بغداد ـ «القدس العربي» تنتشر هذه الأيام ظاهرة اللجوء إلى الميليشيات لحل المشاكل والخلافات الاجتماعية في المجتمع العراقي بعيدا عن قوانين الحكومة.
وضمن الحكايات ذات الصلة، أن صاحب أسواق يدعى أبو هيثم استعان بقائد ميليشيا للحصول على ديون يمتنع شخص عن أدائها، وعندما لجأ عضو المليشيا إلى العنف في محاولة الحصول على الدين، نشبت مشكلة جديدة عندما لجأ الشخص المعتدى عليه إلى ميليشيات متنفذة أخرى في المنطقة لحمايته من اعتداء الميليشيا الأولى.
وذكر صاحب أسواق (سوبرماركت) ابو هيثم لـ»القدس العربي» إنه فضل الاستعانة بالميليشيات للحصول على الديون المترتبة بذمة شخص يمتنع عن سداد دينه للسوق، مشيرا إلى أن اللجوء إلى الميليشيات في هذه الأيام أفضل من اللجوء إلى الشرطة والمحاكم التي ستأخذ وقتا طويلا دون ضمان النتيجة. واشار ابو هيثم أنه سبق واستعان بالميليشيات المسلحة لأكثر من مرة وتمكنوا من مساعدته نظرا لدورهم ونفوذهم في المجتمع.
وبين صاحب الأسواق أنه هذه المرة حصل ما هو غير متوقع، فبعد إرسال الميليشيات إلى الشخص المطلوب افتعل مشادة معهم لكي لا يدفع المبلغ المستحق عليه، حيث ظهر أنه مرتبط بميليشيات أخرى متنفذة في المنطقة التي لجأ اليها بهدف حمايته، بل وأخذ يطالب بتعويض مالي جراء اعتداء الميليشيات الأولى عليه، موضحا أن المشكلة توسعت وحصلت تهديدات متبادلة بين الميليشيات المزودة بأسلحة متوسطة، إلا ان المشكلة تم حلها بجلوس الميليشيات مع بعضها وقرروا حل المشكلة حسب اجتهادهم.
وأكد ابو هيثم ان الاستعانة بالميليشيات لحل المشاكل لا يخلو من تبعات، خاصة أن الذي يستعين بهم يضطر غالبا إلى دفع مبالغ كبيرة لهم مقابل الوقوف معه وحمايته، اضافة إلى أن الذي يتعامل مع الميليشيات يكون محسوبا عليهم في المنطقة وبالتالي سيكون عرضة للملاحقة إذا ساءت علاقة الميليشيات فيما بينها.
وتحدث الحاج مهند العزاوي فقال، أنه تعرض إلى مشكلة مع صاحب البيت الذي يسكن فيه، فلجأ إلى الشرطة وسجل دعوى قضائية أخذت وقتا طويلا في المحاكم والمراجعات دون حل، ولكن ضابط الشرطة الذي يتابع قضيته نصحه باللجوء إلى الميليشيات في منطقته لحسم القضية بسرعة. وفعلا تحرك العزاوي واتصل بالميليشيات ضمن منطقته الذين تدخلوا وقاموا بالضغط على صاحب البيت وهددوه بعدم مضايقة العزاوي مرة أخرى.
ويقول المحامي محمد أسعد للصحيفة، إن الكثير من القضايا التي مرت عليه استعان فيها المشتكون وأصحاب القضايا، بالميليشيات لحل خلافاتهم مع الآخرين بعيدا عن الأجهزة الأمنية والقانونية الحكومية، مشيرا إلى خطورة انتشار ظاهرة اللجوء إلى الميليشيات لحل المشاكل بين المواطنين هذه الأيام.
ونوه أسعد أن تدخل الميليشيات في مشاكل المواطنين لا تكمن خطورته في أن حل الميليشيات للمشاكل والخلافات يستند على اجتهاداتهم التي يفرضونها بقوة السلاح على المواطنين فحسب، بل كونها تنشر في المجتمع ثقافة إهمال اللجوء إلى القانون والسلطة لحل المشاكل، وبما يسببه ذلك من فوضى وضياع للحقوق.
ويعتقد المتابعون أن نشوء هذه الظاهرة، يعود إلى تنامي نفوذ الميليشيات في الشارع العراقي وتزايد السلاح المتوفر بيدها مقابل ضعف الأجهزة الأمنية المشغولة بالإرهاب وتنظيم «الدولة»، إضافة إلى انشغال بعض أفراد الحكومة بالمغانم والفساد والمصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة.
مصطفى العبيدي
العراق أصبح بلد الميليشيات بدلا من بلد القانون !
شر البلية ما يضحك
ولا حول ولا قوة الا بالله