الدوحة ـ «القدس العربي»: اختراقان محوريان حققتهما الدبلوماسية القطرية في الربع الأخير من سنة 2015 التي كانت فيه آلتها أكثر من حيوية وتحركت على أكثر من جبهة في صمت وحققت
نجاحات مهمة بالرغم من تركها لدفة قضايا هامة استلمتها من قبل على غرار الأزمة السورية والصراع في اليمن. يأتي ذلك تزامناً مع المحك الذي فرض عليها والمتمثل في إطلاق سراح رعاياها الذين اختطفوا في العراق في رحلة صيد وتم احتجازهم من قبل مجموعة مجهولة.
وعلى رأس التجارب الناجحة للوساطة القطرية تكلل جهودها بإطلاق سراح 16 من الجنود اللبنانيين المختطفين في جرود عرسال منذ شهر أغسطس من العام الماضي مقابل 25 أسيرا بينهم 17 امرأة وأطفالهم صنفه المتابعون كأحد أهم الإنجازات التي تحققت مؤخرا وعزز من رصيد الدوحة. واعتبرت الخارجية القطرية أن وساطتها في ملف الأسرى جاءت تلبية لطلب من الحكومة اللبنانية، وقد قامت الأجهزة المعنية بدولة قطر بجهود حثيثة ومكثفة من أجل إطلاق سراح الجنود اللبنانيين المختطفين منذ آب/أغسطس 2014 في بلدة عرسال، وذلك بالتعاون مع الأمن العام اللبناني. واعتبر المصدر أن نجاح المبادرات الإنسانية يأتي ثمرة لرؤية دولة قطر التي تعطي الأولوية لحل النزاعات بالطرق السلمية والسياسية. ونزل خبر إطلاق جبهة النصرة، القريبة من تنظيم القاعدة، سراح 16 عنصرا من القوى الأمنية اللبنانية كانت تحتجزهم كجزء من صفقة لمبادلتهم بموقوفين إسلاميين في السجون اللبنانية، برداً وسلاماً على أهالي العسكريين، وجرت عملية التسليم خارج بلدة عرسال على الحدود اللبنانية الشمالية الشرقية مع سوريا. وشملت صفقة التبادل اطلاق سراح 13 موقوفاً اسلامياً لدى الدولة اللبنانية من بينهم خمس نساء، إضافة إلى الأطفال الثلاثة لسجى الدليمي طليقة زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي.
من الشرق إلى الغرب
الرعاية القطرية لملفات المصالحة انتقلت من الشرق حيث كان ثقلها في لبنان، غربا وهذه المرة إلى ليبيا حيث عملت في صمت لجمع قبيلتي الطوارق والتبو في ليبيا على اتفاق مصالحة شامل ينهي الاقتتال في مدينة «أوباري» جنوب غربي البلاد. الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في الدوحة من قبل كل من الشيخ أبوبكر الفقي رئيس وفد قبائل الطوارق، والسيد علي سيدي آدم رئيس وفد قبائل التبو، بحضور الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني مساعد وزير الخارجية لشؤون التعاون الدولي طوى صفحة مريرة من خلاف ظل طي الكتمان على شرائح واسعة من الشارع العربي الذي أفقدته تطورات المشهد الليبي بتفاصيله بوصلته. وتمكن المفاوض القطري من التوصل لاتفاق مصالحة على وقف نهائي لإطلاق النار بين الطرفين، وعودة النازحين والمهاجرين من أهالي مدينة «أوباري» إلى ديارهم، وفتح الطريق العام، وإنهاء كافة المظاهر المسلحة في المدينة. وأعربت الأطراف الليبية المشاركة بعد التوقيع على الاتفاق عن تقديرها للجهود التي تبذلها دولة قطر في تحقيق المصالحة ما يؤكد أهمية وساطة الدوحة في حل الخلافات بالطرق السلمية وإنهاء الأزمات.
ومن شأن الاتفاق أن يُحدث نقلة نوعية في الأوضاع الأمنية جنوب ليبيا ويُعالج أكثر من مسألة بالحد من النزاعات القبلية والعرقية والانفلات الأمني وعمليات التهريب التي عدت من المشكلات المزدهرة في الجنوب، كما يؤثر بشكل عام على الوضع الأمني في المنطقة الممتدة من مدينة سبها عاصمة الجنوب وصولاً إلى دول الجوار.
تحرك في الحاضنة الخليجية
وعلى الصعيد الإقليمي ساهمت رئاسة قطر للدورة الحالية لدول مجلس التعاون، في لعب دور مميز، وحققت الكثير من الإنجازات المطلوبة على جميع الأصعدة ومن أبرز التوافقات انشاء الشرطة الخليجية الموحدة والتي سيكون مقرها أبو ظبي وهي خطوة تهدف لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مجال تبادل المعلومات الأمنية.
الدوحة شهدت خلال سنة 2015 حراكا دبلوماسيا مكثفا خلال ترأس الدورة الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وسجل منحى التحرك ارتفاعاً بالتزامن مع انعقاد القمة الخليجية الأمريكية التي استضافتها قطر شهر أغسطس في مرحلة حساسة وأسفرت عن تفاهمات دولية وتوافقات إقليمية ووضعت خلالها دعائم مبادرات بدأت تختمر لتكون أساساً لتفكيك ألغام عدة في أكثر من منطقة وتحديداً اليمن وسوريا وما خلفته من ظواهر وعلى رأسها تنظيم الــدولة الإسلامية في العراق والشام التي تجاوزت تبعاتها الحدود وباتت على عتبة استهداف دول المنطقة.
جس النبض
البداية كانت مطلع شهر أغسطس مع زيارة وزير الخارجية السعودي الدكتور عادل الجبير الذي عقد اجتماعا خاصا مع أمير قطر وتلاه وصول رئيس الدبلوماسية الإيرانية محمد جواد ظريف الذي حل في الدوحة ساعات قليلة بعد إقلاع الطائرة الملكية السعودية نحو الرياض. واستمعت الدوحة إلى وجهة نظر طهران حيال تطورات الأوضاع في المنطقة ونقلت لها رسائل مشتركة للعواصم الخليجية وعلى رأسها الرياض بخصوص بدء صفحة جديدة وتحييد الملفات العالقة وعوامل التوتر فيما يتعلق بالخليج وفتح قنوات تواصل غير مباشرة بشأن كافة القضايا التي تتداخل فيها الأطراف الخليجية مع الإيرانيين لا سيما في اليمن والعراق وسوريا.
وشكلت زيارتا الموفدين السعودي والإيراني إلى قطر لبنة الاجتماع الوزاري الحاسم الذي التأم في الدوحة بمناسبة انعقاد لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مع نظيرهم الأمريكي منتصف شهر أغسطس لاستعراض خطة العمل المشتركة والشاملة التي تم التوصل إليها بين مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا من جهة وإيران من جهة أخرى.
إلغاء الكفالة خطوة
في الاتجاه الصحيح
أعلنت دولة قطر رسميا تخليها كليا عن نظام الكافلة الحالي واستبداله بنظام جديد يرتكز على العقود الموقعة بين العامل وصاحبه، مع إلغاء نظام مأذونية الخروج الحالي والذي يتطلب موافقة صاحب العمل قبل مغادرة الموظف للدولة بنظام آلي جديد يعمل بنظام وزارة الداخلية، مع فرض غرامة في حدود 15 ألف دولار على صاحب العمل الذي يحتجز جواز سفر موظفه. وأشادت منظمات دولية بهذه الخطوة التي طالبت بها وتأكيدها على ضرورة تعديل الدوحة لمنظومتها التشريعية للتوائم والقوانين الدولية.
تصريحات 2015
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر
«إن الأنظمة الاستبدادية كانت السبب في ظهور المنظمات الإرهابية في منطقتنا، حيث أن الربيع العربي كان بمثابة بصيص أمل للشعوب العربية، لكن تم إطفاء هذا البصيص للأسف، وانشغل العالم بعدها بحوادث الإرهاب».
الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري
«قطر تمضي قُدماً في إنجاز كافة مشروعات البنية التحتية لاستقبال نهائيات كأس العالم 2022 وعلى رأسها مشروع السكك الحديدية والميناء الجديد وكافة المشاريع الكبرى حيث تسير مراحل الإنجاز في هذه المشاريع حسب الخطط المرسومة لها… بالرغم مما يمر به العالم اليوم من تطور وما يشهده من تقلبات سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي وتأثير ذلك على منطقتنا العربية والخليجية، كما أن انخفاض أسعار النفط في الآونة الأخيرة بدأ يلقي بظلاله على اقتصادات دول المنطقة، حيث بدأ يشكل هاجساً يستدعي مراجعة بعض البرامج والخطط الاقتصادية».
had
سليمان حاج إبراهيم
دام عزك يا قطر