نواكشوط-« القدس العربي»: أعرب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز «عن بالغ أسفه لحالة الدمار وانعدام الأمن التي تشهدها ليبيا بسبب ما حل بها من دمار عام 2011م».
جاء ذلك في مقابلة مع قناة «افرانس 24» الفرنسية، تناول فيها الرئيس الموريتاني بعد غياب طويل عن الإعلام، موضوعات مهمة، بينها قضية الصحراء والهجوم العسكري الذي تعرض له المقر العسكري لمجموعة الساحل في مالي يوم الجمعة، وترشحه هو لمأمورية رئاسية ثالثة، والمطالبة الدولية بإطلاق سراح السيناتور الموريتاني المعارض ولد غده».
وشدد الرئيس ولد عبد العزيز التأكيد على خطورة ما حل بليبيا من دمار؛ وقال «من دمر ليبيا؟ فليبيا كانت قبل تدميرها دولة قائمة، قد يكون نظامها غير مناسب لكنها قائمة، ثم حدث أن دمرت وفتحت أمام الإرهابيين وتحولت إلى وضعها المأساوي الذي هي عليه اليوم».
وحول الانتخابات المقررة في ليبيا قبل نهاية كانون الأول/ ديسمبر المقبل، قال الرئيس الموريتاني: «أعتقد بأن لا فائدة ترتجى من تنظيم الانتخابات، فقد نظمت انتخابات سابقة لكنها بدون نتائج، وما الفائدة في تنظيم انتخابات في بلد يفتقر إلى الأمن؟». وعن القضية الصحراوية المستعصية على الحل، قال الرئيس الموريتاني: «لا أقول إنها مستعصية على الحل، فالمفاوضات متواصلة، والحل يجب أن يوجد، وسيوجد إما من هذا المنفذ أو ذاك».
وتابع: «يجب علينا جميعًا أن نجد حلاً سريعًا، إن أمكن، لهذه القضية، وذلك لإخراج منطقتنا من التأزم ولإنقاذ الصحراويين من وضعهم المأساوي. فأنا أنظر لهذه القضية من زاوية أخرى، هي ضرورة إنهاء معاناة الصحراويين التي طالت كثيرا».
وتحدث الرئيس الموريتاني عن الهجرة نحو أوروبا، فأكد «أن حل القضية ليس في بناء مراكز لاستقبال المهاجرين، وإنما معالجة أسباب الهجرة بتقديم مساعدات للبلدان التي ينتمي لها المهاجرون، لتشغيل الشباب والقضاء على البطالة والفقر لأن ذلك أفضل وأضمن لاستقرار المواطنين». وحول الهجوم الذي تعرض له المقر العسكري لمجموعة دول الساحل في مالي يوم الجمعة الماضي، قال الرئيس الموريتاني: «هذا الهجوم مقلق ومزعج، لأنه كان ضربة لقلب نظامنا الأمني والعسكري، وهو مع ذلك يشكل رسالة وجهها الإرهابيون لنا، ونحن في خضم السعي لتحقيق الاستقرار في منطقتنا، منطقة الساحل». ثم تابع: «يؤكد هذا الهجوم أن هناك إهمالاً كبيرًا، لأن الموقع الذي هوجم هو قلب منظومتنا الأمنية التي نعدها لمواجهة الإرهابيين، ولا شك في أن هناك خللًا سمح بوقوع هذا الهجوم، ويجب علينا أن نصححه بسرعة إذا كنا حريصين على تأمين منطقتنا».
وحول البطء الكبير الذي تشهده انطلاقة عمليات القوة العسكرية المشتركة لمجموعة الساحل الخمس والدور المنتظر من فرنسا في هذا الشأن، أوضح الرئيس الموريتاني «أن مجموعة الساحل مبادرة سيادية خاصة بدول الساحل، وفرنسا تساعد فيها، لكنها قضية خاصة ببلدان الساحل التي تواجه- إضافة إلى المشاكل الأمنية- قضايا مشتركة أخرى كالفقر والجفاف، وكل هذا- يضيف الرئيس الموريتاني- هو ما دفع دولنا للتنسيق ولتوحيد الجهود». وحول التمويل الدولي للقوة المشتركة لدول الساحل، قال الرئيس ولد عبد العزيز: «مشكلة التمويل مشكلة ماثلة، ونحن لا نفهم التردد فيها، بل لا نعي لماذا نحن غير مفهومين، فنحن وحّدنا جهودنا لمحاربة ظاهرة لا تخصنا وحدنا، بل إن العالم كله يتأثر بها، والأوروبيون بالذات يتأثرون بها، سواء على شكل تفجيرات أو على شكل تدفق لموجات الهجرة». ثم تابع: «لسنا مرتاحين لموقف العالم منا، ولسنا مرتاحين لموقف الأمم المتحدة التي أغلقت الأبواب، فنحن نقوم بمهمة حساسة بالغة الأهمية في مالي، وتعلمون أن للأمم المتحدة قوة قوامها (13) ألف رجل في مالي تكلف الأمم المتحدة مليارًا من الدولارات سنويًا، ولم تحقق أي شيء على الأرض. ونحن على مستوى مجموعة دول الساحل أسسنا قوتنا العسكرية، لكن العالم لا يهتم بنا ويمنعنا من الدعم، حتى إننا ممنوعون من الاستفادة من الفصل السابع للأمم المتحدة الذي يمنحنا فرصة الوجود الميداني والشرعية للتدخل على الأرض».
وحول ما إذا كان غير مترشح لمأمورية ثالثة مهما كانت الظروف، قال الرئيس الموريتاني: «قلتها وسأكررها اليوم، وليس ذلك بسبب ما تردده المعارضة، ولكن بسبب قناعتي بأنه عليّ أن أحترم دستور بلدي».
وحول قضية السيناتور غده ومطالبة الهيئات الحقوقية الدولية بإطلاق سراحه، قال الرئيس الموريتاني: «نحن بلد له سيادة، ولا نتلقى الدروس من منظمات لا تعرف أي شيء عن الحقائق في بلدنا، والشخص الذي ذكرتموه مسجون من طرف القضاء الموريتاني، وعلى القضاء أن يقول كلمته فيه إما يحرره أو يسجنه، وليس من المقبول أن يتولى الآخرون هذا الأمر».