مع الحدث القرآني، كانت صورة الشاعر الجاهلية، قد بدأت تنقطع، لتحل محلها صورة «الصانع». وعلى الرغم من أن القدامى دأبوا على استخدام كلمة «شاعر» فإنهم جردوها من محمولها الجاهلي، وما علق بها من مفهوم أسطوري للشعر «قرآن إبليس» بعبارة أبي العلاء الشهيرة في رسالة الغفران.
وصار الشعر صناعة أو علما يكتسب بالخبرة والدربة والمراس، وكلاما بائنا عن الوحي. وصار الشاعر صانعا، مادة صناعته اللغة. وهذه اللغة هي التي تثبت الصناعة وتهبها صلابة، أي تضفي عليها هيئة في حيز اللغة نفسها. ويجري ذلك على طريقتين: إحداهما أن اللغة هي التي تسمي «المصنوع» أي هذا «الشعر» مثلما تسمي كل ما يفسر ويشرح أي «النقد». والأخرى أن اللغة أصل في الصناعات كلها، وبها وفيها يرتبط المصنوع بنظامه.
ومن هذه الصناعات، النثر الذي جعله العرب بائنا عن الشعر. على أن تنوع الأجناس الكتابية في تراث العرب؛ لا يمكنها أن تحجب عنا كون الشعر يمثل في أكثرها مصدر اقتباس لكل ما هو سردي أو قصصي. ولعل هذا ما يستدعي الوقوف على هذه العلاقة الطريفة بين «صانع» وهذه القصص المتناسلة منه «مصنوعةً» حيث العود إلى النص الشعري للاستدلال به على هذا المعنى أو ذاك المغزى، يكف عن مطلب الاستدلال ويستغرق مرة أخرى في لذة النص الشعري نفسه، وفي تحويله إلى قصة أو حكاية. وقصص الحب مثلا ليست فقط مجرد سرد لوقائع غرامية أو مجرد عرض لأخبار المحبين، وما يلاقونه من عذاب في سبيل حبهم، أو ما يتجشمونه من عناء ليظفروا بلقاء المحبوب أو ما يتدبرونه من حيل ليختلسوا النظر إليه؛ وإنما تستحيل في مناسبات عديدة إلى شروح على بعض الأبيات أو القصائد الشعرية. وهذا ما يدفع إلى إمكان تأويل هذه السردية الغرامية التي تصاحب النص الشعري على أنها ضرب من ضروب جمالية التلقي، يتولاها في هذه المرة جنس أدبي. وإذا انتبهنا إلى أن الشعر من جهة كونه فنا ينشد الجمال انتبهنا إلى مشاركته الحب في الغاية نفسها، أو القصد من جهة أن الحب رغبة في الجميل.
وربما كان هذا من الأمور المعلومة في القراءة، إذ من الصعوبة أن نحدد «المجازي» أو «الاستعاري» أي الشعر من دون أن نقابله بـ«الحقيقي» أو «الواقعي»، أي هذا السرد المتناسل منه: فالشعر شأنه شأن هذا السرد عالم أدبي رمزي، والشخصيات تنضوي إلى عالم حقيقي أو تاريخي. ولا مناص من الإقرار بأن العلاقة بين نظام المجاز وأنظمة الثقافة قائمة في مستويات شتى، وأن الثقافة إنما تتجلى في الصانع والمصنوع كليهما. غير أن العلاقة بين هاتين الصفتين المجازي والحقيقي أو الواقعي أو التاريخي، غير مستقرة، إذ تتغير تبعا لتغير وظائف الثقافة وحواملها. لكن كثيرا أو قليلا منا لا يلتفتون إلى التغير الحاصل في اللغة واستعمال الأشياء، أو هم لا يأخذونه بما هو خليق به؛ فيتواردونَ النصوص من أنظمة لغوية «مغلقة» حينا، ومن عالم غير عالمها؛ على نحو ما نجد عند الذين يفصلون فصلا بائنا بين الشعر والنثر.
وإذا كان لا بد من تمييز، فليكن بين ثلاثة أنماط من الخطاب: الخطاب المعرفي أو الفلسفي المعقود على ذات تتوسل بالمفهوم، والخطاب الفني المعقود على ذات توسل بفعل الإدراك، والخطاب الديني المعقود على ذات تتوسل بالانفعال أو الوجدان والحدْس. وربما وجب أن نشير ـ لاجتناب أي لبس ـ إلى أننا لا ندرج هذا التأويل ضمن السياق «الغنائي»، بمعنى أنه يتعين اجتناب المغالطة التي يمكن أن يقود إليها استعمال مقولة الذات، فنتصور أننا إزاء تجربة تنخرط ضمن أفق «غنائي» يقف على طرف النقيض من «الدرامي» أو»الملحمي» بوصف «الغنائي» معقودا على حضور مكثف للذاتي.
ولمثل هذه المحاذير أحلنا على التمييز بين المفهوم والإدراك والانفعال. والذات في هذا السرد الذي يصطنعه الشعر؛ إنما هي ذات انفعالية، ولذلك يمكن اعتبار الأدب السردي عند العرب، خاصة في قصص الحب؛ أقرب إلى معنى الديانة، وهذا رأي لا ندعي له الوجاهة حتى نختبره؛ إذ يحل جهاد الحب محل الجهاد الديني على نحو ما نجد عند جميل بن معمر صاحب بثينة.
تكمن «شعرية» هذه القِصص، في تحويل شكل لغوي إلى شكل من أشكال حياة اللغة، وتحويل شكلٍ من أشكال الحياة إلى شكل لغوي. وقد لا يخفى أن أكثر هذه القصص تحمل قصيدا في مطاويها، أي أبياتا حَارَ الشراح في تفسيرها، فاخترعوا لها هذه النصوص. وإذ نعرف الشعر على هذا النحو، أي صانعا وهو المصنوع الذي «يُعرف «ولا يعرف» فهذا يفضي بنا حتما إلى نقد التعريفات الشكلية.
إذن من الشعر عامة، تولّد هذا الأدب القصصي، وربما من القصص القرآني أيضا، والقرآن نفسه يُكتنه في سياق البيئة الشعرية التي ظهر فيها. ولكننا أميل إلى القول إن «غموض» بعض الأبيات في القصيدة، ومصدره عدم وقوف الشراح والنقاد على مناسبة القول ـ وهي بمثابة أسباب التنزيل في النص القرآني ـ هو الذي فسح لهم المجال لصياغة القصص بشتى أنواعها، والقصص القرآنية الحافة أو المصاحبة. ولقد أداروها على نوع من الوصل والفصل، فعقدوها على السورة جملة، من حيث هي وحدة فنية موضوعية حينا، وعلى أكثر من آية في السورة الواحدة حينا، كما نجد عند الطبري في تفسير «وهمت به وهم بها» من سورة يوسف. وكانت لهم منادح واسعة في المزاوجة بين فصل ووصل في أكثر القصص. وقد ربطوا بينها وبين مصدرها الشعري، برباط معنوي أو لفظي، بما يكون وحدة معنوية لها خصائص ذاتية؛ ولكنها موصولة بالمعنى الشعري العام في الآن نفسه. ومن هذه الخصائص الإيضاح بشتى صوره من تفسير واستطراد وتفصيل بعد إجمال، والإيجاز وحسن النسق وتقطيع الموضوع إلى أجزاء موصولة، كلما تنوعت أشكاله وتشعبت أجزاؤه، وعرض الصورة الواحدة بهيئات متعددة منفصلة شكلا، متصلة مضمونا، وما إلى ذلك من تصوير الهيئة أو الحال منفصلة مرة، متصلة أخرى.
