الضربة الأمريكية لسوريا: وشيكة جدا… لكن محدودة

حجم الخط
10

الكل يتحدث، يرعد ويزبد ويهدد، يدافع أو يختلق الأعذار، إلا هو: بشار الأسد.
خذ راحتك الآن في التحليل وفسر الأمر كما تفهم أو تريد: الرجل مرعوب، لا يعلم ماذا يقول، لا يدري كيف سيدافع عن نفسه، طلب منه حلفاؤه السكوت، لا..لا.. هو غير عابئ بأي شيء، لا يهمه رأي العالم فيه، شديد الثقة ببراءته، فقد الثقة في فهم العالم له ناهيك عن تفهمه أو إنصافه… إلخ.
الكل يخوض مع الخائضين في ما يتعلق بما جرى في دوما إلا هو فقد قرر أن يلوذ بالصمت، مع أن «بشار الآخر»، بشار الجعفري اعتبر كل ما جرى «حملة شعواء تفتقر إلى الحد الأدنى من المصداقية» نظرا إلى استنادها إلى «معلومات مفبركة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي» وساهمت في ترويجها «المجموعات الإرهابية» ومن يقف معها. واللافت هنا أن الجعفري هنا لم يكن أول من بادر أمام مجلس الأمن للإعلان عن استعداد حكومته لاستقبال بعثة تحقيق من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية «فورا» للذهاب لمعاينة مسرح الاستعمال «المزعوم» للأسلحة الكيميائية في دوما بالغوطة الشرقية فقد سبقه المندوب الروسي الذي قال إن دمشق مستعدة لاستقبال مثل هذه البعثة «غدا» في تجاوز بين على نظام تقول إنها جاءت لإنقاذه والحفاظ على سيادته!!
روسيا تجد نفسها اليوم في وضع ربما أسوأ بكثير من وضع حليفها في دمشق فما يتضح إلى حد الآن هو أن جزءا أساسيا من هذه الهبة الدولية ضد نظام بشار الأسد، الذي استعمل السلاح الكيميائي لعشرات المرات من بينها ثمانية خلال العام الجاري فقط، تبدو موجهة في المقام الأول إلى موسكو الذي تحولت تدريجيا في الأسابيع الأخيرة إلى «مطارد» في كل المحافل بعد حادثة تسميم العميل الروسي السابق وما أعقبها من موجات طرد دبلوماسيين متبادلة بينها وبين واشنطن وعواصم دولية عديدة أخرى.
ما يجري الآن من ردود غاضبة تمهد لعمل عسكري وشيك في سوريا لا يتعلق فقط بأن الأسد بالغ في غيــّه وإنما أيضا بضرورة وضع حد لــ «تنمر» روسيا الذي بلغ هو الآخر حدا لم يعد يحتمل. لقد وصل الأمر بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن صرح بأنه تم تفقد الموقع المفترض لاستعمال الأسلحة الكيميائية في دوما ولم يعثر فيه على أي دليل على الاتهامات التي سيقت في هذا الشأن، و ذلك بعد تصريحات لمسؤول روسي آخر أشار فيها إلى أن بلاده سبق لها أن نبهت من احتمال إقدام «المجموعات الإرهابية» في سوريا على استعمال أسلحة كيميائية بغرض إلصاق التهمة لاحقا بالنظام.
إذن موسكو ليست على قلب رجل واحد في محاولاتها إبعاد التهمة عن بشار الأسد فرأيها لم يستقر بعد بشكل نهائي على نفي الحادثة برمتها جملة وتفصيلا أو إلصاقها بالمسلحين. يزداد الأمر صعوبة عندما لا توجد فيه استجابة لدعوات إنشاء لجنة تحقيق فيما جرى رغم كثرة الحديث عن ضرورة «تحديد المسؤوليات» أو اللجوء إلى تلك اللغة المائعة التي استعملها المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا الذي فضل في كلمته أمام مجلس الأمن الإثنين أن يترك كلامه حمال أوجه في كل الاتجاهات، يرتاح له النظام وخصومه في نفس الوقت، فهو لم يكن حاسما قي أي شيء مؤثرا المنطقة الرمادية الآمنة.
وبغض النظر عما ستؤول إليه المداولات الحالية في مجلس الأمن فإن الضربة العسكرية الأمريكية على سوريا مرجحة ووشيكة رغم أن نقطتين هامتين لم يتضحا بعد بشأنها: الأولى من يمكن أن يشارك فيها إلى جانب الولايات المتحدة وما المدى الذي يمكن أن تصل إليه:
بالنسبة إلى شركاء واشنطن المحتملين في الضربة تبدو فرنسا الأقرب إلى الانخراط بدرجة أو بأخرى في ما يعتزم الرئيس ترامب القيام به وربما بدرجة لا تبعد عنها كثيرا بريطانيا وألمانيا، لا سيما وأن لندن تبدو متشوقة إلى نوع من الرد على ما قامت به موسكو ضدها وبإمكانها هنا أن تحمي ظهرها بمشاركة جماعية تبعد عنها مخاطر التصدي منفردة لروسيا.
أما بالنسبة إلى المدى، فالكل يكاد يجمع أن الضربة آتية لا محالة لكن واشنطن لن تتورط أكثر مما يجب ولن تجازف بأكثر من الوصول إلى مشارف خط المواجهة المباشرة مع موسكو على الأرض السورية دون أن تجتازه. وكما قال المبعوث الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في مقابلة أمس إلى شبكة «سي أن أن» الأمريكية فإن العالم «سيساند ضربة أمريكية» ضد نظام بشار الأسد ولكن «الشعب الأمريكي لا يتحمل دخول بلادهم حربا في سوريا».
صحيح أن واشنطن تمتلك «خيارات عسكرية كثيرة» على الطاولة وفق تعبير الرئيس ترامب لكن جميعها في النهاية ستكون حريصة على مراعاة «حدود معينة للتحرك» على حد وصف نائب الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. ولهذا ورغم كل الضجيج الحالي، لن تكون أي ضربة مقبلة لسوريا نوعية أو حاسمة فكل من واشنطن وموسكو يدركان جدا أن شعرة معاوية بينهما يجب ألا تقطع أبدا… لكن إلى متى؟!!

٭ كاتب وإعلامي تونسي

الضربة الأمريكية لسوريا: وشيكة جدا… لكن محدودة

محمد كريشان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    نعم وشيكة لكنها ليست محدودة
    فترامب يريد ضرب جيش بشار لحماية جيش الأكراد بعد خروج القوات الأمريكية من سوريا ! ولذلك تأخرت الضربة !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول م ح الجزائر:

    انتم معشر العملاء من افسد العام لعالم العربي.من الافضل أن تقدموا لترامب شيء افضل

  3. يقول سامح //الأردن:

    *(أمريكا ) والغرب لن تحارب نيابة عن (العرب )؟
    لهم مصالح وحسابات خاصة بهم
    بعيدة عن الضمير و(الإنسانية)..؟؟؟
    *ألم تفشل أمريكا تحرك مجلس الأمن
    ضد المجرمة(إسرائيل)؟؟؟
    *(أمريكا وروسيا) يلعبان بالعرب
    ويعتبرونهم سذج وحمقى..
    سلام

  4. يقول جمال كردستاني:

    السيد الكروي
    لادخل للكرد في الموضوع

  5. يقول Dinars:

    انتقمت أوروبا وأمريكا من الشعب السوري حتى لأن في نهضته إزعاج للغرب بصفة عامة فانتقم بوتين من الغرب باختراقه والإستيلاء على معطياتة في شتى المجالات ثم زاردت روسيا توريطا للغرب في سوريا بدعمها بشار كما دعمه الغرب. في النهاية جميعهم أجرم في حق الشعب السوري.
    قوى الشر لأنها تقتات على دماء الشعوب تدعم كل حاكم مُفسد مع أن العالم يقتضى التعامل مع شعوب حرة تزيد منفعتها كلما كان هناك تعاون ثنائي. لكن الشر لا يخدم غير الشر.

  6. يقول خليل ابورزق:

    بالنسبة لبشار و زمرته فان الضربة الامريكية يمكن تكون مكسبا معنويا له يظهر فيه امام العالم انه قلعة المقاومة..اما دمار سوريا و الجيش السوري فانه آخر ما يفكرون به.. اليس هذا ما حدث طوال السنوات الماضية؟؟
    بالنسبة لامريكا فان ما يهمها تأكيد دورها في البلطجة على كل الدول الضعيفة (غالبا هي ضعيفة بسبب عدم شرعية الحكم فيها). اما بالنسبة لبريطانيا و فرنسا فهي العقدة الاروبية المزمنة من روسيا و تركيا. و بالنسبة لاسرائيل فهو رعب اللص الدائم.
    و الضحية هي الشعب السوري.

  7. يقول المغربي-المغرب:

    عندما تقرا وتسمع وتتابع تشوق ولهفة البساوسة العرب…-نسبة الى الخالة البسوس وناقتها- لحصول القصف الامريكي الذي لن يقدم او ياخر سوى في عملية الدفع بالملايير والحسابة بتحسب…تعتقد ان مكان القصف وهذفه سيكون قواعد ومطارات الكيان الصهيوني عقابا لهم على مذابح غزة الاخيرة…ولكن عندما تعرف ان المكان المقصود هي ارض العرب انفسهم كما حصل سابقا في العراق وليبيا…تاخذك الدهشة من فداحة الانفصام الذي وصلت اليه نفسية الانسان العربي…الذي اصبح مجرد اداة لتمويل الحروب الامريكية…والترويج لها …وصبوا ها القهوة زيدوها هيل…صبوها للنشامى على ظهور الخيل…اي في الماضي السحيق عندما كان لايزال هناك من يصلح ليكون من النشامى…!!!.

  8. يقول محمد جبرؤوتي - ألمانيا:

    لم لا يتم قصف مفاصل النظام ورأس الأفعى السامة.

  9. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    الكل رابحون من هذه القصة عدا الشعب السوري. النظام فعلا سيظهر بالمقاوم, ايران تباكت على عدة جنود , نتنياهو قام بشيء ما , روسيا تدافع, أمريكيا وفرنسا يظهران بالمهتم بحقوق الانسان- وهذه هي المؤامرة ان يستمر ذبح الشعب السوري بالسلاح التقليدي.
    الكيماوي لم يكن خطرا على السوريين وضحاياه معددودين وهو الشماعه والتغطيه لاستمرار الذبح.

  10. يقول كريم الياس/فرنسا:

    لقد اوغل هذا المجرم الذي يسمى جُزافا الأسد….في اجرامه و لم يجد من يردعه او يخلصنا منه و للابد…و الجميع يعرف سيناريو المسرحية التي تديرها القوى العظمى الموثرة.. تدمير ذاتي لسوريا و شعبها و نسيجها …بطله مجرم سفاح ، استاسد على شعبه ، قتلهم و شردهم و الباقي جعلهم كالقطعان التاءهة في مشارق الأرض و مغاربها..كل هذا باسم شعارات زاءفة تافهة ، تفاهة أصحابها.. من قبيل الممانعة و المقاومة.. و اخيرا المماتعة…متى ستحين ساعة هذا المجرم الذي أهدى للاعداء هدية لا تقدر بثمن، لم تكن تخطر على بالهم و لا حتى في الاحلام ، إنها خراب سوريا و قتل شعبها ( بالمجان ) …آه منكم أيتها الأنظمة العفنة النجسة. و شكرا لقدسنا الموقرة

إشترك في قائمتنا البريدية