شاطر هو المحتل الروسي، على رغم كل فظاظته، لأن أحداً لا يوقفه عند حده. جاء إلى سوريا لـ«محاربة الإرهاب» فدمر، على مدى 3 سنوات، بقدر ما يمكن لقنبلة نووية ذات حجم متوسط أن تفعل، ليضاف ذلك إلى مفعول القنبلة النووية الثانية التي يعادلها مجموع البراميل المتفجرة التي ألقاها طيران النظام على المباني السكنية في مختلف المدن السورية، لتكون النتيجة دمار نصف العمران وتهجير نصف السكان، وقتل نحو مليون سوري، معظمهم من المدنيين. ولم يستهدف الطيران الروسي داعش والنصرة المصنفتين على قوائم الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، إلا في حالات نادرة. في حين كان استهداف المخابز والمستشفيات والمدارس والأسواق الشعبية، نهجاً «مبدئياً ثابتاً» لكل من الطيران الروسي وطيران النظام، وكانت منظمة الدفاع المدني المعروفة بالخوذ البيضاء التي عملت على رفع أنقاض القصف الروسي ـ الأسدي وإنقاذ الجرحى، عدوهما الأول. بل إن الطيران الروسي لم يوفر قوافل إغاثة تابعة للأمم المتحدة، فقصفت إحداها قرب حلب إبان حصارها القاسي في 2016.
بعد هذا القصف «التمهيدي» الطويل، انتقل الروسي، ببراعة بهلوان، من الحرب إلى «الحل السلمي»، فاخترع، في «السياسة» ما يعادل السوية التكنولوجية للصناعات الروسية الرديئة: مناطق خفض التصعيد (!) التي في ظلها واصل تدمير المدن المحاصرة وتهجير سكانها، مع تطويع الفصائل العسكرية غير المصنفة إرهابية في مسار آستانة، وتطويع «الهيئة العليا للمفاوضات» في مسار سوتشي.
وقبل الانتهاء من «خفض التصعيد» المدمر هذا، أوعزت روسيا للمبعوث الأممي ديمستورا بتشكيل «لجنة دستورية» مهمتها إعادة إنتاج النظام الكيماوي بموافقة «المعارضة» و«المجتمع المدني»، في الوقت الذي واصلت فيه قضم أراضي الجبهة الجنوبية لمصلحة تابعها في دمشق، وبالتوافق مع تل أبيب بما يلبي الهواجس الأمنية لإسرائيل. وبانتظار التئام لجنة ديمستورا للمصادقة على الدستور المكتوب في موسكو، أخرجت روسيا من جيبها ورقة إعادة اللاجئين، بصورة متوازية مع «خطوة رمزية لبناء الثقة» بين «معارضة» سوتشي والنظام الكيماوي، فحواها إطلاق سراح معتقلين بصورة متقابلة، اتضح أن النظام قد بدأها من طرف واحد على شكل قوائم شهادات الوفاة بحق آلاف ممن كانوا معتقلين لديه وماتوا «لأسباب صحية» متشابهة، ولكن ليست لهم جثث!
ولكي لا يبقى فراغ في سجون الأسد ومراكز اعتقاله المنتشرة كالسرطان على الأراضي السورية، بعد وفاة أولئك المعتقلين، بدأت أجهزة مخابراته حملات اعتقال جديدة، شملت المئات إلى الآن، في تلك المناطق التي استولى عليها بقوة الطيران الروسي، كحلب والغوطة الشرقية ودرعا وغيرها.
نشط الدبلوماسيون الروس في اتصالاتهم بالدول المضيفة للاجئين السوريين، فقدموا عروضاً مغرية لتخليصها من عبئهم، وكأن الحرب قد انتهت، والأرض السورية باتت جاهزة لاستقبال أولئك اللاجئين، بعدما تم القضاء على «الإرهاب»!
ولكن ماذا عن إعادة الإعمار لكي يجد العائدون المفترضون بيئة صالحة للحياة؟
الواقع أن ورقة إعادة اللاجئين هي الجزرة التي تحاول روسيا تقديمها لدول متلهفة على هذه الخطوة، كلبنان والأردن والدول الأوروبية، للحصول على تمويل إعادة ما دمره الطيران الروسي والأسدي. إنها ذروة الشطارة: أدمرها وأنا أجرب أكثر أسلحتي فتكاً، فأسوّقها، وأملأ بلادكم باللاجئين الفارين من جحيم قنابلي وصواريخي. وعليكم، بالمقابل (!) أن تفتحوا الخزنة وتعيدوا إعمار هذا الخراب لتتخلصوا من عبء اللاجئين! إنه منطق البلطجي الأكثر وقاحة، يستمد وقاحته من بيئة دولية بلغت حضيضاً من الخسة والرخاوة وانعدام الضمير، جعلها تقبل بأن يستغفلها البلطجي الروسي ويبتزها بهذه الطريقة، كما قبلت بمبدأ إعادة تأهيل كيان إجرامي اشتهر باستهداف المدنيين بالسلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة وكل أنواع السلاح المتوفر لديه.
