القاهرة ـ «القدس العربي» :تركزت أخبار وموضوعات الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 26 أبريل/نيسان على الاحتفالات بعيد تحرير سيناء، عندما استعادت مصر آخر كيلومتر من إسرائيل في طابا، بعد أن كسبت قضية التحكيم الدولي، وقام الرئيس الأسبق حسني مبارك برفع العلم المصري عليها.
والملاحظ عدم إشارة الرئيس السيسي في كلمته إلى الشعب، بدور مبارك في استرجاع سيناء، وهو يعلم صعوبة ذلك لسببين رئيسيين الأول أنه سيفتح على نفسه معركة هائلة، والثاني أن القضاء أدان مبارك في حكم نهائي في قضية القصور الرئاسية، إضافة إلى أن قضية أمواله في الخارج لم يتم حلها حتى الآن.
وقد شهدت القاهرة عدة تجمعات محدودة منها واحدة لأنصار مبارك أمام مستشفى المعادي العسكري وتلويحه لهم من خلف النافذة، وتجمعات أخرى ضد النظام تم تفريقها بسرعة، وثالثة محدودة أيضا لأنصار النظام، وخلت الشوارع من المارة تقريبا وكذلك لوحظ محدودية حركة السيارات لأن يوم الاثنين كان يوم إجازة رسمية.
وأعلن اللواء كامل الوزيري رئيس الهيئة الهندسية للجيش أنه تم، كما كان مقررا، تركيب الحفار العملاق الذي سيحفر النفق من الإسماعيلية إلى شرق سيناء أسفل قناة السويس، بطول أربعة كيلومترات ونصف الكيلومتر، وستبدأ الماكينة العملاقة عملها في شهر يونيو/حزيران. ومن الأخبار الصحافية الأخرى استعداد المحكمة الإدارية في مجلس الدولة للنظر في عدد من الدعاوى المقامة ضد الحكومة، تتهمها فيه بتجاوز الدستور في اتفاقها مع السعودية لإعادة الجزيرتين إليها، واستعداد هيئة قضايا الدولة بتجميع الوثائق الخاصة بعائدية الجزيرتين. وقد أولت الصحف اهتماما بالوثيقة التي نشرتها في «الأهرام» الدكتورة هدى جمال عبد الناصر، تثبت فيها ملكية السعودية للجزيرتين بعد أن كانت قد صرحت أنهما مملوكتان لمصر.
أما الاهتمام الأكبر للأغلبية، رغم أن تيران وصنافير ضمن هذا الاهتمام، فإنها بدأت في التركيز على قضية ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسب عالية بعد تخفيض سعر الجنيه أمام الدولار، والإقبال الشديد على مشروع النصف مليون وحدة سكنية في الإسكان الاجتماعي، الذي تدعمه الدولة. والاستعداد لامتحانات الثانوية العامة ونهاية السنة في الجامعات، وبدء العلاج الجديد لمرضى الفيروس الكبدي على نفقة الدولة واستعدادات القنوات الفضائية لشهر رمضان المبارك واحتفال أشقائنا الأقباط اليوم الأربعاء بعيد القيامة المجيد. وإلى بعض مما عندنا….
تيران وصنافير
ونبدأ بردود الأفعال على قضية جزيرتي تيران وصنافير، التي لا تزال تحتل حيزا واسعا من الاهتمام الشعبي، رغم مزاحمة قضايا أخرى لها بالاهتمام نفسه. وكما قلنا من قبل إنهما ترتبطان في عقل ووجدان الشعب بأنهما جزء من بلادهم، ويأتي التخلي عنهما فجأة من جانب النظام، بعد أن أثبتت الوقائع والوثائق أنهما تابعتان للسعودية، بدون أي تمهيد سابق للأمر، وكأنه قرار مفاجئ برفع سعر سلعة مثلا حتى لا يستغل التجار الأمر، إذا تم الإعلان المسبق عنه، ولم تفلح الحجج التي ساقها النظام لإقناع الناس بالأمر، خاصة بعد إذاعة مقطع من خطبة للزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر عن غلق المضيق أمام السفن الإسرائيلية لأنه والجزيرتين جزء من مصر تمارس سيادتها عليها. وكان لافتا للانتباه أن الغالبية الشعبية التي عارضت الاتفاق كانت تستند فقط إلى ما قاله عبد الناصر، فإذا دخل اثنان في نقاش وأيد أحدهما النظام رد الآخر، «لكن عبد الناصر قال». ويكفي أن أقول إنه خلال ثلاثة عشر يوما قضيتها في أحد مراكز القلب بعد تعرضي لأزمة مفاجئة، وما أن مر اليوم واطمأن الأطباء والممرضون وحتى العاملون حتى بدأوا في اليوم التالي مباشرة في توجيه السؤال: «يا أستاذ الجزيرتين دول بتوعنا ولا بتوع السعودية؟». ورددت على الفور بتوع السعودية فيدخلون في نقاش وأوضح لهم الأمر من الناحية التاريخية فيردون: «بس عبد الناصر قال». بعضهم قالها تلقائيا والبعض ممن عرفوا اتجاهي قالوها لي ونظرات التحدي في أعينهم. وانقلبت غرفة الرعاية المركزة بعد السماح بالزيارات المحدودة من شقيقاتي وأبناء أشقائي وغيرهم إلى غرفة للخلافات حول القضية، رغم أن المروءة كانت تقتضي مراعاة حالة مريض يزورونه بإبداء تعاطف ولو شكلي معه رفعا لروحه المعنوية، وقس على ذلك المعارك في الصحف وبرامج التلفزيون وفي الشوارع والمقاهي وأماكن العمل لدرجة أن كل مؤيدي النظام في هذه الخطوة هاجموا طريقة الإعلان المفاجئة».
