القاهرة ـ «القدس العربي» : لا يزال الاهتمام الأكبر للصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 19 ديسمبر/كانون الأول وكذلك الغالبية متركزا على حادث تفجير الكنيسة البطرسية، وتشديد الحراسات على الكنائس ووضع بوابات إلكترونية عليها بمناسبة قرب أعياد الميلاد.
وإن كان زميلنا الرسام في «الأخبار» عمرو فهمي قد أخبرنا أنه عيد ميلاد لا بهجة فيه لأنه شاهد بابا نويل يسير في أحد الشوارع ورأى مواطنين بائسين يقول أحدهما للثاني: «كنت فاكر أنه حيديني هدية أتاريه ضاربة السلك وجاي يستلف قرشين».
ومع ذلك استعدت الفنادق لحفلات رأس السنة، وأبرزت الصحف أنباء الزيارة السريعة والمفاجئة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لأوغندا، وهي إحدى دول حوض نهر النيل، والاجتماع مع رئيسها يوري موسيفيني لبحث عدد من المشروعات التي من شأنها زيادة موارد نهر النيل. كما نشرت الصحف خبر قرار نيابة غرب القاهرة الكلية بإحالة معاون مباحث قسم شرطة الأميرية النقيب كريم مجدي وثلاثة من أمناء الشرطة للتحقيق، وحبسهم أربعة أيام بتهمة تعذيب المواطن المسيحي مجدي مكين حتى الموت. وكان الرئيس السيسي قد طلب من وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار موافاته بكل المعلومات عن الحادث. وقدم الوزير تسجيلات كاميرات القسم التي أوضحت عملية التعذيب، كما أن تقرير الطب الشرعي أثبته، وقال إن الضابط والأمناء الثلاثة ألقوا مجدي على وجهه ووقفوا فوق ظهره بعد شد يديه من الخلف بحبل، مما أدى إلى كسر في صدره وتسرب عظمة إلى شرايين الجسم أدت إلى وفاته. وأجتذبت الأخبار عن ارتفاع أسعار الأدوية المستوردة والمنتجة حاليا بنسبة 50٪ على مراحل، اهتمامات عشرات الملايين المصابين بمختلف الأمراض من سرطان إلى أمراض القلب وضغط الدم والسكري وغيرها.
بعد ذلك اهتمت كل فئة أو محافظة بما يمس حياتها، فالصحافيون يتابعون بقلق الأزمات المالية التي تتعرض لها الصحف بسبب ارتفاع أسعار الورق وأدوات الطباعة وقلة الإعلانات، بما يهدد استمرارها، أو الاستغناء عن بعض العاملين فيها، ومنها صحف كانت تتمتع بمراكز مالية قوية، مثل «المصري اليوم». ولجوء صحف أخرى إلى خفض المرتبات وصرفها كل عدة أشهر، ما أدى إلى زيادة الأعباء على نقابة الصحافيين والدولة، لأن صحفا خاصة كانت قد أغلقت وكانت لا تدفع للصحافيين أجورا، أو التأمينات الاجتماعية التي كان يتحملها الصحافي مقابل إعطائه ما يفيد عمله فيها ودفعها التأمينات له، حتى على العضوية وبالتالي بدل التكنولوجيا الشهري الذي تصرفه النقابة ويتخطى الآن الألف جنيه وتتسلمه من الحكومة أيضا. كما اهتم أبناء عدد من المحافظات بالمشروعات التي سيتم افتتاحها فيها قريبا وتستوعب عددا من العمالة منهم. وواصلت الصحف الاهتمام بمسلسلات رمضان المقبل التي يتم إعدادها. ومن الأخبار المؤسفة وفاة الأستاذ في كلية الطب الكاتب الدكتور طارق الغزالي حرب شقيق زميلنا وصديقنا الدكتور اسامة الغزالي حرب فإلى رحمة الله. وإلي ما عندنا..
الكنيسة البطرسية
ونبدأ بحادث تفجير الكنيسة البطرسية الواقعة داخل مقر الكاتدرائية المرقسية، حيث سخر يوم الأحد زميلنا في «الأخبار» حازم الحديدي في بروازه «لمبة حمرا» من الأمن قائلا: «لا أتحدث عن الغياب الأمني وإنما أتحدث عن الحضور اللي زي عدمه، عن الوجود اللي مش موجود، هذا ما يجب أن نتحدث عنه ونلفت النظر إليه حتى لا يتكرر حادث الكنيسة، أو المسجد، وحتى لا تمتد الحوادث والانفجارات إلى أماكن أخرى من تلك التي يحرسها رجال الشرطة حراسة انتساب لا يشترط فيها حضور العقل ولا التركيز ولا الشك الذي هو أحيانا من حسن الظن».
تقصير أمني
وفي عدد «الأخبار» نفسه هاجم زميله محمد البهنساوي في بابه «حروف ثائرة» ما اعتبره تقصيرا أمنيا بقوله: «ربما لم يكن في مقدور أجهزة الأمن مثلها مثل دول عديدة، بعضها متقدم، أن تمنع انتحاريا من تفجير نفسه في الكنيسة البطرسية، وقد يستحق الأداء الأمني الإشادة في سرعة كشف هوية منفذ هذا العمل الإرهابي، لكن هل يمكن أن نقر بغياب القصور والتقصير الذي يعد ظلما للبلد ولأجهزة الأمن. والقصور الذي أتحدث عنه هنا ليس أمنيا فقط، لكنه متعدد الجوانب. وفي ما يخص التقصير الأمني في هذا الحادث فليس معناه عدم منع الإرهابي من تفجير نفسه لحظة اقتحام الكنيسة، لكن يسبق ذلك بكثير، فهذا الإرهابي طبقا لبيان الداخلية مفرج عنه بعدة قضايا منها، التحريض على العنف وحمل سلاح بدون ترخيص وقضايا مشابهة لشقيقه، بجانب ما تردد عن سفر الانتحاري لسيناء وتواصله مع قيادات في «بيت المقدس» والإخوان، فهل كل هذا لم يلفت نظر الأمن ويدفعه لوضعه تحت أعينهم. وأعتقد أني لست الأول ولن أكون الأخير الذي يتحدث عن إجراءات تأمين منطقة الكاتدرائية قاطبة، فهي من أكثر المناطق حساسية واستهدافا، فهل تكون مستباحة لأي شخص أن يخترق سياجها ويدلف لقلب الكنيسة ويتواجد بين نسائها وأطفالها ويقتل ويروع أناسا وهم خاشعون في صلواتهم خاضعون ضارعون لربهم؟ أليس هذا قصورا شديدا في المراقبة والتأمين؟».
بوابات إلكترونية لحماية الكنائس
لكن زميلنا يوسف سيدهم رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة «وطني» القبطية التي تصدر كل أحد كان له رأي آخر مختلف تماما، إذ قال في مقاله في الصفحة الأولى: «اهتز ضمير مصر بالحادث الإرهابي اللعين الذي فجر الكنيسة البطرسية وسط صلوات القداس الإلهي الأحد الماضي، ليرسل 23 من المصلين شهداء إلى السماء، ويترك 49 آخرين مصابين في يد العناية الإلهية والرعاية الطبية. سيناريو كارثي يعيد للأذهان حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية منذ ست سنوات، ولكن بين الحادثين مسلسلا طويلا بغيضا من لدغات الإرهاب، لم ينج منها قطاع من المصريين – مسلمين ومسيحيين- بل وقع انفجار الكنيسة البطرسية ولم تكن دماء ضحايا كفر الشيخ وكمين شرطة شارع الهرم قد جفت بعد. اهتز ضمير مصر لكن لم يهتز إيمان المصريين بوطنهم ولا بقيادتهم. انفجر غضب الأقباط لكن لم ينفصلوا عن إخوتهم المسلمين – باستثناء قلة ضلت طريقها واستباحت التعريض بمن جاءوا يشدون من أزرنا ويشاركوننا ألم المحنة، ولأولئك أعتذر- وها هي مصر قد أعلنت الحداد الرسمي ونكست أعلامها ثلاثة أيام، واحتضنت الأعلام المصرية نعوش الشهداء في جنازة رسمية مهيبة، لتبرهن علي حزنها - وليس انكسارها- وتكريمها لضحايا الجريمة النكراءالآن، والآن فقط سيجد الأقباط إجراءات أمنية غير مسبوقة عند دخولهم الكنائس. الآن، والآن فقط ستوضع البوابات الإلكترونية في الكنائس التي خلت منها وستفعل البوابات الإلكترونية في الكنائس التي كانت مزودة بها. وسوف يلمس الأقباط انضباطا وصرامة وتفتيشا وتدقيقا، أرجو ألا يتذمروا منه عند دخولهم الكنائس، كما أرجو ألا يكون الغربال الجديد له شدة وتطبق هذه اليقظة إلى حين قبل أن تعود مرة أخرى للاسترخاء والتراخي لتقدم هدية أخري للشر والإرهاب».
