الصراع على الغاز بين تركيا واليونان يدخل مرحلة جديدة من التصعيد ويمتد ليشمل مصر في «شرق المتوسط»

حجم الخط
1

إسطنبول ـ «القدس العربي»: مع تنامي الاكتشافات النفطية وتزايد عمليات البحث والتنقيب، تصاعد بشكل لافت الصراع القديم على الغاز والموارد الطبيعية بين تركيا واليونان في بحري إيجه والأبيض المتوسط، مع دخول مصر كلاعب أساسي في الأزمة الجديدة، وذلك بالتزامن مع الأزمة المتصاعدة بين لبنان وإسرائيل حول استخراج النفط وإن كان في نقطة أبعد قليلاً عن محور الخلاف التركي اليوناني المصري.
وبينما تسعى قبرص اليونانية بدعم من أثينا إلى مواصلة جهود التنقيب عن الغاز الطبيعي واستغلال الكميات المستخرجة وتصديرها إلى الخارج تعارض أنقرة بشدة هذه الجهود وتعتبرها انتهاكاً لحقوق القبارصة الأتراك، وتصف هذه الخطوة بـ«الخطيرة» وألمحت مراراً إلى إمكانية العمل على منعها عسكرياً.

الخشية من الصدام العسكري

في إشارة واضحة إلى البعد العسكري للأزمة المتصاعدة بين البلدين، قام رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار رفقة قادة القوات البرية يشار غولار، والبحرية عدنان أوزبال، والجوية كوتشوك أق يوز، بجولة تفقدية في منطقة إيجه غربي البلاد، حيث تفقد أنشطة حماية المجال الجوي التركي لمنطقتي شرقي المتوسط وبحر إيجه، إلى جانب مركز عمليات الرصد والتنسيق البحرية وقيادة الجيش في منطقة إيجه.
ومن هناك، شدد قائد الجيش التركي على أن بلاده «تمتلك القوة الكافية لتنفيذ عملية غصن الزيتون، وفرض الرقابة على منطقة بحر إيجه في آن واحد»، وأكد على أن بلاده عازمة على حماية حقوقها ومصالحها المنبثقة من القانون والمعاهدات الدولية في جميع البحار التركية.
وسبق أن أرسلت تركيا قطع بحرية عسكرية لمراقبة وإعاقة عمل سفن التنقيب عن الغاز، في حين تتكرر بشكل شبه يومي المناوشات بين السفن الحربية التركية واليونانية قرب قبرص المنقسمة منذ عام 1974 والجزر اليونانية في بحر ايجه، الأمر الذي يزيد المخاوف من أن تؤدي إحدى هذه المناوشات إلى اشتباك يمكن أن يتطور إلى اشتباك مسلح بين الجانبين.
ونهاية الشهر الماضي، منعت قوات خفر السواحل التركية، اقتراب وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس، بزورق عسكري من جزر «كارداك» الصخرية التركية في بحر إيجه.

بوادر مرحلة جديدة من التصعيد

أمس الأحد، شددت وزارة الخارجية التركية على أن بلادها مصممة على القيام بكل الخطوات اللازمة «من أجل الحفاظ على حقوق تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية في شرقي البحر المتوسط»، واتهم البيان قبرص اليونانية بـ«مواصلة العمل من جانب واحد على استغلال موارد الجزيرة وتجاهل حقوق القبارصة الأتراك، والتعامل مع هذه الموارد على أنها حق حصري لهم وهو ما أكدت على أنها لن تقبل به».
لكن الأبرز في البيان هو التهديد بأن تركيا سوف «نواصل الوقوف إلى جانب جمهورية شمال قبرص التركية لحماية حقوقنا وحقوقهم في شرقي البحر المتوسط، وسوف نقوم بالعمل سوياً من أجل وضع كل الخطوات اللازمة في هذا الإطار».
هذا التهديد يشمل على الأغلب ما تضمنه بيان وزارة الخارجية لجمهورية قبرص التركية والذي جاء فيه بأنه ستقوم باتخاذ «خطوات مماثلة تجاه المساعي الأحادية لقبرص الرومية في التنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط»، حيث أشار البيان إلى أنه لوحظ البدء بأعمال تنقيب جديدة عن النفط والغاز من جانب قبرص اليونانية في المنطقة المتنازع عليها.
وقالت: «لن نتردد بالتنسيق مع الجمهورية التركية الشقيقة، في اتخاذ خطوات مماثلة لخطوات الشطر الجنوبي بهدف حماية حقوق أتراك قبرص، وذلك في ظل رفض الجانب القبرصي الرومي التعاون مع أتراك الجزيرة ومواصلته اتخاذ خطوات أحيادية تتجاهل حقوقهم في الثروات الطبيعية شرقي المتوسط».
وبينما يؤكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعمه لقبرص اليونانية وأن أنقرة «لن تظل مكتوفة الأيدي حيال بقاء أتراك جزيرة قبرص ضحية لحالة غياب الحل»، تدعم اليونان قبرص الرومية وعبر رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس عن دعمه «للحقوق السيادية» لجمهورية قبرص.

الأزمة تتوسع لتشمل مصر

قبل نحو أسبوع، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط في المستقبل القريب، مشدداً في تصريحات لصحيفة يونانية على أن «التنقيب عن هذه المصادر وإجراء دراسات عليها يعد حقا سياديا لتركيا»، مؤكداً أن «الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص لا تحمل أي صفة قانونية».
وأوضح جاويش أوغلو أن تركيا تقدمت بطلب لرفض الاتفاقية بين مصر وقبرص، معتبراً أن «الاتفاقية تنتهك الجرف القاري التركي عند خطوط الطول 32، و16، و18 درجة»، محذراً من أنه «لا يمكن لأي دولة أجنبية أو شركة أو حتى سفينة إجراء أي أبحاث علمية غير قانونية أو التنقيب عن النفط والغاز في الجرف القاري لتركيا والمناطق البحرية المتداخلة فيه».
وفي ديسمبر/كانون الأول 2013، وقعت مصر وقبرص الرومية اتفاقية إطارية تهدف إلى استغلال المصادر الطبيعية الممتدة عبر «منطقة اقتصادية خالصة» لهما شرق البحر المتوسط.
وردت القاهرة على هذه التصريحات بقوة، محذرة من «محاولة المساس بالسيادة المصرية في ما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بها في شرق المتوسط»، مؤكدة أن ذلك محاولة «مرفوضة وسيتم التصدي لها»، في خطوة تزيد التوتر بين القاهرة وأنقرة والمتصاعد منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد: «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها»، مشيرًا إلى أنها «تتسق وقواعد القانون الدولي وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة». كما أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري «صحة الاتفاق البحري مع قبرص بموجب القانون الدولي»
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، زار العاصمة القبرصية نيقوسيا، في نوفمبر الماضي، وأكد على «موقف مصر الداعم لحقوق قبرص الشرعية في استغلال ثرواتها الطبيعية في منطقتها الاقتصادية الخالصة»، فيما تثير مفاوضات جارية لترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان ومفاوضات أخرى لشراء القاهرة الغاز القبرصي غضب ومخاوف أنقرة التي تعترض على بيع الغاز القبرصي.

لبنان وإسرائيل في قلب الصراع

وفي إطار السباق الحميم على التنقيب واستخراج النفط من شرق المتوسط، أُعلن الخميس عن اكتشاف حفل ضخم للغاز قبالة سواحل قبرص، فيما أعلن لبنان الجمعة توقيع أول اتفاقات التنقيب والإنتاج للنفط والغاز البحريين في منطقتي امتياز يقع جزء من إحداهما في المياه المتنازع عليها مع إسرائيل، وذلك عقب أيام من تبادل التهديدات والإدانات بين لبنان وإسرائيل بشأن العطاء، وسط تزايد التوترات بخصوص الحدود البرية والبحرية.
ويقع لبنان في حوض شرق البحر المتوسط الذي جرى فيه اكتشاف عدد من حقول الغاز البحرية الكبرى منذ عام 2009، كان أبرزها حقل ظُهر الواقع قبالة السواحل المصرية والذي يحوي احتياطيات تقدر بواقع 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز، والذي تم الإعلان عن اكتشافه عام 2015.

الصراع على الغاز بين تركيا واليونان يدخل مرحلة جديدة من التصعيد ويمتد ليشمل مصر في «شرق المتوسط»
تهديدات متبادلة تثير المخاوف من حصول اشتباك بين أطراف الصراع
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد صلاح:

    تركيا اردوغان بتلعب بالنار
    تركيا ذات السواحل الطويلة على
    المتوسط لم تثبت الأبحاث عن
    وجود غاز بها
    والمناطق البعيده عن سواحلها
    اكتشف كنوز من الغاز بها
    وعلى طريقة قراصنه العصور
    الوسطى
    تركيا ترسل سفنها للاستيلاء
    على كنوز غيرها
    حلف الاطلنتى يحذرها من
    الاعتداء على اى دولة فى الحلف
    مصر تحذره من الاقتراب من مياها الاقتصادية
    وأردوغان عايش وهم العصور الوسطى
    وهو الخاسر الوحيد من مغامراته الفاشلة

إشترك في قائمتنا البريدية