الرأس المقطوع!

حجم الخط
22

أبدأ بالإعتذار من أنسي الحاج لأنني استعرت عنوان ديوانه الثاني في هذا المقال الذي يكتب على ايقاع قطع رأسي جنديين لبنانيين من قبل تنظيم «داعش». أعتذر منه ومن هذا الزمن الذي سيصير صفحة معتمة في تاريخنا، هذا إذا بقي لنا من تاريخ يمكن لكاتب أن يكتبه، بعدما أعلن الخليفة البغدادي «نهاية التاريخ»، وبداية عصر الأبدية التي هي اسم آخر للموت.
يجب أن لا أكتفي بالإعتذار من أنسي الحاج، بل يجب الاعتذار ايضاً من سعدالله ونوس الذي نجح في مسرحيته «منمنمات» في استعادة لحظة اللقاء بين ابن خلدون وتيمورلنك، قبل أن يدخل زعيم التتار دمشق الشام، ويقيم هرما من الرؤوس المقطوعة. واعتذاري من سعدالله ناجم عن شعوري بأن لا قدرة لمؤرخ عربي معاصر على تنظيم لقاء بأبي بكر البغدادي كي يكون شهادة تاريخية على زمننا، كما أن خيانات المثقفين في زمننا تنسخ لحظة ضعف ابن خلدون أمام السلطة الغاشمة، وتجعل منها تفصيلا في سجل الخيانات المعاصرة. وبالتالي لن يستطيع كاتب عربي أن يحول جنون الخليفة إلى لحظة درامية مثلما فعل ونوس.
لا علاقة لديوان أنسي الحاج أو مسرحية ونوس بما يجري الآن. فالخليفة لا يقرأ الأدب العربي قديمه وحديثه، وهو معني بنزع تماثيل شعراء العرب وقطع رؤوسهم لأنه يسير على خطى «السلف الصالح»، الذي اعتقد أن امرؤ القيس هو قائد الشعراء الى النار.
لكننا نعيش في زمن الرؤوس المقطوعة، والنحر والصلب والحرق والرجم. وهذه كلها عبارات مأخوذة من «تراثنا» المجيد، الذي سعت الثقافة العربية الى بعثه واحيائه كتمهيد مواكب لزمن الانقلاب العسكري، الذي استولد زمن التوحش من قلب ممالك الصمت العربية.
لا أريد أن أدخل في تحليل الواقع السياسي اللبناني، الذي ساهم في تحويل جنود الجيش اللبناني الى رهائن تعدّ للذبح، فهذه مسألة تدخلنا في قاموس الإحباط السياسي الذي جعل من لبنان دولة لا تشبه الدول، وجعل من الطوائف التافهة والمنحطة وكيلاً لتفليسة شاملة سوف يدفع اللبنانيون ثمنها دماً وانهياراً لما تبقى لهم من اجتماع.
لكنني اتساءل اليوم عن معنى التجربة الثقافية العربية منذ عصر النهضة، ونحن نشهد اليوم هذا التآكل في القيم.
هل دخلنا هذه العتمة بسبب عجزنا عن صدّ المشروع الصهيوني عام 1948، أم عجزنا عن صدّ هذا المشروع بسبب فشل مشروع الاستقلال العربي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى؟
هل خدع الحلفاء العرب عام 1918، أم أن العرب خدعوا أنفسهم؟ وهل أقيمت دولة اسرائيل بسبب العجز العربي، أم أن الإنقسامات العربية هي التي انشأت اسرائيل؟
ما تشير إليه رؤوسنا المقطوعة هو استكمال لما أشارت إليه أجسادنا التي مزقتها سجون النظام العربي، رأس عباس مدلج وقبله رأس علي السيد يستكملان جسد الطفل حمزة الخطيب الذي مزقه التعذيب في درعا، وجسد غياث مطر المشوّه في داريا.