«إعلان الرياض»
أما صديقنا الإعلامي السيد الغضبان فإنه في مقاله يوم السبت في «الوفد» حرص من باب إيمانه بالعروبة والوحدة والإشادة بدور السعودية والنظام فطالب بالآتي: «… كنت أرفض بحسم المشاركة في أي تيار من التيارات المتصارعة، معتصماً بإيمان راسخ بمبادئ القومية العربية التي يحرص المؤمنون بها على محاصرة أي أزمات تهدد وحدة الصف العربي، أو تلقي بظلال على علاقات الأخوة التي يجب أن تسود بين كل الشعوب العربية. تجنبت تماماً الانحياز إلى أحد طرفي الخلاف، وحاولت جهدي أن أبحث عن صيغة عملية لمحاصرة هذه الأزمة تمهيداً للتوصل إلى حل يحقق المعادلة اللبنانية الشهيرة، التي ضمنت تعايشاً ناجحاً للشعب اللبناني، هذه الصيغة التي تلخصها العبارة الشهيرة «لا غالب ولا مغلوب». ورأيت أن طوق النجاة من حالة التمزق هذه يتمثل في إعلاء الجميع للمصلحة القومية العربية العليا، ولمقتضيات الأمن القومي العربي. ورأيت أن أطرح فكرة عملية، أراها اجتهادًا قابلاً للتعديل أو لطرح بدائل بشرط أن تصب هذه التعديلات والبدائل في المجري نفسه الذي يمثل المصالح القومية العربية العليا ومقتضيات الأمن القومي العربي.
أولاً: آمل أن يبادر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بدعوة الرئيس السيسي لاجتماع عاجل في الرياض، للبحث بتجرد تام عن صيغة عملية تطفئ نيران هذه الأزمة، قبل أن تتحول إلى «فتنة كبرى» ويصدر عن الاجتماع «إعلان الرياض» الذي يؤكد أن الملك سلمان طلب من الرئيس السيسي أن تؤجل المصادقة على الاتفاقية الخاصة بالجزيرتين لمزيد من الدراسة. ثانياً: يتضمن «إعلان الرياض» تشكيل لجنة عليا تضم خبرات متميزة سعودية ومصرية للبحث عن صيغة عملية تحول هذه الاتفاقية من بؤرة للنزاع بين شعبين شقيقين إلى «منطقة تكامل» وتعاون مثمر يساهم فيها الطرفان المصري والسعودي بجهود مشتركة ومتكافئة، لتتحول هذه الجزر إلى منطقة نموذجية للتكامل العربي الذي يساهم في تقوية وتمتين أواصر الأخوة بين الشعبين المصري والسعودي».
