القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرز موضوع في الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني كان عن ردود الأفعال المتباينة على خطاب الرئيس السيسي منذ ثلاثة أيام، في الندوة التثقيفية التي أقامها الجيش، عندما تحدث عن الإعلام واشتكى منه، ومع ذلك فإن الأغلبية اهتمت بما ورد في كلمته عن السيطرة على الأسعار نهاية الشهر الحالي، وتوفير الغاز للمصانع التي أوقفت جزءا من طاقتها.
ومن الأخبار الأخرى التي استحوذت على اهتمام أصحاب المصانع، القرارات التي سيتم إصدارها لرفع الجمارك عن سلع معينة تنافس إنتاجهم، ومشكلة العامل المصري الذي قتل في الكويت. ولا تزال أخبار انتخابات المرحلة الثانية والأخيرة لمجلس النواب، وبدء الحملات الدعائية للمرشحين، وسفر الرئيس إلى بريطانيا اليوم الأربعاء والخلافات داخل أندية كرة القدم واتحاد الكرة تستحوذ على اهتمام المصريين.
وإلى بعض مما عندنا..
الثورات الحقيقية تزيح عصراً لتؤسس لعصر جديد
وإلى آراء الكتاب عن الانتخابات التي بدأها يوم الأحد زميلنا في «الوفد» كامل عبد الفتاح معبرا عن تشاؤمه من وجه المجلس الجديد لأنه امتداد لنظام مبارك قال: «الثورات الحقيقية تزيح عصراً لتؤسس لعصر جديد، من دون أن تفقد ذاكرتها وتصاب بزهايمر تاريخي وسياسي. مصر مسكينة الكل تاجر بها في العقود الأخيرة، أهل السياسة باعوها في أسواق النفاق والنصب، رافعين شعارات الخصخصة والسوق الحر. باعوا كل شيء ثابت ومتحرك وقبضوا الثمن وتضخمت ثروات أجيال من العصابات، ولم يدخل خزينة الدولة إلا الفتات، وما دخل تبخر سريعا وضاعت ثروة مصر من مصانع وشركات انتقلت ليد مستثمرين بعضهم أجانب يبيعون لنا ترابنا ومياهنا داخل سلعة هي الإسمنت، وبعضهم مصريون احتكروا كل شيء.. احتكروا حتى الحق في أن يظلوا اللصوص المنفردين بالسلب والنهب. ولو كنت مكان النظام الحالي لتعمدت أن أغسل يديّ من هذا المولود القادم الذي سيظل مشكوكاً في نسبه وأصله، ومن أنفق عليه من الداخل والخارج. النظام السياسي في موقف لا يحسد عليه إذا ظل صامتاً حيال مجموعات مصالح من رأسماليين وإعلاميين وتجار ضمائر، يمثلون بحكم قوتهم دولة داخل الدولة. هناك مخاوف أتمنى أن تكون هلاوس تقول لي رغم أنفي، إن هناك عواصف تتكون في الأفق، هل المشكلة في المصريين الذين يصرخون طلباً للحرية والعدالة وحين يقفون أمام صناديق الاقتراع يختارون الأسوأ؟».
مصطفى بكري: مجلس النواب المقبل
سيكون صوتا للجماهير
لكن زميلنا وصديقنا وعضو مجلس النواب الجديد مصطفى بكري طمأنه وأزال شكوكه قائلا في اليوم نفسه في جريدة «البوابة»: «تبين من خلال القراءة الموضوعية للنتائج الأخيرة، أن الشارع المصري لديه من الوعي ما يمكنه من الفرز الحقيقي والاختيار الصائب، في مواجهة محاولات التزييف والتشويه. أسقط الناخبون المتاجرين بالدين إلى غير رجعة، وتمكنوا من هزيمة بعض الوجوه القديمة التي فقدت رصيدها، وفرقوا بين الغث والسمين، واختاروا على أسس الكفاءة والتواصل والوطنية والانتماء. إن الأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، لكن المحصلة النهائية تقول: إن وعي هذا الشعب يسبق نخبته، وهو أمر ليس جديدا على كل الأحوال والأحداث التي مرت بها مصر في الفترة السابقة، وتحديدًا تلك التي تلت ثورة 25 يناير/كانون الثاني، كانت مثالاً حيًا على ذلك. وبعد مضى أسابيع عديدة حتمًا سوف يتبدد الكثير من الوساوس التي ساورت البعض. وأظن أن مجلس النواب المقبل بقدر مسؤوليته البرلمانية في هذا الظرف التاريخي الصعب فحتمًا سيكون صوتًا للجماهير معبرًا عن آمالها ومشاكلها، قادرًا على أن يكون سندًا قويًا وفاعلاً للدولة ومؤسساتها، بما يحقق التطور المنشود وإعادة البناء».
جلال عارف: المصريون
يأملون أن ينحاز السيسي إلى جانبهم
لكن في اليوم التالي الاثنين أعطى زميلنا وصديقنا في «الأخبار» نقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للصحافة جلال عارف في عموده اليومي «في الصميم» صورة متشائمة عكس ما قدمه بكري، مع أن الاثنين ناصريان جلال قال: «تقول النتائج الرسمية للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، إن حزب الأخ ساويرس وشركاه احتل المرتبة الأولى بين الأحزاب الفائزة، يليه حزب الأخ أبو هشيمة وشركاه في المرتبة الثانية. وجمع الحزبان في هذه المرحلة ما يقرب من سبعين مقعدا، يليهما حزب الوفد بحوالي عشرين مقعدا، ثم بعض الأحزاب المعروفة وغير المعروفة بأعداد أقل بكثير من المقاعد، لكن النتائج الواقعية تقول إن المقدمة كانت للحزب الوطني «المنحل!» الذي فاز أعضاؤه ـ تحت لافتات متعددة ـ بأكثر من ثمانين مقعداً على أقل تقدير، أي بأكثر من ثلث عدد مقاعد المرحلة الأولى (226 مقعداً!) لا ينقص المشهد إلا وجود أحمد عز، لكي يحتفل الحزب بعودته المشهودة في انتخابات لا يستطيع أحد أن يشكك في أن التصويت فيها تم بنزاهة وشفافية، وإن كان الطريق إلى هذا التصويت أبعد ما يكون عن هذه النزاهة وهذه الشفافية. إذا سارت الأمور إلى نهايتها بهذه الطريقة فسنكون أمام برلمان هو في الحقيقة جمعية رجال أعمال مع من تجندهم لتحقيق مصالحها. أما مصالح الشعب فستظل في عنق رئيس جمهورية اختاره الشعب بأغلبية ساحقة ومعه 75٪ من الذين رفضوا المشاركة في هذه الانتخابات، لأنهم يؤمنون بأنهم في جانب آخر، ويأملون أن ينحاز الرئيس السيسي له ليحققوا معا العدل والحرية والكرامة وينتصروا للثورة في موجتيها في يناير/كانون الثاني 2011 وفي يونيو/حزيران 2013 فهل يفعلها الرئيس ومتى؟».
عملية انتخابية لم تخل من كل موبقات عصر الفساد
وفي عدد «الأخبار» نفسه قال زميلنا خالد رزق غاضبا وهو يسد بيده فتحتي أنفه حتى لا يشم رائحة الانتخابات: «عملية انتخابية جاءت بعد ثورتين، لكنها لم تخل من كل موبقات عصر الفساد ولا عامي الظلام والجاهلية، سواء من رشاوى انتخابية أو وعود بجوائز ربانية، باختصار واقع انتخابي مقزز منفر لم يصنعه شعبنا الثائر إنما فرضه عليه وعلينا من تحملوا مسؤولية سن القوانين ووضع الدستور، منذ قيام ثورة يناير وحتى اليوم، فسمحوا باستمرار المفسدين والخوارج الظلاميين السوداويين في مشهد كان من المفترض أن يتصدره شعب استحق، بما قدم، أن يقف على مسرح تسطع فيه أنوار التطهر من مخلفات عهود كريهة ما كان لها أن تبقى، فقط لو أن من تولوا المسؤولية آمنوا بأن لهذا الشعب عليهم حق. بلاهة كلام عن الانتخابات وعن أوغاد الوطني وغلمان الخوارج وطباخي القوانين والدساتير وشجعان الإدارات الذين تصدوا لقيادة بلد أخذت ثورته العالم فأوجدوا للفاسدين وللخوارج ممرات آمنة للعودة للحياة على حساب شعب سلبوه كل الأشياء حتى الأمل».