ما يعنينا من رصد هذه الظاهرة أنها وجهت كثيرا من الأدب القصصي وجهة قلما نقف عليها في نقد الشعر وشروحه. فقد قامت على اعتبار القصة وحدة فنية موضوعية متماسكة معنى وموضوعا ولفظا ونظما. ونواتها البيت المفرد أو شطره، وعلى جزء منه أحيانا، وكأن البيت ينفرد بإفادته في تراكيبه، أو هو مستقل عما قبله وما بعده، أو هو الصورة التي تتمثلها القصة. ولعل المسوغ لهذا أن الذات تشغل في وضعية المخاطَب «أنتَ « أو «هو» وهو في سياق النص القصصي أشبه بضمير منفصل يراد به التمييز، أو هو المخاطَب الذي ينتزعه المتكلم من نفسه ويخاطبه التفاتا أو تجريدا، جريا على معتقد العرب القدامى في أن في الإنسان معنى كامنا هو حقيقته أو حقيقة إحساسه، وله أن يخرجه مجردا عن كيانه، كأنه غيره، بل هو غيره؛ ولكنه لن يبرح الخطاب أبدا شأنه شأن الإيقاع. أما وضعية الغائب «هو» التي يحيل عليها النص، فمردها إلى هذا الأسلوب نفسه، أي أسلوب «الالتفات» الذي تتوخاه أكثر هذه القصص، وهي تعدل من الغيبة إلى الخطاب أو التكلم. وعليه فإن «هو» في السياق الذي نحن به تساوي «أنتَ»، وكأن الأمر قائم على حوار أساسه لعبة الالتفات (استبدال ضمير بآخر أو المراوحة بين التكلم والخطاب والغيبة) وعليه فإن السؤال الذي يتعين طرحه في هذا المستوى، يمكن أن نصوغه على هذا النحو: على أي نحو يتولى الشعر هذه الصناعة أي طريقة وجود الأثر نفسه؟
نعم لقد طعّم الشعر العربية بروح جديدة وأفعمها بمفاهيم، وأنشأ لها صناعة النثر نفسها. وربما لا يزال الشعر يتسع لهذه الظواهر أو تلك، شريطة أن نعرف منبتها الأصلي في المدونة التي تمت إليها بصلة من الصلات، أو في النص الذي تنتسب إليه؛ وليس عيبا أن نصلها وهي المفاهيم القديمة بظاهرة مستحدثة، كما أنه لا ضير ـ على ما نرى- في أن نستدعي إلى مفهوم جديد ظاهرة قديمة لنرى إليها من خلاله. ونخال أن هذا ما حاولناه، وربما جازفنا. وعذرنا أنه مثلما لا حرج في تهجين الأجناس الفنية أو الأدبية، فإنه لا ضير أيضا في تهجين المفاهيم شريطة مراعاة قواعد التهجين، حتى لا يكون المنتـَج مسخا، ولذلك نبهنا إلى معرفة المنبت الأصلي لهذا السرد النثري على التباسه.
وهل مناهج التفكير المعاصر ومقارباته من جينيالوجيا وفينومينولوجيا وأركيولوجيا وتفكيكية وغيرها، إلا رحلة إلى المنابت الأولى للنصوص والمفاهيم! ولقد كان لنا أسلاف برعوا في التهجين، فإذا به على أيديهم تأصيل وإعادة تأصيل. لكن الأيام دُوَلٌ.