«الشعب لازم يبطل يتحشر في كل حاجة»
ولكن هذا لم يعجب زميلنا في «الشروق» خالد سيد أحمد وقال في يوم السبت أيضا:
« تناثرت في فضاء الكلمة أخيرا، بضع مقالات وآراء وتحليلات، تتحدث جميعا عن إمكانية «الرحيل المبكر» لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتضمنت بشكل أو بآخر، التحذير من مخاطر المجهول الذي ينتظر البلاد حال ذهابه، ولم تترك للمتلقي فرصة التفكير فيما سيحدث لو ذهب السيسي، بل سارعت إلى القول إن الدولة ستقع في يد «الرعاع والغوغائيين»، وهو ترجمة حرفية للاصطلاح الأشهر في مصر منذ ثورة يناير/كانون الثاني، «أنا أو الفوضى». الشباب الغاضب الذي نزل إلى الشوارع والميادين في 15 أبريل/نيسان ويفكر في تكرار التجربة مرة أخرى لن يعود إلى قواعده من دون الحصول على رد قاطع بعدم التفريط في الأرض، وإعلان التراجع عن هذا القرار الكارثي الذي لم تقدم عليه حكومة مصرية على مر التاريخ، كما أنه لن يستجيب لنصيحة أحد الإعلاميين الذي قال: «الشعب لازم يبطل يتحشر في كل حاجة باسم الحرية والديمقراطية والكلام الفارغ ده».
عدم التمهيد لإعلان
نقل ملكية الجزيرتين كان خطأ
وإلى اليوم السابع في يوم عدد يوم السبت والندوة التي عقدتها مع أستاذ الطب النفسي وعضو المجلس الرئاسي والمقرب للرئيس السيسي أحمد عكاشة، وأدارتها زميلتنا الجميلة زينب عبد اللاه ونشرت على صفحة كاملة تناولت مواضيع عديدة قال الدكتور عكاشة عن الجزيرتين: «غضب الشباب المصري الذي صاحب الإعلان عن أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان، أثبت قوة انتماء وولاء الشباب للوطن وأنا «سعدت جدا لأن ذلك يكشف عن قوة عشقهم لتراب الوطن، وقد شعرت بالغضب والضيق عندما سمعت خبر نقل ملكية الجزيرتين للسعودية، واستمر هذا الشعور حتى بحثت وقرأت وتأكدت من أن الجزيرتين ملك السعودية، ولا أنكر أن عدم التمهيد لإعلان هذا الخبر كان خطأ، فكثير من القرارات السياسية تحتاج لتهيئة نفسية للشعب قبل إعلانها بمساعدة الإعلام، وأتفق على أن وقت إعلان الاتفاق خاطئ وكان يجب تأجيله لما بعد انتهاء زيارة الملك سلمان».
نجيب ساويرس:
لن نقبل أن نحتفظ بما ليس لنا
ويوم الأحد قال رجل الأعمال خفيف الظل نجيب ساويرس في مقاله الأسبوعي في «الأخبار»: «الضجة حول قضية الجزيرتين تيران وصنافير، وتعرض الرئيس لحملة غير مسبوقة من الهجوم» قناعتي هي أنه لا يمكن لرجل عسكري وضع حياته على كفه، عندما استجاب إلى شعبه في 30 يونيو/حزيران أن يفرط في ملليمتر واحد من أرض مصر. إحساسي أيضًا أن الرئيس لابد أنه اتخذ هذا القرار بعد أن تأكد من الحقائق التاريخية ومن ملكية هذه الجزر، وأنه لديه من الأسباب المعروفة والمعلنة وأيضا غير المعلنة، أي التي لا يمكن البوح بها والتي تستوجب هذا الإجراء، فلقد وضعنا ثقتنا فيه ولن نأتي الآن لنخونه. قناعتي أيضًا أن علاقتنا مع المملكة السعودية والإمارات علاقة إستراتيجية في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، وبالتالي فتناولنا لهذه القضية يجب أن يكون بحرص واحترام مراعاة لحساسية الموقف، وتقديرا لمواقف المملكة ودعمها الدائم في وقت الشدائد. أخيرا: قناعتي أننا كشعب ودولة لن نقبل أن نحتفظ بما ليس لنا لو ثبت عدم ملكيتنا لأننا دولة وشعب محترم».
لماذا لم تقولوا لنا ذلك من قبل؟
ومن «الأخبار» إلى «المساء» وزميلنا وصديقنا رئيس مجلس إدارة دار التحرير السابق محمد أبو الحديد «ناصري» وقوله: «المشكلة أن الدولة تحشد خبراءها ووثائقها لإثبات سعودية الجزيرتين، حتى تقنع الرأي العام بأن ما وقعته من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية كان صحيحا في إعادته الجزيرتين إلى وطنهما الأم، بينما مشكلة الرأي العام ليست في عدم تصديق الدولة أو انعدام ثقته فيها، وإنما هي مشكلة ناجمة عن مفاجأته بغير ما استقر في عقيدته على مدى ما يزيد على خمسة وستين عاما، ولذلك فإن أي مواطن بسيط ليس لديه سوى سؤال واحد: لماذا لم تقولوا لنا ذلك من قبل؟! ولماذا لم تظهر هذه الوثائق إلا الآن، ولم لم يوثق هذا الوضع في مناهج الجغرافيا والتاريخ في مراحل التعليم المختلفة، وكل الإجابات الرسمية التي تقدم عن هذا السؤال لا تقنع أحدا ولذلك تظل المشكلة قائمة والدولة تعالجها في واد بينما الرأي العام على موقفه في واد آخر».
