القاهرة ـ «القدس العربي»: زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القاهرة عدة ساعات فارتفعت وتيرة الغضب بين قوى المعارضة، في ما استدعت الأغلبية المذابح المروعة التي ارتكبتها وحدات الجيش الروسي في المدن والقرى السورية، على مدار الفترة الماضية.
وعلى الرغم من أنه وقع عقد إنشاء محطة الضبعة النووية التي تراهن عليها الحكومة في إحداث نقلة حضارية للمصريين، إلا أن البعض يتخوف من أن تكون «نقلة للعالم الآخر»، ومن بين الذين أصابهم الرعب إثر توقيع المعاهدة الكاتب إبراهيم عبد المجيد الذي لخص مخاوفه: «الحمد لله دمار في الاقتصاد. دمار في السياحة. دمار في التعليم. دمار في الصحة. دمار في النظافة. يبقي الأحسن نوقع عقد المفاعل النووي علشان ندمر البلد كلها ونخلص». فيما اختزل أنور الهواري توجسه من المستقبل القريب قائلا: «السيسي منح الروس موضع قدم خطير سوف تدفع الأجيال المقبلة الكثير حتى تتحرر من آثاره وتبعاته وقيوده». وعبر عن أسفه لأن مصر تدخل عصر الطاقة النووية والعالم المتحضر يخرج منها للدخول في عصر الطاقة البديلة النظيفة.
الحدث اللافت الذي تابعته السفارة الأمريكية باهتمام بالغ تمثل في حضور بوتين وتوقيعه اتفاقية الضبعة، وقرب عودة السياح الروس لمصر. أما التصريح الأكثر اختزالاً للحالة الراهنة فكان من نصيب الغاضب على مدار الساعة الدكتور حازم حسني: «أن يذهب بنا الغباء إلى انتخابات رئاسية مجروحة في هذا المناخ العبثي، فيحصل السيسي على تمديد يجعل منه رئيساً فاقداً تماماً للشرعية، وهو ما يجعله قابلاً للابتزاز الدولي، ولتقديم تنازلات تنسف أمن مصر القومي من قواعده… ناهينا عن تجفيف حياة مصر والمصريين!».
العار البحريني
البداية مع عماد الدين حسين في «الشروق» الذي يعترف بأن: «أسوأ وأحمق قرار هذا الأسبوع، كان سفر وفد من مملكة البحرين إلى إسرائيل يوم السبت الماضي. ويفترض أن يتم تدريس توقيت سفر هذا الوفد باعتباره الأسوأ على الإطلاق دبلوماسيا، حيث جاء بعد ثلاثة أيام من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده للقدس العربية المحتلة. العالم أجمع انقلب رأسا على عقب، وانتقد قرار ترامب، والمظاهرات والاحتجاجات عمت معظم أنحاء العالم، بما فيها أمريكا. وبينما كان جنود الاحتلال يقتلون ويصيبون الفلسطينيين المحتجين على القرار، كان الوفد البحريني يلتقى مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية! الوفد ضم 24 شخصا أعضاء في ما يسمى جمعية «هذه هي البحرين»، وزار الأماكن الدينية للمسلمين والمسيحيين واليهود، استنادا إلى ما سماه: «مبدأ التسامح والتعايش الذي يعد نهجا لمملكة البحرين، وسمة من سمات المجتمع فيها»! القناة الثانية الإسرائيلية فضحت الزيارة ونشرت صورا لأعضاء الوفد وهم يبتسمون، وكأنهم في زيارة لجمعية أطفال خيرية، وليست لكيان يواصل قتل شعب عربي شقيق وتدمير فلسطين واستباحة الأقصى! وحسنا فعل بعض أهالي القدس العربية بمنع الوفد من دخول المسجد الأقصى، وكذلك رفض أهالي غزة دخولهم، وتوعدوا باستقبالهم بـ«البيض الفاسد». على المستوى الشخصي أنا ضد التطبيع مع هذا العدو، حتى يعيد الحقوق العربية المغتصبة منذ 5 يونيو/حزيران 1967، وعكس ذلك يعد مكافأة تزيده تصلبا وتشددا. وقد جرب بعضنا فكرة المكافأة عبر التطبيع، منذ زيارة السادات للقدس في نوفمبر/تشرين الثاني 1977، ولم تثمر شيئا. البعض يعذر الحكومات أحيانا في إقامة العلاقات مع العدو، لكن لماذا تتطوع بعض الجمعيات والمؤسسات المدنية والشعبية لتقديم هذه الهدايا المجانية للعدو؟».