نريد أن يتولى علينا أفضلنا
وإلى ردود الأفعال على النتيجة السيئة التي حصل عليها حزب النور في المرحلة الأولى من الانتخابات، وأبرزها دعوة السفير السابق في وزارة الخارجية الدكتور عبد الله الأشعل له إلى ترك السياسة والعمل في الدعوة، وذلك في الرأي الذي نشرته له جريدة «المصريون» الأسبوعية المستقلة وقال فيه: «وأملي أن تدرك كل التيارات الإسلامية أن الأوضاع في مصر تجبرهم وتلزمهم بأن يتجهوا لخدمة المجتمع، وليس طلب السلطة، فيوجهون طاقتهم الخيرية إلى المحتاجين، وهم يتزايدون، وإلى الشباب وبعضهم ضاق بالإسلام من فرط ما صور له من الإسلاميين، ولكن الإسلاميين عندما اتجهوا إلى السلطة ظنوا أنهم مواطنون عاديون يجوز عليهم ما يجوز على المواطن العادي من الخطأ والصواب، وهم لا يدركون تعقيدات الموقف في مصر، فكانت النتيجة وبالاً عليهم وعلى مصر والمجتمع، وعلى السلطة. فنصيحتي للمشايخ وللتيارات الإسلامية المنطلقة من مرجعيات دينية، أن يركزوا على ثقافة الدين وحاجات المجتمع، لأن فساد الحكام سببه فساد المجتمع، مصداقا لحديث الرسول الكريم «كما تكونوا يولى عليكم» ونريد أن نكون أفضل من ذلك حتى يتولى علينا أفضلنا».
شعبان عبد العليم: أسباب
ثلاثة وراء خسارة حزب «النور»
لكن في العدد نفسه من «المصريون» كان للدكتور شعبان عبد العليم، عضو المجلس الرئاسي لحزب النور رأي آخر، عبر عنه بالقول في حديث نشرته له الجريدة وأجرته معه زميلتنا الجميلة نورا الغزالي ومما قاله: «هناك ثلاثة أسباب وراء إخفاق النور في الانتخابات، أهمها المال السياسي الذي استغل بصورة سيئة لم يسبق لها مثيل في الدعاية الانتخابية المنتشرة في كل مكان في مصر لبعض القوائم بخلاف «النور». والأمر الثاني هو الحملة الإعلامية الضخمة والمسمومة التي أطلقت من جانب العديد من القنوات الفضائية ضد حزب «النور»، وحاولت تشويه صورته. والسبب الثالث والأهم هو عدم وجود قناة إعلامية للحزب تكون مسؤولة عن رد الاتهامات والتعامل مع المهاجمين، وتكون قادرة على ترويج الحزب وسياسته وسط الجمهور، مثلما تفعل وسائل الإعلام الخاص والمملوكة للإخوان. وأقصى ما يمكن فعله هو أن يظهر نادر بكار في مداخلة هاتفية «ليس أكثر من ذلك على أحد البرامج». إن المال السياسي عيني عينك في الطرقات، والإعلام المسموم استغل حالة الفقر عند الشعب استغلالا سيئا. النور يواجه ضغوط اشديدة وحربا شرسة وهناك كماشة من الإعلام الخاص الموالي لرجال الأعمال والإعلام الموالي لجماعة الإخوان، والجميع يتكالب على حزب «النور» وهو يقف وحده في الميدان مدافعا عن شعبيته. هناك حملات موجهة ضد الحزب وهناك علامات استفهام كثيرة عمن يقف وراءها، ولكن لن يستطيع أحد التغلب على النور لقوته وتماسكه، وأن أعضاءه لديهم وفاء وولاء له، ولا يمكن للنور أن يختفي من المشهد. لا توجد عندي فكرة مطلقا عن أي استقالة داخل الحزب، ولم أسمع مطلقا عن أي استقالات داخل الحزب، وما علمت به هو أن هناك شخصا اسمه «معتوق» في محافظة قنا تقدم باستقالته، ولا أعرفه ولم أسمع مطلقا عنه، وأنا عضو رئاسي في حزب النور».
حسين الزناتي: حزب «النور» لن يتغير!
وإلى «الأهرام» وزميلنا حسين الزناتي وقوله: «بعد أن خسر حزب النور في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية ما كان يتوقعه من مقاعد، أصبح مثل الطائر الجريح. ووقف يُحمل الجميع نتيجة خسارته بدءاً من رأس الدولة ومروراً بمن وصفهم بأصحاب الاتجاهات العلمانية، ومعهم مهندسو الانتخابات الذين اتهمهم أيضاً بأنهم نجحوا بمساعدة الإعلام المأجور في إقصاء الحزب عن تمثيل الحركة الإسلامية، وهو ما سيتيح لرجل الأعمال نجيب ساويرس فرصة الاستعداد لتشكيل حكومة مصر !هذا ما قاله حزب النور على لسان ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، في إطار محاولة إخفاء خيبة الهزيمة، وهو ما يمنحه بعض التبرير، لكن أن يتحول الأمر إلى تأكيده على أن نتائج الخسارة ستؤدي بالشباب المتدين إلى اليأس ثم الانفجار، وأن خطراً مقبلا بعد عقد أو عقدين، لو تم الإصرار على إقصاء حزبهم، وهي تصريحات تعني من جديد أن منهج استخدام العنف مازال صاحب اليد الطولي لدى هذا القطاع، مهما حاولوا إثبات العكس، من باب أن الضرورات تُبيح المحظورات. أما أن يعود برهامي بتصريحات مُعاكسة ليقول لا يوجد الآن مبرر للصدام مع الدولة، لأنها ليست كافرة ولا تحارب الإسلام، مُعتبراً نفسه هو وحزبه حكماً على تدين الدولة من عدمه، فإن هذا يعنى أنه بين ليلة وضحاها يمكن أن يعتبرها هو وجماعته دولة كافرة تُحارب الإسلام وعليه يجب الصدام معها ولن يتغير حزب النور!».
فتاوى شيوخ «النور» أضرت الحزب
ورغم كل هذه الهجمات على النور فإن صديقنا أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة وأمين أمانة التثقيف السابق في الحزب الوطني وعضو أمانة السياسات الدكتور علي الدين هلال كان من رأيه ضرورة استمرار «النور» في الحياة السياسية، فقد نشرت له «الوطن» يوم الاثنين حديثا أجراه معه زميلنا محمد يوسف قال فيه: «أعتقد أن وجود نواب من حزب النور رغم اختلافي مع أفكارهم أمر محفز للديمقراطية والاستقرار السياسي، ونموذج للاحتواء فلا بد أن يكون للقوى الموجودة على الأرض وجود في البرلمان. والدعوى المطالبة بإقصاء من يعمل في إطار القانون ولا يستخدم القوة أو السلاح ضد الدولة لا مبرر ولا وجود لها في الديمقراطية. سبب تراجع حزب النور بهذا الشكل فتاوى شيوخهم، التي أضرتهم بشكل كبير، فضلاً عن إخافة المجتمع وطوائف كثيرة من حزب النور، وأعتقد أن وجوده في البرلمان المقبل سيكون هامشياً لكنه سيكون إيجابياً وفاعلاً مع ذلك».
فاطمة ناعوت: لا يزال دور المرأة غير فعال
ونظل في يوم الأحد، ولكن في جريدة «وطني» القبطية والتحقيق الذي أعدته الجميلتان أنجيل رضا وليليان نبيل عن السيدات المرشحات في الانتخابات، وآرائهن، مثل زينب عبد الرحمن عن الوطني في دائرة البساتين في القاهرة، ومنى أبو المجد في المنوفية مستقلة، وسلوى علام في بولاق أبو العلا في القاهرة عن الحزب المصري الديمقراطي، وسمر عثمان عن الوفد في مدينة نصر، وعندما جاءت إلى الكاتبة والشاعرة فاطمة ناعوت لم تشر، ما إذا كانت مستقلة أو تابعة لأي حزب، لأن فاطمة مرشحة من حزب «المصريين الأحرار» في مصر الجديدة وكانت من قبل أن تنضم إليه مرشحة عن حزب «الوفد». المهم أن فاطمة قالت: «ترشحت للانتخابات البرلمانية لمواجهة السلفيين، فالمعركة مع خصومي بمثابة معركة فكرية وليست معركة على كرسي برلمان، بقدر ما كانت رغبتي في دخولي البرلمان، جاءت من أجل المساهمة في تشريع بلدي كذلك قضية المواطنة من أولوياتي، وما أسعدني هو تعلم الشعب المصري من أخطائه، وهو ما كان سببا في تراجع حزب النور في المرحلة الأولى. وفي ما يخص وضع المرأة، فلا زلت أرى أن دورها غير فعال، لاسيما في ظل الجدل الذي تم حول رئاسة مجلس النواب، وهل يجوز أن تقوده امرأة أم لا؟ إن مجرد هذا الطرح وهذا السؤال يدل على أننا ما زلنا متعثرين ولا زالت النظرة دونية للمرأة».
الإعلام مهنة من لا مهنة له
ولا تزال المعارك العنيفة دائرة حول الإعلام، وحادثة الإعلامية ريهام سعيد، وشملت مقدمي برامج «التوك شو» كلهم فصاح زميلنا وصديقنا في «الأخبار» محمد الشماع يوم الأحد قائلا ومحذرا: «يا أيها الإعلاميون انتبهوا، فمهنة الصحافة والإعلام أصبحت مهنة من لا مهنة له، والسقطات الإعلامية والأخطاء الصحافية المهنية والأخلاقية فاقت كل الحدود. المهنة أصبحت كرباجا ودرعا و«هاونا» لتصفية الحسابات وإرهاب الخصوم، سواء كانوا سياسيين أو إعلاميين أو مسؤولين أو رجال أعمال. المهنة أصبحت أداة للسمسرة والعمولة والبيزنس، باختصار وسيلة لممارسة الفساد بكل أشكاله وأنواعه، وخطورته أيضا وسيلة لعقد الصفقات القذرة ومصدراً للإجهاز على ما تبقى من قيم أخلاقية، وأصبحت الألفاظ الجنسية الخادشة للحياء ألفاظا متداولة يتناقلها النساء والشابات والرجال والشباب بكل حرية، ومن دون أي خجل، والإعلام أصبح يعطي دروساً في كيفية التحرش على الهواء، وبرامج تعرض أفلاما حقيقية وتمثيلية مليئة بالفحش والفجور، أكثر من أفلام الجنس والبلطجة والقتل، وتصوير الفاسدين على أنهم أبطال الإعلام، الراقصات أصبحن مذيعات ومقدمات برامج وأصحاب قنوات فضائية والدجالون والأفاقون وأصحاب السوابق امتلكوا وشاركوا في ملكية الفضائيات والممثلات أصبحن مذيعات».
إعلاميون شعارهم «مات الملك عاش الملك»
وفي عدد الأحد نفسه صاح زميله محمد سلامة، قائلا عن الحملات في مواقع التواصل الاجتماعي التي أوقفت برنامج ريهام «صبايا الخير» مطالبا الرئيس أن لا تكون هذه النوعية من الإعلاميين من حوارييه: «أكثر من هذا الدعوة إلى اتباع الأسلوب نفسه عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً لإسقاط هؤلاء الإعلاميين، مثلما أسقطت هذه الإعلامية إلى غير رجعة. السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة لم كل هذه الكراهية وأسبابها، وتلك الفرحة ومبرراتها، التي اجتمع عليها أغلب المصريين والتي أظهرها «هاشتاج» تلك الإعلامية، الذي جمع في ساعات أكثر من 36 مليون مشاهدة، وأكثر من مليون تعليق، أغلبها إن لم يكن كلها تطعن في هذه الإعلامية، وتتمنى موتها. لم يصر المسؤول أي مسؤول على تحدي إرادة الشارع الذي جاء به ويوطد علاقاته بهذه النوعية من الإعلاميين، الذين دأبوا على الأكل على كل الموائد، ودائماً شعارهم عاش الملك مات الملك، سيدي أيا ما كنت أو تكون. إذا ما ظل هؤلاء وأمثالهم «حوارييك» الذين تستعين بهم وتقربهم إليك، إعلم أنك في واد وكل الشعب أو أغلبه في واد آخر لا يلتقيان وإذا ما التقيا فإنه الصراع بين أصحاب البلد».
إعلامنا بحاجة إلى حلول عاجلة
ونظل في يوم الأحد وفي «الوطن» مع مقال الكاتب نشأت الديهي الذي كتب عن موضوع الإعلام والإعلاميين أيضا قال: «إن معظم هؤلاء لا يقدمون إعلاماً أو أخباراً أو رأياً أو تحليلاً، فكل ما يقدمونه هو أهواء شخصية وأمراض نفسية وعقد تاريخية، حيث فتحوا لأنفسهم نوافذ تطل مباشرة على ساحات وميادين الفساد، وأصبح هؤلاء في غفلة من الدولة وغيبة من الضمير من أصحاب مئات الملايين. هؤلاء هم الأعلى صوتاً بما يملكون من منابر جُعلت لحسابهم على حساب الوطن وأوجاعه وآلامه وأحلامه، هذا غير إعلام الابتزاز الذي يقدمه «المشهلاتية والمخلصاتية» الصورة قاتمة ومخيفة، وأكرر بضمير حي وعقل بارد، أن الدولة هي المسؤول الأول عما جرى، وعليها أن تسارع إلى وضع حد وحل لهذه الفوضى، في ضوء الدستور والقانون. وسأكون أكثر اتساقاً مع الواقع وأكثر احتراماً لقناعاتي وأقول يجب ألا ننتظر البرلمان للقيام بهذا الدور، فالبرلمان «بيبان من عنوانه» نحن أمام أزمة كبيرة ودقيقة وتحتاج إلى حلول عاجلة وعادلة، بعيداً عن التمترس أمام الأفكار والأدوات البالية، التي لن نصل من خلالها إلا إلى وضع أسوأ من ذلك بكثير. على الدولة أن تقف على مصادر تمويل الوسائل الإعلامية وتتحقق من نظافتها، أمنياً واقتصادياً، وعليها أن تسارع بتشكيل الكيانات المؤسسية التي تنظم وتدير المشهد الإعلامي المنفلت من عقال المهنية والوطنية والقواعد الأخلاقية « إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ».
«أشمعني ريهام بس»؟
طبعا ولذلك قال يوم الاثنين في «المقال» زميلنا نبيل عمر: «تبارت الفضائيات في استضافة «فتاة المول»، تحكي حكايتها مع ريهام من أول وجديد، لكن في ظل هذا الصخب والزوابع الترابية، كتب كاتب جملة شديدة الخبث متسائلا: لماذا ريهام فقد سبقها من أذاع مكالمات تليفونية وصورا وحكايات، من دون أي سند قانوني، وانتهك الخصوصية. وهذا السؤال موجه مبطن بالدفاع عن ريهام بدهاء «أشمعني» هي؟ وبالطبع يعيد الكاتب فتح ملف عبد الرحيم علي وبرنامجه «الصندوق الأسود» الذي أذاع فيه تسجيلات لشخصيات كثيرة كان لها أدوار واضحة في ثورة 25 يناير/كانون الثاني، والمقارنة هنا لا يجوز وليست صحيحة. صور « فتاة المول» صور شخصية جدا، مكالمات الناشطين والسياسيين لم تكن شخصية على الإطلاق، وكلها عن موضوعات تتعلق بالوطن وأزماته، وما يحدث فيه، وكيف يحدث؟ وهذه أمور عامة لشخصيات كانت تبحث عن مساحة تشارك فيها في حكم الوطن ولا تتحدث عن أمور شخصية».
برامج «توك شو» تعتدي على الخصوصية وتنشر فضائح
أما رئيس التحرير التنفيذي لـ«اليوم السابع» زميلنا وصديقنا أكرم القصاص فقد أخذنا يوم الاثنين إلى جهة أخرى بقوله: «رأينا المزيد من الثعالب المعروفين في عالم الإثارة وصنع الخناقات على طريقة أفلام «الأكشن». هؤلاء بقدرة قادر تحولوا إلى خبراء في أخلاقيات الإعلام ومواثيق الشرف وانتقاد ما يتعلق بحماية خصوصية الناس وحمايتهم، وبعض هؤلاء استضافوا الفتاة التي تعرضت للتشهير، ودافعوا عنها وعن خصوصيتها، مع أن بعضهم ضالعون وغارقون حتى آذانهم في الإثارة وبرامج الخناقات، وبرامجهم لا تختلف كثيرا عن أفلام المقاولات التي ينتقدونها، ويستضيفون من ينتقدها والزملاء الثعالب أنفسهم يعرفون أنهم يفعلون الفعل نفسه، وأنهم متورطون في تسليط الناس على بعضهم بعضا في برامج «توك شو» تعتدي على الخصوصية وتنشر فضائح، ناهيك عن محترفي الإثارة ممن يسلطون الناس على بعضهم ويثيرون الصراعات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، أو مذهبية بين الشيعة والسنة، ويستعينون بشاتمين يمارسون أعلى درجات «قلة الأدب»، وبعضهم تسبب في حرائق طائفية من قبل ولم يبد منهم أي ندم».
«الجرايد خايفة تكتب حاجة تضايق السيسي»
لكن جاء حديث الرئيس في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة عن ذكرى حرب أكتوبر/تشرين الأول، عن الإعلام ليفجر معارك عنيفة شملت كل الصحف قومية وحزبية ومستقلة، وسنشير اليوم إلى بعضها لنخصص الجانب الأكبر من تقرير الغد لها، لأنها مشكلة حرجة ستواجه الرئيس، خاصة وهو يبدأ زيارة لبريطانيا بحيث يبدو الأمر وكأن هناك أزمة خاصة بحرية الإعلام، لدرجة أن زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب في «المصري اليوم» عمرو سليم أخبرنا أمس أنه ذهب لشراء صحيفة من كشك البيع فوجد اثنين يتصفحان صحفاً بيضاء لا كتابة فيها وقال لهما بائع الصحف:
– الجرايد فاضية الصحافيين خايفين يكتبوا حاجة السيسي يتضايق منها.
وفي الحقيقة فقد سمعت مرتين ولاحظت أن الرئيس كان متأثرا بما قيل في إحدى الفضائيات، وكان يقصد برامج «التوك شو» فيها ولم أحس أنه يقصد الصحف بأنواعها وتقديري انه سيبادر بتقديم تفسير يهدئ العاصفة التي هبت.
الإعلام كان مع عبد الناصر
وفي «المصري اليوم» عدد أمس الثلاثاء قال زميلنا محمد أبو العينين في تحقيق له: «لا تمر كلمة أو خطاب للرئيس عبد الفتاح السيسي إلا ويكون الإعلام المصري جزءا من كلمته. الزعيم الراحل عبد الناصر كان محظوظ لأن هو اللي كان بيتكلم والإعلام معاه، في ستينيات القرن الماضي. وقت حكم عبد الناصر كان الإعلام يقتصر على الإعلام الرسمي فقط، فلم يكن هناك إعلام خاص أو حزبي، ومع هزيمة يونيو/حزيران 1967 لجأ بعض المصريين للإعلام الدولي، خاصة إذاعة «بي بي سي» لندن وبعض الإذاعات الأمريكية، لمتابعة أخبار الحرب بسبب عدم مصداقية وسائل الإعلام المصرية على حد قولهم».
أزمة الإعلام المصري في انفلاته
أما «الأهرام» الحكومية أمس فاحتوت على عدد من التعليقات منها كلمتها التي تعبر فيها عن رأيها في الصفحة الحادية عشرة وقالت فيها: «عندما يتحدث الرئيس عن دور الإعلام منتقدا عما يبدر من بعض الإعلاميين وتصرفاتهم التي تسيء للدولة، قيادة وحكومة وشعبا، فهو هنا يضع نقاطا محددة تستحق القراءة والمراجعة، وما جاء في حديثه إلى الشعب الذي اتسم بالصراحة الشديدة، يجب أن نتعامل معه بجدية لماذا؟ فنحن نعلم جميعا أن الإعلام سلاح ذو حدين، أوله وهذا هو الأهم، للمواطن أن يبصره بالحقائق ويقدم له رؤية موضوعية لما يجرى في البلاد من أمور ومواقف، بالإضافة إلى شرح التحديات التي تواجه المجتمع وكيفية التعامل معه، لحين تجاوز مرحلة الخطر .ونعلم أيضا أن الحد الآخر مثل شفرة الموسى، فإذا أسيء استخدام ما لدينا من أدوات إعلامية فهذا سيضر بالبلد كله، خاصة إذا لم تمتد رؤى بعض الإعلاميين إلى ما يجري على أرض الواقع. في مصر أزمة الإعلام المصري في وقتنا الراهن تكمن في انفلاته، فقد أصبح جزء منه خاصة «المرئي» فوضويا، سواء في رؤيته أو طريقة تقديمه وطرحه لقضايا الساحة، ففي الوقت الذي تتقدم فيه مصر في تصنيفاتها الاقتصادية عالميا وبشهادة مؤسسات دولية مرموقة، يتجاهل الإعلام تسليط الضوء على ما تحقق من إنجازات، ربما لا يشعر بها المواطن مباشرة، ولكن من حقه على الإعلام أن يرشده إلى الطريق الصواب، ويشرح له مجريات الأمور بدلا من إضاعة الوقت في موضوعات تنال من عزيمة المجتمع وروحه المعنوية، وقد نتساءل جميعا لماذا الإصرار من بعض القنوات الفضائية على بث ما يمس سمعة البلاد والإيعاز للخارج بأن مصر أصبحت دولة لا تحترم مواطنيها ومن هنا جاء لوم الرئيس في سياق حديثه للشعب بأن تجاوزات الإعلام لا تصح ولا تليق».