اعتماد مراسلات عصمت عبد المجيد
ولا نزال في يوم الأحد وجريدة «صوت الأمة» الأسبوعية المستقلة التي يرأس تحريرها زميلنا وصديقنا عبد الحليم قنديل وندوة مع أستاذ التاريخ الدكتور جمال شقرة «ناصري» أعدها للنشر زميلانا مصطفى الجمل وسامي سعيد ومما قاله: «بالنسبة لقضية تيران وصنافير فلم يتم تحديد موقف الدولة المصرية من الجزيرتين بشكل مفاجئ/ حيث سبق وتم عقد نحو إحدى عشرة جلسة مفاوضات بين القاهرة والرياض في الفترة من 2010 و2016، وتم الإطلاع على كافة الوثائق والخرائط ودراستها على يد خبراء ومتخصصين في مجال التاريخ والجغرافيا وأساتذة القانون الدولي والتحكيم والمسؤولين السابقين، وتم الطلاع على مراسلاتهم وسبقت هذه السنوات عملية تجميع الوثائق وإثبات ودراسة تلك الوثائق، والتأكد من صحتها وعرضها على النقد الداخلي والخارجي الذي سبق وتم شرحه، وقد سألت أكثر من مسؤول أثناء جلسات المفاوضات لماذا تم اعتماد مراسلات عصمت عبد المجيد وزير الخارجية المصري الأسبق كوثائق من دون نقدها؟ وجاء الرد أن عبد المجيد كان ضمن فريق استرداد طابا وتمت دراسة ونقد كل الوثائق التي تؤيد رأيه، وأنه على علم بكل تفاصيل القضية، واطلع على الخرائط والوثائق والمراسلات الرسمية، خلال فترة توليه منصب وزير الخارجية وأثناء كونه أحد شخصيات الوفد المصري الذي استرد طابا، وخلال الفترة الماضية تم الاعتراف والتأكد من صحة مئة وستين وثيقة صحيحة، هي التي ساعدت في حسم القضية بأن الجزيرتين سعوديتان، وهذا يعني أن الوثائق المصرية هي التي حددت الموقف وهذه الوثائق تم تسليمها للكاتب الصحافي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة جريدة «الأخبار» ورئيس تحريرها بجانب الباحث ضياء رشوان نقيب الصحافيين السابق، على حسب معلوماتي، وسيتم عمل طاولة مستديرة لعرض المعلومات والوثائق على الرأي العام، وشرح كيفية اتخاذ القرار من الجانب المصري، وخلاصة هذه الوثائق البالغ عددها مائة وستون وثيقة ينتهي إلى أنه في ديسمبر/كانون الأول 1928 كان هناك استفسار من وزارتي الحربية والبحرية المصرية لوزارة الخارجية عن الموقف من الجزيرتين تيران وصنافير، وعن تبعيتهما لأي من الجانبين المصري أو السعودي لإرسال قوة عسكرية من جمعية حرس الحدود ورفع العلم المصري عليهما، وهذه مراسلات داخل الوزارات المصرية وجاء الرد بأنه ليس للجزيرتين أي ذكر في ملفات وزارة الخارجية المصرية».