صمت الأجراس
ورغم هذا الكلام ليوسف سيدهم فإن بعض الشباب المتحمسين من الأقباط دعوا إلى عدم قيام الكنائس بضرب الأجراس في عيد الميلاد، وهو ما دفع زميلنا وصديقنا حمدي رزق إلى تحذيرهم يوم الأحد في عموده اليومي في «المصري اليوم» (فصل الخطاب) وقوله: «كامل الاحترام لمشاعر إخوتنا المسيحيين، الحزن يلف الرؤوس ويعشش في القلوب، ويلقى بسدوله على نوافذ البيوت. ومفهوم غضبة الشباب لهم العذر كل العذر، لماذا هم دوماً هدف لانتقام الإرهابيين المتشحين بالدين، والإسلام منهم ومن إرهابهم براء؟ الدعوات الغاضبة التي تدعو للإمساك عن احتفالية عيد الميلاد وتدعو إلى صمت الأجراس تنسى وتتناسى أن الميلاد ليس عيداً مسيحياً، ولكنه عيد مصري يحتفل به كل المصريين إلا المرجفين الكارهين، وأن أجراس عيد الميلاد ليست طقساً مسيحياً، ولكنها طقس مصري ومصر لا تكون مصر التي نعرفها إلا إذا قرعت أجراس الميلاد فرحة بميلاد المسيح عليه السلام. إن صمتت أجراس الميلاد هذا ما يغبط المجرمين هؤلاء يودون لو غُلّقت الكنائس على من فيها وصمتت أجراسها وأطفئت أنوارها، ويكرهون إجازة يوم 7 يناير/كانون الثاني كراهية التحريم. ويحرمون تهنئة المسيحيين بالميلاد المجيد وطفقوا يلومون الرئيس وينعتونه بكل نقيصة فقط لأنه أسس لزيارة رأس الدولة إلى الكاتدرائية يوم الميلاد، وحضور القداس وتهنئة البابا والشعب المسيحي بالعيد. هذه الدعوات الغاضبة التي تصدر عن حزن وحداد تمكن هؤلاء المجرمين من أهدافهم ولأصحاب الدعوات من الشباب المسيحي عليهم أن ينظروا هدف التفجير في مكانه وتوقيته».
مسؤولية الدولة
وإلى «الشروق» عدد يوم الأحد حيث قدم الدكتور إبراهيم عوض أستاذ الدراسات العامة في الجامعة الأمريكية في القاهرة تصورا آخر في مقاله فقال: «اختلطت مشاعر الحزن بالغضب بالتنديد بالتقصير الفادح للأمن في الاضطلاع بمسؤولياته في ردود فعل الرأي العام على تفجير المصلّيات والمصلّين الخاشعين في الكنيسة البطرسية، أثناء قداس يوم الجمعة 9 ديسمبر/كانون الأول. اتجاه في الرأي ساد في الصحافة المسماة بالقومية، وفي كل البرامج التلفزيونية تقريباً ركّز على جبن الجريمة، وعلى خساسة الإرهاب وعدم تورعه عن ارتكاب أبشع الفظائع ضد المواطنين، وعلى اعتدائه المستمر على الدولة. هذا الاتجاه اهتم أيضاً بإبراز إسراع الدولة على أعلى مستوياتها إلى تكريم من استشهد في التفجير والعناية بضحاياه من الجرحى، وإلى الكشف عن مرتكبي الجريمة، وإلى إعادة التأكيد على متانة الوحدة الوطنية. اتجاه ثان في الرأي نظر إلى الجريمة في إطار فكري أوسع. هذا الاتجاه شدّد على أن هناك تيارا عالي الصوت، ذا نفوذ وإمكانيات، هو التيار السلفي، لا يكفّ عن بث البغضاء ودعوة من يستمعون إلى الناطقين باسمه إلى كراهية الملايين من المصريين، هم الأقباط، وازدراء دينهم، والعجب هو أن هذه الدعوة مصحوبة بزعم السمو الأخلاقي لمن يمارس الكراهية والازدراء. أصحاب هذا الاتجاه الثاني في الرأي يعتبرون، ومعهم كل الحق في ذلك، أن دعوات البغض والكراهية والازدراء تهيئ البيئة التي تفرز الإرهابيين، وهم يطالبون بإغلاق المجال المفتوح على مصراعيه أمام التيار السلفي، الذي يهدد بخطابه التكامل الوطني المصري وسلامة الوطن.. إلّا أن ثمة اتجاهاً ثالثاً في الرأي يذهب إلى أبعد من ذلك في تفسير المسؤولية عن تفجير الكنيسة البطرسية والجرائم الطائفية المتكاثرة في العقود الأخيرة، بل وعن انتشار كل دعاوى الفرقة والتمييز والانقسام والكراهية. لدى أصحاب هذا الرأي، المسؤولية هي مسؤولية الدولة، ليس فقط لقصورها الأمني وبسكوتها عن جريمة هي خطاب الكراهية، وإنما بمحاربتها المستمرة منذ عشرات السنين للتنوع والاختلاف والتعدد في النظام السياسي».
