القاهرة ـ «القدس العربي» امتلأت الصحف الصادرة يومي السبت والأحد بالكثير من الموضوعات والأخبار المهمة، على رأسها إعلان صديقنا العزيز اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية القبض على خلية نائمة تتبع «داعش» في محافظة دمياط، كانت في انتظار التعليمات للقيام بعمليات إرهابية ضد الجيش والشرطة، وكان أعضاؤها قد سافروا قبل الإطاحة بالإخوان إلى تركيا ومنها إلى سوريا وتلقوا تدريبات عسكرية هناك وعادوا إلى دمياط انتظارا للتعليمات، كما أعلن القبض على عدد آخر من خلايا الإخوان شاركت في أعمال عنف ضد الشرطة.
وواصل الإخوان يوم الجمعة تحديهم للنظام فقاموا ببعض المظاهرات وأحرقوا نقطة مرور وسيارات للشرطة ولشركة فالكون للأمن في بعض المحافظات، ليضعوا النظام في اختبار أمام الشعب لإثبات جديته في تطبيق القانون عليهم بإحالتهم إلى محاكمات عسكرية، لأن الغالبية الشعبية تراقب أيضا مدى قدرة النظام على تطبيق القانون، ولن تتسامح معه إذا استمرت هذه المظاهرات وما يصاحبها من أعمال عنف، من دون وضع نهاية لها وللأعمال الإرهابية في سيناء، حيث واصلت قوات النخبة والجيش عملياتها بتنسيق ملحوظ مع طائرات الهليكوبتر في مهاجمة أماكن يوجد فيها إرهابيون، وتطبيق صارم لتعليمات قتلهم فورا وتدمير منازلهم إذا رفضوا الاستسلام، بعكس القرار السابق بأفضلية القبض عليهم للحصول منهم على المعلومات، كما انفجرت عبوات ناسفة في مدرعة وجرح ستة من جنود الجيش.
وقد أخبرني زميلنا الفنان الموهوب حلمي التوني يوم السبت في جريدة «التحرير» أنه ذهب لمراقبة الأوضاع بنفسه فشاهد عجبا مصر أمه وأمي فوق دبابة تسير مسرعة على أنغام أغنية أم كلثوم مصر تتحدث عن نفسها، وهي قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم. كما استمرت عملية إخلاء الثمانمئة واثنين منزل في رفح المحاذية للحدود مع غزة بعمق خمسمئة متر.
ومن بين الأخبار المهمة جدا سفر وفد إلى سويسرا يضم المستشارين وزير العدل محفوظ صابر، والنائب العام هشام بركات، ويوسف عثمان رئيس جهاز الكسب غير المشروع، وعادل فهمي مساعد وزير العدل للتعاون الدولي للمشاركة في أعمال المنتدى الدولي الثالث لاسترداد الأموال المهربة، التي وصفها يوسف شعبان بأنها أموال مصر التي هربها مبارك وأبناه وبعض أركان نظامه، والتي بلغت ألفا وخمسمئة مليون دولار، تشمل مبلغ الأربعمئة وعشرة ملايين فرنك سويسري، التي اعترفت السلطات السويسرية بها وتحفظت عليها، وهو ما يعني أن هناك قضايا جديدة سيتم تحريكها ضد مبارك وابنيه وبعض رجال نظامه.
كما تشهد مصر من مدة نشاطا ملحوظا للرئيس، سواء في إجراء المقابلات الصحافية مع صحف خليجية ووكالة الأنباء الكويتية، بعد مقابلته رئيس تحرير جريدة «عكاظ» السعودية، كما كثرت مقابلاته مع الوفود الأوروبية والأفريقية ومنها مجموعة تحالف الاتحاد الأوربي ووزيرة دفاع إيطاليا، حيث أكد لهم أن قانون تنظيم التظاهر مأخوذ بالنص من قوانينهم.
كما احتفل مريدو الشيخ إبراهيم الدسوقي بمولده وكان مريدو السيد البدوي قد احتفلوا بمولده في طنطا بمحافظة الغربية لإغاظة السلفيين، وأصدرت محكمة جنح قسم قصر النيل بالقاهرة حكما بالسجن ثلاث سنوات على ثمانية بتهمة ممارسة، والعياذ بالله، الشذوذ الجنسي وزواج الرجل من صديقة الرجل. كما حكمت محكمة جنح الهرم بالسجن ستة أشهر على ياسر علي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أيام محمد مرسي ثم رئيس مركز المعلومات بمجلس الوزراء الأسبق أيام الإخوان الذي قبض عليه على الحدود مع الفريق الطبي للنادي الأهلي.