نظرية المؤامرة
أما مدير تحرير «صوت الأمة» زميلنا عبد الفتاح علي فقال غاضبا ومهاجما السعودية:
« الهدف من التظاهر إبداء الرأي، وإعلان موقف، والتحذير من خطر لا يحتمل الانتظار والتسويف، وهي أمور تحققت في يقين من خرج للتظاهر يوم الجمعة الماضية التي أطلق عليها جمعة «الأرض». فكان رد فعل الدولة كالعادة بطيئا كالسلحفاة، مائعا كالماء، ثم شرشحة كالدهماء تجلت في استخدام بلطجية تابعين لقسم السيدة زينب بالاعتداء على أهالي المعتقلين جراء التظاهر في جمعة الأرض (الذين وصفهم الرئيس نفسه بأنهم غيورون على تراب بلدهم»، فكان جزاءهم وجزاء الصحافة التي تحترم نفسها وتحترم قارئها وتحترم مهنتها أن تتلقى من الشرشحة نصيبا، تحت إشراف ومتابعة وتنسيق من رئيس مباحث قسم السيدة زينب… عقد اتفاقيات بمليارات الدولارات مع السعودية قد يجعل محرك الاقتصاد يتحرك بوتيرة أسرع، ويسحب أفرادا من طوابير البطالة نحو سوق العمل، لكن اقتران المليارات الموعودة باتفاقية ترسيم حدود تصبح بمقتضاها جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة السعودية فهذا أمر يدخل البلاد في دوامة، من جراء الصدمة التي عاشت عليها أجيال وهي مؤمنة بأن الجزيرتين مصريتان، فإذا بالرئيس وحكومته يرتبكون ويصدرون نظرية المؤامرة. وفي اعتقادي أن الأمرين شديدا الخطورة لأن فقدان السيطرة على الجزيرتين يعني أنهما أقرب من أي وقت مضى للعدو الإسرائيلي، ولن نخوض كثيرا في قدرات الجيش السعودي الغارق حتى أذنيه في حرب اليمن، ولا في قدرات البحرية السعودية التي لم تخض حربا واحدة في حياتها سوى الاستيلاء على جزيرتين متنازع عليهما مع البحرين، انتهى الخلاف بالاتفاق على حصول كل منهما على جزيرة واحدة».
«زغردي يا ولية الجزر سعودية»
أما آخر زبون في «صوت الأمة» فسيكون كاتبها الساخر محمد الرفاعي وقوله: «أغرب تبرير لتبعية تيران وصنافير راكبة الحمير وطالعة على السعودية ما كتبه أحد الفواهية تمطع وتنطع وقال بعد الصلاة على الزين، هات المسطرة وحطها على الخريطة في النص بالضبط هاتطلع تيران وصنافير سعودية، وزغردي يا ولية بس ما قلناش نوع المسطرة أيه يعني تنفع مسطرة بلاستيك ولا لازم خشب وهات المسطرة وأقعد لاعبني دي تيران طازة والحال عاجبني».
معالجات النظام الخاطئة للأزمات
ولوحظ منذ مشكلة اختفاء الباحث الإيطالي جوليو ريجيني والأزمة التي حدثت بسببه مع إيطاليا ورواية الشرطة المصرية عن مقتل خاطفيه الأربعة في اشتباك بينهم، ثم ضبط حقيبته مع شقيقة أحدهم وعدم تصديق لا إيطاليا وحدها لهذه الرواية، بل وقطاع كبير من المصريين أيضا، وتعرض بيان الشرطة إلى الانتقادات بسبب عدم معقولية الرواية على أساس أنه كان من الواجب القبض عليهم أو على أحدهم على الأقل حيا لاستجوابه، واتهامها بأنها رواية « بلدي أوي»، لجأت إليها الشرطة في محاولة لإنهاء الحملات التي تتعرض لها بالفشل في التوصل إلى المجرمين، أو لاتهامها بأنها التي عذبته وقتلته، رغم أن هذا الاحتمال مستبعد تماما أن تلجا إليه الشرطة لأنه في الحالات مع الأجانب إذا كانت هناك شكوك حول قيامهم بأنشطة ضارة بالأمن، تطلب منهم مغادرة البلاد لا أن تعذبهم أولا ثم تقتلهم ثانيا، وتلقي بهم على قارعة الطريق. وعلمت أن الشكوك الحقيقة هي الاعتقاد بأن جهاز مخابرات لدولة ما وراء هذه العملية، لتدمير العلاقات بين مصر وإيطاليا، ثم جاءت المعالجة الخاطئة مع بعض منظمات حقوق الإنسان وردود الأفعال الدولية عليها، ما أدى إلى حالة استياء من طريقة إدارة الدولة للأزمات وبأن من هم حول الرئيس من مستشارين هم سبب هذه الورطات. وجاءت مشكلة تيران وصنافير لتفجر التساؤلات أكثر عن مستشاري الرئيس، ومن هم؟ وهل هم مدنيون أم عسكريون؟ وما هي خبراتهم وهذه الأسئلة رددها مؤيدون للرئيس.
محمود الشربيني: سيادة
الرئيس لا تخسر شعبك وشعبيتك
وعن هذه القضية نقرأ لزميلنا في «الوفد» محمود الشربيني الذي أكد على محبته الشديدة للرئيس واستعرض المعالجات السيئة للدولة في عدد من القضايا ثم قال مخاطبا السيسي: «الفضاء الإلكتروني كسب المعركة هذه المرة.. فقد كان تفاعله مذهلاً.. بالرأي والكلمة والسخرية والوثيقة والحجة.. ولو أننا في دولة تحترم الرأي والتنوع الفكري لأخضعت ما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي منذ الإعلان عن التنازل عن الجزيرتين للسعوديين، للتمحيص والدراسة.. فقد كان ذلك استفتاءً علنياً على أداء الدولة بكاملها في أزمة كهذه، الحقيقة أننا أمام أزمة من نوع آخر.. تستفحل كل يوم ومع هذا لا ينتظر أن نجد لها حلًا.. وهي أزمة الرجال حول الرئيس، تتوالى الأزمات العاتية على مصر.. من أزمة الاقتصاد والتمويل والدولار إلى أزمات الإرهاب والأمن والتدمير والتفجير من الطائرة الروسية إلى عمليات القبض العشوائية والاختفاء القسري إلى مقتل الأجنبي جوليو ريجيني.. ومع هذا لا نجد تغييراً يذكر. سيادة الرئيس لا تخسر شعبك وشعبيتك بسبب حفنة جنرالات يقودوننا إلى «ستين داهية» آه.. والله والمصحف الشريف وحياة ولادي زي مبقولك كده».
سليمان جودة:
نريد رأي مبارك
والمشكلة نفسها تحدث عنها زميلنا وصديقنا سليمان جودة في عموده اليومي في «المصري اليوم» قائلا في عموده اليومي «خط أحمر» عن تيران وصنافير: «هناك صوت غائب في قضية الجزيرتين، هو صوت حسني مبارك، ولأنه صوت مهم، بل مهم جداً، فلابد أن نسمعه لعدة أسباب: الأول أن الخطاب الذي جاء من الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجــية السعودي السابق، إلى الدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير خارجيـــتنا الأســـبق، وكانت السعودية فيه تطلب إعادة الجـــزيرتين إليهـــا، قد جاء في أيام مبارك، دون غيره من رؤساء مصر، ولابد أنه يعرف، بالتأكيد، ما هو أبعد من مجرد خطاب جاء أو راح، ويستطيع أن يضــيف في مضمــون القصة كلها إذا تكلم! السؤال هو: إذا كان هذا هو طلب المملكـــة في أيام مبارك، فلماذا لم يقطع من ناحيــته في الموضوع في حينه؟ ولماذا نام خطاب الأمير الفيصل في درج عبدالمجيد، ثم لماذا نام بعدها في الخارجية عمـــوماً، إلى أن اســـتيقظ هذه الأيام؟ السبب الثاني أن مبارك هو من أدار معركة استعادة طابا باقتدار، وهو من بدأ التحكيم عليها في عهده، وانتهى أيضاً في عهده بعودتها كاملة، وهو من رفض أن يفرط في حبة رمل واحدة فيها، وهو من صمم على إعادتها بالكامل ومن دون فصال، وهو من ظل يقاتل، مع فريقه القانوني الدولي المعتبر، من 25 إبريل/نيسان 1982، إلى 15 مارس/آذار 1989، حتى اكتملــت الملحمة في سبع سنوات!… مبارك رجل عسكرى محترف، بمثل ما أن الرئيس السيسي رجل عسكرى محترف، وكلاهما، بحكم النشأة العسكرية، وبحكم العقيدة الوطنية الصادقة التى يتشربها العسكري في الجيش المصري العظيم، يستحيل أن يقبل التفريط في متر مربع واحد من أرضه، ولهذا كله، سوف تكون شهادة مبـــارك مهمـــة، وسوف يكون صوته له تأثيره في هذا الملف تـحديداً، وسوف يتكلم، حين يتكلم، لينهى، أو على الأقل ليخفف من وطأة هذا الانقسام الحاصل بيننا حول مسألة كان من الممكن حسمها بسهولة، لو توافر لها، منذ البداية، إخراج جيد، ثم توقيت مناسب!
إن العالم لو رصد جائزة لأسوأ إخراج في قضية عامة، ولأسوأ توقيت، فسوف تكون الجائزة من نصيبنا قطعاً، وإذا لم يراجع الرئيس قائمة مستشاريه الذين لا نعرفهم، بعد فتنة الجزيرتين، فسوف يشيرون عليه بما هو أسوأ في مقبل الأيام، فليحذر الرئيس، وليأخذ الدرس الواجب مما جرى! نريد أن نسمع رأي مبارك، ونريده ألا يبخل على بلده بشهادة هو يملكها، ونحن نحتاجها».