امرأة لا تشبه النساء
وفي «الوفد» قام زميلنا وصديقنا عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد عبد القدوس بمهاجمة المرأة التي يقال إنها اشتركت في عملية تفجير الكنيسة، وقال في بروازه اليومي «حواء بالدنيا»: «اليوم يمر أسبوع كامل على تلك المأساة التي جرت بتفجير كبرى الكنائس المصرية في قلب القاهرة. وأصابتني الدهشة بعد ما تبين أن أحد المقبوض عليهم واحدة من بنات حواء، لا شك أنها امرأة شاذة وأخلاقها شرسة، ويبدو أنها زوجة أحد المجرمين في القضية، وصدق من قال الطيور على أشكالها تقع، فهي تليق به. والجدير بالذكر أنه لا يتم القبض على النساء في العمليات الإرهابية إلا على سبيل الاستثناء، فالرجال تراهم يحتكرون القيام بتلك المصائب البشعة».
فتش عن الفقر
وبمناسبة الحديث عن النساء والعمليات الإرهابية فقد شاركت زميلتنا الجميلة في «الأسبوع» أمس الاثنين تهاني تركي بقولها: «فتش عن الفقر هذا هو العنوان الأبرز الذي يتبادر للأذهان منذ لحظة الكشف عن هوية مرتكب الجريمة، فالشاب الذي كشفت وسائل الإعلام الغطاء عن حياته الأسرية، ينتمي لأسرة فقيرة تعيش في محافظة الفيوم، غيب الموت عائلها فتولت الأم تربية الأبناء الستة، يساعدها في ذلك شقيقه الذي يعمل على «توك توك». غاب الابن منذ عام وكان يكتفي بمكالمات تليفونية مع والدته، بالطبع فإن هذا الأمر يكاد يكون طبيعيا في بيئة تعاني الفقر والعوز، ولا تملك القدرة المعنوية ولا المادية على احتواء أبناءها وانتشالهم من براثن التطرف والجريمة. التطرف يجد بيئة خصبة، حيث يوجد الفقر ويستطيع المتطرفون أن يتغلغلوا في النفوس وأن يطمسوا معالم العقول بكل سهولة ويسر تحت دعاوى مغلوطة يجتمعون فيها خلف ستار الدين، ولأن المتلقي لم يجد تعليما ولا تثقيفا دينيا فإنه يقع فريسة سهلة لكل الأفكار الهدامة، ومن هنا لابد أن تعي مؤسسات التنشئة دورها جيدا في تحصين الأجيال الشابة من مخاطر الانسياق وراء هذه التيارات لأن تراجع هذه المؤسسات عن القيام بدورها في الأونة الأخيرة كان هو القاسم الأعظم لما نجني ثماره الآن».