ليست مدينة أطفال
من بين الذين رثوا المدينة المقدسة السعيد الخميسي في «الشعب»: «القدس ليست مدينة ملاهي أو لعب أطفال حتى يتلاعب بها الصغار والكبار. القدس ليست ملكا للغرب أو الشرق حتى يبيعوها بثمن بخس في صفقة غير شريفة. القدس ليست أرض «وضع يد» حتى يطمع فيها الطامعون. القدس ليست يتيمة لا أب لها ولا أم. القدس ليست عقارا يباع ويشترى في سوق النخاسة والعبيد. القدس ليست عرجاء ولا كسيحة ولا عمياء، وإن أصابها السوء والضراء. القدس ليست تركة موروثة لا وارث لها ولا صاحب. القدس ليست أرض فضاء جرداء يقضي فيها التائهون حاجاتهم ويرمون فيها قاذوراتهم. القدس ليست قصة بلا عنوان، بل القدس تاريخ ممتلئ بالأحزان والأشجان. القدس وراءها ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. القدس وراءها خير أمة أخرجت للناس. القدس وراءها أحفاد صلاح الدين قائد موقعة حطين. القدس حاملة القضية وعنوان الهوية، لأنها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذي تشد إليه الرحال معهما ولا تشد لغيرها فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى». هل بعد تلك القدسية العظيمة وبعد تلك المكانة الفريدة يأتي «أبرهة العصر» الرئيس الأمريكي العنصري اليميني الليكودي وبجرة قلم ينتزع تلك المهابة ويشوه تلك المكانة، ويعلن القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وكأنها فندق سياحي تابع لعقاراته وأمواله، وكأن القدس ملك له ولأسرته حتى يتصرف فيها بهذا الطيش السياسي وهذه الحماقة العقلية».
مذعورون من ترامب
تتساءل سحر جعارة في «الوطن»:»هل يكفي أن ترتدي الغترة الفلسطينية وتتظاهر غضباً في الميادين العربية، في بلدان يملك حكامها قطع العلاقات مع أمريكا، أو منع البترول عنها.. حكام يمولون الاقتصاد الأمريكي بالمليارات لكنهم يرتدون «الغترة» أو «الطرحة» مثل الولايا وسيوفهم الذهبية معلقة على الحائط.. منتظرين أن ينتحر الجيش المصري لتحرير فلسطين.. وهو آخر جيش عربي قادر على الصمود والمواجهة؟ هل يستريح ضميرك وأنت تسمع بيان جامعة الدول العربية يدعو إلى اتخاذ «موقف حازم وصارم تجاه التجاوز الخطير بحق القدس» بعدما أعلن ترامب عن نقل سفارته إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة «أبدية» لإسرائيل، رغم أنك موقن أن العرب أضعف من مواجهة اللوبي الصهيوني ـ الأمريكي، الذي يرفع الكارت الأحمر «الفيتو» في وجه العرب، بعدما حوّل الأمم المتحدة إلى «منتجع سياحي» وحوّل «مجلس الأمن» إلى خدعة يؤمن بها الواهمون؟ أنا لا أختصر فلسطين في جماعة همجية حولت «المقاومة المسلحة»، وهي حق مشروع، إلى «تنظيم إرهابي».. فلسطين ليست عصابة مأجورة تسمى «حماس» أو «كتائب القسام».. إنها ذاكرتنا الوطنية وجرحنا المفتوح مهما كابرنا، فلو كان وجه فلسطين تبدّل فنحن أيضاً تحولنا إلى مسخ، ويعلم ترامب جيداً أننا جميعاً «فصائل متناحرة»! نحن ـ في ملعب السياسة ـ أفضل من يدخل الكرة في شبكته.. أنظر إلى سوريا تجد موقف مصر عكس موقف السعودية! أنظر إلى اليمن ستجد حرباً «سنية ـ شيعية». أنظر إلى العراق وليبيا «داعش» تقود البلاد نحو الهلاك باسم الإسلام! لا تتوقع من «مسخ» أن يقود حركة تحرر وطني، فالنضال يحتاج إلى «أبطال» وليس أشباه رجال، ونحن أشباح في واقع عنيد جعل القدس عاصمة إدارية لإسرائيل منذ زمن طويل. إغضب.. أصرخ.. تظاهر.. إحلم بالصلاة في «المسجد الأقصى».. فالآن هذا أقصى ما تملكه!».
يدرك أننا ضعفاء
«لماذا فعلها الرئيس ترامب بهذه الطريقة؟ الإجابة تبدو سهلة، بحسب عبد المنعم سعيد في «المصري اليوم»، ولا توجد ندرة في الأسباب التي يمكن تصورها لهذه الخطوة، فهناك سبب إرضاء اللوبي اليهودي الصهيوني والقيادة الإسرائيلية التي كانت تلح على ذلك دوماً. وهناك أيضاً الحالة الداخلية المزرية لترامب بسبب اقتراب «فضيحة روسيا»، وتدخل موسكو في الانتخابات الأمريكية لصالحه، من جدران البيت الأبيض وترامب شخصياً. وثالثاً هناك ندرة في إنجازات ترامب الداخلية، ولكن يبدو أن نجاح مشروع قانونه الخاص بالضرائب والإصلاح الضريبي قد جعل خطوة «ناجحة» أخرى في السياسة الخارجية وتجاه إسرائيل يمكنها أن تستعيد بعضاً من شعبيته المفقودة. وهناك رابعاً، وربما كان ذلك ما سوف يقال للعرب، إن القرار الأمريكي لا يغير من الأمر شيئاً، فالقدس عملياً موقع السلطات الإسرائيلية، حيث البرلمان ومجلس الوزراء والوزارات المختلفة والمحكمة العليا، وهي التي يذهب لها كل رؤساء الدول الذين يزورون إسرائيل. وفي ما يتعلق بعملية السلام فإن ترامب قال في قراره إن هذا الموقف من الولايات المتحدة لا يخل بموقفها من حدود القدس، والحدود الفلسطينية الإسرائيلية، وإنه سوف يتم تحديدها عن طريق التفاوض، ومن ثم فإنه لا جديد في جوهر الموقف الأمريكي. وفوق ذلك كله فإن ربط نقل السفارة بالمبنى الجديد، يضيف انتظاراً لاحقاً إلى الانتظار السابق. وهناك خامساً الموقف الأمريكي من العاصمة إلى نقل السفارة ما هو إلا الخطوة الأولى على طريق «صفقة القرن»، فترامب فضلاً عن أنه لم يُغير كثيراً من جوهر الأمور، فإنه قدم للحكومة الإسرائيلية «العسل» الذي عليها بعد ذلك أن تبادله بتنازلات في الجوهر الذي هو قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل».
قبيح لدرجة لا تحتمل
«الصهيونية المسيحية، هي المدخل الوحيد الذي يعتبره محمد عصمت في «الشروق» يقدم لنا فهما معقولا ومنطقيا لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، وهو القرار الذي ألحق خسائر سياسية فادحة بالولايات المتحدة، وأساء كثيرا ليس فقط لمصداقية واشنطن كوسيط في عملية السلام في الشرق الأوسط، ولكن لكل حلفائها العرب في المنطقة، كما أثار عاصفة انتقادات دولية شملت غالبية دول الاتحاد الأوروبي الحلفاء التقليديين لأمريكا، في الوقت نفسه الذي أعطى قبلة الحياة لـ«داعش» وأخواته من التنظيمات الإرهابية، التي كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة في المناطق التي شهدت نشأتها في سوريا والعراق. اليهود يلعبون دورا مهما في تشكيل مفاهيم الصهيونية المسيحية التي يؤمن بها ترامب إيمانا راسخا، فطبقا لهذه المفاهيم التي تتبناها على نطاق واسع كنائس بروتستانتية في أمريكا، فإن عودة اليهود إلى فلسطين باعتبارها «أرض الميعاد» تتفق مع نبوءات الكتاب المقدس، التي تمهد للنزول الثاني للمسيح للأرض لإقامة ملكه عليها لمدة ألف عام سعيدة تعقب حروبا عالمية تنطلق من الشرق الأوسط، وإن من واجب أتباع هذه الكنائس مساعدة اليهود بكل السبل والوسائل، لمساعدة الله على تحقيق مشيئته! مثل هذه الأفكار التي تعارضها كل الكنائس الأخرى، التي تخلط ما بين النبوءات الدينية والخرافات وأساطير العصور الوسطى، يتبناها عن اقتناع تام الرئيس ترامب، لتشكل مرجعيته وأفكاره وأدواته لحل أزمات منطقتنا المنكوبة، في ما يسمى بـ«صفقة القرن»، التي زادت سمعتها سوءا بين الشعوب العربية بقرار ترامب الكارثي حول القدس. العلاقات المشبوهة بين هذه الصفقة الغامضة واعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، تؤكد أن هناك ضغوطا شديدة سوف تمارسها أمريكا على الحكومات العربية، من أجل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وقبولها بخطط تبادل الأراضي لإقامة دولة يهودية صافية العرق في أرض فلسطين «أرض الميعاد» وطرد كل الفلسطينيين منها».