تعرف هذه البيئة الدولية أن إعادة اللاجئين، إذا تمت فعلاً، تعني الإلقاء بهم في فم الأسد، فلا أمان لأحد في ظل بقاء نظام إرهابي مستعد دائماً للذهاب في الإجرام إلى النهاية، فلا رادع يردعه، ولا حد يحد من ارتكاباته، دستوره الوحيد «الأسد ونحرق البلد»!
عليها أن تعرف، إذن، النتائج المحتملة لكل هذا الإذلال الذي يراد للسوري أن يتجرعه، إذلال إرغامه على العيش في ظل عصابة إجرامية أوغلت في دمهم إلى هذا الحد. فحين تحكم على الضحية باليأس المطلق وتحشرها في الزاوية الضيقة، عليك أن تتوقع تحولها إلى كتلة متفجرة عمياء من الحقد، وأن تتحمل عواقب ذلك.
من يعلم، ربما هذا بالضبط ما يريده أقوياء العالم. إرهاب متجدد، وحرب أبدية عليه، تغطي على المشكلات الحقيقية في عالمنا المعاصر!
٭ كاتب سوري
بكر صدقي
أكبر خطأ ارتكبته المعارضة أنها صدقت أكاذيب الثعلب الروسي صاحب الوجه الرخامي بوتين وارتبطت بأجندات أجنبية واليوم يتحسرون ويأكلون أصابعهم ندما مع أن أكثر من مراقب ومحلل وغيور على الثورة السورية حذرهم من ذلك والغرب الميكيافيلي الباحث فقط عن مصالحه ولا يهمه حقوق الانسان ولا حرية الشعوب التي يتشدق بها ليلا نهارا أغمض عينيه عن جرائم المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي بائع سورية وكأن جرائم الحرب وضد الانسانية ارتكبت في المريخ مع أن كل مخابرات الارض تتواجد اليوم على الارض السورية وتعرف كل شاردة وواردة, يجب ان يكون هذا درسا للمعارضة السورية لأن الثورة ستبقى مستمرة بأشكال مختلفة وعليها ان تعي اليوم ان الاعتماد على الاجندات الاجنبية لن يفيدها بشيء ولا الغرب الميكافيلي
يجب الاعتماد على النفس وتشكيل معارضة ديمقراطية مبنية على اسس مؤسساتيه لأن اليوم لم نعد نحارب النظام فقط بل نحارب المحتلين معه
لقد تم منح النظام السوري والروسي اريحية بالقتل دون تحديد للسقف بمباركة دولية اممية. و كلمة السر في كل هذا هو اسرائيل و من ورائها العربان الاماراتي و السعودي. لا مشكلة في القتل ولكن هنالك مشكلة في اداة القتل؟ عندما استعمل النظام السلاح الكيماوي كاد اوباما ان يشن حرباً على النظام. لولا تدخل روسيا لصالح النظام وقامت بتسليم سلاح الجريمة ليسقط العقاب! هل سمع احد من قبل عن الافلات من العقاب اذا قام المجرم بتسليم السلاح الذي ارتكب به جريمته؟ لقد سقط المجتمع الدولي اخلاقيا وانسانيا بل ووصل إلى الحضيض في تعامله مع الملف السوري. ولا اعتقد بان هذا سيمر بدون نتائج كارثية مع جيل محبط في الداخل و مليون شهيد ومفقود واكثر من 3مليون معاق وخمسة مليون مهجر!! مع نصف بلد مدمر! والله اعلم
بعد ان حقق العمل العسكري هدفه باعلان انتصار روسيا على كل خصومها في سوريا، من الطبيعي ان يمر الطرف المنتصر الى المرحلة الموالية وهي تطبيع الاوضاع و التمهيد لعودة اللاجئين يدخل في سياق تطبيع الوضع على الارض .
و سواء انتصرت امريكا او انتصرت روسيا فلن يغير شيئا من الدور الذي كان على السوريين القيام به و هو ان يكونوا حطبا لهذا الصراع.