نبيل زكي: الكنيسة أقدم
مؤسسة شعبية مستقلة مصرية
ومن «الأسبوع» إلى «أخبار» أمس الاثنين، حيت ألقى زميلنا وصديقنا نبيل زكي أضواء جديدة لأسباب العداء للكنيسة القبطية المصرية بقوله: «لماذا يكره شياطين التطرف الأعمى وقادة الإرهاب الكنيسة المصرية؟ السبب أنها كنيسة وطنية، والإرهابيون يجاهرون بالعداء لفكرة الوطن والوطنية، ولا يشعرون بالانتماء لمصر، ومما يساعد على تسهيل مهمتهم أنه لا توجد في مناهج التعليم تلك الوقائع والحقائق التاريخية التي تؤكد أن الكنيسة هي أقدم مؤسسة شعبية مستقلة على أرض مصر، وأن لهذه الكنيسة مواقف وطنية لا تنفصل عن تكوينها ومقوماتها، ذلك أنك تستطيع أن ترى مصر في طقوس كنيستها وفي التقليد الإسلامي المصري بذكر فضائلها. وبسبب رفض الكنيسة للهيمنة الثقافية الخارجية على الأمة ظلت مصر الدولة العربية الوحيدة التي لا تمزقها العصبيات والنعرات العرقية والطائفية والمذهبية، ولا يعرف القادمون من أزمنة الهمجية أن الكنيسة المصرية رفضت الاعتراف بسيادة كرسي بابوية روما، مقابل بسط الحماية على الأقباط. كما رفضت الكنيسة طوال تاريخها أي نوع من أنواع التدخل التي أراد الغرب فرضها عليها تحت عنوان الحماية الدينية، ولم تقبل اعتبار الأقباط أقلية لأن هذا التعبير لا يليق بأبناء الوطن الواحد.
وقام الفرنجة بعد هزيمتهم أمام جيش حلب عام 1119 بتجريد المسيحيين من أهل الشام من سلاحهم ومنعهم من مغادرة بيوتهم خوفا من تعاونهم مع جيش حلب. ووقف المسيحيون الذين كانوا يعيشون في القدس إلى جانب صلاح الدين الأيوبي، ويوجد على جدران الكنيسة المعلقة في مصر القديمة، عهد قدمه عمرو بن العاص لحماية الكنيسة يلعن فيه كل من يحاول تدميرها أو الاعتداء على جزء من أجزائها، وعندما انتشرت شائعة أيام محمد علي بأن البابا كيرلس طلب منه إعفاء الأقباط من الخدمة العسكرية، أصدر بيانا تمت تلاوته في جميع الكنائس جاء فيه، حاشا لله أن أكون جبانا بهذا المقدار فأفتري على أبنائنا بتجريدهم من الميل لخدمة بلادهم حق الخدمة والمدافعة عنها».
«الإدارة التلفزيونية» لسياساتنا الخارجية
«هل يحتاج أداؤنا في مجال السياسة الخارجية إلى إعادة نظر؟ كان هذا سؤال الكاتب محمود خليل في «الوطن» ويجيب عليه قائلا: «أظن أن هذا السؤال جدير بالطرح، يدلل على ذلك مآل الحال في العلاقات المصرية الخليجية من ناحية، وفي ملف سد النهضة من ناحية أخرى. لست بحاجة إلى أن أحدثك عن حالة التوتر التي تسيطر هذه الأيام على ملف العلاقات المصرية الخليجية، التي كان أبلغ مؤشراتها البيان الأخير الصادر عن مجلس التعاون الخليجي للتعبير عن رفضه الزج باسم قطر في البيان الصادر عن وزارة الداخلية المصرية، للإعلان عن تفاصيل القبض على الخلية الإرهابية المسؤولة عن تفجير الكنيسة البطرسية. البيان في تقديري لم يأتِ بجديد، بل عكس بشكل رسمي معلن ما هو مستتر في الضمائر، خصوصاً الضمير السعودي، وقد تأكد هذا الأمر في الزيارة التي قام بها مستشار عاهل المملكة لدولة إثيوبيا وتفقده لأعمال البناء في سد النهضة. ويبدو أن أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا وصلت هي الأخرى إلى طريق مسدود، بعد الخطوة غير المحسوبة التي اتخذتها مصر بتوقيع ما أطلق عليه إعلان المبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان، الذي تضمن اعترافاً مصرياً صريحاً بمبادئ اتفاقية عنتيبي، في الشق المتعلق بحق دول النيل في استغلال مياهه في المشروعات التنموية، والشق المتعلق بتجاوز مبدأ الحقوق التاريخية، الذي استندت إليه مصر لسنوات طويلة في الحصول على حصتها من مياه النيل. ولست بحاجة إلى تذكيرك بأن