وإلى بعض مما عندنا…
توفر المعلومات مهمة لمواجهة الإرهاب
ونبدأ تقريرنا اليوم بالقضية التي تشغل الجميع وهي الإرهاب وكيفية مواجهته. صحيح أن الدولة بدأت بتطبيق أساليب مثل الصرامة الأشد في المواجهة العسكرية والأمنية في سيناء، وفي إحالة العشرات من الطلاب بالجامعات إلى لجان التأديب أولا والفصل النهائي لمن يثبت عليه استخدام العنف، ثم تسلميه إلى النيابة العامة التي تحقق معه وإحالته إلى المحاكمة، بالإضافة إلى استمرار نقل عناصر الإخوان من أي مواقع قيادية لهم في الوزارات إلى أماكن لا يؤثرون فيها، أو يحصلون على معلومات منها، وكذلك جمع أكبر كمية من المعلومات عنهم وعن العناصر الإرهابية الأخرى.
وقد نشرت «الجمهورية» يوم الخميس حديثا مع محافظ الفيوم اللواء شافعي حسن أبو عامر، أجراه معه زميلنا وصديقنا رياض سيف النصر. والمعروف أن الفيوم يعتبرها الإخوان من معاقلهم، كما حصل فيها الرئيس السابق محمد مرسي على نسبة عالية جدا من الأصوات في انتخابات الرئاسة عام 2012 المهم أن المحافظ قال لرياض: «لم يكن هناك تقييم صحيح لنشاط الجماعة أو الخريطة التي توضح حجم عضويتهم ومدى نجاحهم في استقطاب المتعاطفين معهم، ووجودهم داخل مؤسسات الدولة وفي الجمعيات والهيئات الخيرية، وبين أعضاء مجلس الشعب السابق، وبذلك يصعب عمل الأمن وسط غياب تلك المعلومات المهمة، وهذا ما بدأت به عملي عندما انطلقت إلى الفيوم، وكان لتوفر تلك المعلومات نتائج إيجابية في مواجهتنا مع الإرهاب، خاصة أن المعلومات الدقيقة أكدت أن عدد أعضاء التنظيم في الفيوم لا يتجاوز الأربعة آلاف فرد. وكان هناك اعتقاد أن أعدادهم تتجاوز هذا الرقم مرات عديدة وعندما توفرت تلك المعلومات كانت المواجهة أقل صعوبة.
الإخوان وحدهم الذين يتحركون الآن، سواء في المظاهرات أو غيرها من الأعمال الإجرامية، وقد انحسرت دائرة المتعاطفين معهم، إما لأن الأموال التي كانت تأتي من الخارج قد انحسرت، أو لإدراكهم أن مشاركتهم ستعرضهم للمحاكمة، ما دفع هؤلاء الذين يشتركون في مظاهرات الجماعة، من غير المنتمين إلى التنظيم، يتوقفون عن المشاركة وواجهوا هذا الانحسار بسياسة الأرض المحروقة، وذلك بأن يضعوا قنابل بدائية الصنع عند إحدى المؤسسات الحكومية، أو تدمير أبراج الكهرباء وتخريب محطات المياه، بهدف إزعاج المواطنين ودفعهم إلى الثورة، وهو ما لم يتحقق…».
بالحرية والعدالة واحترام
حقوق الإنسان ننتصر على الإرهاب
وفي يوم الخميس نفسه حدد زميلنا في «الشروق» أشرف البربري وسائل إضافية لمواجهة الإرهاب وهي: «جريمة الوطنية الزائدة لدى كتيبة السياسيين والإعلاميين الموالين بشدة للرئيس عبد الفتاح السيسي تهدد بآثار جانبية بالغة الوطأة على البلاد، فهذه الجرعة الزائدة دفعت بعض أعضاء جوقة الإعلاميين والسياسيين «السيساوية» إلى المطالبة الصريحة بوقف أي حديث عن حقوق الإنسان واحترام الدستور والقانون، لأن «الدولة المصرية في خطر» وأنه لا صوت يعلو على صوت المعركة ضد الإرهاب، حتى لو كان صوتا حليفا لنا في المعركة، لكنه مختلف في الأسلوب.
ولما كانت الجرعة الزائدة من أي دواء لا يمكن أن تؤدي إلا إلى وفاة المريض، وليس شفاءه، فإن الجرعة الوطنية التي تتجاوز حدود الاعتدال يمكن أن تؤدي إلى استفحال المرض أو تطوره إلى مرض أخطر، فتتحول التنظيمات الإرهابية المعزولة والمروضة وطنيا إلى جماعات ذات ظهير شعبي نسبي.
من كان يريد لمصر الانتصار في حربها ضد الإرهاب عليه أن يدافع عن الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وليس العكس».
الفراغ السياسي فرصة لنجاح
التيار الإسلامي بالعودة إلى البرلمان
وفي «أهرام» اليوم ذاته جلس زميلنا محمد أبو الفضل إلى مكتبه وارتدى البالطو الأبيض وكتب روشتة علاج أخرى غير روشتة أشرف استعارها من تونس هي: «كانت روشتة العلاج الأساسية التي قدمها التونسيون لمصر تتكون من دواء يسمى «التنظيم الحزبي والذهاب إلى صناديق الانتخابات والإدلاء بالأصوات»، لأن التشتت والفراغ السياسي أحد العناصر الرئيسية التي مكنت النهضة والإخوان من تصدر المشهد في الانتخابات التشريعية السابقة التي جرت في كل البلدان.
إذا كان حزب النهضة قد حصد نسبة أقل، وهو يمتلك الكثير من الأدوات السياسية والتشريعية والتنفيذية، فما بالنا بمصر والإخوان والتيار الإسلامي برمته خارج سلطة أبعدوا عنها بموجب ثورة شعبية هائلة، بل خرج منها مطرودا ومعزولا، تلاحقه اتهامات بالعمالة والإرهاب وخيانة الوطن وغالبية كبيرة من المواطنين غاضبة منه.
فهل يمكن لهذا التيار أن يكون مخيفا للمصريين وتصبح له أقدام تزلزل داخل البرلمان المقبل؟ الإجابة المنطقية لا، لكن ما تقوم به معظم القوى الحزبية من تصرفات غير رشيدة تسمح بأن تتحول «لا المنطقية» إلى «نعم الخيالية»، ففي ظل الإخفاق في تشكيل تحالف سياسي واحد قوي أو الالتفاف حول أجندة توافقية معينة، من الممكن أن تكون هناك فرصة للتيار الإسلامي للعودة بكثافة للبرلمان».
ترسيخ ثقافة الحوار وسيلة فاعلة للتغيير
ويوم الجمعة تقدم طبيب آخر من حزب النور السلفي هو صاحبنا عماد المهدي بروشتة ثالثة في جريدة «الفتح» من أدويتها: «إن محاربة الفكر التكفيري والإرهابي لا يمكن أن يكون بالآليات الأمنية فحسب. صحيح أنها مطلوبة في إطار الدستور والقانون كي تمثل ردعا، سواء كان خاصا أم عاما، إلا أنه من الصحيح أيضا أن موجبات المواجهة تتطلب وجود معالجات سريعة لعدد من الملفات القومية، على رأسها ملف المحاكمات ضد رموز الأنظمة السابقة، التي فسدت وأهملت ومارست الإرهاب في حق الدولة والمجتمع، ومنها أيضا الملف الاقتصادي المتمثل في معالجة الأوضاع الاقتصادية التي ترهلت كثيرا خلال الأعوام القليلة الماضية، مع سرعة العمل على استعادة الاقتصاد الوطني لقوته وقدرته على الانطلاق والجذب. وتظل في النهاية قدرة الدولة وأجهزتها على ترسيخ «ثقافة الحوار» كوسيلة فاعلة للتغيير، لأن الفكر لا يحارب إلا بالفكر والحجة لا تدحضها إلا حجة أخرى والليل لا يذهبه إلا دليل أقوى منه».
الحرب على الإرهاب حتى يحمل عصاه على كتفه ويرحل
ونظل مع قضية الإرهاب وكيفية مواجهته، حيث حذر زميلنا وصديقنا في «الأهرام» نقيب الصحافيين الأسبق مكرم محمد أحمد في عموده اليومي ـ نقطة نور ـ من قبول دعوات المصالحة مع من يمارسون العنف بقوله يوم السبت: «نعم لوحدة الصف ونعم لضرورة الحفاظ على جبهة قوية متماسكة تجعل من الجيش والشعب قبضة واحدة، ونعم لتوافق وطني يلم شمل الجميع ويضع فى مقدمة الاولويات المصرية الحرب على الإرهاب إلى أن يحمل عصاه على كتفه أو يقاتل حتى الموت.