إعلاميون يوجهون بوصلة البلاد في كل المجالات
كما خصص زميلنا جميل عفيفي في العدد نفسه من «الأهرام» مقاله للغرض نفسه وقال فيه: «منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية في يونيو/حزيران من العام الماضي اجتمع أكثر من مرة مع الإعلاميين والصحافيين داخل مصر، وخلال جولاته الخارجية، وكان الهدف من تلك اللقاءات توصيل رســـالة مهمة للمواطنين عن طريق الإعلام، إننا نسير في اتجاه إعادة البناء والتعمير والأمن لجذب الاستثمارات، ولم تكن تلك الاجتماعات لتوجيه الإعلام أو وضع خطوط حمراء، بل لتوصيل الرسالة الصحيحة، ولكن للأسف الشديد بعد كل اجتماع يخرج منه الإعلاميون وكأنهم لم يسمعوا شيئا، فكل يسبح مرة أخرى في فكره معتقدا انه يستوعب كل الأمور وأنه قادر على توجيه بوصلة البلاد في المجالات المختلفة، غير عابئين بتبعات ما يقولونه أو يفعلونه في الدولة المصرية وتماسك جبهتها الداخلية وكذلك علاقاتها الخارجية بالدول».
لا يحق لك مناقشة الرئيس ولا الإختلاف معه
ومن «الأهرام» الحكومية إلى جريدة «المقال» اليومية المستقلة التي نصبت خيمة على وجه السرعة لاستقبال الخطباء للهجوم على الرئيس وطبعا تصدرهم بحكم منصبه رئيس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى بقوله محذرا السيسي من استغلال شعبيته الكبيرة لتقييد الإعلام: «حالة الوعيد الرئاسي للإعلام التي ظهرت في خطاب الرئيس متعمدة ومقصودة، على الأقل هي معبرة عن مشاعر حقيقية عند رئيس بدأ يضيق صدره، وكنا نظن أنه لن يضيق بسرعة، هكذا الرئيس السيسي يملك شعبية كبيرة، ومن بين قطاعات كبيرة لهذه الشعبية قطاع ليس محدودا من المتعصبين له حتى أنهم لا يطيقون كلمة واحدة تناقشه أو تختلف معه، ثم أن هناك أجهزة لكتم أي كلمة تختلف مع الرجل. عندما يقول الرئيس أنه سيشكو الإعلاميين إلى الشعب، فالشعب الذي هو هنا مجموعة مقصودة منه فقط، سوف يلبي الشكوى بأحسن منها. ماذا سيفعل محبو الرئيس من هذه الشاكلة؟ أبدا سيفعلون الشيء الذي شاهدوه وعاينوه وتابعوه من قبل سيحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامي، هذه المرة الحصار المنفعل سيكون ممن يكرهون الكلمة النافذة للرئيس حتى من مؤيدين له وللبلد وللدولة، هذه المرة الرئيس الشعبي الجماهيري غاضب على الإعلام ويهاجم الإعلاميين في خطبته ويشير إلى أنه سيشكوهم للشعب، بل ويطلب من أحدهم أن يخليه في نفسه، إذ لو اشتكى الرئيس فعلا للشعب في خطبته المقبلة فلنستعد جميعا لمتابعة الحصار الجديد لمدينة الإنتاج الإعلامي».
حسنين كروم