وقولوا لنا من هم حول الرئيس…
لنعرف مدى سلامة قراراته
وكذلك شارك في الهجوم من مؤيدي الرئيس زميلنا وصديقنا في «الوفد» رئيس تحريرها الأسبق عباس الطرابيلي بقوله: «بعد الإخراج السيئ والإعلان الأسوأ عن جزيرتي صنافير وتيران، وحتى لا نقع في أخطاء عديدة مثلها في المستقبل مطلوب أن نعرف من هم حول الرئيس من رجال ينصحون ويشرحون ويشيرون على السيد رئيس الجمهورية، بل مطلوب أن يكونوا على دراية كافية بعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم السياسة الذين يحددون توقيت كل قضية على حدة، حتى لو تمت بإصرار كبار الزوار، ويكفي ما حدث في موضوع الجزيرتين وما زالت التوابع تدق كل الرؤوس وآخرها تلك الدعوى القضائية التي رفعها العائد من الكهوف ـ حمدين صباحي وليس في ما نقول تهجم على من هم الآن حول السيد الرئيس، وهم ـ في الغالب ـ غير معروفين لنا.
وإذا كان الرؤساء الكبار في الخارج بالذات يهتمون باختيار معاونيهم، كما فعل الرئيس أنور السادات وهو في رأيي رجل الدولة الحقيقي في مصر منذ عصر محمد علي، إذ جمع حوله أيضاً عدداً من المثقفين من أمثال الدكتور رشاد رشدي وأنيس منصور حتى من كانوا حوله من السياسيين كانوا من كبار المثقفين مثل الدكتور مصطفى خليل وسيد مرعي والمكافحين مثل عثمان أحمد عثمان، إذا بقدر ثقافة وعلم وحكمة من هم حول الرئيس، وهي الحلقة الأكثر ضيقاً حوله تكون تصرفات وقرارات الرئيس.
وسيكون الأمر كذلك فيمن هم «الآن» حول الرئيس ولكننا لا نعرفهم وربما ذلك بهدف إبعادهم عن أي محاولات للاستقطاب أو طلباً «للواسطة» وتعلمون عشق كل مصري للوساطات ويا سلام: لو كانت حول الرئيس مجموعة من العقول الواعية، خصوصاً في هذا الوقت شديد الحساسية شديد الخطورة».
نريد وزراء
أسرى للوطن وفقرائه
أما رابع مؤيد للرئيس ومهاجما كذلك فكان الدكتور رفعت السيد وقوله في «الأهرام»:
«… موضوع الترتيبات الخائبة لموضوع الجزيرتين وأيا كان الموقف من الأمر فإن الترتيبات والمفاجأة وسوء الإعداد شحنت بطاريات إعلام مستعد وجاهز ويتلقف الخطأ فيتمادى في شحن نفوس تنظر شذرا للأداء في مجمله، وأخشى أن يوكل تقديم الموضوع لمجلس النواب إلى السيد رئيس الوزراء فهو لا مؤاخذة لا يستطيع، وأغلب النواب لا مؤاخذة لا يطيقونه.. وأقترح أن تقوم بتقديمه للنواب لجنة وطنية مقبولة ومحترمة وتمتلك المعرفة والقدرة والاحترام. سيادة الرئيس أرجوك ومن منطلق الاحترام لدورك إرحمنا من هذا الجمع من المستشارين والوزراء واستبدلهم بالأكفأ والأكثر إحساسا بأنفاس الشعب وآلامه وأوجاعه، نريد أناسا يمتلكون معرفة راقية لا تدفعهم إلى الترفع بها، وإنما يمتلكون معها محبة للوطن والشعب، وقدرة على الانصياع لمطالب الجماهير. باختصار نريد مستشارين ووزراء ليسوا أسرى لصندوق النقد وفتاواه وإنما يكونون ويظلون ويستمرون أسرى لمحبة الوطن وفقراء هذا الوطن. يا سيادة الرئيس صدقني أنت تستحق ومصر تستحق طاقم مستشارين وطاقم وزراء أفضل بكثير ألا هل بلغت؟».
