الجزائر – « القدس العربي »: أجرى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حركة تغييرات جديدة على مستوى المؤسسة العسكرية، التي شملت مسؤولين كبارًا في وزارة الدفاع الوطني، وذلك بعد أقل من أسبوع من إقالة قائدي الناحيتين العسكريتين الأولى والثانية، دون أن يعني ذلك نهاية مسلسل التغييرات داخل الجيش، الذي بدأ منذ حوالي شهرين، ولا أحد يستطيع التنبؤ بموعد انتهائه.
وكان الرئيس بوتفليقة بصفته وزيرًا للدفاع وقائدًا أعلى للقوات المسلحة قد أقدم على إقالة اللواء محمد تيرش الشهير باسم « الجنرال لخضر » كمدير لأمن الجيش وعيّن اللواء عثمان بن ميلود خلفًا له، كما قام بإنهاء مهام اللواء بومدين بن عتو الذي كان يشغل منصب المراقب العام للجيش، وعين مكانه اللواء حاجي زرهوني الذي كان مديرًا مركزيًا لمعتمدية الجيش، فيما تم تعيين اللواء عيسى الباي على رأس المعتمدية.
وتأتي هذه التغييرات الجديدة داخل هياكل المؤسسة العسكرية أيامًا قليلة بعد إنهاء مهام كل من اللواء الحبيب شنتوف قائد الناحية العسكرية الأولى واللواء سعيد باي قائد الناحية العسكرية الثانية، في إطار مسلسل إقالات « صامتة» تم الشروع فيها منذ حوالي شهرين، أي مباشرة بعد انفجار فضيحة محاولة إدخال 701 كيلوغرام من مادة الكوكايين، التي قيل منذ البداية إنها تحمل ملامح فضيحة دولة، لأن المتهم الرئيسي فيها واسمه كمال شيخي الشهيرباسم « البوشي » ( جزار) هو تاجر لحم نجح بفضل شبكة علاقات نافذة من أن يتحول إلى واحد من أكبر مستوردي اللحوم في البلاد، وبعدها إلى صاحب مشاريع عقارية ضخمة، وبينت التحقيقات منذ البداية أن « البوشي » كان على علاقة بالكثير من المسؤولين المدنيين والعسكريين، وبأبنائهم، وأنه كان يغدق عليهم بالرشاوى المختلفة.
ورغم أن التحقيقات لم تصل بعد إلى لب القضية، أي شحنة الكوكايين، إلا أن الكثير من الرؤوس أطيح بها، بعضها أودع السجن مؤقتًا، والبعض الآخر استدعي للتحقيق، وتداولت الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي عدة أسماء، خاصة داخل المؤسسة العسكرية. ورغم أن وزارة الدفاع لم تعلق على ما تم تداوله، إلا أن إقالة الأسماء التي قيل إنها إما تورطت مع البوشي مباشر، أو أن أولادهم هم الذين تورطوا مع « البوشي »، أعطى نوعًا من المصداقية لما تم تداوله بشأن تورطهم في هذه الفضيحة، خاصة وأن قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، يبدو مصممًا على أن يذهب التحقيق إلى أبعد نقطة، علمًا أن الجيش هو الذي اكتشف والذي أحبط محاولة إدخال هذه الشحنة إلى ميناء وهران نهاية مايو/أيار الماضي، كما أن وزير العدل الطيب لوح قال إنه لا أحد ممن تورطوا في هذه الفضيحة سيفلت من العقاب والحساب مهما كان منصبه ودرجة مسؤوليته.
وكان الرئيس بوتفليقة قد أقدم على إنهاء مهام كل من اللواء عبد الغني هامل المدير العام للشرطة، وهو عسكري سبق له أن تولى مهام عليا داخل المؤسسة العسكرية، والذي أدلى بتصريحات مبهمة ومحملة برسائل مشفرة خطيرة حول قضية الكوكايين، لتتم إقالته في ظروف ساعات، كما أنهى مهام اللواء مناد نوبة قائد الدرك الوطني، كما تمت إقالة اللواء بوجمعة بودواور مسؤول المالية بوزارة الدفاع، وكذا اللواء مقداد بن زيان مسؤول المستخدمين بوزارة الدفاع، وقد تداولت الصحافة ومواقع إخبارية أنباء عن تورطهما مع المتهم الرئيسي كمال شيخي المعروف باسم « البوشي ».
ورغم مرور أكثر من شهرين على انفجار فضيحة الكوكايين، إلا أن تبعاتها وتداعياتها ما تزال مستمرة، حتى وإن لم تصدر السلطات أي تفسير أو تقدم شرحًا لهذه التغييرات التي تبقى غير طبيعية، على اعتبار أنه جرت العادة أن تتم مثل هذه التغييرات بمناسبة ذكرى استقلال البلاد المصادف للخامس من يوليو/ تموز، لكن ما يجري يعطي الانطباع أن هناك نية لإجراء عملية « تطهير » هادئة وبالتقسيط المريح!
وكأننا نشاهد “مسرحية شاهد ما شافش حاجه” !