السياسة الخارجية المصرية لم تفلح في إثناء السودان عن موقفه الداعم لمشروع سد النهضة وخطة إثيوبيا في ملئه. والمشكلة أن عدم التوفيق في إدارة الملفين الخليجي والإثيوبي له تداعيات شديدة السلبية على الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية والتنموية في مصر. أسلوبنا في إدارة علاقاتنا الخارجية أصبح بحاجة إلى وقفة، وأهم ما يجب أن يراجع فيه مجموعة الأسس التي استندت إليها هذه الإدارة في تعاملاتها خلال السنوات الماضية، أول هذه الأسس يمكن تحديده في «الإدارة التلفزيونية لسياساتنا الخارجية». لعلك تذكر الحركة التلفزيونية التي أطاح فيها وزير الخارجية سامح شكري بميكروفون قناة «الجزيرة» وما قوبلت به من حفاوة، ولعلك تذكر أيضاً الحفاوة التي قابل بها الإعلام التوقيع على اتفاقية المبادئ مع إثيوبيا، والدفاع التلفزيوني المستميت عن سعودية جزيرتي تيران وصنافير. لقد اعتمدنا على أسلوب يمكن وصفه بـ«أسلوب اللقطة» في إدارة علاقاتنا الخارجية، وهو أسلوب كان يشبع رغبتنا في التهليل لأنفسنا للحظات، لنلبس بعدها مشكلات يمكن أن نعاني منها لسنين. ثاني هذه الأسس ضرورة أن يتخلى المسؤول الأول عن ملفاتنا الخارجية، (وزير الخارجية) عن وظيفة السكرتير التي تكرست في عصر مبارك. في حدود ما أذكره لم يقدم وزير خارجية مصري استقالته طيلة ثلاثين عاماً من حكم مبارك، وعلى مدار ما يقرب من ست سنوات من ثورة يناير/كانون الثاني 2011. لم يحدث أيضاً أن قدم وزير خارجية استقالته. حدث ذلك فقط في عصر الرئيس الراحل أنور السادات، حين قدم إسماعيل فهمي وزير الخارجية استقالته عام 1977، اعتراضاً على زيارة السادات لإسرائيل، وأعقبه محمد إبراهيم كامل باستقالة من منصبه كوزير للخارجية اعتراضاً على قبول السادات لبعض الشروط في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. غير كده كله سكرتارية».
لا أحد يصدق كلامنا
ونبقى في «العدد نفسه من «الوطن» ومقال عماد أديب الذي يرى أنه لا أحد يصدق كلامنا يقول: «في المدارس الابتدائية في الخمسينيات كانوا يدرسون قصة الصبي الكاذب والذئب. والقصة الشهيرة تقول إن صبياً اعتاد الكذب كان يسعى إلى إخافة أشقائه حينما يصرخ بين الوقت والآخر: «الذئب.. الذئب سوف يلتهم قطيع الغنم»، ويجري الجميع خلف الجبل مهرولين باحثين عن الذئب، ولكن لا يجدون شيئاً وسط ضحكات الصبي الساخرة. وذات يوم سمع الجميع صرخات الصبي المعتادة «الذئب.. الذئب»، فلم يتحرك أحد بعدما اعتادوا كذبته المعتادة. في هذه المرة كان هناك – بالفعل- ذئب التهم الغنم والتهم الصبي. هكذا حال التصريحات الرسمية لأي جهة حكومية مصرية، لم يعد أحد يصدقها حتى لو كانت حقيقية وصادقة 100٪. 65 عاماً من الوعود الكاذبة، والتصريحات المزورة، والحقائق المغلوطة، كل ذلك خلق لدى الناس حالة تراكمية من الشك العميق في مدى مصداقية الجهات الحكومية. المصداقية هي حالة من تراكم الخبرة في الصدق والوعود المنفَّذة، والالتزامات الجادة. والأزمة أن العالم الخارجي أيضاً أصبح يتعامل مع ما نقول بشك عظيم ويبدأ في التعامل معنا بالتكذيب. في قصة الإيطالي ريجيني لم يصدقنا أحد، وفي الطائرة الروسية لم يصدقنا أحد، وفي عدد المعتقلين والمقبوض عليهم لم يصدقنا أحد. والآن لا يصدقوننا في مسألة وجود آثار متفجرات في طائرة مصر للطيران التي انفجرت وهي في طريقها من باريس إلى القاهرة. هناك شك في تصريحاتنا وبياناتنا وإحصائياتنا وميزانياتنا حتى لو كانت مدعمة بأعظم وأدق الأدلة. في يقيني أن أهم ما يجب أن تبنيه مصر الجديدة في صورتها الذهنية الحديثة هو «حالة جديدة من المصداقية». سمعة مصر في خطر».
شركات استيراد وشركات بيع
وننتقل إلى «الشروق» ومقال الكاتب محمد رؤوف عن أزمة ارتفاع أسعار الدواء وقوله: « من الخطأ الظن أن تعويم الجنيه هو السبب في الفوضى الدوائية الجارية. التعويم لم يكن إلا الثقب الذي أظهر عورات المنظومة الدوائية ككل.
إنه ليس إلا المحطة الأحدث في مسار محطات كبرى للتدهورات المزمنة في الأوضاع الوطنية للدواء، التي تراكمت ــ في تسارع ــ على مدى عقود، وتحديدا منذ 1974. وهكذا.. ما جرى، ولا زال يجري، من الفقدان للضبط المنهجي العلمي لشؤون الدواء، يقود البلاد إلى محطات أكثر سوءا. بداية، يجدر الانتباه إلى أن الدواء ليس كأي سلعة. إنه سلعة متفردة في كون الحاجة إليه لم تتوقف على مدى الزمن، وأنه لا يمكن لمن يحتاجه أن يستغني عنه، إضافة إلى أن وجوده وتطوره يعتمد على البحث العلمي المستمر. أيضا، من الخصوصيات المهمة للدواء أنه في المسافة بين خروجه من المصنع وتناوله بواسطة من يحتاجه يخضع لمسارات حرجة.
من ذلك أن الحكومات تقوم بالرقابة القومية على جودته ومأمونيته وفاعليته، كما تضبط الترتيبات السياسية والمالية والتأمينية لضمان وصوله إلى من يحتاجه، وبالأسعار التي يقدر عليها. من ذلك أيضا أن للدواء شركات استيراد وشركات بيع، وله تقاليد طبية وصيدلانية، مهنية وعلمية، بخصوص ترشيد ومراقبة وصفه وصرفه للمرضى. إضافة إلى ما سبق ذكره، يخضع الدواء لمتابعات طبية واقتصادية ومالية متواصلة طوال تواجده في السوق، سواء لرصد الآثار الجانبية، أو للتقييم الاقتصادي لكفاءته العلاجية، أو من أجل تخفيض أسعاره تدريجيا. أما عن الفوضى الجارية بشأن وفرة وأسعار الأدوية والمستلزمات الطبية، فإن سببا رئيسيا لها يكمن في اعتماد ــ يكاد يكون ــ كلي على الاستيراد؛ استيراد المواد الخام، وإلى حد كبير استيراد المنتج النهائي، ما جعلنا منذ زمن أسرى موقف «كش ملك». هذه الإشكالية ليست وليدة اللحظة، إنها تكشف عن مجمل السيئات المتراكمة في الشأن الدوائي المصري.
المسألة إذن أنه، ما لم يحدث إدراك واستيعاب لهذه السيئات وميكانيزمات استفحالها، لا ينتظر تعاملا رشيدا في الأوضاع الوطنية للدواء. وهكذا، شهدت العقود الأربعة الماضية تراكما متزايدا في ضعف السياسات الدوائية، وفي المشكلات، بحيث وصلت مصر دوائيا إلى وضع كامن ومزمن لـ«كش ملك». ما يمكن استنتاجه، والتأكيد عليه، من كل ما سبق ذكره، هو أن الدواء كسلعة وصناعة شديد الحساسية للضعف والتلكؤ في السياسات وللأخطاء في الإدارة. إنها خاصية تجاهلتها الحكومات المتعاقبة، فكانت النتيجة ما يجرى حاليا من وضع كش ملك وفوضى».