ووحدة الصف التي ينشدها المصريون لا تعني السماح لطابور المنافقين بنفث سمومه تحت دعاوى التصالح يأسا من تحقيق النصر، لأن التصالح مع الإرهاب دون هزيمته يعني الرضوخ لقوى التخلف والظلام ويعني القبول بحكم مستبد يقطع رقاب مخالفيه، نرى مثاله الواضح الآن في «داعش»، ويعني المزيد من الدماء تسفكها يد الإرهاب كي تخرس أصوات الجميع، ويعني التخلي عن مرجعية الإسلام وقيمه الصحيحة لصالح فكر ظلامي يقتات على الدماء وحروب الطوائف والاقتتال الاهلي.
ولا تعني وحدة الصف أن تسكت أصوات الإصلاح بدعوى أنه لا صوت يعلو على صوت المعركة ضد الإرهاب، لأن إصلاح المسيرة وسد ثقوب الفساد وكشف التسيب والإهمال، وتطبيق حكم القانون على الجميع واحترام حقوق الإنسان المصري في مراكز الشرطة ومواقع الإدارة تشكل روابط مهمة تحفظ وحدة الأمة وتزيد من صلابتها وتساعدها على دحر الإرهاب».
مقدم برامج دينية يعيد صورة الإسلام السمحة المعتدلة
لا تزال المعارك متواصلة في قضية الإعلام التلفزيوني والصحافة القومية والخاصة، وما تذيعه وتنشره ويكون محل خلافات تتجاوز الآراء والمواقف إلى من يسيطر عليها، سواء من رجال أعمال يملكون القنوات الفضائية والصحف الخاصة أو الصحف القومية، واتهام النظام مباشرة أو بالإشارة بأنه خطط لتمكين الناصريين أساسا من السيطرة عليها، وكذلك الصمت عن الذين يناقضونه من أنصار نظام مبارك، أو الذين يريدون أن تكون لهم أماكن بجوار الرئاسة يستغلونها لتحقيق أهداف خاصة.
ودخل الظرفاء إلى حلبة هذه المعركة يوم الثلاثاء ومنهم زميلنا في مجلة «صباح الخير» محمد الرفاعي وقوله في بابه ـ قضية فنية ـ عن مقدم البرامج الدينية في قناة «القاهرة والناس» إسلام البحيري، وتعرضه إلى هجمات عنيفة ودائمة بسبب انتقاداته لما في بعض كتب التراث من أحاديث وتفسير الآيات من بعض المشايخ: «إسلام البحيري يظل حالة استثنائية بين إخواننا البعدا مذيعي ومقدمي برامج «التوك شو» وصندوق الدنيا، كفانا وإياكم شر برامجهم وألهمنا الصبر والسلوان، وربنا يسلط عليهم واحد صايع يشد الفيشة على سهوه أو يلعب في البرمجة بتاعتهم. إسلام البحيري لا يتعامل معنا بطريقة إخوانا البعدا على بطنها تنور على رجلها تنور لكنه يقف وخلفه ثقافة مدهشة ووعي بمفردات الواقع الآني الذي يحاول أصحاب العمائم والشماريخ وأتباع الشيخ ونيس بتاع الزراعية هانبوس ونهيص سحبه إلى منطقة شديدة التخلف والجهل. يقف إسلام وحيدا في مواجهة كل تلك الوجوه «الشائهة» التي تفسر الدين طبقا لأمزجتها وجهلها، ومد أيدك يا شيخ معلوف طلع لحمة وتبقى حلوف.. تحية لإسلام البحيري الذي يفند كل التفسيرات البليدة بتاعة أتباع أبو جهل ويعيد صورة الإسلام السمحة المعتدلة، إنه حالة من الدهشة والروعة».
وسائل التواصل الإجتماعي تروج الأكاذيب
وإلى يوم الخميس وزميلنا في «الأخبار» علاء عبد الهادي وهو يسد أذنيه: «العصفور يغرد والغراب ينعق والحمار ينهق، وهناك فحيح الأفعى وهي تتحرك ملساء الجسد لكي تلدغ هنا أو هناك، أو تبث سمومها في أعدائها. عالم التواصل الاجتماعي الذي أصبح عالما للتفاؤل ووصل الأرحام يمتلئ بما هو أسوأ من السم الزعاف لا ينطبق عليه بأي حال وصف تغريدة، فعالم العصافير البريء سوف يشكونا لله تماما كما شكتنا وسوف تشكونا الحمير، التي نصف بها بعض الآدميين، كما شكانا سكان الغابة عندما نحاول أن نصف بعض البشر بأنهم يأكلون بعضهم بعضا مثل عالم الحيوان، دنيا الفيسبوك وتويتر واليوتيوب وغيرها من وسائل التواصل أصبحت وسائل فاعلة لهدم الأوطان وتسويق الشائعات وترويج الأكاذيب وكأنها حقيقة».