ديمقراطيتنا
وديمقراطية أوروبا
ومن مستشاري الرئيس إلى الرئيس نفسه والانتقاد الذي وجهه إليه في «الشروق» زميلنا فهمي هويدي بسبب ما قاله عن حقوق الإنسان أثناء مؤتمره الصحافي مع الرئيس الفرنسي أولاند في القاهرة قال هويدي: «فشلت في أن أجد تفسيرا بريئا للإدعاء بأن معاييرنا في الديمقراطية وحقوق الإنسان تختلف في مصر عنها في أوروبا، ولا أكتمك أنني في رحلة البحث عن ذلك التفسير ظللت طول الوقت أعاني من الشعور بالمهانة والخجل. مصدر الإهانة أن المقولة تنتقص من قدرنا كبشر ومن خبراتنا في التاريخ، أما مصدر الخجل فإن ذلك الانتقاص صدر عمن تحدث باسم الدولة أمام ضيوفه الأجانب. أول ما خطر لي في رحلة البحث السؤال التالي: ما هي أوجه الاختلاف بيننا وبين الأوروبيين في معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وهل يكمن الاختلاف في المعايير ذاتها أم أنها في ثقافة المجتمعات؟ أم أنها في طبيعة البشر و«جيناتهم»؟ اعتبر السؤال استنكاريا وليس استفهاميا، وفي التعقيب عليه أفسر الادعاء بأحد احتمالات ثلاثة: إما أن تكون حكومتنا لا تريد الالتزام بالديمقراطية أو بحقوق الإنسان وتتعلل بالاختلاف لاستبعادهما، أو أنها ترى أن شعبنا لا يستحق العيش في ظلهما. الاحتمال الثالث الذي أراه ضعيفا يفترض حسن النية في السلطة، الأمر الذي يجعلها عاجزة عن إدراك معنى الديمقراطية أو حقوق الإنسان».
أبناء الشرطة
جزء من الشعب
وتلقى هويدي ردا فوريا في العدد نفسه في تحقيق لزميلنا مصطفى عطية جاء فيه:
«أكد اللواء السيد جاد الحق مساعد وزير الداخلية للأمن العام على حسن التعامل مع المواطنين المترددين على الأماكن الشرطية وفقا لمعايير حقوق الإنسان بالاحترام والكرامة اللائقين بالشعب المصري وأن أبناء الشرطة جزء من الشعب، وأن المواطنين هم عونهم وطالب خلال حضوره حفل تخرج الفرقة التأهيلية لضباط البحث الجنائي رقم 129 بضرورة مراعاة المساواة بين جميع المواطنين واحتواء المواقف الطارئة لتجنب المشاكل تنفيذا لتوجيهات وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار بضرورة حسن معاملة المواطنين واحترام حقوق الإنسان والقانون».
أين الدولة؟
وإذا تركنا «الشروق» إلى «الوطن» السبت سنجد رئيس تحريرها التنفيذي زميلنا محمود الكردوسي يقول في بروازه «كرباج»: «في كل أزمة أياً كان حجمها يتساءل المصريون: «أين الدولة؟» كأن الدولة «عيل تايه»! الدولة في تعريفها المبسط: أرض وشعب ونظام حكم. الكارثة أن المكون الفاعل في بنية الدولة المصرية الآن هو «الرئيس»: لا أحد ولا شيء سوى «الرئيس» لذا أصبح مستهدَفاً بشخصه، أصبحت إزاحته أو إفشاله هدفاً لمعسكر أعداء الدولة. ولأسباب كثيرة يضيق المجال عن تفصيلها أدرك المصريون أن إسقاط السيسي يعني إسقاط الدولة، وتبيّن لهذا المعسكر أنها حقيقة فاستثمرها وقرر أن يصعد بكل أزمة إلى قمة الهرم السياسي ليقول للمصريين: «هذا الرئيس لا يستحق أن يحكمكم». وأنا أقولها لكل مصري شريف: من لا يدافع عن السيسي لا يستحقه».
حسنين كروم
الأستاذ حسنين كروم … سؤال :
ألا تلاحظ معي أن توقيت الإتفاق بين حكومة السيسي و الحكومة السعودية بشأن جزيرتي تيران و صنافير جاء في أعقاب رحيل الصحفي المصري و العربي الكبير محمد حسنين هيكل ؟ أليس لهذا معنى عندك لما يملكه هذا الصحفي من معلومات و وثائق في هذا الشأن ؟ و لما لهذا الصحفي من تأثير في أوساط كثير من المثقفين و السياسيين المصريين لو ما أبدى رأياً مخالفاً لما ذهبت إليه حكومة السيسي ؟ أفتونا يرحمكم الله .