مطلوب على وجه السرعة
«جلد الذات ليس مطلوباً الآن، لكن المنطق يقول إن ما حدث مؤخراً والمتعلق باعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والموافقة على نقل سفارة بلاده من تل أبيب للقدس، له أسباب متعددة، والكثير منها، بحسب يوسف أيوب في «اليوم السابع»، متعلق بنا نحن كعرب، فبسبب ضعفنا وتركيزنا على توافه الأمور، وتصعيد خلافاتنا الداخلية على حساب القضايا المركزية، منحنا الآخرين الفرصة للانقضاض علينا، واستغلال الفرص التي حانت لهم لتنفيذ ما خططوا له لسنوات طويلة، فالوقت الآن في صالح إسرائيل وأمريكا أكثر مما مضى. العرب عملوا خلال السنوات الماضية على تقديم الهدية تلو الأخرى لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، بدأت من الداخل الفلسطيني حينما أصر الأشقاء هناك على مواصلة مسرحية الانقسام، وسيطرت حركة فتح على الضفة الغربية، وحماس على قطاع غزة، وبدلاً من أن يقاتلا المحتل، تفرغا لقتال بعضهما بعضا، ومعركة التخوين التي طالت الجميع بدون استثناء، ولم يستوعب الفلسطينيون دروس الماضي، ولم يستمعوا لنداءات العقل والمنطق التي كانت تقول لهم إن استمرار الانقسام والتشرذم داخل الساحة الفلسطينية، وعدم إتمام المصالحة سينتهي إلى ضياع القضية الفلسطينية بشكل عام، وإن الحل في وحدة الصف الفلسطيني، لأن المقاومة ضد إسرائيل تحتاج أولا لوحدة الصف الفلسطيني وإتمام عملية المصالحة، لكن للأسف لم يستمع الفلسطينيون لصوت المنطق، وذهبوا إلى صوت المال والتحريض في الدوحة وطهران وأنقرة، الذين تفننوا في إفشال حوارات المصالحة التي تجريها القاهرة بين الفلسطينيين. ويؤكد ايوب على أن المال السياسي الحرام ساهم في تعميق الانقسام الفلسطيني، الذي لم يقتصر على ما بين الفصيلين فقط، لكنه وصلت إلى داخل كل حركة».
براءة متأخرة
«المتابع للموقف الرسمي وللإعلام الموالي للنظام عبر الفضائيات، وفي الصحف والمواقع الإخبارية، يكتشف كما تشير «الشعب» أن النظام يستغل قضية «القدس»، لشن هجوم جديد على مناهضي ومعارضي النظام، بل إنهم يقومون بتخوين كل من يطالب بتحريك الجيوش العربية للدفاع عن فلسطين، ولأول مرة لم يقوموا بدعوة الجيش للتدخل في فلسطين ومقاومة المحتل الصهيوني ككل مرة، إلا أن النظام ومؤيديه بادروا بتوجيه الانتقادات إلى أي مطالبات في هذا الإطار، بحسب مراقبين. وتعليقا على هذا التوجه، قال الصحافي تامر أبو عرب: «أنا لم أقرأ أي منشور يطلب من الجيش المصري أن يذهب لتحرير القدس، لكني رأيت مئات المنشورات التي تشتم من يطلب من الجيش أن يحرر القدس». مضيفا أن «الدولة المصرية يمكنها أن تأخذ عشرات المواقف السياسية والدبلوماسية بعيدا عن تدخل الجيش في الأزمة». من جهته وصف الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع، الإعلام المصري بأنه إعلام تابع بشكل كامل لتوجهات النظام.
