الدراما التونسية بين تشويه الواقع وتقديم صورة خاطئة عن المجتمع

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي» : يتفق عدد كبير من التونسيين على انتقاد الدراما الرمضانية لهذا العام، والتي تتضمن جرعة كبيرة من العنف والإثارة والترويج لصورة خاطئة عن تونس، وهو ما دعا هيئة الاتصال مؤخرا إلى التدخل لتعديل توقيت عرض أحد الأعمال المثيرة للجدل.
وتعرض القنوات التونسية الحكومية والخاصة عددا كبيرا من الأعمال الدرامية (الجادة والهزلية)، من بينها «أولاد مفيدة 3» و«ونسيبتي العزيز 7» و«الدوامة» و«المنارة» و«دنيا أخرى»، فضلا عن عدد من الأعمال العربية، التي يشارك فيها بعض الممثلين التونسيين.
وتؤكد السياسية والمحامية لمياء الخميري لـ»القدس العربي» أنها تفضل متابعة الأعمال الدرامية العربية خلال شهر رمضان، مشيرة إلى أن الأعمال التونسية تحمل كثيرا من الصخب والإثارة وهي غير مثيرة للانتباه عموما.
فيما يفضل السياسي والمهندس لزهي بالي متابعة البرامج الدينية والأعمال الوثائقية، مشيرا إلى أن الأعمال الدرامية عموما لا تثير انتباهه خلال شهر رمضان.
ويصف الباحث سامي براهم الدراما التونسية بأنها «دراما مضادة للذات»، ويضيف عبر صفحته على موقع «فيسبوك»: «أصبح من الدّارج في كثير من الدّرامات العالميّة سعيها إلى التعريف بثقافات مجتمعاتها ومعالمها الحضاريّة والتاريخيّة والأثريّة والطبيعيّة واتّخاذ هذه المعالم إطارا للعمل الدّرامي لا فقط كشكل من التسويق السياحي بل كإطار رمزي وخصوصيّة ثقافيّة تضـفي على الـدّراما بـعدا جـماليّا.
أمّا في صلب الدّراما نفسها فتسعى عديد التّجارب حتّى تلك التي تتبنّى البعد الواقعي في كشف مشاكل المجتمعات وعللها أن تقدّم كلّ أبعاد الواقع بما تقتضيه المعايير الفنيّة دون دعاية فجّة أو تجميل أو إثارة منفّرة».
ويتابع براهم «لذلك أحبّ النّاس الدراما المصريّة والسوريّة والتركيّة التي عرّفتهم على مدن تلك الدّول وحواريها وأزقّتها وقراها وأريافها وأعلامها وثقافتها وتاريخها ومآثرها وأوضاع مجتمعاتها بكلّ شجاعة في النقد وكشف الواقع ولكن بتوازن بين المظاهر الإيجابيّة و المظاهر السلبيّة فتكون الصّورة إنسانيّة اجتماعيّة بكلّ أبعادها دون اختلال أو مبالغات أو دعاية أو تسويق فجّ.(ولكن) عندما تولّي وجهك شطر الدّراما التّونسيّة وتريد أن تقيس أثرها وبصمتها في هذا المضمار، يكفي أن تسأل عن الانطباع الذي تحدثه في أذهان الأشقّاء من الدّول الشّقيقة الذين لم يزوروا البلد وعن الصورة الذهنيّة التي تنطبع لديهم عن تونس من خلال الدّراما المُنتَجَة والمعروضة في التلفزة خاصّة في الشّهر الفضيل، ستستنتج وبدون تعميم أو معياريّة أنّ جزءا من هذا المنتوج الدّرامي حتّى ذلك المموّل من المال العامّ هو دراما مضادّة للذّات تعطي انطباعا مضلّلا عن المجتمع التّونسي وقضاياه، كمن يخربون بيوتهم بأيديهم».
وينتقد الفنان يونس الفارحي مسلسل «الدوامة» يُعرض على التلفزيون الحكومي، متعتبرا أنه دون المستوى، ويتساءل الفارحي عن سبب إنتاج التلفزيون الحكومي لأعمال ذات مستوى فني متدنٍ رغم أن أغلب العاملين في الحقل الدرامي حاليا (مخرجون وممثلون وفنيون) عملوا أساسا في التلفزيون الحكومي.
فيما تنتقد الفنانة ليلى طوبال تدني مستوى الأعمال الكوميدية التي تعرضها الفضائيات التونسية في رمضان، وتدعو بالمقابل إلى إعادة عرض أعمال كوميدي معروفة مثل «أمي تراكي» للمخرج عبد الرزاق الحمامي وهو أول مسلسل هزلي في تونس، فيما يطالب آخرون بإعادة عرض أعمال كوميدية أخرى مثل «خطاب على الباب» للمخرج سلاح الدين الصيد و»الحاج كلوف» لعبد الرزاق الحمامي.
وكانت هيئة الاتصال السمعي والبصري وجهت مؤخرا «لفت نظر» إلى قناة «الحوار التونسي» يتعلق بمسلسل «أولاد مفيدة»، حيث اعتبرت أن العمل يحتوي على «مشاهد صادمة لبعض الفئات الحساسة من المشاهدين وخاصة منهم الأطفال، لا سيما وأن المسلسل يتم عرضه في وقت الذروة».
وأصدرت الهيئة قرارا ملزما للقناة يتضمن عرض المسلسل المذكور بعد الساعة العاشرة ليلا، فضلا عن بث تحذير قبل عرض العمل يفيد بأنه يتضمن مشاهد غير مناسبة للأطفال، إضافة إلى وضع علامة أسفل الشاشة خلال عرض العمل تؤكد أنه لا يسمح بمشاهدته لمن هم دون سن 12 عاما.
ويُلزم القانون التونسي أصحاب وسائل الإعلام بالتعهد بـ «حماية الأطفال من عنف المضامين السمعية والبصرية وذلك بوضع التحذيرات المناسبة واللازمة إذا تضمن المحتوى الإعلامي أي شكل من أشكال العنف كالأصوات والمشاهد العنيفة».

الدراما التونسية بين تشويه الواقع وتقديم صورة خاطئة عن المجتمع
سياسيون وباحثون ينتقدون تزايد العنف والإثارة داخل الأعمال الرمضانية
حسن سلمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية