيض، وهذه حالة الشعر الحقيقية». لذلك فمن لا معرفة له بالخيال وحالاته، يبقى في نظر الصوفية بعيدا كل البعد عن المعرفة الحقة والكلية، جملة وتفصيلا، لأن الخيال يتجاوز العقل ويسمو عليه، بما يتميز به – الخيال- من قوة ثاقبة ونافذة تستطيع فك ألغاز هذا الوجود.
إن المتصوفة العرب يؤكدون على أن «المطلق مفتوح، إذ الممكنات «لا تتناهى» في نظر ابن عربي، وكل جهد معرفي هو «فتوحات مكية» لا تتوقف عند حد، بل إن الصوفية، تذهب إلى أن الأخيلة والفنون تكميل ينقص الوجود بحكم طبعه المبتسر. والحال أن الخيال، بهذا المعنى، فاك للرموز التي تعتم معرفة وفهم وجودنا. فالخيال «يساعد في الكشف عن نوع مهم من المعرفة وينير الطريق لإدراك طائفة من الحقائق التي لا يصل إليها العقل الصارم للفيلسوف، ولا يقترب منها ذهن الرجل العادي المنصرف إلى الظواهر والأعراض الزائلة والطارئة، الذي يتعامل مع الأشياء من زوايا المنفعة، دون أن ينفذ إلى دلالاتها الرامزة إلى المعاني الروحية العميقة.
إن الصوفي – على عكس الفيلسوف- يعتمد كل الاعتماد على البصيرة والحدس، ويثق بالنشوة الروحية الغامرة وبالخيال المحلق الذي يسمو حتى يدنو من الحقيقة الإلهية ويحوم حول حماها»، بل إن الخيال عند ابن عربي أعظم قوة منحها الله للعباد، لولاها لما استطعنا تفسير وتأويل ما تشابه من الآيات، بحيث نعبد الله كما لو أننا نراه . فالله ذات لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، لكن بالإمكان رؤيتها بعين الخيال النافذة، إذ لا يمكن – بالمقابل- لحسية العين الأولى أن تتصور الذات الإلهية وهي ترانا وتنظر إلينا، وإلا سوف تغدو هذه الذات طبيعية ومجسمة. من هذه الحافة نستطيع القول إن الصوفيين – على عكس الفلاسفة – استطاعوا تبني مبدأ الخيال طاقة عظمى لتعرية أهم جوانب المعرفة المتلبّسة بالتعتيم ؛ كما أن الشعر الحقيقي أصبح عندهم، هو الشعر الذي ينير السالك في طريقه إلى الإمساك بهذه المعرفة المتفلتة. ولقد غدا الشعر – معهم- يلبس لبوسا معرفيا بحتا، وحلقة برزخية تتوحد فيها الحقائق النورانية.
ولن نجد أحسن من هذا النص لاستخلاص زبدة الخطاب الصوفي بخصوص أهمية الخيال في إنتاج المعرفة، وبناء تمثل للعالم، يقول الباحث العربي الذهبي «إن أهم ملمح لهذا الخطاب، في مواجهة النزعة العقلانية والخطابية (فلسفة وبلاغة ونقدا) هو الأسبقية الإبستمولوجية التي يمنحها لما هو خيالي في إنتاج المعرفة، وبناء تصورنا عن العالم. وبالتالي يغير المواقع لعدة مفاهيم حكمت تناول الظاهرة الخيالية في الثقافة الإسلامية والعربية، كالعقلي والحقيقي والبياني والمعنى.. فقد صار الخيال هو مؤسس الفعل المعرفي، بل إن له وجوده المستقل والعامل بقوة في العالم ككل، وليس أثرا من آثار الوهم. إنه مؤسس لأنطولوجيا جامعة، على الرغم مما قد يبدو في ذلك من غرابة «.
ب ـ ابن عربي وأنطولوجيا الخيال:
يبقى مشروع محيي الدين ابن عربي الفلسفي، حول الخيال الخلاق، محطة فارقة في ثقافتنا العربية، بشهادة أكبر الدارسين كهنري كوبران (1958)، ونصر حامد أبو زيد (1983)، وجيلبير دوراند (1981). فالخيال عند هذا الشيخ هو المحرك الأساس للفهم والتأويل عند الصوفي في استبطانه للحقائق المطمورة والخفية ، من خلال قوة التشبيه (التمثيل) يقول:
لولا الخيال لكنا اليوم في عدم
ولا انقضى غرض فينا ولا وطر
كأن سلطانها، إن كنت تعقلها
الشرع جاء به والعقل والنظر
من الحروف لها كاف الصفات
فما تنفك عن صور إلا أن تصور
ولئن كان للخيال « تمظهر وجودي متعين في جميع المخلوقات، كما هو فعل الخلق الإلهي ذاته»،وأن القوة التي تحرك هذا الفعل على صعيد الخطاب «هي فعل التشبيه الذي هو سلطان الخيال»، فإنه في مكنة الخيال كذلك توليد الصور الحسية والمجسدة ماديا. إن للخيال، عند ابن عربي، قدرة توليدية، تجعله قادرا على خلق وابتداع صور حسية وظاهرة للعيان، على اعتبار أن الصوفي ينظر للمعاني مجردة عن موادها.
صفوة القول إن بلاغة الخيال عند ابن عربي، ليست بلاغة مبنية على الوهمي، كما هو الحال في الخطاب العقلاني (فلسفة، بلاغة، فقها)، أي بلاغة تتموقع في العلاقة بين الكلام كمجاز والتأثير في نفسية المتلقي، بل هي بلاغة شكلية ولامجازية .. بلاغة وجودية معيشة بحتة. يقول الباحث المغربي العربي الذهبي في هذا السياق: «بلاغة الخيال الخلاق (الصوفي) ليست بلاغة صورية إقناعية ولا أسلوبية تزيينية، بل وجودية، عضوية وجسدية حيوية. بلاغة الانتقال من قانون الوضوح ومستلزماته التمييزية إلى قانون التحول والاندماج بين عناصر الوجود الذاتي والموضوعي العيني والمتعالي، إلى حال الترميز الكلي والشامل، لكشف أحوال المعاني وصيروراتها من الظاهر إلى الباطن، حيث الكون والمخلوقات كلمات الله، واللغة ليست مدونة تقابل الكلمات بالأشياء وحسب، بل إنها جزء حي من هذا الكون».
٭ شاعر وكاتب مغربي
محمد الديهاجي
انه ليس خيال بقدر ما هو نوع من انواع الايمان المطلق بالله والشعور واليقين بعظمته وفضله .
الخيال يجعل شخصا يتخيل اشياء غير موجوده اصلا كالاشباح فيخاف واحيانا خيالاته تجعله يظن بان مديره سيرضى عنه لكتابته تقريرا اعتقد بخياله وتصور بان المدير سيندهش ويسعد بالتقرير _ ولاكنه على ارض الحقيقه واتى موعد التقدير فوجئ بان المدير لم يعجبه قوة تقريرة بمصداقيتها.
لست صوفية ولا اريد ان اكون فانا انسانة كنت حره وسأظل حرة ولن اركع لاحد , ولاكن المؤمن العربي لا يترك حقه من من يتلاعب بعقله وحياته ,, ساحاربه بسلاح العلم الحقيقي ولن اكذب ولن اسمح للاكاذيب بالدخول ,, ليتسنى لاصحاب الضمائر الحية الدفاع عن انفسهم وعن مستقبلهم من افعال هؤلاء المجرمين بحق الافراد المسالمين المحبين للسلامة للجميع .. ان تدخلوا فالنفع لهم وان سكتوا فالضرر سيكون لهم اشد ..
الذي يجتهد لا يفرح لانه وجد بان الصوفيه اقرب ليصل الى المفترض الصحيح ,, فلكل حالة تشخيص ,, فكيف ان كنت اصلا معترفة بانني عابدة لله واخاف من غضبه علي ,, ولاكن لا يمكن ان يفهم الانسان الله فقط ان كان صادقا بحبه والخوف منه سيحكم عدلا وسيعلم بلا شك باظظي ظلمت لانني حميتكم جميعن من شراهتهم لجمع الاموال ولو على حساب البشريه واستقرار اوضاعها وحياتها ,, ولو لم يجدوا استثمارا ومالا سيسرقون اعمال وعرق الجميع من شعراء وكتاب واطباء واصحاب المشاريع .. لن يتركوا احدا ان لم تنصفوا الحقيقة .. لم اظلم احدا بقدر ما حميت الجميع ,, اضطررت لاستعطال الفاظ قاسيه لاقنع الذين لديهم قلوب ميته .. ولاكنني ابدا لم اخن الله ولا اي فرد يسمى انسان وكل حسب اولويته بمشاكله واقترابه من الاخطار .. وابدا لن اكون مع الحكام لانهم لا يريدون ناصحين ولا اي معارض لطريقة بعض اعمالهم او بعضا طن اجرامهم بسلب الحريات اولها وتمكين الاجهزه الامنيه لتسلط على الفرد المدني , اغلب الحكام يرضون بمن داىما يقلل من شانه امامهم تمثيلا ويهز بالموافقه ويبدي الاعجاب بوجهه لكلام الحاكم او رايه ..
لست منهم ولم اتعلم كيف اصبح مثلهم ,, فقد تعلمت كيف احافظ على ايماني بالله والتوكل عليه والاجتهاد وعمل القليل من المعاصي كوني من البشر في اصعب الظروف وعندما اكون في اضعف واخر قوتي او حياتي .. اظتقام الله اقوى من انتقام العالم كله عليه فلن ابالي وقتها وسأظل راضية مقتنعة بحرية اعتناقي لافكاري الدينيه الله خالقي.