مضيفا أنه لم يعد أحد يثق فيه، ولا ينتظر منه أي خير؛ بسبب ما فعلوه من أكاذيب وبيع الوهم للناس خلال السنوات الأربع الماضية. وأضاف ربيع، أن «إعلام السيسي» ظل لعدة سنوات يهاجم «حماس»، ويتهمها بالمسؤولية عن العمليات الإرهابية التي تحدث في مصر، وعندما عقد النظام مصالحة مع الحركة، تحولت بشكل مفاجئ إلى حركة مقاومة وطنية تسعى إلى تحرير الأرض المحتلة. وأكد أن ما يقوم به الإعلام المصري في عهد السيسي هو امتداد لما كان يحدث أيام عبد الناصر، عندما كان يلقي بالمسؤولية على خصومه السياسيين في قضايا ليس لهم علاقة بها من الأساس، وهذا ما نشاهده الآن حينما يتم اتهام قطر وتركيا والإخوان بخيانة القضية الفلسطينية».
كي لا يحدث الأسوأ
«خطورة ما أقدم عليه ترامب أنه يقوم بتفعيل للقرار الذي أصدره الكونغرس عام 1995 بهذا الشأن وخطورته، كما شدد طه خليفة في «التحرير»، أنه اعتراف أمريكي نهائي من المؤسسة التنفيذية بعد التشريعية بأن القدس المحتلة شرقية وغربية هي قدس واحدة، وأنها تخضع للسيادة الإسرائيلية الكاملة، وأنها عاصمة أبدية لإسرائيل، هذا مضمون قانون الكونغرس، وهو ترجمة كاملة وحرفية لقرارات إسرائيلية، وبالتالي لا تكون حتى القدس الشرقية التي رضي الفلسطينون والعرب بها هي العاصمة المستقبلية لدولتهم، ويصيرون داخل مدينتهم التاريخية مجرد أقلية قومية ودينية يُعاملون بشكل أدنى كثيراً من مواطني إسرائيل، وتخضع المقدسات الإسلامية والمسيحية للسيطرة الإسرائيلية، ويتحول الأقصى إلى مجرد مسجد للصلاة، وتدريجياً ومع الحفريات والتهويد يصبح كأن لم يكن بالانهيار أو بالحرق مجدداً على غرار ما جرى عام 1969، أو بالهدم المباشر، فمن يفرط من العرب مرة ويسكت يسهل عليه التفريط مرات، ويلوذ بالصمت أيضاً، ولا يكون له اعتبار ولا هيبة ولا قيمة عند من يفرض سلطته على أرضه ومقدساته، والعرب الرسميون لهم تاريخ مخجل في هذا المجال. الخطورة الأخرى للقرار أنه في مقبل الأيام، لو حدث فتور فلسطيني عربي إسلامي عن مواجهته لإسقاطه، أو جعل ترامب يندم عليه أو يجمده فقد ينفرط خيط عواصم الرفض وتبدأ في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتنقل سفارتها من تل أبيب إليها تباعاً، وتكون الكارثة اكتملت، ومنذ يومين استفاد الرئيس التشيكي الداعم لإسرائيل من هذه الأجواء وخرج يعنف الاتحاد الأوروبي على رفضه القرار الأمريكي ويصف دول الاتحاد بأنهم جبناء يخضعون للإرهاب الفلسطيني».
المقاطعة
سلاح مقاطعة السلع الامريكية أحد الأدوات التي يرى فيها الكثير من المهتمين وسيلة مؤثرة في الضغط على الإدارة الأمريكية.. عمرو جاد أحد الذين اهتموا بالقضية في «اليوم السابع»: «عندما تدعو الناس لمقاطعة المنتجات الأمريكية، لا تشاور لهم فقط على الفياغرا والمشروبات الغازية والوجبات السريعة، وتتجاهل أن حياتهم اليومية أسيرة لغزو أمريكي في أدق التفاصيل، لا أقول أن سلاح المقاطعة بلا فاعلية، أتحدث فقط عن منطقية المقاطعة ومنهجها ونوايا من يدعون إليها، أنا أكتب لك هذا المقال من «الآي فون» وأنت تقرأه على الفيسبوك أو عبر غوغل، جميعها منتجات أمريكية، فهل تستطيع مقاطعتها هكذا فجأة، أم تجتهد حتى تكون لديك البدائل المناسبة؟ وإذا توافرت الإرادة يمكن للمقاطعة الاقتصادية هنا في عواصم العرب أن تحدث بسرعة، لكنها قد لا تترك أثرًا عند صانع القرار هناك في واشنطن، لأنه يعلم جيدًا مدى تغلغل النموذج الأمريكي في كل مناحي الحياة الثقافية والفنية وأنماط العيش، يمكن فقط أن نتحرر من هذا الأسر إذا كان لدينا بدائل وطنية قوية، وليست مجرد منشطات جنسية رخيصة».
جيش محمد لن يعود الآن
فتحي محمود في «الأهرام» ممن يؤمنون بأن: «صراعنا مع إسرائيل ليس خلافاً على متري أرض أو حول صياغة بند في معاهدة، بل صراع وجود وليس صراع حدود، وقد يمتد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. لكنني في الوقت نفسه ـ مؤمن بأننا لن نتغلب على الصهاينة بالمظاهرات فقط أو بحرق علمهم الملعون، أو حتى بمعركة عسكرية، إنما سنتغلب عليهم عندما نكون أقوى منهم.. علميا واقتصاديا وعسكريا وسياسيا واجتماعيا ورياضيا وعقائديا أيضا. وعندما نهتف «خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود». لابد أن نعلم أن جيش محمد كان يحارب بسيوف صنعها المسلمون بأنفسهم وبدروع لم يحصلوا عليها كمعونة من الفرس أو الروم، وكان يقتحم معاقل اعدائه بخيول عربية أصيلة. لذلك لن يعود جيش محمد إلا عندما تصبح أمة محمد قادرة على أن تزرع غذاءها، وتصنع سلاحها، وتملك جميع مقدراتها بأيديها. جيش محمد سيعود عندما تصبح جامعاتنا على رأس أفضل مئة جامعة في العالم، وعندما يصبح في مراكزنا البحثية مليون أحمد زويل، وعندما نجد سعر صرف الجنيه المصري أعلى من سعر الدولار، ونرى عبارة «صنع في مصر» محفورة على ملايين الأجهزة والمعدات المنتشرة في كل بقاع الأرض. جيش محمد سيعود عندما تختفي تأشيرات الدخول بين جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج، ويصبح للعرب جميعا إرادة سياسية واحدة، ونمتلك حق الفيتو في كل المحافل الدولية. ليس هذا حلما من أحلام اليقظة، بل هو هدف كبير نستطيع كل في موقعه المساهمة في تحقيقه، إذا كنا ـ بحق ـ من أمة محمد».
ليس فاقداً للأهلية
توقف عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» طويلاً أمام تسجيل تلفزيوني، ربما لأحد المواقع الإخبارية، أجراه أحد الشباب مع أطفال فلسطينيين تقل أعمارهم عن عشر سنوات، كان السؤال عن أسماء بعض العواصم العربية، ومن بينها عاصمة إسرائيل، وجدتُ أن كل الأطفال بلا استثناء يستنكرون السؤال، في إجماع على أن إسرائيل دولة محتلة لا عاصمة لها، حتى أن المذيع كان يعاود السؤال: أليست القدس عاصمة إسرائيل؟ فيجيب كل طفل على حدة: لا طبعاً، القدس عاصمة فلسطين وإسرائيل تحتلها مثل بقية الأراضي، بعضهم كان يضيف: وسوف تتحرر القدس والأراضي المحتلة بالكامل لتعود إلى فلسطين. اكتشفت أن هذا البرنامج، أو هذه اللقاءات مع الأطفال، هي أبسط رد على من يتخيلون أنه يمكنهم أن يفرضوا على الشعب الفلسطيني إملاءات من أي نوع، تتضمن التنازل عن قضيتهم، أو حتى بعض منها، ذلك أن الشعب الفلسطيني ليس فاقد الأهلية، وليس في حاجة إلى وصاية، بل على العكس، ربما هو الآن أكثر شعوب العالم خبرة في الشأن السياسي وفي شأن التفاوض، لأسباب كثيرة، أهمها أنهم أصحاب القضية الأبرز والأهم إقليمياً وربما دولياً، هم أصحاب الدولة الوحيدة في العالم التي ما زالت محتلة».
روسيا استدرجتنا للفناء
«زيارة الرئيس الروسي القصيرة إلى القاهرة كانت من أجل موضوع واحد محدد، وهو توقيع عقود مفاعل الضبعة النووي، بعدما استبطأه الجانب الروسي ويخشى أن تفلت منه، وهي صفقة ضخمة للغاية، كما يؤكد جمال سلطان في «المصريون»، بالنسبة للجانب الروسي، تصل إلى خمسة وعشرين مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبا 70٪ من الاحتياطي النقدي المصري بالعملة الصعبة، وهي مجازفة خطيرة من الناحية الاقتصادية، ناهيك عن أن جهات رسمية مسؤولة أبدت تحفظاتها على هذا الموضوع، سواء من الناحية التقنية أو البيئية أو الأمنية أو المالية، وأن مصر حقوقها مهدرة في تلك الاتفاقية، حسب النص الذي اقترحه الجانب الروسي. جهات حكومية وأمنية ـ فضلًا عن قسم التشريع في مجلس الدولة ـ أبدت تحفظات عديدة على العقود الفنية، غير أن رئاسة الجمهورية أبدت حماسًا شديدًا لإطلاق المشروع، بصرف النظر عن تلك الملاحظات. لكن تلك الجهات اشتركت في تحفظاتها على «لغة العقود الفضفاضة لدرجة كبيرة جدًا، بصورة تعني أن مصر في الواقع تقبل بمسؤوليات ربما تكون مبهمة، وربما تكون لها عواقب بالغة الصعوبة من الناحيتين الأمنية والمالية. إن العقد ليست فيه لغة صريحة تتعلق بكيفية التعامل مع النفايات النووية، أو الجانب المسؤول عن هذا الأمر أو تكاليف معالجتها والتخلص منها. حق اللجوء للتحكيم، حيث أن اللغة المصاغ بها العقد لا توضح بدقة الحالات التي يحق لمصر فيها اللجوء للتحكيم الدولي في حال ما رأى الجانب المصري إخلالاً روسيًا بما تراه القاهرة من مقررات العقد، بينما يمنح الجانب الروسي مساحة واسعة في ما يتعلق بهذا الحق. غير أن الأدهى، بحسب سلطان أنه لا إشارة لأي مسؤولية على الجانب الروسي حال حدوث أي شرخ في جسد المفاعل أو حدوث تسريب نووي».
العقل نعمة
«هل يعقل أن تستثمر دولة متعثرة اقتصاديا بعضا من أموالها في بلد آخر؟ هل من المقبول أن تستثمر دولة بعض ما تقترضه في بلد أغنى وأقوى؟ الاسئلة يطرحها علاء عريبي في «الوفد»، المتفق عليه أن مصر من الدول المتعثرة اقتصاديا، وتمر بأزمة اقتصادية شديدة التعقيد، وتعاني من نقص السيولة والعملة الأجنبية، واقتصادها يحتاج إلى مليارات الدولارات، لكي يتحسن ويقف على قدميه، والمتعارف عليه أن الحكومة المصرية بسبب هذه الأزمات تقدمت للحصول على قروض من الحكومات والمؤسسات الدولية، كما أنها طرحت كمية من السندات وأذون الخزانة في السوق العالمي بنسبة فائدة مرتفعة جدا، قيل إنها وصلت 8٪ والمنتظر أن تصدر وزارة المالية سندات بقيمة 1.5 مليار يورو، وسندات بقيمة 8 مليارات دولار. وقد توقع البنك الدولي منذ فترة أن تصل ديون مصر في نهاية العام الجارى نحو 104 مليارات دولار، وأكد بعض المحللين الاقتصاديين أن ديون مصر سوف تصل منتصف العام المقبل نحو 140 مليار دولار، وقيل إنها ستتجاوز بكثير هذه الأرقام. ووفقا للإحصائيات البنكية، فقد ارتفع إجمالي الدين العام المحلي ليصل 3.079 تريليون جنيه نهاية مارس/آذار الماضي، منه 86.2٪ مستحق على الحكومة، و5.9٪ على الهيئات العامة الاقتصادية، و7.9٪ على بنك الاستثمار القومي. وقد بلغ رصيد الدين المحلي المستحق على الحكومة نحو 2.654 تريليون جنيه في نهاية مارس الماضي، بزيادة قدرها 368.7 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو/تموز 2016 حتى مارس/آذار 2017. وقيل إن فوائد الديون قدرت بحوالي 380 مليارا و986 مليون جنيه، بزيادة 88 مليارا و466 مليون جنيه عن العام المالي 2016/2017. إذا كان الوضع المالي لمصر كما بينا، هل يمكن للحكومة أن تستثمر بعض المليارات في بلد آخر؟».
من سيفوز؟
«إنها المرة الأولى كما يقر عماد الدين أديب في «الوطن» منذ وقت طويل التي نرى فيها تنافساً روسياً ـ أمريكياً حاداً للاستيلاء على القرار المصري. إنها المرة الأولى التي يصبح فيها داخل نظام التسليح المصري طائرات مقاتلة أمريكية جديدة، في الوقت ذاته الذي توجد فيه نظيراتها من الطائرات الروسية، وبجانبها يطير سرب من المقاتلات القاذفة الفرنسية. الآن في جيش مصر مقاتلات أمريكية، وروسية، وفرنسية، وغواصات ألمانية، وروسية. منذ أسبوع بالضبط زار مصر وزير الدفاع الأمريكي، وتبعه بأيام وزير الدفاع الروسي، وقبله بأسابيع كان اللقاء مع وزير الدفاع الفرنسي، أثناء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى باريس. الروس يعلّقون الضبعة والسياح الروس والمنطقة الصناعية الكبرى في قناة السويس، على مستقبل العلاقة الاستراتيجية مع مصر. الأمريكان، رغم حسن العلاقة بين الرئيس ترامب والرئيس السيسي، يعلقون الدعم العسكري، والمساعدات الاقتصادية على موقف مصر من السلام مع إسرائيل، وعلى حقيقة العلاقات بين القاهرة وموسكو، وعلى حجم الحريات الدينية ومدى إمكانية المصالحة مع جماعة الإخوان. الكل يريد مصر بشروطه ومصالحه، و«مصر السيسي» تريد العلاقات مع الجميع، بدون أن تلعب لعبة منفردة مع طرف بعينه. مصلحة مصر أن نتعامل مع الاثنين، ومصلحة واشنطن وموسكو أن تختطف القرار المصري لصالح أحدهما منفرداً. باختصار، يضغط الأمريكي والروسي على القاهرة حتى يختار الرئيس اختيار رهان متفرد ونهائي».
شفيق يا سيسي
على الرغم من فاجعة القدس إلا أن الضجة بشأن الفريق أحمد شفيق ما زالت تثير جدلاً، وبدوره يؤكد محمد أبو الغار في «المصري اليوم» أن: «شفيق لن يشكل خطراً على النظام المصري، بل هو كان وسوف يصبح جزءاً منه، فلماذا كل هذه القصص البوليسية عن طائرة خاصة وعربات سوداء في المطار واختفاء وتصريحات وهمية؟ نحن في خطر شديد اقتصادي ومائي وسياسي وإنساني وإرهابي، وأصبحنا ريشة في مهب الريح. السيسى سوف ينجح باكتساح وبسهولة، وخوفهم الوحيد هو مقاطعة صناديق الاقتراع، فلا تشغلوا أنفسكم بقضايا لا قيمة لها. ما أعلنه ترامب عن القدس حقيقة واقعة يتقبلها الضعفاء، إسرائيل دولة شديدة العنصرية والإرهاب ضد أصحاب الأرض، ولكنها شديدة الديمقراطية مع مواطنيها، ورئيسها الأسبق الآن في السجن لفساده، والآلاف في مظاهرات ضد الرئيس الحالي، واستطاعت أن تضع لنفسها مكاناً مرموقاً في العالم بتقدمها العلمي والاقتصادي والديمقراطي. موضوع القدس محسوم منذ قرار الكونغرس في 1995، وحكام العرب يريدون الكرسي ولا تهمهم الأرض ولن يعارضوا رئيس أمريكا حفاظاً على أنفسهم. علينا أن نشغل أنفسنا بالمخاطر التي تحيط بنا، وسيناء التي على وشك أن تنسلخ من مصر، كما انسلخت تيران وصنافير. علينا أن نجد حلاً لمشكلة النيل، وعلينا أن نوقف الانفجار السكاني، وعلينا أن نجد حلاً في التعليم المصري، ومشكلتنا الاقتصادية. ما حدث فرصة لعدم المشاركة في مشروع الشرق الأوسط الكبير. الديمقراطية الحقيقية في مصر أصبحت حلماً مستحيلاً في هذه الظروف».
حسام عبد البصير
مهما فعل مغتصب السلطه عميل الصهاينه سيجئ يومه لآ محاله .