من الأجساد الممزقة الى الرؤوس المقطوعة، هذا هو حصاد لعبة الصراع بين استبدادين: استبداد الأنظمة العسكرية من جهة، واستبداد السلفية الجهادية من جهة ثانية، ونحن عالقون بينهما. استبدادان يتصارعان على السلطة ويتحالفان على الناس، الأول يسحق الأجساد والثاني يقطع الرؤوس ويصلب ويحرق ويرجم ويبيد الأقليات.
لا تقولوا من أين أتى هذا التوحش الصحراوي، إسألوا التصحّر الاستبدادي المديد كي تعثروا على الجواب.
لكن مهلاً، فالمسألة لها وجهها الثقافي، فالذي يحرق كتب ابن عربي، ويقطع رأس أبي تمام، يأخذنا الى جوهر مشكلة ثقافتنا العربية مع نفسها، وهي مشكلة تتعلق بافتراض أحمق جعل من الأدب بديلاً للسياسة والتاريخ وعلم الإجتماع. صدقنا الشعراء وتناسينا أنظمة الإستبداد القائمة على الغلبة والمغطاة بقدسية النص الديني كما حلله ابن خلدون. فانسحب إعجابنا بالمتنبي وأبي تمام إلى إعجاب بالخلافة العباسية التي صنعها أبوالعباس الملقب بالسفاح، ونسينا ثورة الزنج، بل شتمناها مع الشاتمين، واكتمل انحطاط النهضة بالهزيمة الناصرية أمام اسرائيل،فجاءنا ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب في زمن التصحّروالإستبداد والإستسلام، فانقلب مفهوم الإنبعاث رأسا على عقب، وبدل أن يأتينا بمشروع قومي حديث، جلب لنا مُرَكّباً استبدادياً ما لبث أن استنقع مستولداً بديله الداعشي.
الرأس المقطوع ليس صورة سيريالية، كما تخيل أنسي الحاج، بل هو واقعنا، فالهمجية التي تحيط بنا من كل الجهات، هي مستقبلنا، في ظل تناسل الطوائف والمذاهب، وتحولها إلى قوى سياسية وعسكرية.
ما فات أصدقاءنا من اليساريين السابقين الذين احتفوا بالإسلام بصفته حلاً، هو أنهم يدخلون الى أمكنة الإنقسام الفقهي والسياسي الأكثر تعقيداً، وأنا لا أتكلم هنا عن الخلاف السني- الشيعي فقط، بل أتكلم عن المذاهب المختلفة والاجتهادات المتناقضة، التي جعلت من الصحوة الإسلامية في المشرق باباً إلى الإنقسام والتشرذم والحروب المديدة.
ماذا نفعل؟ هل نكتفي بتحسس رؤوسنا قبل أن تنحر السكاكين اعناقنا، أم نهرب من قدرنا إلى اللامكان؟
من المؤكد، بالنسبة لي، إن التحالف الدولي الذي ستقيمه الولايات المتحدة وحلفاؤها ليس حلاً ولن يأتينا بالحل، وكل من يعوّل عليه أحمق.
تكفي تجاربنا مع الغرب كي نفهم أن هذا الرهان ليس سوى الوهم.
ماذا اذاً؟
هل نستسلم لقدرنا؟
حتى الاستسلام ليس ممكناً، فالسكين لن ترحم عنق أحد، وسط حرب مفتوحة على المجتمع وعلى العمران، ووسط هذه الموجة الوحشية الآتية من الصحراء والتي لا تحمل معها سوى التفسّخ.
وسؤالي الأول اليوم موجّه إلى اللبنانيين، ماذا تنتظرون كي تفرضوا على هذه الطبقة السياسية التي تتلاعب بدمكم احترام ما تبقى من دولتها، قبل أن تبتلعنا الفوضى.
والغريب المستغرب والمستهجن هو أننا نراقب إنحلال ما تبقى من جيش وإذلال جنوده ساجدين أمام الوسطاء الذين هم جزء من المشكلة! الإحتمال الأخير هو أن ينتفض اللبنانيون قبل أن يجتاحهم الطاعون، إلا إذا كان الطاعون قد استفحل من دون أن ندري؟ لكننا لا نزال نملك كلمات تقول لا ولن. وعلينا أن نرفعها الآن.