دولة مبارك أسقطها القمع والاستبداد والفساد
أما زميلنا وصديقنا أحمد طه النقر ـ ناصري ـ فإنه اشتكى وهاجم أصنافا وأنواعا أخرى في «أخبار اليوم» عدد يوم الأربعاء، قال عنها وهو المسؤول عما قال: «بعض من يتحدثون باسم السيسي شخصيات مكروهة ومحتقرة جماهيريا، وتسيء إليه، حتى لو مدحته. وهنا نؤكد ضرورة اختيار الإعلاميين والشخصيات العامة، خاصة الرياضيين والفنانين الذين يلتقي بهم الرئيس، والتأكيد كل مرة على ألا يتحدث أحد باسم الرئيس ما لم يكن مخولا بذلك.
والمزعج أن بعض رجال مبارك في السياسة والإعلام يتعمدون بمكر ودهاء اتخاذ إجراءات استثنائية ضد المعارضة السياسية، وفرض قيود على حرية الصحافة والتعبير بحجة محاربة الإرهاب، وهو الفخ الذي أوقعوا فيه نظام مبارك فكانت نهايته المدوية. ولكي نقطع الطريق على الصيادين في الماء العكر من فلول مبارك نقول لهم بملء الفم إن محاولاتكم لتشويه الثورة الشعبية الأعظم في تاريخ مصر محكوم عليها بالفشل، لأنها محصنة بالإرادة الشعبية وبالدستور ولأنها ستنجح، وأنه حتى الرئيس السيسي لا يمكنه لو أراد وصفها بالمؤامرة، لأنه أقسم على احترام الدستور الذي يحصنها.
فقط عليكم أن تتواروا خجلا وان تدركوا أن مخططكم الخبيث لا يخدم إلا مؤامرات الإخوان وحلفائهم، الذين لا يتوقفون عن ترويج الأكاذيب الفجة بأن ثورة 30 يونيو/حزيران السرطانية ليست سوى انقلاب على 25 يناير/كانون الثاني، وهو ما يعني استئصال الخلايا السرطانية لدولة مبارك الفاسدة التي استغلت مشاركتها في 30 يونيو للعودة إلى المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي.
ولدي اعتقاد يقترب من اليقين بأن هذه الخلايا الحية تحاول محاصرة السيسي وشده إلى الخلف، أي إلى مستنقع دولة مبارك التي لم يسقطها الإرهاب، إنما أسقطها القمع والاستبداد والفساد».
الدولة بسياساتها توفر للإرهاب
كل ما يبقيه حيا عفيا متجددا
ومن «أخبار اليوم» إلى «المصريون» ومقال رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان الذي عنونه بـ«هدية السلطة لداعش وأنصار بيت المقدس» يقول فيه: «روبرت بابر.. محلل شؤون الأمن القومي الأمريكي لدى CNN والعميل السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA) ) كتب يوم 2/11/2014، مقالا لـ»CNN».. نقتطف منه هذا النص.. يقول باير: «قد نشعر بالراحة عندما نصف داعش بأنه تنظيم دموي ووحشي، وأنه سيسقط بشكل تلقائي بسبب تعطشه الفائق للعنف والدماء، ولكن رغم استخدام التنظيم للعمليات الإرهابية على نطاق واسع، إلا أن وصف «الإرهاب» يجب أن لا يحجب عنا فهم الصورة الكاملة، وهي أن داعش تنظيم يعبر بشكل واضح عن طائفة إسلامية مستاءة، هي التيار السني المتشدد، فالسنة يرون أنهم يتعرضون للكثير من الخسائر السياسية، وإذا لم يتحركوا للرد فإن الخسائر ستكون أكثر فادحة»، انتهى باير قال هذا الكلام بشأن «داعش»، التي وجدت حاضنة شعبية من السنة، الذين يشعرون بالظلم بسبب التوحش الشيعي. الفكرة هنا تتعلق بكيفية صناعة الحواضن الشعبية للتطرف والإرهاب.. أو للجماعات الدينية المناهضة للأنظمة السياسية الحاكمة.. وهو كلام تعتبر مصر في طبعتها الحالية، النموذج الأكثر تعبيرا عنه. فعندما تُسند السلطة منصب وزير الثقافة، لأكاديمي، قضى عمره المهني كله في مكافحة التجليات الثقافية والحضارية والسياسية للإسلام في المجتمع المصري.. فإنها تضيف إلى رصيد الجماعات الإسلامية المتطرفة.. وتوفر لها الجهود في إقناع «مصريين» بأنها سلطة معادية للإسلام.. وأن الاصطفاف ضدها وإسقاطها «واجب شرعي». وعندما يتصدر صحافي مقرب من الأجهزة الأمنية، كل ليلة، فضائية مملوكة لرجل أعمال قبطي، ويقول إن التاريخ الإسلامي «كله أكاذيب» و»لا توجد حاجة اسمها شريعة إسلامية!.. فماذا تتوقع من المسلمين المصريين الذين يعتبرون التاريخ الإسلامي، جزءًا أساسيًا في تأسيس وعيهم الديني وهو يتهم الثقافة والحضارة ورؤيتهم للعالم وللحاضر وللمستقبل؟! ناهيك عن «الشريعة» التي تتبوأ منزلة التوقير والتقديس في الضمير الديني المصري. وعندما تُسند الدولة رسميًا مهمة مراجعة مناهج التربية الإسلامية المقررة على تلاميذ المدارس، لشاعر يساري متطرف معاد لأي دور للدين في المجتمع المسلم.. فإن الدولة ـ والحال كذلك ـ تهدي لـ«داعش» ولـ«أنصار بيت المقدس».. أكبر هدية وأسهل دعاية لهما، ولن يشق عليهما حشد المزيد من المؤيدين والمنخرطين والمقاتلين في صفوفهما.. لأن مثل هذا الحمق الرسمي يرسم صورة للسلطة بوصفها «ضد الإسلام».. وطالما باتت كذلك فإن المجتمع المصري الغاضب والمستفز من هذه الخفة وغياب الإحساس بالمسؤولية، سيتحول بالتدرج إلى حواضن شعبية توفر الدعم اللوجستي للجماعات المتطرفة. وتجارب الدول العاقلة، أصلت لقاعدة سياسية تقول: إذا تخلت الدولة عن دورها في الدفاع عن الدين.. فإنها تعطي «شرعية» لغيرها للدفاع عنه.. بما فيها الجماعات الدينية المسلحة. وأين العقل في مصر، حين تواجه الدولة الإرهاب بسياسات توفر للأخير كل ما يبقيه حيًا عفيًا متجددًا.. وتمده بكل ما يجعله «مقنعًا».. ويصنع منه نموذجًا جذابًا للشباب الغاضب والخائف على دينه «المستهدف»؟».
التخويف بسيناريو سقوط الدولة
لتأجيل الانتخابات وتوسيع سلطة الرئيس
أما في «الشروق» فكتب لنا فهمي هويدي عن السيناريو الكابوس قائلا: «عقد رؤساء تحرير الصحف المصرية القومية والخاصة والحزبية اجتماعا استمر ساعتين في الأسبوع الماضي. وفي أعقابه أصدروا بيانا أعلن ما يلي: التوحد خلف ثوابت الدولة الوطنية ــ التأييد الكامل لإعادة بناء الدولة الحديثة بقيادة السيسي ــ الاصطفاف حول المشروع الوطني المصري ــ دعم الدولة ضد الإرهاب ومنع تسلل داعمي الإرهاب إلى الإعلام ــ دعم جميع الإجراءات التي اتخذتها الدولة في مواجهة العناصر الإرهابية ولحماية الأمن القومي للبلاد ــ رفض جميع محاولات التشكيك في مؤسسات الدولة وفي خياراتها الأساسية أو التطاول على الجيش والشرطة والقضاء.
ما سبق كان من نماذج العناوين التي نشرتها الصحف التي عرضت البيان خلال اليومين التاليين للاجتماع المذكور (في 27 و10/28). وفهمنا من الكلام المنشور أن الاجتماع عقد في مقر جريدة «الوفد»، وأنه تعرض لمناقشة أوضاع الصحافة المصرية ودورها في مواجهة الإرهاب. وطبقا لما ذكرته جريدة «الأهرام» في 27/10 فإن المجتمعين قرروا وضع آلية للتنسيق المشترك بين جميع الصحف لتنفيذ النقاط التي تم الاتفاق عليها، كما قرروا عقد اجتماع مشترك «عاجل» في أقرب وقت مع رؤساء القنوات الفضائية لتوسيع دائرة التنسيق المفترض. كذلك قرروا الالتزام بدورية الاجتماعات بين رؤساء التحرير مرة كل أسبوع على الأقل لمتابعة التطورات ودفع التنسيق المشترك.
البيان يبدو معتدلا ومحتشما إذا قورن بحملة الترهيب والتنديد التي انطلقت في بعض المنابر الإعلامية، ونادى بعضها بالكف عن الحديث عن الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان، كما لم يتوقفوا عن الغمز والتنديد وتوجيه أصابع الاتهام إلى المنظمات الحقوقية ودعاة المجتمع المدني. وهو ما استسلم له بعض عناصر النخبة حتى نقل عن عميد حقوق القاهرة السابق وأستاذ القانون الحالي قوله إن «حرية الرأي والتعبير يجب أن تتنحى جانبا لحين وقوف الدولة على قدمين ثابتتين». أما البعض الآخر فذهب إلى أبعد بكثير. فمنهم من نادى باستخدام البطش والعنف بحق المخالفين. ومنهم من وجه خطابه إلى الرئيس السيسي قائلا: أعلن مصر (كلها) ثكنة عسكرية إذا لزم الأمر. وتقطع اليد التي تكتب حرفا ضدك.. ويقطع اللسان الذى يسألك ماذا تفعل؟.. ضع الأخلاق جانبا وكن فاشيا يا سيادة الرئيس. أقتل كل أعداء دولتك التي تحكم بها.. إنهم كفار.. إنهم صهاينة، بل أشد خطرا وحقارة. ولا تنسى أن تعيد «كلاب الداخل» إلى مواسير الصرف التي خرجوا منها. (للعلم: الجزء الأخير من الفقرة السابقة نشرته جريدة «الوطن» في مقالة لأحد مديري التحرير يوم 10/26)….هذه الخلفية تسوغ لي أن أقول بأن ظاهر البيان يتحدث عن دور تقوم به وسائل الإعلام فعلا، التي قامت بالواجب المطلوب منها حتى في عهد الدكتور محمد مرسي. ذلك أنها هي التي لعبت الدور الأكبر في تعبئة الرأي العام للتغيير الذي حدث في 30 يونيو/حزيران. وهو ما يعني أنه لم يكن هناك مبرر لعقد الاجتماع وإصدار البيان والحديث عن عقد اجتماعات دورية منتظمة تذكرنا بأنشطة التنظيم الطليعي في مصر الستينيات. وهناك احتمال آخر هو أن يكون المستهدف شيئا آخر غير المعلن عنه، انطلاقا من فكرة أن الشيطان كثيرا ما يكمن في التفاصيل. وهو ما يدعوني إلى التساؤل عما إذا كان المقصود هو تكميم الأفواه والتضييق من هامش حرية الرأي المتواضع المتاح في بعض وليس كل وسائل الإعلام. وفي هذه الحالة فإن الهدف غير المعلن يتفق مع ما دعت إليه الأصوات النشاز التي أشرت إلى بعضها توا. فضلا عن أنني لا أستبعد أن يكون ذلك رأي بعض أجنحة السلطة التي تنسب إلى من يسمون بـ«الصقور» الذين يطلقون نداءات الحرب ويلحون على خطورة الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر. وهؤلاء لا يملون من تخويفنا من سيناريو سقوط الدولة، لإقناع الرأي العام في نهاية المطاف ليس فقط بأنه لا بديل عن إعلان الطوارئ وإنما أيضا بأن مصلحة الأمن القومي تقتضي تأجيل الانتخابات البرلمانية مع توسيع سلطات رئيس الجمهورية لصد الخطر ومنع السقوط. أرجو أن يكون ذلك السيناريو الكابوسي مجرد سوء ظن تكذبه الأيام المقبلة».
المرأة «الشماعة» التي يعلق عليها الآخرون فشلهم
وننهي جولتنا لهذا اليوم في «الشروق» وأزهى عصور التحرش الذي كتبت لنا عنه داليا شمس قائلة: «سأل الملك وزراءه عن أسباب تخلف البلاد، واحدا تلو الآخر، فكان الجواب حاضرا على لسان المسؤول الكبير: الرجال ينظرون للنساء في الطرقات خلال أوقات العمل، وهذا بالطبع هو السبب. ولما كان العيب كله على النساء، وجب تغطية وجوههن في الطرقات، ثم حبسهن في البيوت حتى الممات. وصدر فرمان بذلك، فكانت المرأة هي الشماعة التي علق عليها الوزير خيبة حكومته وسوء إدارتها. كتبت هذه الحكاية رانيا هلال ورسمها محمود حافظ، ضمن قصص أخرى مصورة في أول عدد من مجلة «الشكمجية» الصادرة عن مؤسسة «نظرة» للدراسات النسوية، وهي أول مجلة كوميكس عربية للكبار تتناول قضايا الشباب من منظور حقوقي. العدد بالكامل خصص للتحرش والعنف الجسدي واللفظي الذي تتعرض له الفتيات والسيدات المصريات، وشارك فيه فنانون من الجنسين بشكل تلقائي وجذاب.
