«لسنا فريقكم الوطني».. بهذه العبارة أدان المدير الفني للفريق الألماني لكرة القدم، يواخيم لوف، الهتافات النازية التي سمعت بوضوح في أحد استادات العاصمة التشيكية براغ أثناء مباراة جمعت منذ أيام قليلة بين الفريق الألماني ونظيره التشيكي (أجريت المباراة في 1 أيلول / سبتمبر2017). سبق المدير الفني لوف على طريق الإدانة اللاعبون الذين رفضوا بعد انتهاء المباراة الاقتراب من مدرجات المشجعين التي خرجت منها الهتافات النازية، وتلاه اتحاد كرة القدم الألماني الذي أصدر بيانا يثني على اللاعبين الواعين الذين يجسدون هوية المجتمع الألماني الإنسانية والمتسامحة والديمقراطية وينتقد بشدة استغلال المباريات من قبل مجموعات نازية وعنصرية.
جددت «فضيحة براغ» النقاش في الصحف ووسائل الإعلام الألمانية حول النازية الجديدة ومدى انتشارها بين مشجعي كرة القدم وسبل مواجهتها. ولأنها ألمانيا بماضيها في النصف الأول من القرن العشرين، ولأنها براغ التي احتلتها قوات النازي أثناء الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) وارتكبت بها جرائم ضد الإنسانية، سرعان ما اكتسب النقاش طابعا سياسيا وغادر حدود كرة القدم باتجاه الوقوف على المخاطر التي تفرضها النازية على المجتمع الألماني.
فمنذ انهيار جدار برلين (1989) والوحدة الألمانية (1990) والمجموعات النازية والعنصرية تشغل هامشا في الحياة العامة، وتتأرجح أهميتها السياسية بين صعود وهبوط. في عقد التسعينيات تكررت جرائم النازيين الجدد ضد المواطنين الألمان ذوي الأصول الأجنبية وضد الأجانب المقيمين خاصة الأسر التركية، وكانت أكثر تلك الجرائم مأساوية جريمة حرق المحل السكني لأسرة تركية في مدينة سولينجن بولاية «ويستفاليا ـ شمال الراين» في 1993 والتي قتل بها 5 نساء وأطفال وأصيب العشرات. في عقد التسعينيات أيضا انتشرت المجموعات النازية في ولايات ألمانيا الشرقية السابقة، وصنعت بعنفها المادي واللفظي من بعض أحياء المدن وبعض المناطق الريفية «مناطق خالية من الأجانب» الذين لم يقتربوا من تلك المناطق خوفا على سلامتهم.
غير أن التسعينيات شهدت كذلك انتفاضة مبهرة لأغلبية المواطنات والمواطنين الذين تحركوا ثقافيا واجتماعيا وسياسيا لمواجهة خطر النازيين. انطلقت حملات للتوعية في الولايات الشرقية، دحضت الصحف ووسائل الإعلام ادعاءات النازيين بشأن «إفساد الأجانب» للهوية الألمانية وثبتت الطبيعة المتسامحة لألمانيا الجديدة وانفتاحها على مواطنين ومقيمين ذوي خلفيات عرقية متنوعة، وتبنت أحزاب يسار الوسط كالاشتراكي الديمقراطي واليسار كحزب الخضر والليبراليين كالحزب الديمقراطي الحر مبادرات لإدخال تعديلات على قوانين الهجرة والتجنس الألمانية للفصل بين الحق في التجنس وبين «روابط الدم» مع مواطنين ألمان.
ومع بدايات الألفية الثالثة توالت انتصارات «ألمانيا الجديدة» وتراجعات «النازية الجديدة» التي انحسر عنف مجموعاتها، وتهاوى حضور الأحزاب المنتسبة إليها في برلمانات الولايات في الشرق والغرب بعد خسائر انتخابية، وانزوت الأفكار العنصرية والمعادية للسامية والشوفينية الألمانية إلى خانات صغيرة وضعيفة التأثير. وجاءت شهادة «الاعتراف العالمي» بألمانيا الجديدة، ألمانيا الإنسانية والمتسامحة والمتنوعة والمنتصرة على النازية والعنصرية، حين نظم على أراضيها في 2006 كأس العالم لكرة القدم وسجل حب الناس للحياة واحتفائهم بالغرباء وانفتاحهم على «الآخر» دون خوف على مرأى ومسمع من الملايين.
غير أن العقد الممتد بين 2006 و2016 حمل من الأحداث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ما أعاد إلى المجموعات النازية والعنصرية شيئا من الفاعلية المجتمعية وأخرجهم من خاناتهم الضيقة إلى هامش أوسع في الحياة العامة. دون إغراق في التفاصيل، أعادت التداعيات الأوروبية للأزمة الاقتصادية العالمية (2008) خليطا من النازيين والعنصريين والشعبويين والوطنيين الشوفينيين إلى الواجهة بعد أن اختزلوا «الأزمة» في إغداق الحكومة الألمانية لأموال ومدخرات الألمان على بلدان أوروبية «لا يعمل سكانها ولا تستحق اقتصادياتها الإنقاذ»، وتكرر الاختزال نفسه حين ضربت أزمة اقتصادية تالية بلدان كاليونان والبرتغال وإسبانيا وأيرلندا وأسهمت ألمانيا (وهي المستفيد الاقتصادي الأول من وجود الاتحاد الأوروبي) بنصيب كبير في جهود الإنقاذ. ثم أسفرت الجرائم الإرهابية المرتكبة باسم الإسلام في ألمانيا وبلدان أوروبية أخرى، وكذلك موجات اللجوء والهجرة غير الشرعية المتتالية والتي فتحت ألمانيا لها الأبواب في صيف 2015 في اتساق تام مع «ألمانيا الجديدة» وهويتها الإنسانية والمتنوعة، عن تمكين المجموعات النازية والعنصرية من فرض كراهيتهم للغرباء على النقاش العام. قبل صيف «فتح الأبواب» للاجئين السوريين والملتحقين بهم في 2015، تشكلت حركة «بجيدا» العنصرية بعدائها للمسلمين ولذوي الأصول التركية ـ العربية وأعلن أيضا عن تكوين حزب يميني متطرف جديد هو حزب البديل لألمانيا.
وبعد صيف «فتح الأبواب» ومع توالي الجرائم الإرهابية باسم الإسلام على الأراضي الأوروبية وفي السياق العالمي لنجاح قوى الشعبوية في إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإيصال دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، صعدت أسهم حركة «بجيدا» بسرعة وحقق حزب «البديل لألمانيا» انتصارات متتالية في انتخابات برلمانات الولايات في 2015 و2016 (مستحوذا في بعضها على نسب مقاعد تدور حول 20 في المئة).
اليوم، في 2017، يبدو المجتمع الألماني الذي انتفضت به مجددا أغلبية المواطنات والمواطنين دفاعا عن «ألمانيا الجديدة» في سبيله لاحتواء الموجة الراهنة «للنازية الجديدة» ولإعادة «بجيدا» و«البديل لألمانيا» إلى خانات الوجود المحدود وغير المؤثر في الحياة العامة. أسهم الفعل السياسي الرشيد والمسؤول للأحزاب الألمانية الكبيرة، إن شركاء الحكم المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي أو أحزاب المعارضة كالخضر والديمقراطي الحر واليسار، في احتواء موجة النازية بعدم الانجرار إلى سياسات عنصرية أو انغلاقية بحق اللاجئين والأجانب المقيمين. ومازالت مسؤولية الأحزاب الألمانية ورفضها الصمت على خطاب الكراهية والأفكار العنصرية والشوفينية التي يروج لها النازيون وألمانيا مقبلة خلال أسابيع معدودة على الانتخابات البرلمانية (24 أيلول / سبتمبر 2017)، تبهر متابعي السياسة في البلد الأوروبي الأهم.
ولا يقل فاعلية في احتواء الموجة الراهنة «للنازية الجديدة» دور المجتمع المدني الألماني بمكوناته المتمثلة في الصحافة ووسائل الإعلام الحرة، والجامعات، والمنظمات غير الحكومية المدافعة عن الحقوق والحريات، والمنتديات الفنية والفكرية والثقافية المنتشرة بكثافة والتي تدحض خطاب الكراهية والأفكار العنصرية أينما ظهرت.
وفي هذا السياق تدرك أهمية ردة فعل لاعبي الفريق الألماني لكرة القدم ومديرهم الفني واتحاد اللعبة معهم بعد «فضيحة براغ»، فالهدف هو سد جميع الثغرات التي تنفذ منها النازية إلى المجتمع ومواجهتها دون إنكار أو تخاذل. الهدف هو الانتصار لألمانيا الجديدة الإنسانية والمتسامحة والدفاع عن نظامها الديمقراطي.
٭ كاتب من مصر
عمرو حمزاوي
هناك جدال بالنرويج حول مظاهرة للنازيين الجدد تجولت بإحدى المدن الجنوبية بالنرويج وبحماية الشرطة بسبب أنها مظاهرة مصرح بها !
عمدة المدينة قال بأن التصريح لهذا الإستعراض كان بسبب أن الحرية للجميع, لكن معظم سكان المدينة رفضوا ذلك لأن هؤلاء عدوانيين !!
الذي تقرر هو أنه لن يسمح لهؤلاء النازيين وأشباههم بالإستعراض بالشوارع منعاً لإنتشار الكراهية !!!
ولا حول ولا قوة الا بالله
خبت وخيبت. فان المانيا هي المانيا منها الظاهر الواضح الصريح الكاره للاجنبي او الكاتم الذي لايستطيع التحدث بكرهه للاجنبي. والدليل علي ذالك هل التحم او ذاب التركي في المجتمع الالماني هل صح له ان يقوم بحريه باتباع دينه, هل استطاع ان يبني مسجدا لاقا به. طبعا لا فكل او غالبيه مساجد المانيا تحت البيوت وفي الجراجات او في كل الاماكن القذره. اذهب الي شارع الدعاره في وسط فرانكفورت سوف تجد مسجدا اذهب الي شارع العاره في هامبورج سوف تجد مسجدا. وذالك لان السلطات لاتسمح بوجود المساجد وسط الاحياء الراقيه او السكنيه المحترمه. تلك هي المانيا فمن لايعلم لايكتب. وتحياتي مصري الماني عاش في المانيا 17 عاما واخرجني الله منها سالما معافي
ياخي أين يوجد مسجد بلال ومسجد بيت الحمد ومسجد الألمان انا زرت مدينة فرانكفورت بها مساجد ماشاء الله كلها في مناطق جميلة وبعضها مبنية علي الطراز الإسلامي. اتذكر اني في عامي الأول في ألمانيا كنت ادرس اللغة الألمانية علي يد متطوعون المان يسمون انفسهم مدرسون علي قارعة الطريق وحذث أن التقيت باستادة جامعية متقاعدة من جامعة (هايدلبيرغب ) وتتقن اللغة العربية وسائلتها عن النازية فقالت انها ليست مسؤلية ألمانيا وحدها محاربته النازية بل الجميع بما فيهم العرب والمهاجرين وستنتصر النازية إذا مارسنها وانتضرنا من الآخرين محاربتها ومع الايام تأكدت انها محقة انضر الي اخوننا اللاجئين القادمين مؤخرا الي ألمانيا يردون أن يثبتوا للالمان أنهم جيدون ولا يمارسون الإرهاب ويصفون اخوانهم المغاربيين بأبشع الصفات وكأن الألمان يميزون بين المشرقي والمغربي ويغضبون لما يصفهم أحد النازيين بالمسلمين الإرهابيين والله في خلقه شؤون.
مقال يستحق كل التقدير والإحترام، وصاحب المقال جدير بالثناء حقا على هذا التناول الموضوعي والتحليل النافذ…ألمانيا أمة جديرة بالإحترام..