الياس خوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غادة الشاويش:

    * اخيرا لو كنت مسيحية او مسلمة او من اي طائفة فديني هو العدل وبندقيتي ضد الظالمين ولو كانوا قومي ومن حق الاخ الياس ان يخاف كمسيحي من داعشين داعش السنية التي تقتل باجرام والمخترقة استخباريا والتي لا ترحم اقليات او اكثريات وداعش الشيعية ( الكثر دهاءا واحترافا وتنظيما والمستفيدة الاولى من كل الدماء في المنطقة ) فمسيحيو الشرق وهم امانة رسول الله صلى الله عليهوسلم فياعناقنا اصبحوا بين خطرين لا يكادون يفهمون منهما من معهم ومن عليهم ومن يضحك عليهم ويتحدث باسم مظلوميتهم ومن عدوهم ومن صديقهم الحزب الايراني يستخدمهم ورقة لتاسيس حلف الاقليات و يحاول انيستميل غرائزهم الطائفية ويتعمل خوفهمعلى انفسهم كاقلية مخذولة من الغرب والشرق على حد سواء ليسلحهم ويتحدث عن الامنالذاتي ولاحقا سينقلب على اتفاق الطائف لضمان تاسيس دولة على مقاس قوته وبحسب معيار القوة
    السنة بدورهم لن يسكتوا على كل هذا فالحزب يرى ان السنة عديدهم = الشيعة + المسيحيين + الدروزهذا ناهيك هن الفلسطينيين (يناهز عددهم ثلاثة ارباع المليون والسوريين المهجرين البالغ عددهم اكثر من مليون ) وهو ما تسبب مؤخرا في اجراءات طرد منظمة للنازحين السوريين لضمان التوازن الديمغرافي وتوازن القوة بحيث يستطيع الحزب ان يحوز على ولاءالمسيحيين عبر تخويفهم من داعش(عبر الحسابات الاستخبارية التي يديرها متفرغوه كحساب لواء احرار السنة الذي هدد بهدم كنائس الشرك في البقاع الشمالي بالقرب من عرسال قبل المعركة وثبت تورط عنصر من حزب الله في هذا الحساب الوهمي والذي تبرات منه كتائب عبد الله عزام والنصرة المحسوبتان على القاعدة ) ، وهو يبرمج اعلامه للهجوم على الدولة اللبنانية ويصفها بدولة العار فياعلامه حتى يدعم التسليح وحلف الاقليات ويعززمخاف المسيحيين (والموصل مثال حي وتخلي الغرب عن المسيحيين وفتح باب الهجرة مثال حي ومقنع ومؤثر ) وينقض على شركائه في الوطن من السنة الذي بات يخافهم كعقبة في مشروع دولة البقاع الشمالي ما يعني اننا ويا للحزن امام بوسطة عين رمانة جديدة ستفجر برميل البارود وتحرق الجميع وعلى طريقة اخي كروي داوود
    ولا حول ولا قوة الا بالله
    اما التوقيع فعلى طريقة اخي اللدود الذي لا اتفق معه بشيء الا اننا نكتب في نفس الصحيفة الغراء القدس العربي

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    المناضلة العنيدة غاده
    من قال أني لا أتفق معك على شيئ يا أختاه
    أنا متفق معك عن الذي نحسبه شهيدا وهو المجاهد عبدالله عزام
    لقد فجرت سيارته وسط المجاهدين بسبب الطمع بخلافته

    أما عن الأديب سيد قطب فهو خريج كلية آداب وليس شريعه
    وله كتاب كتبه بالسجن اسمه معالم بالطريق – هلا قرأتيه

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول غادة الشاويش:

    التوقيع : مقهووووووووووووووووورة

  4. يقول Ossama Kullijah سوريا:

    شكرا اخي الياس على هذا المقال وليس لدي حقيقة اي اعتراض بل على العكس استغرب نفسي واحس احيانا انني مملا في تعلقياتي لانني لاارى سببا لكي اعارض افكارك حتى ولو من باب المناقشة واحس انك تجاطبنا بافضل مايستطيع ان يقوم به كاتب من حس ادبي وثقافي واجتماعي لكن مالفت نظري هذة المرة ايضا وعلى جلاف المرات السابقة التي تابعتك فيها كثرة التعليقات والمناقشة الطويلة عجبا او ربما لاعجب في ذلك لطالما ان بعض الافكار هنا وهناك تلامس الشعور الديني للقارئ وعجبا هذة الاوتوماتكية ايضا لدينا ماعليك الا ان تلامس المشاعر الدينية ولو بحذر شديد وبكلام رائع كما في هذا المقال حتى تجد اننا نستيقظ ونبداْ بالصراع حول هذا وذاك دون ان نركز على الفكرة الاساسية التي يريد الكاتب ايصالها في النهاية وكمااتمنى ان يلقى ندائك للشعب اللبناني صدى كبير فلعل وعسى من هناك من هذا البلد الفريد في المشرق العربي تبدا مسيرة العودة الى العقل في المشرق العربي

  5. يقول غادة الشاويش:

    * اخي كروي ما اكتبه انا في مقال وقلبي يدق انفعالا وربما غضبا تكتبه انت في كلمتين هادئتين تنمان عن معرفة عميقة وربما عن شخص عراقي الجنسيةوعن عمر اطول من عمري في العمل الاسلامي فانا قرات كتاب معالم في الطريق على ما اذكر في العام 93 وكنت يومها ابلغ من العمر ثمانية عشر عاما واليوم انا في التاسعة والثلاثين من عمري ولا اتذكر ابدا انني وجدت عند سيد قطب منهجا تكفيريا او فتاوى -ولكني اعدكباعادة قراءته لانني اثق بفكرك واخاف من علم العراقيين وقدراتهم لقوتهم وثقافتهم العالية ، وانا كنت طوال الوقت اظنك اخا من المغرب بسبب اسمك وانا في التوقيع لم اقصدك قصدت الاخ مقهور ووقعت باستعارة توقيعه -الاخ مقهور مؤيد للنظام السوري ولهذا انا اقول لا اتفق معه بشيء لانني لا اتذكر انني اتفقت معه بشيء فاقتضي التنويه .
    * ثانيا : هناك طبقة من الحريريين ينظرون ان فكر سيد قطب هو فكر سجون وان الجماعات التكفيرية خرجت من تحت عباءة فكره وانا لا اتفق مع وجهة النظر هذه كوني قرات اغلب مؤلفات سيد وملات علي قلبي وفكري وعملت مع كل المسلمين من السلفي الى الاخواني الى حزب الله الى التبليغ والدعوة ولم اتاثر باي فكرة بل لم افهم ابدا اية فكرة تكفيرية للشهيد سيد رحمه الله تعالى .
    *منطق دفاعي عن الاستاذ المفكرالشهيد سيد قطب يستند الى قراءة امينة لفكره من مؤلفاته كما وانني طالما قلت ان الذين حولوا فكر المفكر الشهيد سيد قطب الى احكام فقهية استحلوا بها الدماء وفهموا ما لم يقله ولا يوافق عليه ولا ينظر له هم يتحملون المسؤولية فالشهيد سيد قطب مفكر واديب وليس عالما في فقه الدماء او الجهاد وما كتبه عموميات تتعلق بالتاصيل الفكري لفكرة الدولة الاسلامية التي تحكم بشرع الله وجاهلية التشريعات المستقاة من القوانين الوضعية والمجتمع الجاهلي ( ولا يعني به تكفير المجتمع ) بل جاهلية القيم العلمانية والقومية ولهذا قلت مرارا وتكرارا ان المفكر الشهيد لم يقصد الى نظرية فقهية بقدر ما اصل الاصول الفكرية للاسلام الذي يتخذ الدولة العادلة هدفا ,كعدةوجهات نظر تتعلق باغتيال الدكتور الشهيد عبد الله عزام لكنني مقتنعة بدور الاستخبارات السعودية بالامر وليس المقاتلين المصريين في الجهاد الافغاني والله اعلم

  6. يقول Ossamah Kullijah/Syria-Germany:

    يااختي غادة في كل كلمة اقرأها من تعليقك ع السيد قطب (رحمه الله) لاارى الا اغاء الاهر باسم الدين نحن اليوم في عصر الانفتاح الفكري وقصر التفكير على منهج ديني دون غيره لايمثل الا فكرا احتكاريا (كما هو الحال في ايران الان ايضا ولو ان القومية تلعب دورا اكبر عند النظام الايراني)

  7. يقول غادة الشاويش:

    * الاخ اسامة كليجي : الفكر الديني الذي افهمه -وانا ملزمةبفهمي – هو فكر يلغي العرق لصالح المعتقد الانتماء العرقي هو انتماء جبري لجغرافية واحدة من قبل مجموعة من الناس يتشابهون في الجغرافيا ويختلفون اختلافا قد يصل الى حد التناحر الحرب الاهلية رغم انتمائهم لدولة واحدة بالنسبة لما افهمه عن دولة اسلامية هي دولة راقية تفرزها مجموعة سكانية متجانسة تجانسا عقائديا اغلبيا وموافقة ومتفقة فيما بينها على منهجية الاسلام المجيد الذي لا ارى فيه ابدا الغاء بقدر ما اراه فكرا انسانيا عالميا يخاطب الانسان بغض النظر عن لونه اوعرقه ويمنحه حرية المواطنة بناءا على ما يعتنقه لا بناء على جبرية قهرية تتعلق بالجغرافيا .
    * المشكلة يا اخي اسامة ان هناك ظلما وقراءة تلبس الدين لبوس الغاء الاخر في حين ان الدين اي دين في الارض حتى الشيوعية التي اعتبرها دينا يتوجب عليه حوار الاخر لا الغاؤه -.
    * من قال اننا في مرحلة الانفتاح الفكري نحن في مرحلة الغاء كل من يعارض بالقتل المنهجي سواء عارض سياسيا او فكريا فكما ان قصر الفكير على منهج ديني لمثل فكرا احنتكاريا فان قصر التفكير على اية فكرة اخرى غير دينية والزام الناس -ومنهم من هو ديني الايديولوجيا – يحتوي على الغاء واحتكار للنفوس والعقول
    *ما اعنيه اخي : هل يعني ان اؤمن بفكرة ما انني الغي غيري؟ اذا كان تنظيري للفكرةالدينية هو تنظير منهجي قائم على الاقناع لا الجبر فهوشانه شان اي فكراخر يتميز بحسب نجاح تجربته ويحكم عليه بالفشل بحسب فشلها ويقيم وزنه بتفوقه المنهجي في السياسة والاخلاق والتشريعات ويحكم على فشلخه بحسب فشله في ذللك نظرة سريعة الى العالم اليوم تجعلني -وانامن عائلة الاب فيها شيوعي ثم انتمى الى الناصرية والى القومية ونشات في مدرسة متعددة الثقافات والاديان ورايت بعد بحث وليس وراثة ان الاسلام منهج عاقل يقوم على مخاطبة الروح والعقل وحوار الحضارات لا الغاء الاخر فالاسلام ليس مسؤولا عن ممارسات احتكارية ودموية لانظمة لا تمثله انا اتكلم عن الاسلام المنهج وليس عن نماذج تتلفع به وتمارس قتلا دمويا والغاءا لارادة الناس -ايران في سوريا والعربية السعودية في سياساتها الداخلية والخارجية ليستا دولتين دينيتين الدولة التي افهمها بعد دراستي للاسلام وطريقة عمله هي دولة تفرز من ارادة شعبية -لا من احتكار او قهر سياسي – تعتمد في مرحلة بنائها على التنوير لا على التكفير وعلى التبشير الفكري والديني لا على القمع فاذا امنت اغلبية تسكن في جغرافية معينة بهذا الفكر وارادته مصدرا تشريعيا فساعتئذ يعتبر اي نظام سياسي اخر وتشريعي اخر يحكم هذه الجماعة ظالما ولا يمثلها ودخيلاعليها – الدولة الاسلامية تاتي من القاعدة الى الهرم وليس العكس هكذا فعل محمد والدول اللادينية اليوم كلها لديها ظلم اجتماعي او سياسي وانهيار اخلاقي في الحرب والسلم .
    الدين ليس انغلاقا بل انفتاح وجوار وتحرك وتبشير وكيان منظم لجماعة ترتضيه وليس انقلابا عسكريا دكتاتوريا يرمي الى استعباد الناس وحتى اولئك الذين لا يؤمنون العلاقة معهم حوارية وليست الغائية وتصوير الامر كما لو كان الفكر الديني الغائيا هو قصور -مع احترامي الشديد لك – لانني تحديدا اعتبر الدين فكرة عالمية جامعة يستطيعاي انسان يوافق عليها ان ينتمي اليها بخلاف القومية التي هي ميراث جبري خالي من الاختيار الثقافي وفارغ من المضمون الاعتقادي الا في اطار المعتقدات الموروثة من لهذه الجماعة الثقافية .
    اخياسامةلقد تسبب الانفتاح الثقافي وثورة الاتصالات فيانتشار الاسلام وليس في انحساره ما يعنيانه ليس دينا الغائيا والمنهج الديني هو منهج اخلاقي يرمي الى العدل فيالتشريعات ويحارب الظلم والاستبداد السياسي ويخاطبالانسان بمكوناتهالعقليةوالروحية ويحول القيم التشريعية العادلة الى الزام اخلاقي في عالم الضمير قبل كونه اسلاما في عالم الواقع وكل من فهم الاسلام ودرستشريعاته سيبهر بعدالة -هذا ليستنظيراانشائيا بل ناجم عن دراسة دقيقة – التشريع الاسلامي ونجاحه وانفتاحه وقدرته على الانتشار والحوار لا الغاء وسيحب الانسان مهما كان دينه ان يكون مواطنا فيدولة فاضلة عادلةةيحاسب فيها المسؤول حساباعسيرا السلطة للمواطن والقانون افراز روحي اغلبي لمجموعة تؤمن به ولا يفرض نفسه على من لا يؤمنون به لانه من القاعدة الى الهرم فهل الانفتاح يعني احتكار العلمانية لنموذجها الفاشل في الحكم وادارة المجتمعات ام يعني ان ترتكب الامم مراجعة حضارية نحو الافضل الذي هو الاسلام من وجهة نظري وربط الاستبداد بالاسلام والاحتكار بالفكر الديني ظالم لان الفكرالديني قائم على الاقناع والتبنيالعميق وهو بالذات لايمكن قيامه بالقوة
    تقبل احترامي

