العراق: أسباب سقوط مدينة كركوك

حجم الخط
44

يوم الخميس الماضي نفى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وجود أي تحضيرات لشن هجوم ضد مواقع كردية، وفي اليوم اللاحق، الجمعة، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب التوتر بين السلطات العراقية والكردية حول كركوك وتعمل على عدم تصاعده، وأن قواتها «تعمل على ضمان أن تبقي أي احتمال لنشوب نزاع بعيدا عن الطاولة». في اليوم التالي، السبت، أعلن كمال كركوكي قائد البيشمركه في مدينة كركوك إن قواته لن تنسحب من المحافظة تحت أي ضغط وأنه في حال «ارتكب الجيش العراقي و»الحشد الشعبي» أي خطأ وتقدموا صوبنا فسنلقنهم درسا لن ينسوه أبدا».
لكن الذي حصل أن فصائل من «الحشد» ووحدات من الجيش العراقي وقوات تابعة لوزارة الداخلية تقدمت أمس الاثنين واستولت على أهم حقول النفط ومطار كركوك العسكري وأكبر قاعدة عسكرية في المحافظة وكذلك على مبنى المحافظة حيث رفعت العلم العراقي وأنزلت الراية الكردية.
وبدلاً من تلقين قوات البيشمركه درساً للقوات العراقية المهاجمة كما قيل قبل أيام فقد انسحبت بعض وحداتها، المحسوبة على طرف رئيسي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (الذي يرتبط، منذ عقود طويلة، بعلاقات مع إيران)، من مواقعها دون قتال، وتركت أطرافاً أخرى من الحزب نفسه لتواجه القوات المهاجمة، وهو ما دفع تلك الوحدات أيضاً للانسحاب بشكل مرتبك ساحبة معها آلاف النازحين الخائفين من انتقام فصائل «الحشد الشعبي».
السفارة الأمريكية علّقت على الذي حصل بالأسف على «أي خسائر في الأرواح» وقالت إنها تواصل العمل مع مسؤولي حكومتي المركز والإقليم «للحد من التوتر وتجنب وقوع المزيد من الاشتباكات»، مؤكدة أنها تؤيد «الممارسة السلمية للإدارة المشتركة بما يتفق مع الدستور العراقي في جميع المناطق المتنازع عليها»، وهو ما يعني، بشكل غير مباشر، أن واشنطن لا تكترث لما حصل، وأن وضع حكومة بغداد يدها على كركوك صار ناجزاً.
حكومة إقليم كردستان المحسوبة على الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزعيمه مسعود بارزاني، اتهمت «الجناح الإيراني» في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بتسليم كركوك بـ»اتفاق سري مع إيران» وبأوامر من نجل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، بافيل.
غير أن سيطرة القوات العراقية على كركوك لم تكن نتيجة «صفقة» مع إيران، فقط، ولا لأن الأمريكيين موافقون على استعادة حكومة بغداد (أو إيران) السيطرة على كركوك وحقولها النفطية الشديدة الأهميّة، ولا لاجتماع دول الإقليم على منع نشوء دولة كردستان فحسب، ولكن أيضاً، لأن قيادة إقليم كردستان، لم تقدّم مشروعاً مدنيا وديمقراطيا شاملا يدافع عنه سكان كركوك من غير الأكراد، كالتركمان والعرب، الذين وجدوا أنفسهم في خانة المستهدفين، مع تزايد أعمال السرقة والنهب واستهداف مقرات أحزابهم السياسية، مما اضطر الكثيرين منهم إلى طلب العون من حكومة بغداد.
حظيت كركوك، بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، بوضع دستوري خاص، مبعثه وجود أعراق مختلفة فيها، ولأنها مؤثرة اقتصاديا كونها تحتوي ثروة نفطية كبيرة، وهو ما يجعلها وجودها داخل دولة كردستان أمراً مركزياً لاستمرار هذه الدولة، وبالتالي فإن السيطرة العراقية ـ الإيرانية عليها، تعني، بوضوح، أن مشروع كردستان ممنوع.
الصراع على كركوك سيحدد إذن مصير كردستان.

العراق: أسباب سقوط مدينة كركوك

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول المانيا:

    الدرس الأول الذي لم يتعلم منه الأخوان الأكراد أن الصهاينة الذين حرضو الأخوة المسيحيين في لبنان ابان الحرب الأهلية في السبعينيات لاستقلال الدولة المسيحية،على مثيل الدولة العنصرية المحتلة.
    الدرس الثاني أمريكا لا تدعم الإستقلال منذ البداية لأن لها حلفاء أقوى في المنطقة والاكراد لهم أي إلي الأمريكان ليس سوى أداة في المنطقة. عندما يلبو لهم المهمة يرفعون يدهم عنهم ويدعوهم يتعرضون للضرب من الجميع في المنطقة.

  2. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

    كنت اريد ان اعلق على هذا الرأي حول الخبر المفصلي ، الذي قد يغير في الكثير من الموازين !
    .
    و لكني سأمتنع و اسجل هنا اعتراضي البالغ ليس على الاسلوب المتهافت و سقط الكلام و الالفاظ المخزية التي استخدمها شخص شوفيني عنصري شبح اسمى نفسه “كوردي من كوردستان ” ، فكما قال اخي داود ، كل اناء بالذي فيه ينضح ! !!

  3. يقول دهيثم الحلي الحسيني, العراق:

    القوات المسلحة “العراقية”, قد “إستردت” مدينة عراقية, وهي كما أثبت المقال, مدينة لتعايش العراقيين بكامل نسيجهم المجتمعي, بل تعد عراق مصغر, وفي ذلك ضمان للأمن الوطني العراقي, وكذا لأمن وإستقرار محافظة كركوك بكافة مواطنيها, وفي مقدمهم المواطنون الكرد.
    الحقيقة ليس الإتحاد الوطني الكردستاني وحده, له علاقات متميزة بإيران, بل أن الوطني الكردستاني, قد سبقه الى هذه العلاقة, وبشكل أقرب وأمتن, والى ذلك تؤكد سجلات الحركة الوطنية الكردية, في تأريخها ومنذ إنطلاقتها الأولى.
    من المنطقي والموضوعي, أن يكون العنوان أسباب “إستعادة” كركوك, وليس سقوطها, فالمفردة قد تكون متداولة في الأدبيات العسكرية والإستراتيجية, أما في لغة السياسة والإستراتيجية السياسية, فالقضية مختلفة, كون كركوك مدينة عراقية, واقعا ودستورا وتأريخيا, وهي كذلك منذ قيام الدولة العراقية المعاصرة.
    وعليه فالحدث كان عراقيا بإمتياز, ولا دخلية للآخر فيه, حتى وإن تماهى ورغباته أو غاياته الذاتية, وهو إستجابة لضرورات الإستراتيجية الأمنية, والسيادة الوطنية, والمصلحة العليا للشعب العراقي عموما.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية