القاهرة ـ «القدس العربي»: ستخدمت الصحف المصرية الموالية للنظام، زيارة الرئيس التركي للسودان، وعلى مدار يومين، كفزاعة، لإرهاب الجماهير من خطر محتمل يتمثل في التسلل التركي لحدود مصر الجنوبية، مقابل الهروب من مواجهة خطر حقيقي يتمثل في فشل السلطة القائمة في القيام بالمهام الملقاة على عاتقها، وأبرزها إخراج البلاد من أزماتها الاقتصادية التي تهدد المصريين بالفناء.
وفيما كانت الصحف مشغولة بالهجوم على الرئيس البشير واتهامه بالخيانة، كانت الجبهة التي تنشط في الداخل والخارج داعية للرئيس السيسي إلى البقاء في منصبه تحت شعار «علشان يبنيها»، تعلن أنها جمعت توقيعات تصل إلى 21 مليون صوت، وهي الجبهة ذاتها التي تحظى بهجوم من قبل جماعات المعارضة، التي تنشط لتنظيم صفوفها، على أمل أن تتمكن من الدفع بمنافس للسيسي في الانتخابات المقبلة، كي تستطيع إخراج البلاد من كبوتها.
في المقابل ثارت تكهنات على مدار اليومين الماضيين تشير إلى تراجع الفريق أحمد شفيق عن المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما تناولت الصحف المصرية الصادرة أمس الجمعة 29 ديسمبر/كانون الأول، عددا من الأخبار المهمة، على رأسها: قوات العلميات الخاصة «تؤمن» احتفالات رأس السنة. الحكومة توافق على 4 اتفاقيات للبترول. خطـة متكاملة لتيسيـر الملاحـة في مجـرى النيـل. الرئيس يطالب بحل مشكلات البواخر السياحية بين الأقصر وأسوان. وزير المالية: 5 بنوك تطرح السندات الدولارية آخر يناير/كانون الثاني. الري: لا قلق من انخفاض منسوب النيل. رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات: الجدول الزمنى للانتخابات الرئاسية خلال أيام وإعلان الفائز قبل 3 مايو/أيار.. وإشراف قضائى كامل.. وارتفاع أعداد الناخبين إلى 60 مليونا. تأجيل جديد لخفض جمارك السيارات الأوروبية. مجمع لإنتاج الأقمار الصناعية بأيدٍ مصرية. الحكومة تقر قانون التخطيط و4 اتفاقيات للبترول. ضبط 8 متهمين و3 من المحكوم عليهم بقضايا إرهابية. وإلى التفاصيل:
درس شفيق للجميع
«ما يجري الآن في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة خرج، وفق ما أشار إليه عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» عن كل القواعد والقوانين واللوائح المنظمة، وهو ما وضع أحد الطامحين مثل الفريق أحمد شفيق في مأزق الترحيل من دولة أخرى إلى مصر، بعد أن أعلن ترشحه من هناك، وهو أيضاً ما أدى إلى صدور حكم بسجن العقيد أحمد قنصوة 6 سنوات، بعد أن أعلن عن رغبته في الترشح، فيما اعتبر أنه قد خالف القواعد العسكرية في هذا الشأن، ثم بعد ذلك شاهدنا على مواقع التواصل الاجتماعى أكثر من رسالة مسجلة لأكثر من شخص ممن أعلنوا عن رغبتهم في الترشح، بل أعلنوا برنامجهم الانتخابي، وقبل كل هذا وذاك كانت هذه اللجان التي تطوف مصر تحت أسماء مختلفة لجمع توقيعات تطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي بالترشح لفترة ثانية، مع ما أنفقته من أموال، وأعلنت في النهاية عن جمع نحو 12 مليون توقيع. إذن لا يمكن القول إن العملية الانتخابية سوف تبدأ في شهر فبراير/شباط المقبل، كما هو مقرر لها قانوناً، لقد بدأت بالفعل، بل قبل عدة شهور، منذ أن تم الإعلان عن جمع التوقيعات الخاصة بما أطلقوا عليه «الضغط على الرئيس»، على الرغم من أن الرئيس لم يعلن أبداً عن نيته عدم الترشح. وعلى الرغم أيضاً من عدم ظهور مرشحين حتى الآن يمكنهم إثراء العملية الانتخابية، بعد أن بدا واضحاً أن الفريق شفيق قد تراجع لأسباب سوف يُزاح الستار عنها يوماً ما، وأن الإخوان المسلمين قد ذهبوا إلى حال سبيلهم ما بين السجون والنفي الاختياري، وأن الدكتور محمد البرادعي قد غادر إلى غير رجعة، وأن جمال مبارك لا يمكنه الترشح، وأن حمدين صباحي قد حرق نفسه بالقبول بوضعية الانتخابات السابقة، كما أن عمرو موسى أعلن مبكراً اعتزاله هذا المضمار، وبذلك أصبح الطريق ممهداً لانتخابات أقرب إلى الاستفتاء، لم تكن في حاجة أبداً إلى مخالفة القواعد والقوانين.
مؤامرة أم وهم؟
«مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، ومع تواصل حملة إعادة انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفة غير رسمية، بدأت أصوات وأقلام، رصدها عبد العظيم حماد في «الشروق»، تتحدث من جديد عن المخططات الأجنبية ضد مصر والمنطقة، التي يقف السيسي وحده صامدا في مواجهتها، ومع أن هذه الأصوات والأقلام لم تحدد صراحة الدول أو القوى صاحبة تلك المخططات، كما لم تحدد مصادر معلوماتها المستجدة عن مساعي تلك القوى لعرقلة إعادة انتخاب الرئيس المصري لفترة ثانية، فإن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من ذكاء طفل، لإدراك أن المقصود هنا هو الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. وبغض النظر عن التناقضات المؤكدة في هذه المقولة، وكذلك بغض النظر عن طابعها الشعبوي الذي بلغ في مرحلة سابقة حد الادعاء بإحباط خطة أمريكية لغزو مصر دفاعا عن حكم جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي، والادعاء بأن هيلاري كلينتون اعترفت في مذكراتها باتفاقها مع حكومة الإخوان على تسليم سيناء أو جزء منها للفلسطينيين… بغض النظر عن ذلك كله فإننا نرى أن الأجدى في هذه اللحظة هو مناقشة ما وصفناه في العنوان بالعقدة الأمريكية في السياسة المصرية. لكن يستحسن المبادرة منذ الآن إلى التأكيد بأن هذه «العقدة الأمريكية» حاضرة وفاعلة في الحياة السياسية لكثير من دول العالم، الكبيرة منها والمتوسطة والصغيرة، قبل الحرب الباردة وفي أثنائها، وبعدها، بحكم خروج الولايات المتحدة قوة دولية أعظم بعد الحرب العالمية الثانية، أي قوة لها مصالح في كل شبر من كرتنا الأرضية، ولديها الموارد والأدوات التي تمكنها من حماية هذه المصالح، أو على الأقل الصراع من أجل حمايتها، إلى جانب جاذبية النموذج السياسي الأمريكي القائم على قيم الحرية والفردية، حتى في أوج جاذبية النموذج الاشتراكي، وثورات التحرر الوطني، وحركة عدم الانحياز».
«سد الحنك»
يسأل عمار علي حسن في «المصري اليوم»: «أين البرلمان من كل ما يجري؟ حتى طحنه الكلام في قضايانا المهمة لم يعد موجودا. شيء مؤسف أن يكون كل هؤلاء قد التهموا أطنانا من «سد الحنك»، ثم جلسوا يروضون التخمة والتثاؤب، مستسلمين لتراخي العزائم والضمائر، ومتواطئين مع فهم غريب لدور البرلمان يقصره على أنه مجرد جسر عريض معبّد تمر عليه السلطة التنفيذية في خيلاء لتنقل ما دبرته وقررته من صفحات الورق إلى الشارع بدون أن يراجعها أحد، أو يزعجها أحد بسؤال أو طلب إحاطة أو استجواب أو نقاش لما تبرمه من اتفاقيات ومعاهدات، فكل شيء يمر فوق الجسر في سرعة خاطفة، يخرج كما دخل، بعد أن يكون قد نال «ختم» البرلمان ليستوفي الشكل. سيقول مؤرخون منصفون إنه البرلمان الأسوأ في تاريخ مصر، فهو فاشل حتى في استيفاء الحد الأدنى لشروط الممارسة السياسية أو الحفاظ على شكلها الخارجي، وإذا كان هؤلاء قد اطمأنوا إلى استمرارهم أيضا مع حديث عن احتمالات أن يشكل ثلاثة أرباع البرلمان المقبل وفق نظام «القائمة المطلقة المغلقة»، فعلى الأقل عليهم أن يسهموا في ترشيد السياسات القائمة قبل أن يجرفهم الطوفان مع من سيجرفهم».
حكاية السوداني الذي سيغزو القاهرة
«فوجئ محمد عصمت الكاتب في الوفد، بفيديو لشاب سوداني ملثم يحمل في يده اليمنى مدفعا رشاشا، وهو يتوعد بشن الحرب على مصر مع عشرات الآلاف من الشباب السودانيين، بمجرد أن يعطيهم الرئيس عمر البشير الإشارة بذلك، زاعماً أنهم في غضون ثلاثة أيام سيحتلون القاهرة ويرفعون علم السودان فوقها، بدون أن ينسى أن يكيل الشتائم البذيئة للشعب المصرب من أيام حكم كليوباترا وحتى الآن! صحيح كما يؤكد عصمت أن تهديد هذا الشاب «كلام ساكت» كما يقول أشقاؤنا في السودان، أو كما نقول نحن في مصر «كلام فاضي»، وأنه شخصياً يدرك تماماً أن البشير لن يعطيه هذه الإشارة ولا حتى في أحلامه، لكن كلامه يعبر ـ وإن كان بفجاجة مفرطة ـ عن تيار داخل السودان أصبح يرى في مصر عدواً لبلاده، أو على الأقل لا تريد لها الخير، وهو تيار تغذيه دوائر سودانية ارتبطت بعداوات تعود في إحدى أهم محطاتها إلى انقلاب 30 يونيو/حزيران 1989 الذي قاده الدكتور حسن الترابي ونفذه عمر البشير على حكومة الصادق المهدي آنذاك، وهي العداوات التي وصلت لأقصى مدى لها بتورط قيادات سودانية رفيعة المستوى في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس المخلوع حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995. أحد أهم أسلحة هذه الدوائر السودانية في تأجيج العداء لمصر هو خروج بعض صحافيينا أو إعلاميينا ومخرجي أفلامنا عن حدود اللياقة في تناولهم لأوضاع وأحوال السودان والسودانيين، مع غياب أي مناقشات مصرية جادة حول تنمية العلاقات الشعبية مع أشقائنا في جنوب الوادي. في الوقت نفسه الذي أهملت فيه السياسة المصرية الشأن السودانس سنوات طويلة».
أردوغان لا يطيق السيسي
ومن معارك أمس الصحافية تلك التي شنها مجدي سرحان في «الوفد» على الرئيسين التركي والسوداني: «الرئيس التركي أردوغان يتربص بمصر ويضمر لقيادتها كرهاً صريحاً.. وكل تصريحاته تشي بهذا الكره النابع من إدراكه أن القيادة المصرية هي القوة الإقليمية الحقيقية التي تعيق نجاح مشروعه السياسي «الإخواني» الحالم بإعادة إحياء «دولة الخلافة العثمانية المزعومة». فالقيادة المصرية هي التي أفشلت مخطط «التنظيم الدولي للإخوان» الذي ينتمي إليه أردوغان، الذي كان يهدف إلى كسر الدولة المصرية وإخراجها من معادلة الصراع الإقليمي في المنطقة الأكثر سخونة في العالم الآن.. وهي المنطقة الممتدة من الخليج العربي شرقاً حتى البحر الأحمر غرباً.. ومن العراق وسوريا شمالاً حتى بحر العرب وخليج عدن جنوباً.. بما تحتويها من بحار وخلجان ومضايق استراتيجية. تلك المنطقة التي أصبحت تعج بالتواجد العسكري الأجنبي، سواء في صورة قوات نظامية تخوض حروباً قائمة ضمن تحالفات دولية وإقليمية، أو في شكل قواعد عسكرية تنتشر على طول سواحل بحار هذا الإقليم الذي تسعى كل القوى الإقليمية إلى إيجاد موطئ قدم لها فيه، استعداداً لحدث عظيم، أو انفجار مقبل لا محالة. ولا خلاف أيضاً على أن سلوك القيادة السودانية الحالية.. ممثلة في الرئيس البشير.. يشي في ما يتعلق بمصر بما يخالف خطابها العاطفي المعلن بأن «العلاقات المصرية السودانية علاقات مقدسة تتجاوز حدود الدبلوماسية والجوار، وتبقى وتدوم بدوام سريان الدماء المشتركة في الشرايين».. وغير ذلك من عبارات «الشو الإعلامي» و«كليشيهات» المؤتمرات الصحافية. وهناك الكثير من المواقف تدل على ذلك».
مراهقة سياسية
«السودان كما يعترف محمود سلطان في «المصريون» مثلها مثل أي دولة، تبحث عن مصالحها، وفي الآونة الأخيرة انحازت إلى إثيوبيا، لأن مصلحتها مع بناء سد النهضة، الذي سيوفر لها الطاقة بأقل الأسعار، ويعفيها من الفيضانات السنوية المدمرة لثروتها الزراعية والحيوانية والعقارية. ومنذ أكثر من ثلاث سنوات، سمعت من مسؤولين مصريين شاركوا في مفاوضات سد النهضة، أن السودان يميل إلى تأييد إثيوبيا في ذلك الشأن، وسمعت منهم شرحًا مفصلًا عن الفوائد التي سيجنيها السودان من السد.. ولم أسمع منهم أي مقترحات أو حلول مصرية، يمكن أن تقنع السودان بالتخلي عن رأيه. لم يقدم الجانب المصري، بدائل للسودان، يحمله على التعاطف مع محنة مصر المائية والمتوقعة. وأعتقد أن الأزمة ما زالت قائمة: لا الخرطوم تخلت عن مصالحها مع إثيوبيا، ولا القاهرة أبدعت حلولًا تجذب السودان إلى صفها، بل تطورت الأزمة إلى استفزازات متبادلة بين البلدين، ودخلت ورقة «حلايب»؛ لتلقي مزيدا من الضغوط على السيادة الوطنية المصرية، التي تضررت كثيرًا بعد التنازل «الهزلي» عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. منذ أيام قليلة، زار أردوغان السودان، ومعه 200 رجل أعمال تركي، وأبرم 33 اتفاقية بين البلدين، من بينها اتفاقية بشأن جزيرة «سواكن» المتاخمة للحدود مع مصر، جانب من الاتفاقية بات سرًا، ولم تُعلن تفاصيل عنه، ويبدو أنه يتعلق بوجود عسكري تركي في الجزيرة. تعاملت القاهرة، مع الزيارة ومع ما ترتب عليها من اتفاقيات، بالمنطق «العاطفي ـ الطفولي» ذاته، والذي ظهر في صورة نزق وطيش وحمق إعلامي غير مسؤول».
طعم ابتلعناه
«لم تجد إسرائيل فرصة أفضل من هذه لتروج لأخلاقيات جنودها، كما تؤكد جيهان فوزي في «الوطن» حيث نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية مقطع فيديو وعهد التميمي تقوم بضرب الضابط الذي تعدى على حرمة منزلها للدعاية في وسائل الإعلام، والدها باسم التميمي، الناشط السياسي المعروف يعلم يقيناً أن اعتقالها جاء للدعاية والترويج في وسائل الإعلام، فقبل وقوع الحادث دخل الجندي منزل عائلتها وضرب أخاها ذا الـ14 عاماً وأطلق النار على أشخاص كانوا هناك، كل ذلك كان أمام الأسرة فقط بعيداً عن أعين الكاميرات، بينما دارت الكاميرا لتظهر أن الجندي الإسرائيلي أخلاقي ويتعامل بالمعايير الإنسانية، بدون المساس بحقوقها. قررت محكمة عوفر العسكرية الإسرائيلية تمديد اعتقال عهد بحجة أنها تشكل خطراً على أمن الدولة! بعد أن تصدر الفيديو وسائل الإعلام العبرية، وهي تطرد عنصرين من جنود الاحتلال وتصفعهما على وجهيهما، قال الوزير الإسرائيلي نفتالي بينت محرضاً: «إن عليها أن تقضي حياتها في السجن»، بينما وزير الحرب أفيغدور ليبرمان خرج بموقف متوقع حين دافع عن جيشه بوصفه أكثر جيوش العالم إنسانية، ويتحلى بقيم لا مثيل لها، لكن يحظر على إنسانيتنا أن تكون على حساب الردع والقوة، معلقاً بلهجة تملؤها السخرية قائلاً: «من ينفلت بالنهار يعتقل بالليل»، أصبحت الشغل الشاغل لدوائر صنع القرار في إسرائيل، بعد أن أشعل الفيديو الذي أظهر «التميمي» وابنة عمها تقتربان من جنديين يستندان إلى جدار وتهاجمانهما بالدفع والركل والصفع واللكم، وبثت وسائل الإعلام العبرية الصور بشكل تحريضي باعتبارها إهانة للجنود، وحرص جيش الاحتلال على اعتقالها كونها أهانت الضابط وسط جنوده، بينما يُنكل كل يوم بآلاف الأطفال الفلسطينيين على يد جنود الاحتلال ضرباً واعتقالاً وتعذيباً وقتلاً، والتي تعد جرائم حرب يعاقب عليها القانون ولا يحرك ساكناً».
المقدسيون في الحرب بمفردهم
«الفلسطينيون لن يكونوا، كما يجزم مصطفى منيع في «الشعب»، لقمة قابلة للهضم والانحدار لبطون المتآمرين ليزدادوا تباهيا بانتفاخها وهم يتلذذون باستجمام في لاس فيغاس وباسترخاء على كراسي منتجع «ترامب» القابض على صنيعه أغلى ثمن. الفلسطينيون شرفاء في دفاعهم عما يخصهم كدولة محتلة يسعون لتحريرها، مستقبلين الحرية بالأحضان، لا فرق بين فلان أو فلان، كرماء في جهادهم من أجل الحفاظ على سلامة «القدس» عزة وسؤدد الأمة العربية وقبلها الإسلامية قاطبة، مفعمة بالتطبيق الفعلي لحقوق الإنسان. لهذا لن ينجح ملك السعودية في مخططه التآمري الجاعل الانتقام من الفلسطينيين بحجة تعاملهم مع إيران، علما بأن الفلسطينيين أذكى من ذلك بمراحل لن يميلوا لأي كان، لأن مصيرهم في استقلالية قراراتهم مهما كان المقام أو الزمان. أكثر الغباء غباء استشعار الغباء بأنه القمة في الغباء، الحكم ليس بتقليل أمر المحكومين به، ولا بالتعنت أو إقصاء أي طرف يدخل في نطاقه الحكم، الحكم كفاءة في حمل الميزان، متساوي الكفتين أكان المقصود الحركة بدافع عوامل مضافة لم تكن في الحسبان، أو انتقاص في مواجهة الخطأ بما يلزم من فصل أو فصول لقوانين معدة مسبقاً قبل فوات الأوان. الحكم من أسس قيام دولة واستمرار بقائها، إذن انطلاقا مما ذُكر ما نوعية الحكم في مملكة آل سعود؟ ومَن يحكم هناك أصلا؟ دولة قائمة والسلام، على رأسها رجل يتصرف من تلقاء نفسه، لا دخل لمؤسسات ولا حتى لآداب حوار بمفهومه الإنساني، كلمة ينطقها الملك بحضور سيَّاف، كأن الالفية الثالثة ومقوماتها لم تدخل تلك القصور، المشيد أحدها في قعر بحر من البحور».
الراية البيضاء أمام إثيوبيا
أزمة السد تؤرق محمود خليل في «الوطن»: «عقب الزيارة التي قام بها سامح شكري إلى إثيوبيا خرجت تأكيدات رسمية تفيد باستمرار نهج التفاوض من أجل حل الخلافات بين الطرفين المصري والإثيوبي، وأن مصر اقترحت إدخال البنك الدولي كطرف محايد، يمكن أن يساهم في المشورة الفنية، بحكم ما يمتلك من خبرات في هذا السياق. التفاوض الذي تجري مصر وراءه الآن يتم تحت ظرفين: الأول يتمثل في حالة العزلة التي أفلحت إثيوبيا في فرضها على مصر داخل حوض النيل، بعد أن أصبحت السودان منحازة إليها، ووقّعت باقي دول المنبع على اتفاقية عنتيبي، التي لا تعترف بأي اتفاقيات تاريخية سابقة بشأن توزيع حصص مياه النيل. الظرف الثاني يتمثل في «اقتراب إثيوبيا من الانتهاء من بناء السد»، ما يعني أن المنهجية التي اعتمدت عليها إثيوبيا في إدارة أزمة السد والمتمثلة في فرض الأمر الواقع أتت أكلها وحققت أهدافها، وأي مفاوضات جديدة لن تشهد تغييراً في المنهجية التفاوضية الإثيوبية، بل ستمنح أديس أبابا المزيد من الوقت لتتمكن من إتمام الجزء المتبقي من السد. الحديث عن «التفاوض» في سياق هذين الظرفين يعني أننا لن نحقق شيئاً، فما عجزنا عن إنجازه خلال المفاوضات التي أعقبت التوقيع على اتفاق المبادئ (مارس/آذار 2015)، حين كانت الظروف والأوضاع على أرض الأزمة أفضل من ذلك، لن نستطيع أن نحققه اليوم. التمسك بالتفاوض كأداة لحل المشكلات أمر محمود، بشرط أن تجد من الطرف الآخر العقلانية التي تجعل للتفاوض نتائج مثمرة على الأرض، وفي غير تلك الحال يصبح مضيعة للوقت، وتفويت الفرصة على طرق أخرى للحل ـ غير التفاوض ـ قد تكون أنسب للوقت والظرف الذي يحكم الأزمة. التجربة الدولية تقول إن الكثير من دول العالم تلجأ إلى فرض إرادتها بكل ما تملك من أدوات ووسائل في مواجهة أي خطر وجودي».
المتآمرون منا وعلينا
ما زال عباس الطرابيلي في «المصري اليوم» مسكوناً بالخوف من مؤامرات بالقرب منا: «كنا نفخر بأن محمد علي باشا جعل هذا البحر بحراً مصرياً خالصاً.. ليس فيه موضع قدم لغير المصريين، ولغير العرب.. ولكننا الآن نراه أصبح بحراً «بظرميط».. أو بحر «تكنوكلر». يعني على كل الأنواع يا «باتستة»، فاكرين الباتستة التي أدخل محمد علي صناعتها إلى مصر منذ قرنين من الزمان؟ الآن لم يعد بحراً مصرياً، ولا حتى عربياً.. عندما سمح بعض حكامه لغير العرب ـ وهم بكل أسف مجرد منتفعين.. سواء «من قبض من حكامه» أو «من دفع» ـ ليحقق أهدافه الاستعمارية الجديدة، إذ ها نحن الآن نجد أصابع إقليمية تطمع في إعادة تواجدها الاستعماري من خلال أن تنشئ لها مواضع قدم بداية من إيران في أقصى الشرق.. وبعيداً عن مياه البحر الأحمر بآلاف الأميال.. تماماً مثل تركيا في أقصى الشمال، ناهيك عن قواعد أجنبية أمريكية، فرنسية، يابانية، صينية.. وأيضاً ألمانية.. حتى أن أصغر دولة فيه هي جيبوتي 23 ألف كيلومتر مربع، وسكانها أقل من مليون إنسان، تؤجر أراضيها بالمتر المربع.. وكل اقتصادها يقوم على هذا التأجير، إذ فيها وحدها خمسة قواعد أجنبية، والسبب: أنها تقع في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وتكاد تتحكم في مضيق باب المندب، بين إريتريا شمالاً والصومال جنوباً. وهذا البحر «البظرميط» يباع الآن بالمتر! الحكام هم المستفيدون.. والشعوب دائماً تدفع الثمن، إيران مثلاً تحاول السيطرة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر لتحاصر السعودية، وفي الوقت نفسه تتحكم في الملاحة عبر قناة السويس، تماماً كما تتحكم في الملاحة بسيطرتها على مضيق هرمز المتحكم في تجارة البترول العالمية. وتجىء تركيا التي تحاول إحياء الإمبراطورية العثمانية، تماماً كما تحاول إيران إحياء الإمبراطورية الفارسية، والخطوة الأخيرة حتى الآن هي ما قدمه المشير البشير حاكم الخرطوم «منحة» لتركيا».
إضحك الصوره تطلع حلوة
«لماذا فشلت الحكومات المتعاقبة في تجميل صورة مصر خارجياً؟ من جانبه يرى محمد الشناوي في «الشروق» أن معضلة تحسين صورة مصر في الخارج تنبثق من غياب آليات عرض الأخبار المصرية بصورة إيجابية للعالم، وأن هناك فجوة يجب أن يردمها الإعلام الحكومي المصري كي ينال رضا الرأي العام العالمي. إلا أن هذه الأصوات تدرك في أغلبها أن كل ما يتم من نقاش حول هذه النقاط هو للاستهلاك المحلي لا أكثر، وربما رغبة في إرضاء جهات حكومية قد لا يدرك القائمون عليها تعقيدات مشهد الإعلام العالمي وكيفية صناعة الأخبار وعرضها، والأهم علاقة القائمين عليها بدوائر الحكم خاصة في الولايات المتحدة. ويحرك نشر مقالات على صفحات الجرائد المهمة مثل «نيويورك تايمز» أو «واشنطن بوست» تنتقد ممارسات النظام المصري في ما يتعلق بالحريات والحقوق المدنية ملف «تحسين صورة مصر في الخارج» بصورة أصبحت روتينية وتسبب الملل من تكرار الكلمات والمصطلحات، التي لم تتغير منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك. لن تنجح أي من هذه المبادرات أو المقترحات لسبب بسيط وهو أنها تخلق ميتة وجثة هامدة، ليس بسبب هوية القائمين عليها، لكن بالأساس لغياب منطق حرية النشر وقيود الرقيب الفعلي أو الذاتي على هذه المبادرات. هل تجرؤ هذه المبادرات المنتظرة على التمتع بما تتمتع به مواقع مثل «مدى مصر» والذي يتابع أغلب ما يتم نشره في دوائر الإعلام والسياسة الأمريكية المهتمة بالشأن المصري. هل تستطيع مواقع الصحف المصرية المتحدثة بالإنكليزية أو التلفزيون الحكومي المتحدث بالإنكليزية التعرض لموضوعات تتناول أخبارا وقضايا حساسة في مصر، مثل صفقات استحواذ وإدارة وسائل إعلام بصور مباشرة وغير مباشرة، والتعرض لمصادر التمويل وطبيعة الملكية. هل ستحاول هذه المواقع المستحدثة الوصول لسيناء لعرض طبيعة الحرب هناك».
شكراً للجيش
من أبرز المناوئين لمعسكر الثوار كرم جبر في «اليوم السابع»: «الدولة التي ندافع عنها يجب أن تكون لها هيبة وسطوة، ومؤسسات قوية وراسخة، وفي ظهيرها شعب يحترم القانون ويدعم أجهزة الحكم، فلم توجد لتتسلط عليه، وإنما للسهر على خدمته، وتيسير حياته المعيشية.. وأهم مؤسسات الدولة هو الجيش، الدرع الواقية في المحن والأزمات والحروب، بجانب مؤسستي الشرطة والقضاء، فهذا المثلث هو كلمة السر لبقاء الدول أو تفككها وانهيارها. لعبت جيوش الشر التي اجتاحت المنطقة تحت مظلة الجحيم العربي، على ضرب جيوش الدول المستهدفة، لتتمكن من تفكيكها وتمزيقها، وتكرر السيناريو في العراق وسوريا واليمن وليبيا، ووصلت أنظمة الحكم فيها إلى نهايتها، بعد إثارة الفتن والانشقاقات في جيوشها، فأصبحت الدروع الواقية مجرد سيوف من ورق. تحديث الجيش المصري ورفع قدراته القتالية، ليس رفاهية، ولكنه حياة أو موت، لتبقى مصر واقفة على قدميها، رافعة رأسها إلى السماء. ولم تتفكك الدولة أو تنهار، لأن الجيش وقف صامداً، حين تكالبت الوحوش على الوطن، يدافع عن دولته ويحميها ويحقق الأمن للشعب، ويعيد بناء المؤسسات التي يحاولون النيل منها، وفي مقدمتها مؤسستا القضاء والشرطة. لا أنسى أبداً يوم ذهبت فيه لزيارة النائب العام بعد 25 يناير/كانون الثاني، ووجدت الطريق إلى مكتبه في الدور الثاني يشبه يوم الحشر، حيث احتشد المتظاهرون والمحتجون في كل مكان، وحاصروا مكتبه ومنعوه من الدخول، في صورة همجية بشعة تجلب الهموم والأحزان. ولا أنسى يوم ذهب صلاح أبو إسماعيل لحصار المحكمة الدستورية العليا، ليعطي رسالة بأن القضاء تحت سيطرة الهمج، ومنع القضاة الأجلاء من دخول مقر المحكمة».
أقباط حائرون
«عادت الولايات المتحدة الأمريكية للعبة القديمة نفسها التي مللنا منها وباتت مكشوفة للكل كما تقر بذلك جيلان الجمل في «الأهرام» وهي الضغط على مصر بكافة الوسائل، إذا حادت عن المسار الأمريكي الذي أصبح يراه العالم أجمع معوجا، بخلافها هي وطفلتها المدللة «إسرائيل» طبعا إلى جانب دويلات أصحاب مصالح تبصم بالعشرين على كل ما تقوله وتفعله أمريكا بالعالم العربي والإسلامي، خاصة بعد اعترافها السافر والمستفز بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي وصفه المحلل الإسباني لويس خوسيه فرنانديز بأنه كارثه، وستكون له تداعيات خطيرة، وحذر الاتحاد الأوروبي من هذه الخطوة. وبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحرك اليد الخفية وراء الكونغرس الأمريكي لتبني مشروع جديد لدعم أقباط مصر كانت قد تقدمت به منظمة أمريكية مشبوهه للتضامن القبطي، بهدف رفع المعاناه عن الأقباط في مصر، الذين هم أصلا جزء من النسيج المصري الذي لا يمكن فصله في أي حال من الأحوال. وكما عودتنا السياسات الأمريكية التي تكيل بعدة مكاييل وترى بعدساتها الخاصة، أن الإرهاب موجه تحديدا لإخواننا المسيحيين في مصر. أحب أن أطرح سؤالا هنا لماذا لم يتبن الكونغرس الأمريكي «الحنون» قرارا أيضا بشأن حماية المسلمين الذين يذبحون في بلادهم على أيدي ميليشيات داعشية مدربة على أعلى مستوى، للقضاء على أبرياء عزل لا ذنب لهم».
كنز الجنة وبابها
«عبارة قليلة الكلمات، بالغة الأثر، تريح النفس، وتعين على نوائب الحق، ولو عرف كل منا معناها لحلت مشكلاتنا، كما يؤكد عبد الرحمن سعد في «الأهرام» ولزالت همومنا، لذا حبَّب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيها، وأهداها إلى أكثر من تسعة عشر صحابيا، أوصاهم جميعاً بالإكثار منها، إذ اعتبرها مفتاح كل خير، ووصفها بأنها «كنز من كنوز الجنة»، و«بابا» من أبوابها. إنها «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ»، المعروفة بالحوقلة. ورغم أننا نرددها كثيرا إلا أننا قد لا نعرف فضلها، ولا أهميتها، وبالتالي لا نأتي بها سوى في حال الاسترجاع والألم، أو إذا دهمنا، فقط، أمر عظيم، مع أنها تُقال، في جميع الأوقات والأحوال، للإقرار بنعم الله، ونسبة الخير إليه، والتبرؤ من حولنا وقوتنا، إلى حول الله وقدرته».
حسام عبد البصير