الخرطوم-«القدس العربي»: دعا قانونيون وناشطون لإلغاء المادة 126 من القانون الجنائي السوداني والتي يحاكم بموجبها حالياً شاب في تهمة تصل عقوبتها الإعدام.
ويخضع محمد صالح الدسوقي الشهير بـ«البارون» وعمره (23 عاماً)، للمحاكمة بتهم الردة بعد أن تقدم بعريضة أمام محكمة أمدرمان، جنوب البلاد، يوم الاثنين الماضي، مطالبا بإفادة إشهار شرعي بتغيير ديانته في بطاقته الشخصية من مسلم إلى لاديني.
وأثارت هذه القضية جدلا واسعا في أوساط المجتمع السوداني، وأصبحت قضية رأي عام.
ويرى حزب «المؤتمر» السوداني، أن المادة 126 من القانون الجنائي في السودان تخالف دستور 2005 الساري الآن وتهدر الحقوق المعتبرة في المواثيق والأعراف الدولية، وعلى رأسها حرية العقيدة والحق في الاعتقاد».
ودعا الحزب في بيان إلى «إلغاء مادة الردة في القانون الجنائي لتعارضها مع حق الإنسان في الاعتقاد»، طالب بـ»الإفراج الفوري عن المعتقل محمد صالح الدسوقي المتهم بهذه المادة».
وحسب المادة (126) من القانون الجنائي السوداني «يعد مرتكباً جريمة الردة كل مسلم يروج للخروج من ملة الإسلام أو يجاهر بالخروج عنها بقول صريح أو بفعل قاطع الدلالة. ويمهل يرتكب جريمة الردة مدة تقررها المحكمة فإذا أصر على ردته ولم يكن حديث عهد بالإسلام يعاقب بالإعدام. وتسقط عقوبة الردة متى عدل المرتد عن الردة قبل التنفيذ» .
وأصدرت مجموعة من الناشطين بياناً تضامنت فيه مع الدسوقي، وأعربت المجموعة عن قلقها البالغ إزاء ما قد يلحق به من أذى أو ضرر إثر القبض عليه من قبل السلطات السودانية بتاريخ 8آيار/ مايو 2017، وذلك بناء على ملابسات مطالبته الرسمية بحذف الديانة من على سجله المدني.
واشارت إلى قناعتها التامة بأن حرية الفكر والرأي والضمير والمعتقد هي من حريات الإنسان الأساسية التي لا تملك أية سلطة، مهما كانت، مسوغا دستوريا لانتهاكها أو مبررا قانونيا للمساس بها.
وطالبت المجموعة بإلغاء المادة 126 وعدم إخضاع أي فرد أو جماعة لمنطوق نصها الذي يعاقب مخالفيه بالإعدام، مشيرة إلى أن نص المادة 126 يخالف المادة 38 من الدستور الانتقالي لعام 2005، والمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
ودعت السلطات السودانية، لإطلاق سراح الدسوقي فورا، ودون أي تبعات جنائية أو مدنية أو إدارية قد تطال حياته أو حريته أو ماله أو أيا من حقوقه الدستورية الأخرى.
وأثارت تعديلات أقرها مؤتمر الحوار الوطني جدلا واسعا في السودان ومن ضمنها حرية الاعتقاد، لكن البرلمان السوداني رفض هذه التعديلات بعد تدخلات من لجنة كوّنت خصيصا للنظر في هذا الأمر، وكانت مرجعية هذه اللجنة هي مجمع الفقه الإسلامي.
وحسب قانونيين، تعتبر قضية مريم اسحاق التي أبطلت محكمة الاستئناف حكما عليها بالإعدام بعد إدانتها بالردة قبل ثلاثة أعوام، سابقة قضائية في هذا الخصوص، مطالبين بتطبيقها في محكمة الدسوقي.
وشهدت العاصمة السودانية العديد من المحاكمات بالردة، لكنها كانت تنتهي باستتابة المتهمين ورجوعهم عن أفكارهم، مثلما حدث في كانون الأول / ديسمبر 2015 لسبعة وعشرين مواطنا أسسوا مجموعة صغيرة تعترف بالقرآن مصدراً وحيداً للتعاليم الدينية الإسلامية وللتشريع وترفض أي نصوص أخرى.
ودفع محمود محمد طه، مؤسس الحزب الجمهوري السوداني، حياته ثمنا لأفكاره بعد أن أدين بـ»الردة» وتهم أخرى، وحكمت عليه المحكمة في كانون الثاني/يناير 1985 بالإعدام، لكن محكمة أخرى برأته بعد عام كامل من تنفيذ حكم الإعدام وأسقطت عنه التهم.
صلاح الدين مصطفى