«سيادة الرئيس الوفد في رقبتكم»
وإلى المشاكل والانتقادات حيث قام زميلنا وجدي زين الدين رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «الوفد» يوم الأحد بتوجيه نداء حار للرئيس بسرعة التدخل لإنقاذ جريدة «الوفد» من الإغلاق وكذلك المؤسسات الصحافية القومية وكان مقاله في الصفحة الأولى عنوانه «سيادة الرئيس الوفد في رقبتكم» قال فيه للرئيس عن أزمة صحيفة «الوفد»: «الكارثة الحقيقية أن موارد المؤسسات الصحافية انخفضت بشكل يرثى له منذ 25 يناير/كانون الثاني 2011 بسبب انخفاض حاد في الإعلانات التي كانت ترد إلى المؤسسات الصحافية، واضطرت إلى أن تصرف من أرصدتها على شؤون الطباعة والمرتبات، حتى نفدت تماماً وتواجه جميع المؤسسات شبح الإغلاق في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية البالغة السوء، التي تتعرض لها الآن.
سيادة الرئيس: لقد تفاقمت الأزمة المالية تعقيداً في «الوفد» بعدما امتنع رجل الأعمال علاء الكحكي عن سداد ديونه المستحقة لصالح الصحيفة والبالغة 18 مليون جنيه، رغم صدور أحكام قضائية نهائية بأحقية الصحيفة في المبلغ، قيمة الإعلانات المنشورة. وترتبت على ذلك ديون على «الوفد» لصالح مؤسسة الأهرام كما تراكمت الأقساط المستحقة على الصحيفة لصالح وزارة التأمينات الاجتماعية، ما يستلزم وضع حلول سريعة لهذه الأزمة.
سيادة الرئيس: صحيفة «الوفد» التي صدرت أسبوعية عام 1984 ويومية في مارس/آذار 1987 كصحيفة معارضة، هي واحدة من مؤسسات الدولة وتخضع لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات، ولا يمكن احتسابها في أي حال على المؤسسات الصحافية الخاصة، التي تصدر عن شركات أو أشخاص، فقد يرى صاحب الصحيفة الخاصة أن يغلقها أو يستمر في الصرف عليها، فهذا يرجع إلى مالك الصحيفة الخاصة، وبالتالي من الظلم الفادح أن نحسب «الوفد» على هذه الصحف الخاصة.
سيادة الرئيس: في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وقلة الإعلانات التي تعاني منها جميع المؤسسات الصحافية تم صرف مرتبات العاملين والصحافيين وتكاليف الطباعة من «وديعة» كانت مملوكة للصحيفة منذ عام 2011 ونفدت مؤخراً، ما اضطر القائمين على إدارة شؤون صحيفة «الوفد» إلى اتخاذ إجراءات تقشفية شديدة جداً من أجل الاستمرار في الصدور.
لديّ قناعة وأمل في أن الرئيس عبدالفتاح السيسي لن يبخل أبداً على المؤسسات الصحافية القومية و«الوفد» في إيجاد الحلول للأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها، ولا أعتقد أبداً أن الدولة المصرية من الممكن أن تسقط «الوفد» من حساباتها، خاصة أنها ليست صحيفة خاصة مملوكة لأشخاص أو شركات ولا يحركها سوى المصلحة العامة للبلاد، وتتبنى خطاباً وطنياً في المقام الأول والأخير، يسعى إلى رفعة مصر وتشارك في بناء الدولة الحديثة التي يحلم بها كل المصريين. سيادة الرئيس: عذراً لقد أسهبت في الشرح لخطورة الأزمة التي تمر بها الصحف، لكن كما عودتنا وجميع المصريين أن نلجأ إليكم وقت الأزمات والشدائد. والمؤسسات الصحافية ومن بينها «الوفد» الآن تواجه خطراً فادحاً يحتاج إلى تدخلكم وهذا هو أمل جميع الصحافيين».
حسنين كروم
كل هذه السخافات المصرية لا تصب في شيء يفيد العلاقات الدولية التي تبني علي التعاون المشترك وعدم الدخل في شؤون الأخيرين انما يزيد تأجيج الخلاقات والتعنت والتعمد في سياسة فرق تسد وهذه السياسية دائما تعمل بها مصر منذ اتفاقية كمد يفيد التي باعت مصر كل المصالح العربية وخاصة القضية الفلسطينة ليس جديد علي مصر خلق الفتن والتفرقة بين ابناء العمومة وليس هذا فحسب بل قامت مصر عبر التاريخ بتفتيت الصومال وتدمير السودان واثيوبيا واخيرا اريتريا بدعم المعارضة والحركات الارهابية من اجل خلق الفوضي في منطقة القرن الافريقي حتي لا تستفيد هذه الدول من مشاريع التنمية وخاصة اثيوبيا من مياه النيل ..