  8. يقول غادة الشاويش:

    ماذا افعل يا جريدة القدس حتى استطيع المناقشة بلا حذف شكرا لكم على كل الاحوال انتم تفسحون المجال لي ولكن هكذا اذا لم نكمل النقاش تضيع الفكرة

  9. يقول Ossama Kullijah سوريا:

    اختي غادة هذا خطاب ادبي مليء بالسرد القصصي وطبعا الشيوعية دين وقد كانت تحتكر الفكر ولهذا انتهت وطبعا حقك ان تعبري عن ماتفكرين به وتعرضين رؤيتك وليس عندي مشكلة في ذلك بل على العكس اقراْ مايكتبه الاخرين بسرور ماقصدته ان ماتفكرين به يعارض الانفتاح الفكري على الاخر لطالما انك تحصرين كل شيء تحت اطار واحد هو فكر الاخوان المسلمين وعلى الرغم من ان هذا الفكر الاسلامي تحول وتعدد كثيرا في الوقت الحاضر واصبح مثلا عند اردوغان ي تركيا يتماشى مع الدولة الحديثة دون التمسك باحتكار السلطة كما كان سابقا عند سيد قطب والاخوان في مصر (وليس الان فانا ايضا ضد انقلاب السيسي لكنني ايضا اعتقد ان مرسي اخطا في صياغة الدستور خطاْ كبير) لكن التفكير الديني كونه كان سائدا في العصور الوسطى لايعنى انه صالح لكل زمان ومكان واعني بذلك التفكير الديني الايديولوجي في بناء الدولة اما الدين كعقيدة وايمان لاي انسان فهذا شيء اخر

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية