السيسي وبوتين: كلاكيت مرة ثالثة!

حجم الخط
18

رغم تركيز المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، السفير علاء يوسف، على الطابع الاقتصادي لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي بدأت أمس إلى روسيا، وهو اللقاء الثالث بين رئيسي البلدين في مدى عام واحد (آب/أغسطس 2014، أيار/مايو 2015، وآب/أغسطس 2015)، فإن قصرها على الاقتصاد لا يمكن أن يفسر وحده هذا الإلحاح على اللقاءات الرئاسية المستمرة بين الرئيسين المصري والروسي فطبيعة الأوضاع التي يمرّ بها العالم العربي، وتحاول روسيا ومصر لعب أدوار رئيسية فيها يجعل من التفسيرات الاقتصادية البحتة أسلوباً للتجهيل والتعمية، فالاقتصاد هو الحلوى التي تغلّف الصفقات السياسية.
ترغب القاهرة في توقيع أول عقد شراكة مع شركة «روس آتوم» لتنفيذ وإدارة المرحلة الأولى من مشروع المفاعل النووي المصري الأول لإنتاج الكهرباء، كما أنها تأمل في استثمارات روسية، وخصوصا في مجال الطاقة، كما أنها تسوّق في موسكو لإقامة منطقة صناعة حرة روسية في منطقة قناة السويس، مقابل تسهيلات استثمارية لرجال الأعمال الروس.
بصفتها الطرف الأقوى في المعادلة، تتعامل روسيا مع المشاريع والطروحات والعروض باعتبارها إمكانيات مفتوحة لفرض إلزامات سياسية، فيما تقوم مصر، وهي الطرف الأضعف، بإظهار محاولات للامتثال، وهو ما يجعل كل المشاريع والصفقات المطروحة محط أخذ ورد ومساومات، فموسكو ترفض مثلا الالتزام بإتمام مشروع المفاعل النووي خلال 3 سنوات، كما أن لها شروطها حول الدعم الفني بعد انتهاء عقد الإدارة والتشغيل، والظاهر، حتى الآن، أن الإغراءات التي يطرحها السيسي على بوتين حول الاستثمارات لم تجد آذانا صاغية لعدم وجود معادل سياسي مكافئ لها.
ينطبق ذلك أيضا على صفقات السلاح، التي روّج المصريون إلى أنها ستكون خياراً بديلاً عن السلاح الأمريكي بشكل يفتح مجال المناورة أكثر للقاهرة في علاقتها التي لا تزال باردة، رغم كل محاولات الإنعاش الاصطناعي، مع واشنطن، التي تحاول ما استطاعت التغاضي عن ممارسات المؤسسة الأمنية ـ العسكرية المصرية ضد الاجتماع العامّ المصريّ من خلال تجريم جماعة «الإخوان المسلمين» ومطاردة القوى السياسية المدنية المعارضة للحكم.
نقطة التوافق الرئيسية بين الطرفين الروسي والمصري هي خط مجابهة جماعة «الإخوان» المصريين بالتحديد، كون هذه السياسة العامة تلتقي مع الخطّ الرسمي الروسي الذي يرى في المجتمعات الإسلامية المحيطة بروسيا، وفي دائرة الشرق الأوسط الواسعة، حواضن تهديد تاريخية لموسكو، وهذا يعود لعشرات السنين، ويسبق الحرب الأفغانية الروسية حتى.
توسيع هذا الاتفاق ليشمل المنطقة العربية والمناطق المشتعلة أمر فيه نظر، فموسكو كما القاهرة، الراغبتان في تطوير هذا الحلف السياسي وتفعيله لا تستطيعان، كل من جهته، تجاهل التغيّرات المستجدة الحاصلة، ويقف على رأسها التدخل العسكري السعودي في اليمن، والتدخلان العسكريان الأمريكي والتركي في العراق وسوريا، والاتفاق النووي الإيراني، وتعاظم خطر «الدولة الإسلامية» في مصر وليبيا.
الطبيعي والمنطقي أن تخضع مصر وروسيا سياستيهما الشرق أوسطية والشمال إفريقية لأولويات الصراع مع الجهادية السلفيّة المسلّحة، وهذا يستلزم خلق جبهة واسعة، ليس مع أمريكا وتركيا والسعودية فقط، كما اقترحت روسيا، بل كذلك مع جماعة «الإخوان المسلمين» نفسها، والتي تقاتل هي أيضاً «الدولة الإسلامية» في ليبيا، وكذلك تفعل أغلب التيارات الإسلامية في سوريا.
الصراع مع الإسلاميين والذي كان يمكن للجيش المصري، بالتأكيد، تلافيه لو أراد، وساهمت أيضاً في ترويجه بعض الجهات الإقليمية التي كانت ترى تحت كل حجر عنصراً مختبئاً من «الإخوان»، أدّى عمليا إلى وضع الحوثيين أيديهم على السلطة في اليمن، وتعاظم قوة «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا وباقي البلدان العربية، وتأجيج الصراعات الأهلية في ليبيا وتونس ومصر. الإشكالية الكبرى في العالم الإسلامي، والذي تشارك روسيا ومصر في تأجيجها، لا تحلّ بصفقات السلاح والاستثمار بل بمراجعة جذرية لحلف الاستشراق الروسي القديم مع نزعات الاستبداد العربية.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم

    1-بعد هذا المقال إرتحت لسبب واحد يتمثل لم أكن على علم بمدى قوة(الاخوان المسلمين) في ميزان المعادلات السياسية وعلى ضوئها تبنى وتتم الاتفاقيات..
    2- مصر ccتريد أن تبرز للعالم من خلال (كوّة)إسمها روسيا وتريد أن ترهن مصر الشرفاء لدى قوة ينخرها الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وما تعيش عليه فقط (المجد التليد) لروسيا العظمى وما دون ذلك كله عبارة عن مجسمات (كارتونية) …
    3-إن بحثنا عن روسيا الاقتصاد لا أثر له في السوق العالمية..إذا بحثنا عن روسيا السياسة في أروقة عواصم العالم فلا أثر لها وهكذا دواليك …وكل ما تملكه روسيا اليوم: القنبلة الذرية التي تخوف بها العالم ثمّ (حق الفيتو) الذي جعل منها البعبع الذي يخوف …
    4-الصراع مع الاسلاميين منذ أن عرف البشر الاسلام فكل متطاول على رجاله وحركاتهم سوف يندحرون ولو بعد حين وخير دليل (روسيا ) وحربها في افغنستان…وهذا الحقد الدفين لها هو ما جعلها تتفق مع زعيم العسكر في مصر للإطاحة بأول زعيم مدني منتخب ديمقراطيا لأنّ الاصل في روسيا لا تعرف للديمقراطية سبيل والدليل تداول الحكم كان يجري بين رئيس ورئيس وزراء ثمّ يتم التغيير وكأن روسيا عقرت ولا رجل كفء فيها وهذا ما تريد ترسيخه لمثل حكام مصر الانقلابيين وممن سار في فلكهم…
    5-الخلاصة: زواج فؤادة من عتريس باطل…ومصر للشرفاء من المصريين الشرفاء..
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  2. يقول دحماني محمد - الـــجزائـــر:

    مصر دولة كبرى و محورية في المنطقة بل على مستوى العالم ، و روسيا دولة عظمى و ما يجمع الدولتين هو التعاون و الإحترام المتبادل . أما عن ما يسمى بتنظيم الدولة فهو منتوج أمريكي و دعم بعض الدول العربية المعروفة الهدف منه هو التقسيم و استنزاف المنطقة في حروب لا طائل منها سيكون المستفيد الأول هو الكيان الصهيوني .

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    للعلم فان بوتين لا يثق بالسيسي لعدة أسباب
    منها الخضوع العسكري المصري لارادة وزارة الدفاع الأمريكية
    وكذلك يريد السيسي أن يستغل زيارته لموسكو للضغط على أمريكا
    وفوق هذا وذاك لا يريد أن يدفع للروس نقدا انما عن طريق مشاريع

    الاخوان المسلمين هي الفزاعة الفاشلة للسيسي
    فاستبدلها بفزاعة داعش لعل وعسى يلقى القبول عند الروس
    وطبعا هناك شرط ارجاع العلاقات الدبلوماسية بين حكومة السيسي والأسد

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    1-بعد هذا المقال إرتحت لسبب واحد يتمثل لم أكن على علم بمدى قوة(الاخوان المسلمين) في ميزان المعادلات السياسية وعلى ضوئها تبنى وتتم الاتفاقيات..
    2- مصر ccتريد أن تبرز للعالم من خلال (كوّة)إسمها روسيا وتريد أن ترهن مصر الشرفاء لدى قوة ينخرها الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وما تعيش عليه فقط (المجد التليد) لروسيا العظمى وما دون ذلك كله عبارة عن مجسمات (كارتونية) …
    3-إن بحثنا عن روسيا الاقتصاد لا أثر له في السوق العالمية..إذا بحثنا عن روسيا السياسة في أروقة عواصم العالم فلا أثر لها وهكذا دواليك …وكل ما تملكه روسيا اليوم: القنبلة الذرية التي تخوف بها العالم ثمّ (حق الفيتو) الذي جعل منها البعبع الذي يخوف …
    4-الصراع مع الاسلاميين منذ أن عرف البشر الاسلام فكل متطاول على رجاله وحركاتهم سوف يندحرون ولو بعد حين وخير دليل (روسيا ) وحربها في افغنستان…وهذا الحقد الدفين لها هو ما جعلها تتفق مع زعيم العسكر في مصر للإطاحة بأول زعيم مدني منتخب ديمقراطيا لأنّ الاصل في روسيا لا تعرف للديمقراطية سبيل والدليل تداول الحكم كان يجري بين رئيس ورئيس وزراء ثمّ يتم التغيير وكأن روسيا عقرت ولا رجل كفء فيها وهذا ما تريد ترسيخه لمثل حكام مصر الانقلابيين وممن سار في فلكهم…
    5-الخلاصة: زواج فؤادة من عتريس باطل…ومصر للشرفاء من المصريين الشرفاء..
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  5. يقول أسامة حميد- المغرب:

    عقدة السيسي المستعصية تسمى جماعة الإخوان المسلمين. فهو يرى “تحت كل حجر عنصراً مختبئاً من «الإخوان»،” حسب تعبير رأي القدس. ولكن الإخوان أحب من أحب وكره من كره هم طرف أصيل وفاعل أساسي ومن المستحيل تجاوزه أو اللعب بدونه في كل المعادلات الإقليمية. والحقيقة الساطعة أن محاربة الإخوان وتصنيفهم كإرهبيين يؤدي إلى نتائج كارثية. فمن جهة يفسح المجال لوكلاء إيران للعربدة كما شاؤوا في الفراغ الحاصل جراء انزواء الإخوان ومن جهة ثانية يمكن أن يدفع شريحة من الإخوان إلى قلب الطاولة والجنوح نحو التطرف جراء المضايقات الظالمة التي يتعرضون لها. ويبدو أن بعض القوى الإقليمية العربية قد فطنت ولو متأخرة لأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه كتلة إسلامية بحجم جماعة الإخوان المسلمين في استقرارالمنطقة. ويعود الفضل في عودة هذا الوعي جزئيا للأزمة اليمنية وما صاحبه من تغول جماعة الحوثي وتمددها في الفراغ واندفاعتها الهوجاء غير محسوبة العواقب قبل أن تفرملها عاصفة الحزم. وهذه هي معضلة السيسي ومن معه الذين لا يتصورون العالم إلا بدون الإخوان المسلمين. ومأساتهم تتلخص في كون الجماعة ذات التاريخ العريق مستعصية على الاستئصال .شكرا لقدسنا العزيزة.

  6. يقول عبد الوهاب إبراهيم Canada:

    السيسى وأقرانه يدورون فى حلقه مفرغه تماما ويحرثون فى البحر، هذه الألاعيب الصبيانيه مفهومه لدى صناع القرار الأمريكى. وسوف تظل أمريكا هى المهيمن على مفاصل الدول العربيه كامله وبدون منازع ولما لا؟ وهى أقوى دوله فى العالم فى كل المحاوروالإتجاهات وبدون منازع وتعلم جيدا حجم بوتين وبطانته، بوتين الذى لم يفق حتى الأن من ضربة البترول من ١٠٠ دولار إلى ٤٠ دولار والتى خططت لها امريكا بمساعدة عملائها العرب المخلصين.

  7. يقول ...moussalim.ali.:

    .
    – ورغم هذا فالإدارة الأمريكية تتحمل صامة ، ومدعمة لنظام يحمي حدود إسرائيل . أمريكا بسبب ضغوط اللوبي الصهيوني تبتلع الأفاعي كما يقال بالفرنسي ، avaler des couleuvres .
    .
    – وهل سينجح السيسي في هذه السياسة ؟ سياسة اللعب على العلاقات المصرية الروسية الأمريكية . وسياسة اللعب على العلاقات المصرية السعودية البشارية الأسدية .

  8. يقول ابو عكاس الاْردن:

    هذا الرجل لا يدري مايفعل ، تخبط في السياسات الداخلية والخارجية .

  9. يقول أبو أشرف- ماليزيا:

    الاستشراق الروسي والدعم السوفياتي السابق أفضل مليون مرة من االرأسمالية المتأسلمة الفاشية تحت إمرة أمريكا وحلفائها. الامبريالية الغربية ساندت ودعمت الإخوان لخلق الفوضى الهدامة والفتنة في العالم العربي، وقد نجحت في دول سوريا وليبيا والعراق واليمن .. لكن مصر أكبر وأعظم من مخططاتها الرخصية.
    لوللا تدخل الجيش المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والألطاف الإلهية، لكانت مصر مقسمة ومدمرة وفي خبر كان.

  10. يقول خالد، أمريكا:

    حفظكما الله يا بوتين ويا سيسي وإنشاء الله بتكون الصوره الجاي أيضاً مع سيد المقاومه السيد حسن نصر الله و!!

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية