القاهرة ـ «القدس العربي»: ملفات عديدة كانت على طاولة الرئيسيين السوداني عمر البشير، والمصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارة الأخير إلى الخرطوم التي استمرت ليومين وانتهت، أمس الجمعة، على رأسها ملف سد النهضة الإثيوبي، وأمن البحر الأحمر، والعلاقات الاقتصادية، والتراشق الإعلامي بين البلدين.
السيسي حمّل الإعلام المصري مسؤولية الأزمات التي شهدتها العلاقات بين بلاده والسودان خلال السنوات الماضية.
ووجه رسالة للإعلاميين في مصر، خلال لقائه مع قادة الرأي والفكر في المجتمع السوداني في الخرطوم، قائلاً: «من فضلكم أدعموا الخير والسلام والاستقرار وكونوا دائماً منبراً لتحسين العلاقات».
وأوضح أن كثيراً من المقالات التي يقرأها في الصحف المصرية لا يكون راضياً عنها، لأنها تحمل إساءات للأشقاء»، مضيفاً: «لا تسيئوا لأحد ولا تكونوا جزءًا من القدح والإساءة».
وناشد، الإعلاميين بـ«طلب ورجاء أن يسعوا لمزيد من العلاقات القوية بين البلدين».
وأكد أن «مصر يدها ممدودة دائما للأشقاء السودانيين وتستطيع الدولتان فعل الكثير».
وتابع: «من الطبيعي وجود خلافات، لكن وضعها أمامنا كعائق دائما لن تجعلنا نتحرك خطوة للأمام».
وأضاف: «يمكن تجاوز أي أزمة أو مشكلة بوعي المثقفين، ويجب أن تكون الأعين على الهدف الأسمى وهو استمرار العلاقة الاستراتيجية بين البلدين».
دعم المعارضة
وعن الاتهامات المتبادلة بين الدولتين، بدعم المعارضة، حيث اتهمت الخرطوم القاهرة بدعم المتمردين، واتهمت الأخيرة الخرطوم بدعم جماعة «الإخوان المسلمين»، قال: «الشعب السوداني لن يرى من مصر إلا كل ما هو طيب وسيحاسبنا الله على كل عمل، ومصر يدها ممدودة للأشقاء في السودان».
وأضاف: «إننا في مصر لدينا مبادئ ثابتة بعدم التدخل في شؤون الآخرين أو التآمر على البلاد»، مشيرا إلى أن تجربة السنوات الماضية والظروف التي مرت بها مصر «تؤكد أن الصراع بين الدول لا يتم بشكل مباشر، ولكن من خلال تفكيك الدول من الداخل».
وبين أن مصر «ترفض هذه الإجراءات، ولن تستخدمها لتحقيق أي مصلحة من مصالحها».
وكانت العلاقات المصرية السودانية شهدت في الفترة الأخيرة انفراجة عقب اجتماعات بين مسؤولي البلدين لحل الخلافات المتعلقة بسد النهضة من جهة، وأيضا الخلافات المتعلقة بالجماعات المعارضة المتمردة.
وفي أحدث إجراء لنزع فتيل التوتر، كانت القاهرة منعت في مطلع الشهر الحالي الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني، من دخول مصر.
وطالبت السلطات حينها المهدي بمغادرة المطار بعد أن بقي فيه عدة ساعات وتوجه إلى بلد آخر.
وأبدى السيسي حرصه «على أن تكون السودان هي أول زيارة خارجية له عقب الانتخابات الرئاسية لتأكيد متانة العلاقات بين البلدين».
واستغل الرئيس المصري زيارته إلى السودان لتبرير سياساته الاقتصادية، التي تعتمد على القروض، وأدت إلى موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أن «الدولة المصرية بدأت مسار إصلاح اقتصادي في منتهى القسوة، ولكن تحمل الشعب المصري كان سبب نجاح هذا الإصلاح».
وزعم أن «الشعب المصري تفهم أهمية إنجاح الإصلاح الاقتصادي لتجاوز عقبات سنوات طويلة ماضية»، مشيرا إلى أن «الدولة كانت مهددة بالدخول في حالة من الإفلاس منذ 3 سنوات».
وأضاف : «لا بد أن يتحرك الكثير من الدول في هذا المسار، ولن تستطيع أي دولة تحقيق الإصلاح الاقتصادي دون شعبها وتحمله هذا الإصلاح».