نعم، نحن نعيش أزهى عصور التحرش. لكن الشيء الوحيد الإيجابي حتى الآن فيما يتعلق بهذه الظاهرة المؤسفة هو نشأة حوار مجتمعي حول الموضوع وخروجه بدرجة ما من دائرة المسكوت عنه. والدليل كانت الدعاوى التي رفعتها فتيات تعرضن للتحرش والشهادات التى أدلين بها أمام الإعلام، بل أيضا وجود مجلات وأعمال مماثلة تسخر من التحرش وتفند أسبابه، حتى لو بشكل كوميدي، فالقدرة على التهكم من فعل مشين ومؤلم هي طريقة للتأكيد على أن «تحرشكم» لم يعد يؤذيني بالشكل الذى تتصورون، وأنني لن أسكت، بل أضحك بأعلى صوت لكي أفضحكم وأحولكم لمجرد نكتة سخيفة أو فظة.
فى حكاية أخرى مصورة يتخيل الرسام هشام رحمة والسيناريست محمد إسماعيل أمين أن الدكتورة ريم خلقت فيروسا وهي في المعمل قضى على كل الرجال، ثم انتحرت وتحول المعمل إلى متحف، بعد أن أمسكت المرأة بتلابيب الحكم! فالخيال وسيلة فعالة للهروب والتحرر، وهو ما تقره بطلة «حدوتة مصرية» التي يرويها أيضا محمد إسماعيل أمين ويرسمها مختار زين، قائلة: «أنا من غير الخيال ممكن أنتحر أو أفجر نفسي في ميدان عام»، مع أن المنتحرات من النساء أقل بكثير من الرجال. في كل مرة يبادرها أحدهم بكلام أو فعل لا يعجبها، تتخيل شيئا آخر، وكأن الجميع يعاملونها على أنها أميرة الزمان. وفي نهاية الحدوتة تتخيل أن كل من ضايقها أو تحرش بها صار بملابس السجن خلف القضبان. وهو ما لا يحدث في الواقع إلا فيما ندر. لذا يكون الخيال أحيانا هو الحل، والموسيقى ضرب من ضروب الخيال. ففي حفل تدشين المجلة الذي أقيم الأسبوع الماضي بالمعهد الفرنسي للثقافة، عزفت ياسمين البرماوي على العود مقطوعة ألفتها بعد تعرضها للتحرش الجماعي في ميدان التحرير يوم 30 يونيو/حزيران 2013. كانت قد حركت دعوى هي و7 من الفتيات اللاتي تعرضن للاعتداء، وبعد حوالي عام استدعتها السلطات للتعرف على بعض المشتبه فيهم، وبالطبع كانت المهمة شبه مستحيلة. عزفت ياسمين على العود وأنا أفكر في ردود أفعال من يشهدون أفعال التحرش ضد المرأة بدون تدخل يذكر: هل يتوقعون أن يتدخل آخرون، فيتركون لهم مهمة التصدي وعلى النساء الصمود؟ أم يخافون على أنفسهم من الضرب؟ أم يشعرون بالخجل والحرج؟ أم يشعرون فعليا أنها ليست مشكلتهم على الإطلاق ويلقون باللوم على الفتاة بسبب وجودها في موقع الحادث أو ملبسها؟ ترد عليهم ببساطة إسراء صالح بأغنية كتبتها في إطار مشروع «فسحة الموسيــــقى» وهو أيضا من إنتاج نظرة للدراسات النسوية: « توت توت توت، اكسر ضلع بيطلع عشرة، عمر ما حد يموت م الحسرة، كله كلام بيدوب فـ العشرة (…) ريحة الظلم أهي بالتفاح، شغل مرتك يا بلدينا وانت فبيتكوا تنام مرتاح، وأما هترجع يوم متأخر أوعاك تنسى اقلبها صياح»، فنسبة المرأة المعيلة في مصر تقدر بحوالى ٪35، ومع ذلك لايزال البعض يعتبرها «الشماعة» التي يعلقون عليها فشلهم».
حسنين كروم