٭ كاتب تونسي
منصف الوهايبي
ليس من المبالغة في التوصيف ؛ ولا من فضول القول اللطيف إنّ تونس لولا الدكتورمنصف وملح البحرلفقدت قواعد المبتدأ والخبر.أشكرك على المستوى البليغ للغة المقال…وأضيف بين يدي حضرتك التذكيرأنّ منظومة العربية تقوم على أربعة أساطين : الشعر( من الجاهليّ إلى التفعيليّ ) والنثرفي القصّة في الأمس والرّواية في الغداة ؛ والخطابة الفنية ؛ والأسطين المركزيّ الرابع : القرآن.واللغة العربية كهوية ثقافية وتاريخية في الأساطين الثلاثة ( الشعروالنثروالخطابة ) وسيلة إيضاح بمساعدة البلاغة ؛ إنما في القرآن فإنّ اللغة غاية بلاغية لذاتها وليست وسيلة مساعدة كغيرها ومن ثمّ لا تقع ضمن قوانين فنّ النقد الأدبيّ التقليدية.وبذلك لدينا أربعة أساطين ؛ الثلاثة المشارإليها متغييرة نسبية ؛ والرابع وهوالقرآن ثابت مطلق.ومن هنا أصبح للنقد سوقها الأدبية إلا مع القرآن تطوره في منبت التفسير.فالتفسيرللقرآن هوإضافات نسبية لذلك الثابت المطلق.وتأسيسًا عليه وجب اعتماد نقد جديد في العربية هوالتفسيرالذي لا يزال خارج تلك المنظومة باعتباره من الدّين ؛ وما هو إلا من علم البلاغة والفكروالفــنّ… إنّ القرآن ليس شعرًا ولا نثرًا ولا خطابة بل منظومة بيانية تفسيرية ذات بلاغة ذاتية. لهذا لا نجد في منظومة لغة القرآن مفاهيم المنابت الأولى للنصوص الأدبية الأخرى كالشعرالصانع منه والمصنوع ؛ لأنّ الزمن في القرآن اندماجي واحد خلاق ؛ لا تفكيكي متعدد مخلوق.فهل سنُنشأ نقدًا تفسيريًا حضاريًا جديدًا غيرمسبوق ؟
للسيد الكاتب كل الشكر والتقدير على هذه المقالة المفيدة بتحليلها البارع ، وأراني متفقا معه في أن الشعر قد أثرى اللغة العربية ، وهو من صنع نثرها الفني والسردي خصوصا، ولعلي أضيف هنا أن الشعر العربي القديم هو صانع الشخصية العربية بصفاتها الإيجابية والسلبية ، فهو من صنع شخصية الأعرابي الذي يتوهم أنه سيد العالم ومركز الكون بشجاعته وحبه للكرم ونجدة المظلوم ، وبأنانيته وغروره واعتداده بنفسه وسخريته من الآخر.
الشعر العربي الحديث لا أحسبه بقادر على صنع شخصية اعرابية معدلة ومنقحة ، لأنه بدون قراء وعشاق، وقد تراجع اهتمام العرب بالشعر والأدب عموما ، فقد شغلتهم عنه مستجدات الحياة العصرية ، ولم يعد إلا القليل يهتم بقراءة الشعر والقصة والرواية ، وهكذا كسدت سوق الأدب ، ولعل في هذا الكساد خير، وذلك لتخف سطوته على عقول وقلوب الخاصة والعامة بما يثره فيهم من حماس وعاطفة وأوهام
إني بالطبع أقدِّر تقديرا كبيرا دور الأدب في تهذيب الشعوب وإنضاج حسها الفني، ولكن مع هذا بتُّ أخشى سطوته على العقول والقلوب ، ذلك لأني أعتقد أن الإدمان عليه يورِّث الكسل والخمول ، ويصرف أبناءنا عن تعلم العلوم المفيدة للفرد والجماعة ، فالأمة لا يمكن لها أن تتقدم أو تكتسب لها مكانة وهيبة بين الأمم إذا ظل معظم شبابها يثرثرون بالشعر ممارسة وتلقياً .
وقد سمعتُ أن أهل موريتانيا يفتخرون بأن لديهم مليون شاعر، وربما يقصدون من هذا أن لديهم خلقا كثيرا يستطيع نظم أي كلام على أوزان الخليل ، ولو صحَّ هذا فليس لهم فيه مزية على غيرهم ، وهو ليس مما يُفتخر به ، وكان من الأولى أن يكون لديهم مليون من الأطباء والمهندسين والاقتصاديين وعلماء الجيولجيا والفلك بدلا من العاطلين الذين يتسلون بتركيب الكلام الغث والسمين على تفعيلات الأوزان الخليلية .
لن تستفيد الأمة إذا انصرف أكثر شبابها عن العلوم والأبحاث والاكتشافات، وأدمنوا على تعاطي المخدرِّات الأدبية والفنية ، وباتوا لا يحسنون شيئا من المهارات والأنشطة المفيدة ، إلا مضغ الكلام وليِّه ، واللعب بمفرداته استعارة وتورية وتجنيسا وتضادا لأجل التباهي والتفاخر الكاذب أو لأجل التوهم والتخيل وصناعة أبراج وعوالم وأكوان أسطورية كما يفعل الشعراء المحدثون.
تعليق الدكتور جمال اضافة حقيقية وفيه طرح نظرية جديدة للنقد الادبي العربي شعرا وتثرا ، بتوظيف التفسير البياني للقران ليكون معينا جديدا للادب المعاصر بدل التعامل معه على انه من اللاهوت.ولكوني ماجستير باللغة العربية فان هذه الفكرة اعتبرها ثورة في عالم النقد الادبي المعاصر بعدما نال هذا النقد الضمور والاستاتيكية.
فقط للتنويه، هنا، في سياق قول الأخ منصف بأن الشعر صار «صناعة» أو علمًا يُكتسب بالخبرة والدربة والمراس، وبأن الشاعر صار «صانعًا»، مادة صناعته اللغة:
حقيقةً، الحديث عن الشعر العربي بلغة مصطلح «الصناعة»، أو حتى «الصَّنعة»، على هذه الشاكلة، ليس حديثًا عربيًا «قحًّا»، من هذا الخصوص. وحتى لا يتوهم القراء والقارئات بأن هذا المصطلح قد انبثق من صلب ما قام به الشعراء العرب القدامى من «تنقيح» و«تثقيف» و«تحكيك»، إلى آخره، على أشعارهم، فإنه (أي مصطلح «الصناعة»، أو «الصَّنعة») يعود بأصوله إلى اللغة الإغريقية القديمة Poïesis / ποίησις الذي تم اشتقاقه من الفعل ποιέω (أو بالإنكليزية make، تحديدًا)، والذي يعني «يصنع» بحرفيَّته، ومنه صيرَ إلى استخدامه في اللغة اللاتينية القديمة والوسطى، ومن ثمَّ في بقية اللغات الأوروبية الحديثة.
تحية للأخ جمال
الدكتور جمال البدري / لك خالص التقدير والتحايا
لقد نبهني السيد قسطنطين زيدان إلى أهمية ما كتبته أنت، وعدَّه ثورة في عالم النقد الأدبي المعاصر بحسب تعبيره، وقد رجعتُ إلى ما تفضلتَ به من آراء قيمة ، فإشارتك أن النقد الأدبي نشأ مع علم التفسير صحيحة ، وفي كل فصل دراسي أقول للطلاب في الكلية أن مفسري القرآن الكريم هم أول من مارس ما يسمى الآن بالنقد السياقي والنقد النسقي،أي أنهم استعانوا في تفسيرهم وخاصة للمشتبه النصي بعلوم التاريخ والسيرة والمجتمع واللغة ، لذلك جمعوا بين المناهج النقدية الخارجية والداخلية.
غير أني لم أفهم ما قصدته بقولك :( وجب اعتماد نقد جديد في العربية هوالتفسيرالذي لا يزال خارج تلك المنظومة باعتباره من الدّين ؛ وما هو إلا من علم البلاغة والفكروالفــنّ.
هل لك أن تبين لي ما المقصود بهذا الكلام ؟ .مع خالص الشكر.
شكرًا للمحررالواسع الصدرولكاتب المقال العظيم القدر؛ وتحياتي للفاضل حي يقظان وعيد سعيد عليك وعلى أسرتك الكريمة أينما تكون…
الأخ المحترم عادل الصاري من ليبيا العزيزة الآن في ( معمعة ) سأجيبك بإذن الله لاحقًا.مع المودة.
جميل ان يحظى مقالا عن الشعر بهذا الكم الجيد من خيرة القراء
–
مقالات الدكتور منصف الوهابي سفر في اللغة وفنونها و صنائعها
–
تحياتي
كل الشكر للأخ يقظان على المعلومات القيمة والمفيدة التي ذكرها.. كما عهدناه في مقالاته وتعقيباته المتميزة..
وإلى المعلق جمال.. كلمة الجمع /أَساطين/ مفردها /أُسْطُون/ وليس /أسطين/.. كما تقول.. ثم إن كلمة الجمع /أَساطين/ تستعمل في اللغة العربية عادة للإشارة إلى الأناس المتبحرين في مختلف الحقول المعرفية.. لا إلى الحقول المعرفية نفسها.. كما تظن.. وعلى ذلك.. يقال /أساطين العلم أَو الأَدب/.. أي الثقات المبرِّزون فيه.. ويقال أيضا /أَساطين الزمان/.. أي حكماؤه وأَفراده..
أخيرا.. الكلمة المفردة /أُسْطُون/ ذاتها.. هي في الأصل معربة من كلمة /أُستُون/ في اللغة الفارسية..
أتفق مع المعلقة آصال أنّ أسطون معرّبة من أستون ؛ لكن لم أقصد أنّ معنى أساطين : الثقات…بل الأساطين القوائم الطويلة والمرتفعة التي يقف ويستند عليها الشيء.قال رؤية يصف جملًا طويل العنق والقوائم مرتفع :{ جرّبن مني أسطوانًا أعنقا…يعدل هدلاء بشدق أشدقا }.
لهذا قيل لسارية البناء وعموده : الأسطوانة ؛ وعلى كلّ حال شكرًا للملاحظة المفيدة.وإلى السّيد عادل الصاري ( غير أني لم أفهم ما قصدته بقولك وجب اعتماد نقد جديد في العربية هوالتفسيرالذي لا يزال خارج تلك المنظومة باعتباره من الدّين ؛ وما هو إلا من علم البلاغة والفكر
والفــنّ ).أي ادخال مادّة التفسيرفي الدراسات المنهجية العربية باعتبارها من التراث البيانيّ العربيّ الأصيل ضمن منظومة النقد العربيّ الجميل ؛ وعدم عزلها باعتبارأنها تنتمي فقط إلى مادّة اللاهوت الدينيّ لا إلى النقد الفنيّ.وحضرتك عززت الفكرة بقولك : ( وفي كل فصل دراسي أقول للطلاب في الكلية أن مفسري القرآن الكريم هم أول من مارس ما يسمى الآن بالنقد السياقي والنقد النسقي،أي أنهم استعانوا في تفسيرهم وخاصة للمشتبه النصي بعلوم التاريخ والسيرة والمجتمع واللغة ، لذلك جمعوا بين المناهج النقدية الخارجية والداخلية ).وبذلك نلتقي في دلتا فكرية واحدة ها هنا ؛ مع التقدير.والسّيد حي يقظان ؛ لا تحرمنا من ملاحظاتك المفيدة لاغناء التعليقات بالجديد والعميق مع التحيات لشخصك الكريم.
إذا كنتَ تقصد بالأساطين /القوائم الطويلة والمرتفعة التي يقف ويستند عليها الشيء/.. فالمفرد هو /أُسْطُوانَةُ/.. وليس /أسطين/.. وهذا بيت القصيد.. أُسْطُوانَةُ البِناءِ : دِعامَةٌ يَنْهَضُ عَلَيْها البِناءُ ، عَمودٌ ، سارِيةٌ .. إلخ