شراكة
وشدد على أن «زيارته للخرطوم جاءت لتؤكد على العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية بين الدولتين»، مضيفا أن «مصر أطلقت عددا كبيرا من المشروعات القومية، سواء في مجالات الطاقة أو الغاز، وضاعفت قدرتها من إنتاج الطاقة والغاز، مما جعلها تفكر في مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، الذي قطع مراحل كبيرة».
وحسب السيسي «تم البدء بالدراسات لتنفيذ مشروع الربط الحديدي بين البلدين»، مشيرا إلى «تشابه ظروف الدولتين، من حيث التحديات أو المشاكل».
وأعتبر أن «الدولتين لديهما الفرصة إذا صدقت النوايا، لتحقيق الكثير للشعبين»، مبيناً أن مصر «منفتحة على تطوير العلاقات مع السودان إلى المستوى الذي يستحقه».
وتابع: «مصر يدها ممدودة دائما للأشقاء السودانيين وتستطيع الدولتان فعل الكثير، من الطبيعي وجود خلافات، ووضعها أمامنا كعائق دائما لن يجعلنا نتحرك خطوة للأمام».
وأشار إلى أن «مصر تستورد لحوما بـ30 مليار دولار من دولة على بعد آلاف الكيلومترات لديها فقط 5 ملايين مواطن»، في الوقت الذي يعد فيه السودان من الدول الغنية باللحوم، في إشارة إلى اعتماد مصر مستقبلا على استيراد اللحوم من السودان لتحقيق المنفعة.
وأعلن الاتفاق مع البشير على» تشكيل لجنة مشتركة تتحرك في ملفات محددة، تتناول كافة المسائل، وتضع خارطة طريق واضحة بأهداف محددة»، كما ستكون هناك لجنة عليا مشتركة في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
عبد المحمود عبد الحليم، سفير السودان لدى مصر، قال في تصريحات صحافية إن الزيارة تأتي في إطار التواصل المستمر بين قيادتي البلدين، وردًا لزيارة البشير إلى القاهرة، قبيل الانتخابات الرئاسية.
وأضاف أن «القمة المشتركة، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، والجهود المتواصلة، لتعزيزها وتعميقها فى جميع المجالات».
وتسعى القاهرة منذ سنوات إلى حل أزمة سد النهضة الذي تشيده إثيوبيا على نهر النيل من خلال مباحثات مع الخرطوم وأديس أبابا.
وتعتمد مصر تماما على مياه النيل للشرب والري وتقول إن «لها حقوقا تاريخية» في النهر بموجب اتفاقيتي 1929 و1959 التي تعطيها 87 ٪ من مياه النيل وحق الموافقة على مشاريع الري في دول المنبع.
وتخشى القاهرة تأثير السد الذي بدأت أعماله في 2012 بكلفة أربعة مليارات دولار، على منسوب النهر الذي تعتمد عليه بنسبة 90 في المئة لتأمين حاجاتها من المياه.
وكان السيسي اتفق مع رئيس وزراء اثيوبيا أبيي أحمد في يونيو/حزيران على تبني «رؤية مشتركة» بين الدولتين حول سد النهضة تسمح لكل منهما بالتنمية «دون المساس بحقوق الطرف الآخر».
ويهدف سد النهضة الكبير إلى توفير ستة آلاف ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، أي ما يوازي ست منشآت تعمل بالطاقة النووية.
وتناولت الزيارة مناقشة أمن البحر الأحمر الذي يعد أحد الملفات الشائكة بين البلدين، خاصة بعد تفجر أزمة تسليم السودان إلى تركيا لجزيرة سويدان الواقعة على البحر الأحمر.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن من السودان قبل فترة، أن البشير قد وافق على تسليم تركيا إدارة جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر، لفترة زمنية لم يحددها.
ويعتبر ميناء سواكن الأقدم في السودان ويستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية، وهو الميناء الثاني للسودان بعد بور سودان الذي يبعد 60 كلم إلى الشمال منه.
وسبق للدولة العثمانية استخدام جزيرة سواكن مركزا لبحريتها في البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 و1885.
شكرا للرئيس السيسي الذي كان دقيقا في تشخيصه بأن الإعلام المصري هو عامل هدم في الامن القومي العربي و هو سبب رئيس لمشاكل مصر على كل الأصعدة . فقد أدمن هذا الإعلام على الكذب و الدجل و طمس الحقيقة.