الدوحة ـ «القدس العربي»: تتواصل في العاصمة القطرية الدوحة فعاليات مهرجان «كتارا» للرواية العربية، الذي يقام خلال الفترة من 18 إلى 21 مايو/أيار الجاري، بمشاركة شخصيات ثقافية وأدبية وإعلامية وفنية من داخل وخارج دولة قطر.
وعلى هامش المهرجان التأم اجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية، بهدف الإعداد للدورة المقبلة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية بالوطن العربي، بالتنسيق مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو». ويأتي الاجتماع بعد الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، التي عقدت في الرياض في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث يبحث المجتمعون عددا من القضايا والموضوعات الثقافية، إضافة إلى استعراض الواقع الراهن للأوضاع الثقافية العربية.
بدورها أعربت حياة القرمازي مدير إدارة الثقافة في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» عن شكرها للمؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» على استضافة اجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية، مشيرة إلى دور «كتارا» البارز في دعم العمل العربي الثقافي وتشجيع المبدعين في مختلف المجالات.
ودعت القرمازي في كلمة خلال افتتاح اجتماع اللجنة إلى إيلاء الثقافة العربية ما تستحق من عناية ودعم من وزارات الثقافة العربية، وتعزيز العمل العربي المشترك في المجال الثقافي وتنفيذ ما يصدر عن مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي.
وقد ترأس الاجتماع ناصر بن صالح الحجيلان رئيس اللجنة الدائمة للثقافة العربية. ويبحث الاجتماع إعداد تصور بشأن «عقد عربي للحق الثقافي»، بعد انتهاء العقد العربي للتنمية الثقافية (2005 ـ 2014)، والملتقى الخاص بصياغة رؤى للعمل الثقافي العربي، الذي اعتمده المؤتمر في دورته الثامنة عشرة (المنامة 2012) تمهيداً لعقد القمة الثقافية العربية، إضافة إلى التشاور بشأن تحديد الدولة المضيفة للدورة العشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي ومناقشة موضوعها الرئيسي وهو الإعلام الثقافي في الوطن العربي في ضوء التطور الرقمي.
ودشن بالمناسبة معرض الروائيين القطريين، الذي يضم لوحات تحمل أسماء وصور الروائيين المحليين، كما صدر كتيب توثيقي بهذا الخصوص وزع ضمن المعرض، إلى جانب تكريمهم. وبهذه المناسبة قال خالد بن إبراهيم السليطي «إن مهرجان «كتارا» للرواية العربية، يفتح الباب أمام دعم ورعاية الروائيين القطريين، وما هذا المعرض الا تعبير من «كتارا» عن عرفانها وتقديرها لدورهم الأدبي والثقافي والفكري الرائد، حيث لدينا أقلام روائية محلية قدمت للمكتبة العربية حصيلة مقدرة ومهمة من الانتاج الروائي الراقي». وأعرب السليطي عن سعادته بأن يتم من خلال هذا المعرض التوقيع على الروايات القطرية التي صدرت خلال الفترة الاخيرة، إضافة إلى التعريف بالإنتاج الأدبي للروائيين القطريين عبر كتيب يضم سيرتهم الذاتية أيضا، مؤكدا أن «كتارا» أخذت على عاتقها مواصلة العمل لخدمة الثقافة القطرية والخليجية والعربية والعالمية.
وقد وقعت الروائية القطرية شمه الكواري روايتها «هتون نور العيون» ضمن معرض الروائيين القطريين في مهرجان «كتارا» للرواية العربية، في القاعة 18.
وكان صدر للروائية القطرية الكواري مجموعة من الروايات من بينها» شاهين» وهي أول رواية متخصصة في أدب الخيال العلمي للنشء في قطر، ورواية «روضة أزهار الياسمين النورهان»، و»نوافير الغروب».
معرض دراما الروائيين
وضمن فعاليات مهرجان «كتارا» للرواية العربية، افتتح خالد بن ابراهيم السليطي، معرض دراما الروائيين، الذي يتناول أهم الروايات العربية التي جرى تحويلها إلى أعمال درامية من مسلسلات وأفلام على مدار القرن الماضي، وهو ما يظهر المكانة التي كانت تتمتع بها الرواية العربية لدى المثقفين والفنانين والممثلين والمخرجين في تلك الفترة. يحتوي المعرض نبذة عن الرواية وكاتبها، إضافة إلى ملخص عن العمل الدرامي وأهم ابطاله. كما يضم المعرض ركنا خاصا بالراحل الكبير نجيب محفوظ يشمل نخبة من أعماله الروائية التي تحولت إلى أفلام.
ندوة الرواية
وقد جاءت الندوة الثانية التي أدارتها حنان الفياض، الأكاديمية والإعلامية القطرية بعنوان: «الرواية: آفاق السردية وتنوع الشكل». وقالت الفياض إن الرواية مسكونة بالأسئلة.. أسئلة الواقع والتاريخ والقيم والمستقبل، وهي إن كانت عنوانا للاطلاع على حياة موازية لحياتنا، فإنها من باب آخر فرصة لمعاينة الحراك الإنساني برؤى استشرافية وثيمات إنسانية شديدة الرهافة والعمق معا»، مشيرة إلى أن الرواية دائمة البحث عن آفاق جديدة وأشكال سردية متجددة». وكان أول المتدخلين، الناقد والأكاديمي التونسي والأستاذ في جامعة قطر، لطفي اليوسفي الذي اتخذ لمداخلته عنوان: «روايات عربية في دروب التيه: قراءة في محنة البحث عن آفاق سردية جديدة»، ملاحظا أن الروايات مأخوذة إلى حد الهوس بالمنجز الفني الذي حققته الرواية العربية منذ نجيب محفوظ، وتهفو إلى تخطيه وتجاوزه، لارتياد آفاق جديدة لا عهد للرواية العربية بمثلها. لذلك احتمت بالتاريخ حينا محاولة أن تبتني رواية تاريخية جديدة، وانشدت حينا آخر إلى الراهن العربي ووظفته متلمسة الدروب المؤدية إلى واقعية جديدة ممكنة أو محتملة، وكثيرا ما تلفتت إلى الشعر فوظفته، لتتستر عن وهن البناء السردي، وكثيرا ما احتمت بمنجزات الرواية الأمريكية اللاتينية واستلهمت منجزها الفني وتلفتت إلى أفانين السرد العربية القديمة فيما المؤلف يظن أنه يؤصل طريقته في الكتابة، معتبرا ذلك «هوس البحث عن آفاق سردية جديدة، وهو هوس رافق مسيرة السرديات العربية منذ ما يقارب القرن، بما يعني أننا لا يمكن أن نحيط بما سماه «محنة البحث عن آفاق سردية جديدة» في هذه الروايات إلا إذا تمت إعادة النظر ولو بإيجاز كبير في تجليات ما اعتبره لطفي «محنة البحث» هذه، منذ بدايات تشكل الرواية العربية في بدايات القرن العشرين..
وقد شارك الناقد المغربي سعيد يقطين بورقة «السرد الروائي وفضاء التكنولوجيا»، بينما قدم الناقد السعودي معجب العدواني ورقة بعنوان: «الرواية ووعي الكتابة التجريبية» ، وقد أدار الندوة الكاتب والروائي القطري أحمد عبدالملك.
وتمنى عبدالملك أثناء تقديمه للندوة، المزيد من الحضور للروائيين الشباب في هذا المهرجان، خصوصا أن هناك الكثير من الانحرافات والشوائب لحقت بالرواية العربية على مدى الخمسة أعوام الماضية.
وأوضح عبدالملك أن التجريب هو محاولة بناء واقع جديد في المخيل، وهو تضمين النص تقنيات جديدة مع اتساع رقعة الخيال، واكتشاف مناطق جديدة في اللغة لم تكن معروفة في القوالب التقليدية.
وكان أول المتحدثين الناقد سعيد يقطين حيث أكد: أن السرد الروائي وفضاء التكنولوجيا يستدعي الكثير من التفكير والعمل والنقاش، في إطار تجربتنا الروائية العربية، من أجل الارتقاء بها لمستوى أعلى. ورأى يقطين أنه لا يمكننا الحديث عن التكنولوجيا، من دون ربطها بالعلم، إذ ينقصنا في تجربتنا العربية الأخذ بأسباب العلم، سواء في التفكير أو في التكنولوجيا في إطار الممارسة، لافتا أن الدراسة الأدبية العربية لم تفكر في الأدب من منظور علمي، وكذلك الأمر بالنسبة للمبدع، مشددا في الآن ذاته على أن أي إبداع هو صناعة بما يقتضيه من التمكن من مستلزمات هذه الصناعة. وقارب سعيد يقطين علاقة الأدب بالتكنولوجيا من منظورين مختلفين، اولهما عوامل التكنولوجيا باعتبارها موضوعا للسرد، إذ تصبح المنتجات التكنولوجية جزءا من المادة السردية التي يشتغل بها الروائي، مشيرا إلى أن هذه المسألة قديمة قدم الإنسان، على اعتبار أن التكنولوجيا ما هي إلا تطوير لأدوات الإنسان وحواسه ومدركاته، من أجل التفاعل مع العالم الخارجي.
إلى ذلك، ذكر ضيف مهرجان «كتارا للرواية العربية»، أنه في العصر الحديث، مع التطور التكنولوجي منذ الثورة الصناعية إلى الآن، نجد أن استخدام التقنيات الحديثة في السرد تطغى في الإنتاجات الروائية الأوروبية، خصوصا روايات الخيال العلمي.
وحدد يقطين المنظور الثاني قائلا: هو اعتماد العوالم السردية مستثمرة التكنولوجيا لتقديم التكنولوجيا، باعتبارها وسيطا من الوسائط التي تضمن التفاعل بين المبدع والمتلقي حول موضوع معين. وفي هذا النطاق، عرج المتحدث على مراحل تاريخ البشرية بدءا من «الشفاهة» ومرورا بالكتابة ثم الطباعة والرقانة.
إذ في مرحلة الشفاهة كان استعمال الصوت الطبيعي جزءا أساسيا من ممارسات الراوي، فضلا عن أن ازدهار الوراقة في الثقافة العربية كانت عاملا أساسيا في تقديم الأعمال الأدبية، وبالأخص في الأعمال السردية مثل المقامات و»كليلة ودمنة»، ثم استثمار الخط.
يشار إلى أن جائزة «كتارا» للرواية العربية هي جائزة سنوية أطلقتها المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا» في بداية عام 2014، وتقوم المؤسسة بإدارتها وتوفير الدعم والمساندة والإشراف عليها بصورة كاملة من خلال لجنة لإدارة الجائزة.
وتهدف الجائزة إلى ترسيخ حضور الروايات العربية المتميزة عربياً وعالمياً، وإلى تشجيع وتقدير الروائيين العرب المبدعين لتحفيزهم للمضي قدماً نحو آفاق أرحب للإبداع والتميز، مما سيؤدي إلى رفع مستوى الاهتمام والإقبال على قراءة الرواية العربية وزيادة الوعي الثقافي المعرفي. وتلتزم جائزة «كتارا» بالتمسك بقيم الاستقلالية، الشفافية والنزاهة خلال عملية اختيار المرشحين، كما تقوم بترجمة أعمال الفائزين إلى اللغة الإنكليزية والإسبانية والفرنسية والصينية والهندية، وتحويل الرواية الصالحة فنياً إلى عمل درامي مميز، ونشر وتسويق الروايات غير المنشورة.
منى الشمري وسليمان حاج إبراهيم