الرئيس يشيد بدور الأزهر ومستشاره الديني يهاجمه: تيارات التكفير تنشر الخراب والمؤسسات الدينية غارقة في الخطبة المكتوبة

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: أزدحمت الصحف الصادرة يومي السبت والأحد بالكثير من الأخبار التي تتنافس على الأهمية وأولها وفاة الدكتور أحمد زويل ووصول جثمانه إلى مصر وقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي إقامة جنازة عسكرية له يتقدمها هو ودفنه في مدافن مدينة أكتوبر. كما أفرد التلفزيون الحكومي والقنوات الأخرى الخاصة مساحات كبيرة للحديث عنه. وفي كلمته في حفل ذكرى ستين عاما على تأميم خالد الذكر جمال عبدالناصر قناة السويس وعام على القناة الجديدة أشار السيسي إلى أن زويل جمع لإنشاء جامعته مبلغ ثلاثمئة مليون جنيه، وأنه قرر فتح حساب في صندوق «تحيا مصر» لحساب الجامعة لاستكمالها، وإذا لم يكف المبلغ فأنا أكلف الجيش ببناء الجامعة، مشيرا إلى المشاريع الضخمة في منطقة القناة.
ونشرت «أهرام» السبت حديثا مع الدكتور أحمد درويش رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس أجراه معه زميلنا شريف عبد الباقي كان أبرز ما جاء فيه :
تحويل منطقة القناة من مجرد مكان لتحصيل رسوم على مرور سفن إلى مكان يشارك في التجارة العالمية ويضعنا في مكانة كبرى بين أهم نقاط ارتكاز هذه التجارة. المنطقة الاقتصادية مساحتها 461 كيلو مترا مربعا مقسمة إلى أربع مناطق منها اثنتان الأولى في السخنة والثانية في شرق بورسعيد، وتم الإعداد لأن تكون مناطق متكاملة ليكون فيها ميناء ومنطقة لوجستية ومنطقة صناعية ومنطقة سكنية. وهناك منطقتان تنمويتان الأولى في غرب القنطرة والثانية في شرق الإسماعيلية. منذ افتتاح القناة الجديدة وإصدار قانون جديد للهيئة تم تخصيص وتسويق 18 مليون متر في فترة وجيزة. وفي شرق بورسعيد هناك مطور صناعي مصري تم الاتفاق معه على أن يحصل على 4 ملايين متر ولم يتم توقيع العقود حتى الآن. ولكننا وصلنا لمرحلة تجعل من التوقيع معه وشيكا ويفتح الباب في منطقة شرق بورسعيد ومعه مطور آخر. ويشير إلى أن تأسيس الشركة لا يستغرق سوى ثلاثة أيام على الأكثر. إن المنطقة الأكثر جاهزية في الوقت الراهن هي المنطقة الأولى بالعين السخنة، موضحا أنه يتم تأسيس شركة أو إثنتين أسبوعيا، ويكون العمل بمجرد التأسيس، وأكبر مطور صناعي لدينا هو من الصين مخصص له 7 ملايين متر مربع، ومطور سعودي مخصص له 6 ملايين متر مربع. وهناك مشروع واعد لمجمع بتروكيماويات تم تخصيص 5 ملايين متر له. إننا نضع في اعتبارنا أن نصل في عام 2030 لتكون المنطقة الاقتصادية وسط المجموعة الكبار في العالم وهي المثلث الصيني « شنغهاي شينزن هونج كونج» وسنغافورة ودبي وجبل علي، وأوروبا يوجد فيها هامبورج وروتردام وبنما في الأمريكيتين، وهي المناطق المستهدف أن نكون مثلها، مشيرا إلى أننا نقوم حاليا بدراسة أفضل نسبة ضرائب في المنطقة الاقتصادية لتجعلنا أكثر قدرة على المنافسة ونذهب بها إلى البرلمان المصري.
وإلى بعض مما عندنا ….

الإنجاز والتشكيك

أما الرئيس فقال في كلمته التي ألقاها يوم السبت ونشرتها صحف أمس فكان أبرز ما فيها قوله: عبارة «الانجاز والتشكيك» وأبدأ بها كلامي حتى يستوعب كل المصريين الذين يحبون بلدهم ولديهم أمل في أن يروها بالمكانة التي تستحقها، فهناك البعض الذي يشكك في كل إنجاز يتم الوصول إليه. أقول هذا الكلام بمناسبة مرور عام على افتتاح القناة الجديدة والتي تم إنجازها خلال سنة واحدة، وبكل المعدلات كان يصعب تنفيذها، لكن الشعب من قام بذلك وتحقق الإنجاز. أتحدث عن تعبير «الإنجاز والتشكيك» لأنه يوجد البعض، وهم نسبة صغيرة مننا سواء بقصد أو بدون قصد يشككون في أي مشروع. إذا كانوا لا يعلمون مهم أن يعرفوا، ولكن إذا كانوا يعلمون فلماذا يشككون في أي مشروع ينفذ؟ لأن هناك رغبة وهدفا بعدم شعور المصريين بأي تقدم ولعدم وجود أمل. ولكني أقول إن الشعب المصري لديه من القدرة والوعي والذكاء لأن يميز بين الطيب وغير الطيب والحسن وغير الحسن.
لكن كلام الرئيس لم يعجب زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير «المقال» فرد عليه أمس الأحد قائلا:
طبعا من حق الرئيس السيسي، كما من حق كل رئيس جاء من قبله، أن يحذر المصريين من التشكيك في مشاريع وإنجازات حكمه لأن بالتأكيد هناك تشكيكا في كثير مما تفعل حكومة الرئيس وتنفذ. لكن المشكلة هنا أن الرئيس السيسي، كما كل رئيس قبله، رغم امتداحه وعي الشعب وذكائه «وهو مديح لم يتخل عنه طبعا أي رئيس مصري» فإن كل تصريحاته وخطبه وتخوفاته وتأكيداته تشير إلى أنه ليس مطمئنا لاستيعاب الشعب إنجازاته الرئاسية. في كل خطب الرئيس لا يمكن أن تخطئ حقيقة أنه يعتقد في إمكانية أهل الشر أو أهل المعارضة أو أهل التشكيك تسيير الشعب وتحشيده وغسل دماغه والضحك عليه، ولعله استخدم التعبير نفسه للشباب الذين التقى بهم في موقع حفر أنفاق القناة فحذرهم من أن يضحك عليهم أحد. هنا مفرق الطرق إن الرئيس السيسي، كما كل رئيس قبله، يعتقد أن الشعب ممكن ينضحك عليه: أولا أنه شعب قابل للضحك عليه رغم قصائد المديح في وعيه وعبقريته المعتادة. ثانيا إن الذي يعارض أو يختلف مع الحكم ويخاطب الشعب بما يراه من أرائه وفكره فكأنما يشكك ويضرب الروح المعنوية للمصريين وليس أبدا معارضة وطنية تختلف وتملك وجهة نظر ونقدا لسياسة الحكومة رغم، طبعا، الكلام اللطيف حول التفرقة بين النقد البناء والهدام. إلا أن الرئيس مثلا لم يقل لنا مرة واحدة عن نقد بناء أقنعه بشيء أو جعله يغير شيئا عنده. ثالثا إنه مطلوب حماية ومن ثم وصاية على هذا الشعب الغلبان قبل أن ينضحك عليه فتسارع، بناء على هذا كله، الأجهزة الأمنية والإعلامية لتواجه الخطر. ولأنها أجهزة أمنية قائمة على ضباط ولواءات وموظفين فإنها تدخل مع الوقت في صراع بأن تضحك هي على الشعب كي تنافس حد تاني بيضحك عليه.

أغنام عيد الأضحى

وأما الاهتمام الجماهيري الواسع بالإضافة إلى وفاة الدكتور أحمد زويل وكلمة الرئيس وتفقده المشاريع التي سيتم افتتاحها فكان عن بعثة صندوق النقد الدولي وما سيترتب على نتائج محادثاتها مع الحكومة. ورغم التطمينات بأن محدودي الدخل ستقوم الحكومة بحمايتهم، فإن زميلنا الرسام الكبير في مجلة «روز اليوسف» الحكومية أنور أخبرنا يوم السبت أنه كان في زيارة أسرة قريبة له من البائسين ففوجئ باثنين من صندوق النقد يدخلان عليه الشقة ويقول أحدهما له:
مساء الخير بعثة صندوق النقد الدولي: جايين نخرب بيتك على المسا.
كما تواصل الاهتمام الجماهيري بمباراة الأهلي والزمالك على الكأس التي ستتم اليوم الاثنين، وعمل مكاتب تنسيق القبول في الجامعات في المرحلة الثانية، وارتفاع الأسعار، وإعلان الحكومة بأنها تعاقدت مع السودان على استيراد سبعين ألف من الأبقار والأغنام لتوفير اللحوم في عيد الأضحى وبيعها في المجمعات الاستهلاكية بأسعار أقل من السوق. أيضا كان هناك اهتمام واسع بمحاولة اغتيال المفتي السابق وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة والإعجاب بشجاعته لأنه بعد إطلاق الرصاص عليه وفشل محاولة اغتياله ألقى الخطبة كالمعتاد في المسجد المجاور لمنزله والذي بناه على نفقته الخاصة، كما ظهر يوم السبت في برنامج في قناة « سي. بي. سي « وواصل مهاجمة سيد قطب وأفكاره والشيخ القرضاوي وكل المتشددين. وأعلنت وزارة الداخلية أنها حددت الذين أطلقوا النار على المفتي السابق وسيتم القبض عليهم.

في خندق واحد ضد الإرهاب

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على المحاولة الفاشلة لاغتيال الشيخ الدكتور علي جمعة، مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، عندما كان متوجها من منزله إلى المسجد المجاور له ليلقي خطبة الجمعة كما أعتاد، ورغم إطلاق النار عليه ونجاته وإصابة حارسه إصابة طفيفة فقد دخل المسجد وألقى الخطبة.
وقال عنه يوم السبت زميلنا في «المصري اليوم» عمر حسنين (وهو ليس ابني) في عموده «نقطة مرور»: لم تكن شجاعة الإمام أقل من حراسه. الرجل أكمل الطريق إلى المسجد، صعد المنبر وأدى الخطبة والصلاة، لم ترهبه أصوات الرصاص ولم يُخِفْه استهداف حياته، مقدما أبلغ رسالة على الثبات في الحرب على الإرهاب شعبا وعلماء وجيشا وشرطة، جميعنا في خندق واحد ضد من يحاولون زعزعة استقرارنا أو تخيل له نفسه أنه قادر على تعطيل قاطرة التنمية والبناء المنطلقة إلى الأمام. والدرس الأهم والرسالة الأكبر إلى الذين يتعاطفون مع القتلة والسفاحين وتراودهم نفوسهم بتأييد ما يجرمون وهي رسالة – أيضا- إلى جهاز الأمن مفادها أن الإرهاب يغير من استراتيجيته بين الحين والآخر، ونجاح رجال مكافحة الإرهاب في قتل الإرهابى «أبو دعاء الأنصاري» في سيناء ضربة أربكت حسابات القتلة وحققت نصرا جديدا في معركة «الثأر للشهداء».
وفي العدد نفسه قال زميلنا وصديقنا محمد أمين في عموده اليومي «علي فين»:
تصرف الشيخ علي جمعة أهم من محاولة الاغتيال فقد أبدى شجاعة لافتة حين تصدى للإرهاب والخوف معاً وصعد المنبر وخطب الجمعة برباطة جأش نادرة، وقال كنت قد طلبت الشهادة أمام الكعبة. ومن المؤكد أن الكثيرين لاحظوا هذه الشجاعة وزادهم ذلك عزيمة حين رأوه يرفض رسالة الإرهاب ويخطب الجمعة. السؤال: لماذا يريدون الخلاص من الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية السابق؟ الإجابة ببساطة لأنه يعرفهم ويوجعهم في خطبه وحواراته وأحاديثه التلفزيونية وبالتالي يحاولون إسكات صوته. ميزة الشيخ جمعة أنه يخاطبهم بالطريقة التي يعرفونها فلا هو مثل المشايخ الذين يحفظون الكتب والأحاديث فقط ولكنه يعرف أدبيات السياسة، ويعرف الإخوان، ويربط خطابه الديني بالحياة والناس أيضاً!

خدمة وليست جريمة

ومن محمد أمين إلى زميلنا في «المقال» طارق أبو السعد الذي ربط بين هذا الهجوم والهجوم الذي كان سيحدث على المسجد النبوي وقال:
الزمان يوم الجمعة وهو العيد الأسبوعي، والمكان ساحة مسجد من مساجد الله والدم المصون دم الشيخ علي جمعة أو أي مسلم كان من الممكن أن يوجد في مرمى إطلاق الرصاص، هي الروح نفسها التي تلبست منفذ التفجير في الحرم النبوي فلا المكان وقدسيته ولا الزمان وطهارته ولا الدم وحرمته منعه من أن يقترف جريمته. نعم هي محاولة آثمة تلك التي قام بها مجموعة من الملثمين المسلحين بإطلاق الرصاص على الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق والمعادي لفكر التيارات الإسلامية بتكويناتها الثلاثة.
أما زميله لؤي الخطيب فقال في العدد نفسه:
نقطة لافتة للنظر للغاية هي أن هؤلاء الإرهابيين أختبأوا في محيط المسجد قبل صلاة الجمعة ليقتلوا الرجل الذي بنى المسجد على نفقته الخاصة، مقتنعين أنهم إذا قتلوا فسيكونون شهداء، هذا بالضرورة يستلزم قناعتهم بأن الدكتور علي جمعة كافر وأن قتله في هذا التوقيت وبهذه الملابسات وفي هذا المكان خدمة جليلة للإسلام وليس جريمة نكراء. السؤال الآن: بعد كل ذلك هل يمكن أن يتأثر هؤلاء الإرهابيون بخطاب الدكتور أسامة الأزهري أو خطاب مؤتمرات الأزهر لتجديد الخطاب الديني؟
وأمس الأحد قال زميلنا وصديقنا في «الأخبار» ورئيس مجلس الإدارة الأسبق محمد بركات في عموده اليومي « بدون تردد»: كانوا يهدفون من وراء جريمتهم الفاشلة والدنيئة وأد فرحة المصريين ونشر غلالة من الحزن والأسى على وجه الاحتفال المقرر، وإشاعة مشاعر الإحباط واليأس بين المواطنين، ولكن الله القادر أفشل مساعيهم وكتب عليهم الخيبة، وشاء لنا أن نحتفل وسط مشاعر فياضة من الفخر والاعتزاز بذلك الصرح الضخم من المشاريع العملاقة.

جهود في الاتجاه الخطأ

ومن الأزهر ومعركته العنيفة مع وزارة الأوقاف حول الخطبة المكتوبة واجتماع الرئيس السيسي مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وإشادته به وبدور الأزهر.
ولكن لم تمر ساعات إلا وشن المستشار الديني للرئيس وعضو مجلس النواب الدكتور الشيخ أسامة الأزهري يوم السبت في مقاله الأسبوعي في «الأهرام» هجوما مكشوفا هذه المرة ضد الأزهر بقوله عنه بالنص:
إن فن تحويل الرؤى والمقاصد والغايات إلى عمل ملموس ونتائج متحققة يشعر بها الناس أمر مركب وله منظومات كاملة من العلوم الخادمة له وله خبراء ومؤسسات كبيرة تقوم على تدريسه وتنفيذه ومتابعة معايير الجودة والحوكمة فيه، وبدونه يظل العمل كلاما جميلا وشعارات براقة وكلمات مجوفة ليس من ورائها أدنى طائل. وأرى أن المؤسسة الدينية بكل قطاعاتها تفتقد ذلك رغم ما تمتلكه من علوم جليلة وكنوز معرفية ومناهج علمية رصينة اقتدرت على مدى قرون أن تصنع رجالا شوامخ وقامات وطنية ومعرفية وشيوخا أجلاء أتقياء أمناء على الدين والإنسان والوطن والعلم. ومؤسساتنا الدينية ما زالت إلى هذه اللحظة حائرة ترى الأهداف أمامها واضحة لكن المسالك والطرق التي توصل إلى تلك المقاصد غائبة تماما أو ضبابية أو مختلطة أو ملتبسة. وقد مضت شهور وأعوام والشعب المصري الكريم يلحُّ ويستغيث ويرجو ويتطلع إلى أن تسعفه المؤسسات الدينية بما يدرأ عنه الخطر ويجابه تغول تيارات التطرف والتكفير والقتل التي ما زالت طائشة ومندفعة هنا وهناك في أنحاء العالم تعتدي على حرمة الدين وتختطفه وتنحرف بتأويله وتلصق به كل دمار وقبح ورعب وخراب، وتفعل ذلك بكل عنفوان وتجري بكل سرعة وقوة في نشر ذلك وترويجه وتسويقه وإغراق الفضاء الإلكتروني به وتحويله إلى تنفيذ على أرض الواقع يهدد الوطن والمؤسسات ويلقي الرعب في أوروبا وأمريكا، ويشوه صورة الدين، في الوقت نفسه الذي تظل فيه المؤسسات الدينية بمختلف قطاعاتها في مصر غارقة في قضية الخطبة المكتوبة أو في إصدار الوثائق أو إنشاء الأكاديميات أو في إطلاق المؤتمرات الصحافية العالمية التي لا تسفر عن أي نتيجة حقيقية. إن مؤسساتنا الدينية الكريمة بكل جلالها لم تحقق أدنى تقدم في ذلك كله مع كامل الاحترام لكل ما تبذله من جهود لكنها جهود في الاتجاه الخطأ.

استخدام سلاح التكفير

وبجوار مقال الشيخ أسامة كان العمود اليومي لزميلنا أحمد عبد التواب «كلمة عابرة» والذي لم يعد يطيق الأزهر وما فيه فصرخ قائلا:
لم يُشِرْ المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إلى شعار الثورة الدينية فى بيانه الذي أدلى به عقب لقاء الرئيس السيسي مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب قبل يومين. صحيح أنه ذكر تفاصيل مهمة وإيجابية تناولها اللقاء مثل جهود الأزهر الشريف في تصحيح صورة الإسلام وتنقيتها مما علق بها من أفكار مغلوطة، ودوره في التعريف بصحيح الدين، وعن الارتقاء بمستوى شباب الوعّاظ إلا أنها جميعاً لا ترقى إلى قدر الثورة التي نادى بها الرئيس قبل عامين في خطاب واضح إلى علماء الأزهر وهو يُبدي رفضه الشديد واختلافه العميق مع ما يعتمدونه إلى حدّ أنه قال إنه سيحاججهم أمام الله يوم القيامة.
أضفْ إلى هذا أن رجال الأزهر أسرعوا بإبداء الترحيب بدعوة الرئيس للثورة ولكن هذا لم يُترجَم عملياً بل إن العمل طوال أكثر من عامين كان في الاتجاه العكسي بالهجوم الضاري على المخالفين في الرأي دون تردد في استخدام سلاح التكفير، وتحريك الدعاوى القضائية التي دفعت بالبعض وراء القضبان، بناءً على تشريعات كان يُفترَض أن يكون لها الأولوية في التعديل لتتسق مع الدستور الجديد إلا أن يحدث التطوير المأمول بانطلاقة كبرى كما قيل لمواجهة الفكر المتطرف عبر الإنترنت، لأن هذا تبديد للوقت والطاقة في علاج العَرَض والنتيجة على حساب ما يجب أن يحظى بكل الاهتمام مثل مناهج التدريس التي لا تزال تتضمن كلاماً مخيفاً، ومثل الارتقاء بالمعلمين على أن يكونوا متسقين مع روح العصر، ومثل إعفاء المتطرفين من المناصب القيادية، ومثل إعمال القانون لا المصالحات العرفية.
لكن زميلنا في «الوفد» ورئيس تحريرها السابق مجدي سرحان قدم في اليوم نفسه السبت في بابه «لله والوطن» تحليلا مختلفا عن تحليل أسامة الأزهري إذ قال:
قبل ساعات من لقاء الرئيس وشيخ الأزهر كان يبدو أن وزير الأوقاف مصمم على إكمال المعركة وعدم التراجع في قراره بل هو يريدها «مبارزة» مع علماء الأزهر بإعلانه أنه لا يوجد نص شرعي واحد يمنع الخطبة المكتوبة وأنه سيواصل الحوار في هذا الأمر مع الجهات المعنية، وهذا هو ما كان طبيعيا أن يرد عليه خصومه بالتساؤل المضاد:
« وهل يوجد نص شرعي يجيز إلزام الدعاة بهذه الخطبة رغم ما أبدوه من أسباب لاعتراضهم عليها ورفضهم لها؟!» أما الآن فيبدو أن الدكتور جمعة لم يعد أمامه إلا التراجع والانصراف عما أصر عليه وهو ما نصحناه به من قبل بعد أن أصبح وحيدا في معركته لا تسانده الدولة ولا الرأي العام ولا رموز المؤسسة الدينية ولا حتى أجهزة الإعلام.

التسميات لا تهم المواطن

وإلى المعارك والردود المتنوعة وستنصب اليوم على الإعلام من صحافة وتواصل اجتماعي وما تبثه هذه الوسائل من أخبار بعضها لم يعجب زميلنا في «أخبار اليوم» خالد القاضي فقال عنها يوم السبت في عموده «الرأي الآخر»:
عندما نشرت إحدى الصحف الخاصة «مانشتا» عن تسريح الحكومة لمليوني موظف بناء على طلب صندوق النقد الدولي، وخرج وزير المالية على كل الفضائيات لينفي الخبر نفيا قاطعا، وكذلك مجلس الوزراء، لكن للأسف لم يعلنوا اسم الجريدة في نفيهم كأنهم يحافظون على شعور من أخطأ في حقهم وحق الشعب. الأخطاء الفادحة في الصحافة والإعلام لا يجب الرد عليها بالنفي فقط دون ذكر الصحيفة أو البرنامج وفضحه ليعلم القارئ والمشاهد من الكذاب الذي يقدم لهم الأخبار الكاذبة.
واللافت هنا أن خالد القاضي لم يذكر اسم الجريدة للقارئ وهو ما فعله نيابة عنه في اليوم نفسه زميلنا وصديقنا ورئيس تحرير «الشروق» اليومية المستقلة عماد الدين حسين بقوله في عموده اليومي «علامة تعجب» عن شروط صندوق النقد الدولي:
قبل أيام أيضا نشرت الزميلة «المصري اليوم» أن الصندوق طلب تخفيض العمالة بحوالي مليوني موظف بعدها نفت وزارة المالية هذا الخبر أكثر من مرة. لا أعرف معلومات محددة لكن أي عملية إصلاح إذا لم تتضمن الاستغناء عن العمالة الزائدة أو إعادة هيكلتها وتدريبها وتأهيلها للاستفادة منها في مجالات أخرى فإن عملية الإصلاح سوف تتعثر. أتمنى أن تتفرغ الحكومة للتفاوض الجاد مع الصندوق وتحصل على اتفاق جيد لصالح البلد، وأن تبدأ في إخبار المواطنين بالحقيقة. فإعادة الهيكلة تعني في هذا المقام رفع أسعار السلع والخدمات وتعويم الجنيه سيؤدي إلى الأمر نفسه. الخلاصة أن المواطنين لن ينشغلوا بهذه السفسطة اللغوية والمعاني المختلفة لهذا المصطلح أو ذاك فعندما يدفع المواطن فاتورة الكهرباء أو المياه أو الغاز المرتفعة أو تزيد عليه أسعار الوقود والمواصلات وغيرها فلن يفرق معه كثيرا مسمى هذه العملية، وهل هى تحريك أم رفع أم إعادة هيكلة، الذي سوف يشغله وقتها أن الاسعار زادت، ومرتبه لايزال كما هو، وربما يكون قد انخفض بسبب التضخم وارتفاع سعر الدولار!

حذف الصور لن يغيّر شيئا

ومن «المصري اليوم» و«الشروق» وخبر فصل مليوني موظف إلى مواقع التواصل الجتماعي التي قال عنها زميلنا وصديقنا أكرم القصاص رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «اليوم الســـابـــع» في اليوم نفسه:
أشرنا إلى أن مجتمع مواقع التواصل الاجتماعي هو انعكاس للمجتمع بكل تناقضاته ويزدحم بالأخيار والأشرار والنصابين ممن ينصبون شباكهم ويلقون الطعم لمداعبة طمع البعض وسذاجة البعض الآخر، لكن الأهم في كل هذا مثل المجتمع العادي حيث يظهر البعض بحالته الطبيعية ويتصرف كما هو بفطرته ومن دون تلوين. هناك من يرتدون وجها آخر لشخصية مختلفة تماما مثلما يحاول البعض أن يتجمل فإذا به يمارس الكذب، وهناك من يقدمون أنفسهم في صورة يختارونها بعناية ويرسمونها لتكون شخصا نموذجيا حكيما أو عميقا خبيرا أو عارفا، وبعض هؤلاء تختلف حقيقتهم عن الصورة التي يصدرونها في الصفحات العلنية.
هذا الموضوع اجتذب اهتمام زميله عادل السنهوري الذي علق على حذف إدارة «الفيسبوك» صور العملية التي قام بها الجيش المصري ضد قادة تنظيم «أنصار بيت المقدس» وقتل زعيمهم وقال:
حذف الصور لن يغير من الواقع شيئا، ولن يخمد فرحة المصريين الشرفاء بضربات جيشه وبطولاته ضد الإرهاب وضد من يقف وراءه.
فالأخ «أبو دعاء» هو المتهم الرئيسي فى إسقاط الطائرة الروسية في شرم الشيخ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ومقتله يؤكد مدى الحرفية العسكرية لدى الجيش المصري في الوصول إليه وإلى من معه من قادة الإرهاب، ويؤكد أنه الجيش المصري القوي الذي لا يترك ثأره أبدا. هذه الضربة تؤكد أن الأوضاع في سيناء تحت السيطرة الكاملة لقواتنا المسلحة، وأن ما تحاول جماعة الإخوان تزييفه وتزويره لا وجود له على الأرض الطاهرة، وأن أبناءنا الشجعان لن يسمحوا لأي إرهابي مجرم بالعبث بأمن مصر وشعبها حتى لو كان الثمن هو الشهادة. تحية واجبة وسلام سلاح لجيشنا البطل الشجاع وأبنائه البواسل الأبطال.

الرئيس يشيد بدور الأزهر ومستشاره الديني يهاجمه: تيارات التكفير تنشر الخراب والمؤسسات الدينية غارقة في الخطبة المكتوبة

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية